q
تناول المنهاج الوزاري قضايا النفط والطاقة بشكل مقتضب جدا محصورة بأربع نقاط منها ما هو مكرر لا يستحق الاولوية في هذا الوقت الصعب ومنها ما هو عام يفتقر الى الدقة والتحديد. وهذا لا يعكس فهم وحقيقة ان القطاع النفطي انما يشكل العصب المالي للاقتصاد العراقي...

تناول المنهاج الوزاري قضايا النفط والطاقة في العراق بشكل مقتضب جدا محصورة بأربع نقاط منها ما هو مكرر لا يستحق الاولوية في هذا الوقت الصعب ومنها ما هو عام يفتقر الى الدقة والتحديد. وهذا بالتأكيد لا يعكس فهم وحقيقة ان القطاع النفطي انما يشكل العصب المالي للاقتصاد العراقي، وهذا يحتم، بالضرورة، اعطاء الاهمية القصوى لهذا القطاع في المنهاج الوزاري للحكومة الجديدة.

تتضمن هذه المداخلة استعراض وتحليل وتقييم ما تضمنه المنهاج الوزاري فيما يتعلق بقضايا النفط والطاقة الاربعة في ضوء الشواهد التاريخية والبيانات والادلة اولا ثم استعراض اهم القضايا التي لم يتناولها المنهاج.

قبل الاسترسال في مناقشة الموضوع لابد من ذكر الملاحظات التالية:

1- نحن نتكلم عن "المنهاج الوزاري" الذي يفترض ان يكون اساسا الى "البرنامج الوزاري" وهو الوثيقة اللاحقة التي لابد ان تكون الاكثر تفصيلا وتحديدا وضمن توقيتات زمنية؛

2- التذكير ان الفترة الزمنية للحكومة الجديدة لن تتجاوز شهر ايار عام 2022 حيث الموعد الاعتيادي للانتخابات النيابية القادمة، ما لم يتم اجراء انتخابات نيابية مبكرة "مشروطة" حسب ما جاء في المنهاج الوزاري (الفقرة أولاً: الأولويات: 1. إجراءُ انتخاباتٍ مبكّرةٍ بعدَ استكمالِ القانونِ الانتخابيِّ من قبل السلطة التشـريعية، ودعم مفوضيةِ الانتخابات، وتطبيقٌ كاملٌ لقانون الأحزاب)؛

3- ان الفترة الزمنية القصوى لهذه الحكومة تتزامن مع فترة سريان اتفاق "اوبك+" الاخير المعلن في 12 نيسان الماضي، وما يعنيه ذلك بالنسبة لعوائد صادرات النفط في حالة استمرار ازمة سوق النفط الدولية والتأثيرات السلبية لوباء فايروس كورونا على الاقتصاد العالمي.

استعراض وتحليل وتقييم قضايا النفط والطاقة في المنهاج الوزاري

تضمن المنهاج الوزاري اشارات مباشرة ومحددة تتعلق بعدد محدد من تلك القضايا سأتناولها فيما يلي حسب ما وردت في تسلسل فقرات المنهاج.

اولا: ورد في الفقرة (ثالثا: 1- "العمل في المدى القصير على......... وفتح مفاوضات جادة لاستعادة حصة العراق التي تقلصت مؤخرا").

لم يذكر المنهاج اي شيء عن هذا الموضوع المهم وكيفية معالجته ولذا أجد من الضروري جدا ذكر ما يلي لفهم الموضوع من كافة جوانبه التقنية والاجرائية والممارسات العملية والشواهد التاريخية والادلة المادية الموثقة (التي استطيع توفيرها عند الضرورة):

