q
ترجع تجارة الشعر البشري لمئات السنين لكن منذ نحو عشر سنوات فحسب، عندما انفتحت ميانمار على العالم الخارجي، بدأ الناس يستغلون هذه الفرصة اقتصاديا، وتملك الدولة، التي كانت تعرف في السابق باسم بورما، الآن تجارة بملايين الدولارات. فمنذ عام 2010 زادت التجارة في الشعر البشري.

(رويترز) - اغرورقت عينا زا زا لين بالدموع فيما تركت شعرها الأسود الطويل اللامع ليد خبير على طاولة على جانب الطريق ليمشطه ويقصه ويأخذه ويعطيها ما يكفي لدفع إيجار مسكنها، وقالت زا زا لين (15 عاما) ”الأمر مؤلم بعض الشيء“ في حين سلمها مشتري الشعر زين مار ما يعادل نحو 13 دولارا مقابل شعرها البالغ طوله 51 سنتيمترا. والسعر يعادل تقريبا الحد الأدنى للأجر الأسبوعي في ميانمار، وقالت زا زا لين ”موعد دفع الإيجار حل“.

وعلى الجانب الآخر من العالم يعالج الشعر ويغلف باعتباره ”شعرا بورميا خاما“ ويباع بمئات الدولارات للمستهلكين الساعين لشراء الشعر المستعار ووصلات إطالة الشعر المصنوعة من شعر نساء بورما المطلوب بشدة.

ويعتبر الشعر الطويل من علامات الجمال وله معنى ديني عميق في ميانمار التي تقطنها أغلبية بوذية حيث يحلق الرهبان والراهبات شعرهم تماما كدليل على التواضع.

وقال وين كو (23 عاما) الذي يشتري الشعر من أفراد ومن صغار الموردين مثل المتواجدين في السوق ”الناس من مختلف أرجاء العالم يطلبون الشعر من بلادنا لأنك عندما تغسله وتضع عليه مستحضرات غسل الشعر وتنعيمه يلمع ببريق اللؤلؤ“.

وترجع تجارة الشعر البشري لمئات السنين لكن منذ نحو عشر سنوات فحسب، عندما انفتحت ميانمار على العالم الخارجي، بدأ الناس يستغلون هذه الفرصة اقتصاديا.

وتملك الدولة، التي كانت تعرف في السابق باسم بورما، الآن تجارة بملايين الدولارات. فمنذ عام 2010 زادت التجارة في الشعر البشري إلى أربعة أمثالها وتقول الأمم المتحدة إن ميانمار أصبحت رابع مصدر له على مستوى العالم.

وكسبت ميانمار في عام 2017 وحده 6.2 مليون دولار من تصدير الشعر البشري، واجتذبت التجارة الآلاف من الذين يأتون بالشعر ويعالجونه ويصدرونه سواء من فتيات بائسات مثل زا زا لين أو يشترونه بالكيلو على شكل كرات متربة من الشعر.

وبعد جمعه، ينقل الشعر من البائعين إلى مصانع ليفك ويسرح ويغسل ويعاد تغليفه قبل أن يشحن، في الأغلب إلى الصين، ليتحول إلى شعر مستعار ووصلات لإطالة الشعر، ومن الصعب الوصول إلى أرقام دقيقة في هذا القطاع غير النظامي، لكن مين زاو وو، من شركة تل ناي لين التجارية التي بدأت نشاطها في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، يقول إنه يبيع الشعر بالأساس للنساء السود البشرة في بريطانيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة، وأضاف ”هذا هو سوقنا: السود“.

وبالبحث على موقع يوتيوب عن ”الشعر البورمي“ ظهرت آلاف من مقاطع الفيديو لنساء يجربن الشعر المستعار ووصلات الإطالة، وقالت المدونة المختصة بشؤون التجميل ”ميكابدول“ التي تحظى بنحو 600 ألف متابع وتبيع بعض وحدات الشعر المستعار التي تصنعها بما يصل إلى 900 دولار ”إنه ليس حريريا مثل الشعر الهندي وليس خشنا مثل الشعر البرازيلي. إنه بين هذا وذاك تقريبا“.

مصبوغ ومعالج ومقصوص

يقول بائعان يتجولان حول المنصات في السوق في حي إنسين في يانجون إن الطلب على الشعر البورمي يتجاوز المعروض منه فالتقليعات الجديدة في عالم الموضة تزيد من صعوبة العثور على شعر طويل ومفرود بدون معالجة كيماوية.

وقال هموي هموي (44 عاما) الذي يعمل في هذا المجال منذ 13 عاما ”الشعر هذه الأيام مصبوغ ومعالج ومقصوص“، ويقول البائعون إن شهر أبريل نيسان الذي يوافق رأس السنة في ميانمار هو أفضل شهر إذ تستعد العديد من النساء للدخول في سلك الرهبنة فتبعن شعورهن قبل حلقها وفقا للطقوس.

وأغلب الشعر المصدر من ميانمار ليس مقصوصا حديثا بل مكنوسا من المخلفات. وقالت صاحبة شركة تدعى ”انتي تشو“ إنها تشتري ”شعر المشط“ أي ذلك الذي يسقط بشكل طبيعي، وتدفع نحو 55 سنتا عن الأوقية من الشعر المعبأ في أكياس بلاستيكية لأسر تقوم بتفكيكه وتمشيطه وربطه في حزم ثم تبيعه لوسيط.

ومن بين الوسطاء وين كو الذي يأخذ الشعر إلى شاحنة تنقله إلى بلدة موس الحدودية حيث يكون في الانتظار نحو 12 تاجرا صينيا، وقال وين كو ”ما عليك سوى أن تختار من بينهم من يعجبك وهو سيقوم بالترتيبات لبيع الشحنة لمشترين صينيين“، وحاول زين مار الذي اشترى شعر زا زا لين، مستشعرا حزنها على الشعر المقصوص، مواساتها قائلا ”وكأنك تلقيت مبلغا من المال مقابل الحصول على قصة شعر“.

اضف تعليق