q
يمثل الزواج الرباط المقدس المبني على المودة والرحمة والحب والاطمئنان بين الرجل والمرأة، لذلك لابد من بناء الزواج على علاقة صريحة وطيبة وجيدة، للحفاظ على رونق الحياة الزوجية واستقلال الزوجين في حياة سعيدة، وأساس الحياة الزوجية هو تعاون بين الطرفين ومسؤولية للإحساس بالراحة النفسية والجسدية...

يمثل الزواج الرباط المقدس المبني على المودة والرحمة والحب والاطمئنان بين الرجل والمرأة، لذلك لابد من بناء الزواج على علاقة صريحة وطيبة وجيدة، للحفاظ على رونق الحياة الزوجية واستقلال الزوجين في حياة سعيدة.

وأساس الحياة الزوجية هو تعاون بين الطرفين ومسؤولية للإحساس بالراحة النفسية والجسدية، لذلك ينبغي على الطرفين تحمل المسؤولية الكاملة من حيث أعمال المنزل وتربية الأطفال وغيرها، فالتعاون عامل أساسي لنجاح الزواج، لذلك يجب على الزوجين تبادل الحوار بينهما عن مسؤوليات الحياة والأفراح والأحزان. وان يختارا الوقت المناسب له في أجواء هادئة بعيداً عن الشجار وتعب كل طرف للآخر.

فعندما يصل الانسان الى مرحلة الشباب تتوجه أنظاره نحو العش الذهبي ومغادرة العزوبية، بحثا عن حياة جديدة تسودها المحبة والاستقرار، وقد ورد استحباب الزواج في القرآن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة التي تدل على تفضيل الزواج والمتزوجين كما في قوله (ص): (ركعتان يصليهما متزوج افضل من سبعين ركعة يصليها اعزب)، و ايضا وردت اهمية الزواج والذم على تركه في كلام اهل البيت عليهم السلام بأنه: (ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام افضل من زوجة مسلمة تسره اذا نظر اليها، وتطيعه اذا أمرها، و تحفظه اذا غاب عنها).

إن مفهوم الزواج له ابعاد كثيرة ومختلفة وانه لا يقتصر على شيء معين او مجال واحد، فمن خلال الزواج يتم تكوين الاسرة التي هي الاساس واللبنة الاولى التي يتكون منها المجتمع، لذلك يكون على عاتق الزوجين تحمل مسؤولية هذه الاسرة وتوفير كافة احتياجاتها والاهم من توفير احتياجات الاسرة، مسؤولية التربية الصحيحة التي يجب ان تشمل وتغطي كافة الجوانب ومنها الدينية والاخلاقية والاجتماعية والنفسية.

وبعد اجتياز مرحلة اختيار الزوجين لبعضهما يتم الزواج ويبدأ مشوار الحياة الزوجية، ويبدأن بمواجهة عدة تحديات وصعوبات ستواجه المتزوجين الجدد حتما، وهذا شيء طبيعي، ففي الغالب يكون كلا منها قد عاش حياة مختلفة وفي بيئة مختلفة ومجتمع عائلي مختلف، فقد بات كلا منهما معتادا على نوع معين من النظام والطباع، وبالتالي سيكون هناك اختلاف في السلوكيات والعادات واختلاف في شخصية كل منهما.

الحاجة الى استيعاب الآخر

لذلك تبرز وتطفو على السطح عقبات وتحديات منها صعوبة ايجاد صيغ تفاهم بينهما، خصوصا في بداية الزواج، لأنهما لم يتعرفا على بعضهما بشكل كافي ليصلا الى مرحلة فهم واستيعاب بعضهما البعض، لذلك يحتاجان الى متسع من الوقت ليعتادا على المرحلة الجديدة من حياتهما، وان يجعلا من الحوار الهادف الذي يجب ان يكون على مستوى من التفهم والدراية بكل ما يمكن ان تخبئه لهم الحياة، لكي يصلا الى مرحلة الانسجام وان يكمل احدهما الاخر، وهناك الكثير من الاحاديث الجميلة التي تدل على ان الرجل والمرأة اوالزوج والزوجة هما مكملان لبعضهما، ومن هذه الاقوال: يحلم الرجل بامرأة كاملة! و تحلم المرأة برجل كامل! ولا يعلمون ان الله خلقهما ليكملا بعضهما البعض.