1- يجب ان يكون المقصود مما ورد في المنهاج الوزاري هو حصة العراق في انتاج النفط الخام لمجموعة "اوبك+"؛ حيث اتفقت هذه المجموعة، منذ اجتماعها الاول في 30 تشرين ثاني/نوفمبر 2016 والذي اصبح ساري المفعول اعتبارا من 1 كانون ثاني 2017 ولحد الان، على تحديد مستويات انتاج النفط الخام للدول المنضوية ضمن المجموعة حسب ضوابط ومؤشرات وتقييمات تفصيلية تعدها لجان متخصصة تسبق عادة كل اجتماع وزاري دوري للمجموعة؛

2- كان من سوء قدر العراق ان وزير النفط في حينه، جبار لعيبي، الذي حضر ذلك الاجتماع الاول لمجموعة "اوبك+" لم يكن يعلم ان منظمة اوبك وكذلك مجموعة "اوبك+" معنية بإنتاج النفط الخام؛ اذ انه اعتقد ان الاتفاق في ذلك الاجتماع يتعلق بحصص "تصدير النفط الخام" (وهذا موثق وقد كتبت عنه في حينه عند تقييمي لذلك الاتفاق وتأثيره السلبي على العراق). المؤسف ايضا ان جبار لعيبي تمكن من تمرير هذا الجهل بأساسيات الشأن النفطي على رئيس مجلس الوزراء في حينه، د. حيدر العبادي، على الرغم من انه يفترض بالعبادي ان يكون على علم بالفرق الكبير بين انتاج وتصدير النفط بحكم طول فترة عضويته في اللجان المالية والاقتصادية لمجلس النواب؛ العبرة هنا عندما يكون رئيس الوزراء غير ملم بالصناعة النفطية ويكون وزير النفط مخطأً (عن جهل او قصد) يكون الضرر على العراق كبيرا ويستمر لمدة طويلة، وهذا ما حصل في هذه الحالة؛ فهل من يتعظ!!! ؛

3- ساهم فشل اجتماع "اوبك+" المنعقد في 5-6 اذار الماضي الى بداية ما سمي "حرب اسعار النفط" بين السعودية وروسيا، وقد تزامن ذلك مع انتشار وباء فايروس كورونا والانحسار الكبير في الطلب العالمي على النفط وحصول فائض كبير في تجهيزات وعرض النفط وتعزيز الخزين النفطي (بكافة اشكاله الاستراتيجي والتجاري والصناعي: في الخزانات الثابتة والعائمة..). ترتب على كل ذلك انهيار اسعار النفط وخسائر كبيرة على الجميع ومنها العراق (وقد تناولتها بالتحليل والتقييم في عدة دراسات منشورة، واقترحت فيها على وزارة النفط ضرورة التحرك).

4- بسبب الاثار المدمرة لانخفاض اسعار النفط المذكورة اعلاه على الاقتصاد الدولي وعلى صناعة النفط الامريكية، دفع ذلك البيت الابيض الى ممارسة ضغوط تهديدية مؤثرة على السعودية مما دفع الاخيرة لدعوة "اوبك+" لعقد اجتماع افتراضي (عن بعد) ليومي 9-12 نيسان الماضي. بدون الخوض في تفاصيل وملابسات تلك الاجتماعات كان القرار هو تخفيض انتاج نفط دول المجموعة على ثلاث مراحل يبدا التخفيض بحدود 9.7 مليون برميل يوميا (مبي) في المرحلة الاولى التي تمتد من 1 ايار الى 30 حزيران من هذا العام. باستثناء المكسيك فان نسبة التخفيض في انتاج النفط اي دولة ضمن "اوبك+" هي 23% في المرحلة الاولى و18% في المرحلة الثانية (التي تغطي النصف الثاني من هذا العام) و14% في المرحلة الثالثة (التي تمتد من 1 كانون ثاني 2021 الى نهاية نيسان 2022) على اساس "الانتاج المرجعي" كما في شهر تشرين اول 2018 (مع التلاعب بتقدير انتاج السعودية). اما انتاج العراق في هذه المراحل فيبلغ 3.592 مبي في الاولى و3.804 مبي في الثانية و4.016 مبي في الثالثة. سيتم عقد الاجتماع الوزاري للمجموعة ( عن بعد ايضا) في 30 حزيران القادم لمراجعة وتقييم الموقف.

