q
ملفات - عاشوراء

الجهلُ والتَّضليلُ يَئِدان الإِصلاح

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّابِعة

لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ يعني أَنَّ الدَّعوة والنُّصح والإِستعداد للتَّضحيةِ من أَجلِ إِنجاز مشرُوع الإِصلاح الحقيقي تدورُ مدار الإِنسان فهو المُستهدف من المشرُوع وهوَ المطلوب إِنقاذه. والنصُّ يذكر خطرَينِ حسَّاسِيَّينِ يحولان دونَ الإِستقامة على الطَّريقة وبالتَّالي الإِنحراف عن جادة الصَّواب ما يحولُ بينهُ...

القولُ {لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ} يعني أَنَّ الدَّعوة والنُّصح والإِستعداد للتَّضحيةِ من أَجلِ إِنجاز مشرُوع الإِصلاح الحقيقي تدورُ مدار [الإِنسان] فهو المُستهدف من المشرُوع وهوَ المطلوب إِنقاذه.

يقولُ تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.

والنصُّ الوارد في الزِّيارة يذكر خطرَينِ حسَّاسِيَّينِ يحولان دونَ الإِستقامة على الطَّريقة وبالتَّالي الإِنحراف عن جادة الصَّواب ما يحولُ بينهُ وبينَ تحقيقِ الحياةِ الحرَّة الكريمة كما وردَ في الآيةِ المُباركة {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا}.

الأَوَّل هو الجهل والثَّاني هو الضَّلالة.

فأَمَّا الجهلُ فقد يتصوَّر كثيرونَ أَنَّ معناهُ [ضدَّ العِلم] ورُبما يكونُ ذلكَ من الأَخطاءِ الشَّائعة، فالجهلُ الواردُ في القُرآن الكريم أَعم من ذلكَ بكثيرٍ، فمثلاً فإِنَّ تحكيم العصبيَّة والقوَّة والسَّطوة في العلاقاتِ الإِجتماعيَّة يُعَدُّ من الجهل، كما أَنَّ الإِعتقاد الفاسد علميّاً ومنطقيّاً وفطريّاً يُعَدُّ جهلاً وهكذا.

يقولُ تعالى {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}.

ولذلكَ فإِنَّ الحُسين السِّبط (ع) أَراد بخروجهِ أَن يُنقذ العِباد من كلِّ أَنواع الجهل بما في ذلكَ الإِعتقاد بأَنَّ السُّكوت على سُلطة الظَّالم والفاسِد والفاشِل لا يترك أَثراً ما على حياةِ النَّاس وعلى مُختلفِ الأَصعدة.

إِنَّ من واجب المُصلح هو السَّعي لتعليمِ النَّاس كلَّ ما يجهلونهُ من علمٍ ومن إِعتقاداتٍ ترتبط إِرتباطاً وثيقاً بتشكُّل حياتهِم الكريمة.

يقولُ تعالى مُتحدِّثاً عن مسؤُوليَّة الرَّسول الكريم (ص) {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ومن الواضحِ جدّاً الفرق بين [التِّلاوة] و [التَّعليم] و [التَّزكية].

أَمَّا أَميرُ المُؤمنينَ (ع) فيقولُ {أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً، وَلَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ: فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ؛ فَالنَّصِيحَةُ لَكُمْ، وَتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ، وَتَعْلِيمُكُمْ كَيْلا تَجْهَلُوا، وَتَأْدِيبُكُمْ كَيْما تَعْلَمُوا}.

فالتَّعليمُ ضدَّ الجهل بكلِّ أَشكالهِ من حقوقِ النَّاس، كلَّ النَّاس، على الحاكِم فما بالكَ إِذا كانَ هذا الحاكمُ مُصلحاً، أَو إِماماً يُريدُ الإِصلاح كالحُسين السِّبط (ع)؟!.

إِنَّ العلمَ في المُجتمع لا يرتبطُ بفِئةٍ دونَ أُخرى فإِنَّ وجود عُصبة جاهِلة في المُجتمع مهما كانت صغيرة يمكنُ أَن تُفسِدَ كلَّ المُجتمع إِذا لم يتعاون الجميع على تعليمِها وتربيتِها وتوعيتِها، ولقد قيلَ قديماً؛

لا تربُطَ الجرباءَ قُربَ صحيحةٍ

خوفاً على تِلكَ الصَّحيحةِ تجربُ

وأَنَّ تُفَّاحةً فاسدةً واحدةً يُمكنها أَن تُفسِدَ سلَّةً كبيرةً مملُوءةً بالتفَّاح السَّليم.

ب/ أَمَّا {حَيْرَةُ الضَّلالَةِ} فلها قِصَّةٌ أُخرى سنتوقَّف عندها لاحِقاً.

[email protected]

اضف تعليق