وقد تكون الظروف التي تواجههم ظروفا واعباء مادية، فاذا لم تكن الزوجة متفهمة لوضع زوجها وساندة له لربما يصعب استمرار الزواج بوجود هذه المعوقات، لذلك يجب ان يسعى الزوج للتخلص من هذه العقبة بالبحث عن عدة مصادر لتلبية حاجات العائلة والزوجة وعلى الاقل سد حاجات الاسرة الاساسية، وبالتالي على الزوجة ان تدعم وتساند زوجها في كل الظروف والاحوال وحتى اذا تطلب الامر ان تعمل في مجال مناسب لها لتوفر مصدرا اضافيا من الاموال ولتخفف بذلك العبء عن كاهل زوجها، وان ذلك يزيد من تقربهما وانسجامهما ليكمل بعضهما الاخر.

وهناك مشكلات اخرى كاختلاف المستوى التعليمي والثقافي بين الزوجين، أو ان كلا منهما له أسس ثقافية وتعليمية تختلف عن الاخر، من شأن ذلك ان يؤثر في مدى تفهمهما لبعضهما البعض، وقد يشكل صعوبة في ايجاد حلول مشتركة للمشكلات التي تعترضهما، لذلك عليهما ان يوسعا من نطاق تفكيرهما وأن يقدما لبعضهما التضحيات والود والمحبة، ليتجاوزا ما يواجههما من مشاكل وتحديات ويسيران معا جنبا الى جنب في طريق الحياة.

الحياة الزوجية استقرار وأمان

وللتوسع اكثر في موضوعنا هذا، أجرت (شبكة النبأ المعلوماتية) حوارا مع بعض المتزوجين، كي نتعرف على آرائهم وبعض العقبات والتحديات التي واجهتهم في حياتهم الزوجية، وكيفية ايجاد الحلول المشتركة بينهما لتجاوز هذه التحديات.

أم زينب ( عمرها 25 سنة، مضى على زواجها 6 سنوات)، أجابت قائلة: ان الزواج بكل ما فيه هو مطلوب ومحبذ بالنسبة لي، لان الحياة الزوجية هي استقرار لكلا الزوجين، ويجب ان يتحلى كل منهما بقدر كافي من التفهم والحكمة لمواجهة كل العقبات التي تعترض حياتهما، وأن لا يتخليا عن بعضها مهما حدث من اضطرابات، سواء كانت في داخل الاسرة ا خارجها، وان يجعلا من هذه العقبات وسيلة لتقوية علاقتهما اكثر فاكثر.

اما ابو مهدي (30 سنة وقد مضى على زواجه 3 سنوات) اجابنا قائلا: ان الحديث عن الزواج جميل وانه بمثابة اكمال لنصف الدين، وقد اوصى به سيد المرسلين الرسول محمد (ص) والاحاديث والروايات كثيرة التي تحبب الزواج. واضاف الى ذلك: وجوب اداء حقوق الزوج من قبل الزوجة وبالمقابل ايفاء الزوج بواجباته اتجاه الزوجة وان ذلك يساعد ويساهم في تقليل الخلافات واسعاد بعضهما البعض.