5- بسبب تزايد الضغط الامريكي على السعودية وخاصة المواقف السياسية التي تحملها مسؤولية انهيار اسعار النفط فمن المحتمل ان يتم تخفيض انتاج السعودية ليس على اساس 11 مبي الذي اعتمد "قسرا" في اجتماع "اوبك+"، بل ربما على اساس انتاجها في اتفاق "اوبك+" قبل فشل اجتماع اذار الماضي، والذي كان بحدود 9.7 مبي، وعلى العراق ان يؤيد هذا التخفيض في حصة السعودية.

وبما ان مدة سريان اتفاق "اوبك+" الاخير تتزامن مع عمر الحكومة الحالية وان مراجعة وتقييم الموقف في سوق النفط الدولية من قبل مجموعة "اوبك+" تتم بشكل دوري فان الفرصة الوحيدة امام الحكومة الجديدة في "فتح مفاوضات جادة لاستعادة حصة العراق التي تقلصت مؤخرا"، كما جاء في المنهاج الوزاري، انما تتم من خلال العمل ضمن منظمة الاوبك باعتبار العراق ثاني اكبر منتج للنفط في المنظمة وان يتم اختيار وفد عراقي كفوء مؤهل فنيا واقتصاديا وتفاوضيا لتجنب تكرار ما سببه جبار لعيبي من اضرار كارثية على العراق.

ثانيا: قانون شركة النفط الوطنية

جاء في المنهاج الوزاري "ثالثا: معالجة التحديات الاقتصادية والمالية: 11- استكمال وإرسال مشروع قانون (شركة النفط الوطنية العراقية)"

ان اهمية شركة النفط الوطنية العراقية يتطلب اصدار قانونها بعد دراسة متأنية متكاملة من كافة الجوانب التخصصية والتقنية والقانونية والاقتصادية وضمن الظروف الاعتيادية مما يضمن صواب اعادة تشكيل الشركة وفق الاسس والمعايير الحديثة والمتقدمة المتعلقة بمعايير الكفاءة والانتاجية والجدوى الاقتصادية.

ولكن موضوع هذا القانون ومحاولات اصداره ليست بالجديدة وخاصة بعد عام 2003 حيث طغت الاعتبارات السياسية وممارسات "الفساد المشرعن" على متطلبات الكفاءة والانتاجية والجدوى الاقتصادية والمصلحة الوطنية العليا، وكان اخرها قانون الشركة "الخبيث" رقم 4 في 2018 الذي مرر من قبل مجلس النواب وصودق عليه بطريقة مشبوهة وظروف غامضة وسرعة قياسية بتنسيق ودعم من قبل وزير النفط في حينه جبار لعيبي الذي سارع باتخاذ مجموعة من الاجراءات الخاطئة والمتناقضة والمتعارضة مع الدستور مما دلل على افتقار الوزير جبار لعيبي لأبسط مؤهلات القدرة الادارية بدلالة تخبطه المعهود في اتخاذ القرارات.

دفع تشريع القانون البائس الخبيث الى إطلاق حملة وطنية من قبل خبراء النفط والشخصيات الوطنية، خارج العراق وداخله، الى الطعن بالقانون المذكور امام المحكمة الاتحادية العليا، وقبل الطعن.

ومع ذلك تم ادراج قانون الشركة في البرنامج الحكومي لوزارة عادل عبد المهدي، وهو من الداعمين الاساسيين للقانون "الخبيث" المذكور اعلاه؛ حيث ورد في البرنامج الحكومي (المحور الثالث: (1) وزارة النفط، الفقرة (11ت 1.)) الى "وضع قانون شركة النفط الوطنية موضع التطبيق" وحدد تاريخ بدء الاجراء في 25/10/2018 والانتهاء في 25/10/2020.

في ضوء ما تقدم ونظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها العراق وبسبب الوضع النفطي المقلق للغاية التي تتطلب المزيد من المتابعة والجهود من قبل وزارة النفط، فإنني لا ارى مطلقا اي ضرورة ملحة لتبني الحكومة الجديدة لهكذا قانون وتشريعه خلال الدورة النيابية الحالية وعليه اقترح حذفه من المنهاج الوزاري.

ثالثا: تعديل عقود جولات التراخيص

ورد في المنهاج الفقرة "ثالثا: 11- تشكيل وفدٍ تفاوضي للتباحث مع الشـركات النفطية بشأن تعديل عقود جولات التراخيص في ضوء المتغيرات الحالية في السوق العالمي."

وهذا من المواضيع المتكررة التي اصبحت من كليشة اي تغيير وزاري لكثرة تكرار الدعوات لإعادة التفاوض من منطلقات حزبية مصلحية ومشخصنة. ومن خلال متابعتي المتواصلة واطلاعي المتخصص على معظم العقود الموقعة والتعديلات التي اجريت عليها والتي اقترحت بشأنها، اضافة الى التحليل المقارن لتلك العقود وكما قمت في نشره من دراسات حول الموضوع، اجد من الضروري التأكيد على ما يلي:

(1) اثبتت جميع الدراسات المتخصصة ان عقود الخدمة التي اعتمدت في تلك الجولات تعطي للعراق أفضل مردود مالي مقارنة باي عقود اخرى وخاصة عقود المشاركة في الانتاج ومنها عقود حكومة الاقليم؛

(2) ان اية اعادة تفاوض سيمنح الشركات النفطية الدولية فرصة فريدة للحصول على مزايا اضافية مهمة للغاية وذات تأثير مادي ضخم على حساب مصلحة العراق لطيلة مدة العقود؛

(3) تشير الوقائع التاريخية الدولية ان اعادة النظر بالعقود واعادة التفاوض بشأنها تقود في الغالب الى تعزيز مصلحة الشركات النفطية الدولية على حساب المصلحة الوطنية للدولة المضيفة عندما تكون اسعار النفط واطئة؛

(4) سبق وان قدم وزير النفط الاسبق عبد الكريم لعيبي تنازلات مهمة للشركات النفطية دون ان يحصل العراق على اي شيء في المقابل وبهذا فقد العراق اهم واقوى اوراقه التفاوضية؛ وبالنتيجة لا يستطيع العراق تقديم اية تنازلات على الاطلاق في حالة اعادة التفاوض على تلك العقود؛

(5) ان عقود جولتي التراخيص الاولى والثانية ستكتمل او تصل الى مراحل التطوير الاخيرة للحقول المعنية خلال فترة الحكومة الجديدة؛ هذا يعني ان معظم الكلف الرأسمالية الاساسية لعملية تطوير الحقول قد تم استردادها، وبالنتيجة فان اي تفاوض على هذه العقود او تغييرها انما يمثل مكافئة لشركات النفطية الدولية على حساب مصلحة العراق مما يعد مخالفة صارخة للدستور؛

(6) حاول عادل عبد المهدي، عندما كان وزيرا للنفط في حكومة د. حيدر العبادي، بالتنسيق مع هوشيار زيباري، الذي كان وزيرا للمالية في نفس الحكومة واحمد الجلبي، الذي ترأس اللجنة المالية في مجلس النواب في تلك الفترة، الترويج الى عقود المشاركة في الانتاج والدعوة الى تحويل عقود الخدمة الى عقود مشاركة في الانتاج على النمط المتبع في الاقليم!!؛

في ضوء ما ذكر اعلاه أرى:

(1) تركيز جهود وزارة النفط على مراقبة تنفيذ تطوير الحقول المعنية ضمن الضوابط التعاقدية والسيطرة الفاعلة على كلف التطوير ومراجعة وتخفيض برامج التطوير تماشيا مع وضع السوق النفطية الدولية المتسم بارتفاع درجة اللايقين.