وقد كان جواب ام رقية (عمرها 24 سنة ومضى على زوجها 8 سنوات) بأن الزواج افضل بكثير من العزوبية، وخصوصا اذا كان هناك محبة و ود بين الزوجين، فان ذلك يؤدي الى خلق جو لطيف مملوء بالسعادة والحب، وبالتالي ينعكس ذلك على جميع افراد الاسرة. واضافت قائلة: انني تزوجت في وقت مبكر من عمري فاصبح زوجي هو كل شيء بالنسبة لي، وقد احسست معه بالامان والاطمئنان، مما دفعني اكثر فاكثر كي أقدم له ولاسرتي كل التضحيات وكل ما في وسعي لأجل ان تكون اسرتي الافضل في كل شيء، وهذا يتطلب توفيقا من الله عز وجل، لذلك انا احمد الله على كل شيء وأتمنى لكل المتزوجين الخير والمحبة والسعادة الدائمة.

أجمل ما وهب الله للإنسان

وقد أجابنا أبو محسن، وكان اكثر خبرة في الحياة من الآخرين (عمره 65 سنة، ومضى على زواجه 35) قائلا: لا شك ان كل الاديان اكدت على العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، ولما جاء الاسلام رفد هذه العلاقة عبر القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بكل ما يشد من اواصر العلاقة الزوجية، وأعطاها صفة القدسية ورفعها الاسلام الى اعلى المراتب، لانها حجر الزاوية في بناء اسرة كريمة، وبالتالي تسهم في تحقيق المجتمع المتوازن والمترابط، حتى لا تعم الفوضى والرذيلة عبر علاقات محرمة تنتج التفسخ والانحلال. وأضاف: إن رأيي الشخصي بالعلاقة الزوجية انها اجمل ما وهب الله للانسان، حيث انها سكن ورحمة وصحة نفسية واجتماعية، و اما عن الصعوبات التي تواجه الحياة الزوجية فلاشك انها ستحدث وخاصة في مجتمع الواقع المبتلى بالمشاكل الاقتصادية والامنية، فعلى الزوجين التحمل والصبر والتعاون بينهما ونكران الذات والتضحية، فبذلك يمكن التخلص منها او تذليلها على الاقل، واتباع وتفهم تعاليم الدين والنبي (ص) واهل البيت (ع) ونصائح واقوال العلماء والفقهاء، والاستماع والانصياع الى صوت العقل والمحبة والتسامح والتدبير والتعايش المنزلي، فكل هذه الامور نستطيع من خلالها ان نحل معظم المشاكل الزوجية.

وعلى الرغم من اختلاف الآراء والتحديات والظروف، يبقى الزواج هو المؤسسة المقدسة وهو اللبنة الاساسية المكونة للمجتمع، فكلما كان الزوجان بقدر عال من الثقافة، والقدرة على استيعاب الاخر وان للتضحية عنوان في حياتهما، فبالتأكيد سوف ينعكس ذلك على اطفالهما، وبالتالي غرس كل ما هو جميل في نفسوهم وتعليمهم التضحية والبذل من اجل مصلحة الاسرة والاخرين، وعلى العكس من ذلك، يحصل عدم تفهم الزوجين لبعضهما وان كلا منهما يريد اثبات نفسه على حساب الاخر، وقد يكون ذلك على حساب الاطفال ايضا، فبلا شك سينعكس ذلك على نفسية الاطفال بشكل سلبي وبالتالي يشكل خللا في بناء وتكوين اسرة ناجحة متكاملة.

وحسب رأيي المتواضع عشْ بمحبة واحترام، وقدِّم ما تستطيع للآخرين، واكسب الاخر بأخلاقك وحسن ذوقك، ستجعله يتأثر بك وينجذب اليك حتى لو كانت هنالك عقبات، فسوف تزول من خلال التفاهم والانسجام.

مهارات الحياة الزوجيّة

لكي تكون الحياة بين الزوجين مستقرّةً وساكنةً، لا بدّ من الحرص على مراعاة العديد من الأمور التي تحقّق ذلك، وفيما يأتي بيانٌ لبعض هذه الأمور:

الحرص على الكلام العاطفي اللين الرقيق، واستخدام المفردات التي تدلّ على المحبّة والألفة والمودّة، وكذلك يجب الحرص على المفردات التي تدلّ على الاحترام المتبادل بين الطرفين، ممّا ينعكس إيجاباً على حياة كلا الزوجين.