(2) قطع الطريق امام محاولات تحويل عقود الخدمة الحالية الى عقود مشاركة في الانتاج من خلال الدعوة لإعادة التفاوض بشأن العقود الحالية المتعلقة بجولات التراخيص الاربع الأولى.

(3) عدم الموافقة على اي عقد يتعلق بجولة التراخيص الخامسة التي "لفلف" وزير النفط الاسبق جبار لعيبي ترتيبها بشكل مريب، يستحق التحقيق من قبل الجهات المعنية، قبل ايام من عقد الانتخابات النيابية السابقة وتبنيه صيغة عقود المشاركة في الارباح (التي تمثل احد اشكال عقود المشاركة في الانتاج) وعدم الالتزام بالممارسات السابقة لوزارة النفط مما فرط في المصلحة الوطنية العليا وهذا يشكل مخالفة صارخة للدستور.

رابعا: الحوارِ والتعاون الثنائيِّ والدوليِّ لضمان مصالح العراق الوطنية في المياهِ المشتركة وحقولِ النفط والغاز

ورد في المنهاج الوزاري "رابعا: ركائز العلاقات الخارجية، 3- التعاون: ضمان مصالح الدولة العراقية الوطنية " عبرَ الحوارِ والتعاون الثنائيِّ والدوليِّ في المياهِ المشتركة وحقولِ النفط والغاز".

التأكيد على مبادئ الحوار والتعاون الثنائي فيما يتعلق بحقول النفط والغاز يتعلق بشكل مباشر، رغم عدم تحديد المنهاج ذلك بشكل صريح، بتطوير الحقول الحدودية المشتركة وخاصة، في الوقت الحاضر وخلال عمر هذه الحكومة، مع كل من ايران والكويت. وفي هذا المجال ارى ما يلي:

(1) يحتل تطوير الحقول الحدودية اهمية خاصة وحساسة ومتميزة بحكم امكانية تطويرها المشترك باسلوب "التوحيد Unitization" مع دولة الجوار المعنية وخاصة الكويت وايران. وحسب ما تشير اليه التجربة الدولية فان اعتماد اسلوب التوحيد له الافضلية في تطوير هذه الحقول بسبب العديد من المبررات والاعتبارات الاقتصادية والعملياتية والادارة السليمة الكفؤة للمكامن النفطية؛

(2) ونظرا للاحتمالية المرتفعة لاعتماد اسلوب التوحيد، مستقبلا، مع دول الجوار يصبح من الضروري ان يقتصر اي نشاط يتعلق بتطوير هذه الحقول الحدودية على الجهد الوطني حصرا لحين التوصل الى اتفاقية التطوير الموحد مع الدولة المعنية؛

(3) في حالة قيام الدولة المعنية بتسريع تطوير الحقل الحدودي بشكل احادي منفرد يقوم الجانب العراقي بإعطاء الأولوية في تطوير الجانب العراقي لذلك الحقل؛

(4) ولكن بسبب انهيار اسعار النفط والانخفاض الكبير في عوائد الصادرات النفطية لكل من العراق والكويت وايران، والتي يتوقع استمرارها خلال السنتين القادمتين فمن غير المتوقع ان يحظى تطوير الحقول الحدودية بأولويات تنفيذية من قبل هذه الدول؛ وهذا يشكل عاملا اضافيا لإلغاء جولة التراخيص الخامسة (المشار اليها اعلاه) لان جميع الحقول والرقع الاستكشافية التي شملتها الجولة هي حدودية.