إضافة الدعابة إلى الحياة بين الزوجين، والحرص على الابتسامة الدائمة؛ فالدعابة من أعظم الوسائل التي تخفّف وتزيل الضغوطات والأزمات، كما أنّها تزيل القلق والخوف من حياة كلا الطرفين، وممّا يدلّ على ذلك قول أحد علماء النفس فيما يخصّ ذلك: (عندما يأخذ الشخص كلّ الأمور بجدّيّةٍ، تتغير حالته المزاجية وأسلوبه في الكلام ونبرة صوته بل وإشاراته؛ ممّا يجعله حادَّ الطباع، وقاسياً، ممّا يزيد الفجوة بينه وبين الآخرين).

عدم البخل بالعبارات والألفاظ التي تدلّ على الحبّ والمودّة، واشتياق كلّ طرفٍ للآخر، والتعبير عن سعادة كلٍّ منهما بلقاء الطرف الآخر، والحرص على ذكر الصفات الحسنة الخَلقية والخُلقية.

احترام كلّ طرفٍ من أطراف العلاقة الزوجيّة لآراء وأفكار ومشاعر الطرف الآخر، فيجب أخذ عنصر التقارب في الأفكار والتوجهات بعين الاعتبار عند اختيار كلّ طرفٍ لشريك حياته، وإن اختلفت وتباينت الأفكار بين الطرفين؛ فيجب على كلّ طرفٍ احترام ما يتعلّق بالطرف الآخر، وكذلك يجب على كلّ طرفٍ احترام مشاعر وعواطف الطرف الآخر، وعدم تعكيرها وتكديرها، وذلك إن كانت تلك الأفكار والمشاعر لا تتعارض وأحكام وأوامر الشريعة الإسلاميّة، ومن أهمّ الأمور التي تحقّق الاحترام بين الطرفين احترام كلّ طرفٍ لأهل وأقارب الطرف الآخر.

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
احبائي
الزواج هو أجمل علاقة في هذا الوجود
الله سبحانه وتعالى عندما خلق آدم خلق له حواء ليعمرا الكون بمحبة تولد وتسود
,والبشر فيما بينهم وضعوا النظم والأسس والعادات والتقاليد والأعراف والحدود
وبالحب والعطاء بين الرجال والنساء عمرت الدنيا كما أرادها الله العلى الكبير الودود
احبائي
دعوة محبة
أدعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه.....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات....مركز ثقافة الالفية الثالثة2019-02-27
محمد علي
العراق
أينما ألقيت بصري على مقال حول الزواج والعلاقات الزوجية، تقفز امامي النصائح والمحفزات نحو الخير والمحبة والمودة ونحوها، وكل ذلك جميل ومطلوب، بيد انني ارى في هذا الحديث ما يشبه الاشارة الى العسل بانه حلو ولذيذ، مع فائق تقديري للاخت الكاتبة، انما المطلوب اكثر -حسب اعتقادي- النظر بعمق الى جذور المشاكل التي تفقد الزواج اهميته وتلقي عليه ظلالاً من الشك بجدوائيته، فالحب والود والتعاون الذي اقرأه في المقال، علينا ان نعرف منشأه وكيف تجسد في هذه الأسر الرائعة والناجحة، وما اذا كان للوالدين دور، وايضاً للتثقيف والتوعية بمصادرها المختلفة، من كتاب ومحاضرة وصديق ومؤسسات ودورات وغيرها. نعم؛ الزواج جميل ورائع، يتطلع اليه الشباب، ولكن الواقع يقول صارخاً: ان معظم حالات الزواج تحكمها المصالح المادية والأهواء الشخصية والتقاليد المدمرة.2019-02-27
حسين عبد الكريم
العراق
بالحقيقة المقالة منسقة ومرتبة ومعاينة بين المصادر للكتب والكاتب سلمت اليدين وشكراً للنشر…2019-03-01