ما لم يتضمنه المنهاج الوزاري

على الرغم من ان فترة الحكومة الجديدة، كما ذكر اعلاه، محدودة بعامين كحد اقصى وانها، من الناحية الواقعية، ستكون معنية بدرجة اساسية بمواجهة ومعالجة كم هائل من الازمات المعقدة داخليا واقليميا ودوليا وان عليها اجراء الانتخابات النيابية المبكرة او الاعتيادية، ومع ذلك اجد من الضروري الاشارة الى اهم قضايا النفط والطاقة التي لم يأتي المنهاج على ذكرها:

1- افتقار الاشارة الى "السياسة النفطية" رغم الاهمية المركزية للقطاع النفطي في الاقتصاد العراقي؛

2- عدم تحديد الكيفية والاسس التي على وزارة النفط اعتمادها لتخفيضات انتاج النفط بين حقول جولات التراخيص وحقول الجهد الوطني المباشر والحقول التي تديرها حكومة الاقليم تنفيذا لاتفاق "اوبك+" الاخير وخلال فترة ومراحل تنفيذه الثلاث، كما ذكر اعلاه؛

3- اغفال توجيه وزارة النفط الى ضرورة التهيئة القانونية لمعالجة مبدا "القوة القاهرة" في ضوء ما ورد في العقود الموقعة مع الشركات الاجنبية وفي ضوء ما يطرح في المنتديات القانونية الدولية بشكل مكثف بشان الجوانب القانونية لتنفيذ مبدا "القوة القاهرة" في زمن ونتيجة لانتشار وباء فيروس كورونا.

4- اهمال موضوع المصافي وخاصة ضرورة الاستمرار في تنفيذ مصفى كربلاء الذي وصلت نسبة انجازه حاليا حوالي 80% بعد تجاوز الاهمال المتعمد للمصفى من قبل وزير النفط الاسبق جبار لعيبي طيلة فترة استيزاره وترويج خصخصته في الوقت الذي كاد الوزير ان يورط العراق بشراء مصفى قديم في المغرب!!. علما ان العراق يستورد بحدود ملياري دولار سنويا من المنتجات النفطية؛

5- عدم الاشارة الى معضلة حرق الغاز المصاحب المتواصلة والتي تجاوزت 55% من اجمالي الغاز المصاحب المنتج في المحافظات الجنوبية: البصرة وميسان وذي قار في شهر اذار الماضي.

6- اغفال الاشارة الى الدور الحيوي الذي على شركة تسويق النفط- سومو القيام به في هذه الاوقات الحرجة والمتوقع استمرارها على الاقل خلال هذا العام؛

7- اهمال الاشارة الى المشاريع النفطية المهمة الاخرى؛

8- عدم الاشارة الى موضوع النفط في الاقليم رغم ان المنهاج الوزاري تضمن فقرة عن "الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان والمحافظات"؛

9- لم يرد مطلقا اي ذكر لمعضلة انتاج وتوفير الطاقة الكهربائية في المنهاج الوزاري؛ وهذا امر غريب للغاية خاصة اذا ما علمنا ان برنامج حكومة عادل عبد المهدي تضمن 17 مشروعا (6 في قطاع الانتاج و6 في قطاع نقل القدرة و 5 في قطاع التوزيع) في وزارة الكهرباء لم يعلم احدا ما نفذ منها وما هي نسبة التنفيذ، عدا تصريحات العلاقات العامة غير الموثقة بالأدلة المادية والبيانات الدقيقة التي يمكن التحقق من مصداقيتها!!!!؛

10- على الرغم من ان المنهاج الوزاري قد ذكر كلمة "الفساد" عشر مرات واعتبر "مكافحة الفساد من ضمن أولويات الحكومة "، إلا ان المنهاج لم يشير الى الفساد في وزارتي النفط والكهرباء وفي حكومة الاقليم (وهذه الاخيرة قدرت بما يزيد على 128 بليون دولار حسب الوثائق الرسمية التدقيقية الحديثة للحكومة العراقية).

اتمنى ان تتمكن الحكومة الجديدة من معالجة الخلل عند اعداد "البرنامج الوزاري" بشكل تفصيلي واضح ودقيق وواقعي يتضمن مؤشرات كمية محددة واطر زمنية مع التأكيد على اهمية ودور وزارة النفط والاتعاظ من تجربة جبار لعيبي الفاشلة المتخبطة.

* استشارية التنمية والأبحاث-النرويج

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق