q
يتعامل العديد من المدراء هذا العام مع التحول إلى العمل من المنزل الناجم عن الجائحة كما لو كان تحولاً إلى العمل عن بُعد في ظروف عادية. لكن هذا ليس صحيحًا، يمكن لهذا التحول أن يُلحق الضرر في النهاية بمعنويات الموظفين. على الرغم من أن أداء العاملين...
بقلم: سيان بيلوك

نيويورك - يتعامل العديد من المدراء هذا العام مع التحول إلى العمل من المنزل الناجم عن الجائحة كما لو كان تحولاً إلى العمل عن بُعد في ظروف عادية. لكن هذا ليس صحيحًا، يمكن لهذا التحول أن يُلحق الضرر في النهاية بمعنويات الموظفين. على الرغم من أن أداء العاملين في المكاتب عادة ما يكون أفضل من أداء العاملين الأساسيين أثناء الجائحة، إلا أن التحول المُفاجئ إلى العمل عن بُعد كان صارخًا، ولا ينبغي التغاضي عن آثاره.

يمكن لخبراء القيادة والعلماء في مجال المعرفة التأكيد على أن مقاومة التغيير لا تتعلق بالتغيير نفسه بقدر ما تتعلق بفقدان السيطرة والخوف من عدم اليقين. في هذا الصدد، يستجيب البشر -والحيوانات الأخرى- بشكل دفاعي عند سلبهم القدرة على اتخاذ القرارات المُتعلقة بحياتهم. وفي دراسة حديثة أُجريت حول مرض كوفيد 19 وآثاره على الصحة النفسية، يعتقد المستجوبون البالغون الذين شملهم الاستطلاع في الولايات المتحدة وخمس دول أوروبية أنه حين يقرر أشخاص آخرون أو تُحدد فرص عشوائية ما يحدث لهم، فإنهم يشعرون بأعراض للاكتئاب على نحو متزايد.

هناك فرق كبير بين اختيار الناس العمل عن بُعد وإجبارهم بشكل مفاجئ على العمل من منازلهم. على الرغم من أن إلغاء التنقل اليومي إلى العمل كان أمرًا محمودًا، إلا أن موظف المكتب العادي ببساطة لم يكن مستعدًا نفسيًا أو ماليًا لتحويل منزله إلى موقع بديل مؤقت "لشركة وي وورك"، مع توليه أيضًا مهام التدريس ورعاية الأطفال ورعاية المسنين التي كان يقوم بتنفيذها في السابق من خلال الاستعانة بمصادر خارجية. لا تعيش العديد من العائلات في منازل يمكنها استيعاب العمل عن بُعد بسهولة، كما لا تُساعد الترتيبات المنزلية لبعض الموظفين على تحقيق النجاح.

يمكن للمُدراء اتخاذ عدة خطوات لتخفيف هذه الأعباء على موظفيهم.

يجب وضع توقعات منطقية: يتحمل العديد من الموظفين أعباء جديدة ويواجهون ضغوطًا من مصادر مُتعددة. يمكن للمديرين تجنب إرهاقهم عن طريق إعفائهم من إعداد التقارير غير الضرورية وإلغاء الإجراءات الزائدة عن الحاجة، إلى جانب الشفافية قدر الإمكان فيما يتعلق بالمواعيد النهائية لإتمام العمل. على سبيل المثال، إذا تم تأجيل اجتماع مهم مع العميل، يجب على المديرين إبلاغ كل من يقوم بإعداد ما يلزم للاجتماع على الفور، حتى يتمكنوا من إعادة ترتيب مهام اليوم حسب الأولويات. وعلى نحو مماثل، لا ينبغي للمدراء أن يتوقعوا ردودًا فورية على رسائل البريد الإلكتروني - حيث يُساهم الإحساس المُستمر بالإلحاح في إنهاك الموظفين. ينبغي تجنب إرسال الرسائل الإلكترونية خارج ساعات العمل (خاصة في وقت متأخر من الليل وفي عطلات نهاية الأسبوع)، أو لا ينبغي لنا أن نتوقع من الموظفين الرد بشكل فوري على الرسائل بعد ساعات العمل.

لا ينبغي إجبار الموظفين على "العمل" طوال الوقت: يتسبب العمل عن طريق استخدام تطبيق زووم للعمل عن بُعد في إجهاد شديد، وقد يضطر الموظفون إلى إيجاد مكان هادئ حتى يتمكن جميع أفراد الأسرة من المشاركة في مكالمات العمل واجتماعات الفيديو الخاصة بهم. عادةً ما يكون وضع النساء أسوأ، حيث وصفهن أحد المؤلفين بـ"البدو الرُحَّل" في "معركة من أجل الفضاء". على سبيل المثال، قد تجد مُوظفة نفسها جالسة على حافة حوض الاستحمام، بينما تُحاول جاهدة تثبيت جهاز الكمبيوتر على ركبتيها، حتى يتسنى لزوجها وأطفالها القيام بأعمالهم التجارية أو المدرسية من غرفة المعيشة وغرفة النوم والمطبخ. تميل النساء إلى مواجهة انتقادات غير عادلة وضغوطًا هائلة فيما يتعلق بمظهرهن عند إجراء محادثات فيديو على تطبيق زووم. يجب على المدراء أن يسألوا عما إذا كان من الممكن إلغاء أو اختصار أو إجراء الاجتماعات بدون فيديو.

يجب البحث عن المزيد من الفرص للاحتفال بالإنجازات: في حين يُعد من الجيد دائمًا تحقيق التوازن بين النقد والثناء، يواجه الموظفون اليوم تدفقًا مُستمرًا من الأخبار المهولة المتعلقة بالجائحة، ومن المحتمل أن يكونوا مُتحمسين لتحقيق النجاحات الخاصة بهم. على المديرين البحث عن الأعمال الناجحة التي يمكن الاعتراف بها علنًا لرفع الروح المعنوية للموظفين، وشكرهم على عملهم الشاق عندما يقومون بعمل جيد يستحق الثناء. لا يكلفك إظهار التقدير شيئًا، وقد تكون بعض التعليقات الإيجابية هي كل ما يحتاج المرء سماعه في يوم عصيب بشكل خاص.

يجب الاستفادة من الموارد التي يمكن الوصول إليها: يتعين على المُدراء البحث عن طرق لإنشاء المزيد من السيناريوهات التي تعود بالنفع على الجميع مع الاستفادة من الأصول التي لديهم بالفعل. في كلية بارنارد، على سبيل المثال، نقوم بدفع رواتب لطلابنا مقابل تعليم أطفال أعضاء هيئة التدريس والموظفين لدينا. يحصل طلابنا الجامعيين على عمل بدوام جزئي في وقت تكون فيه الدورات التدريبية والوظائف على مستوى الدخول نادرة، ويمكن لموظفينا بدوام كامل الاستعانة بمصادر خارجية للقيام بمهمة واحدة من بين مسؤولياتهم العديدة. نحن نقدم أيضًا خدمات رعاية الأطفال ورعاية المسنين الممتدة من خلال عقدنا الحالي مع مزود خارجي. يمكن للمدراء الذين يعجزون عن تحديد المجال حيث يكون الموظفون في حاجة إلى المساعدة أن يسألوهم في استطلاع مجهول عن أكبر التحديات التي يواجهونها ويخصصون الموارد وفقًا لذلك.

يتطلب التكيف مع هذا التغيير المفاجئ جهدًا من قبل الجميع. يدين المدراء لموظفيهم بالتوقف عن التعامل مع العمل من المنزل على أنه ترف. لم تتم دعوة المكتب إلى المنزل. فقد اتضح أنه ضيف غير مُتوقع - ولا يُظهر أي علامات على المغادرة في أي وقت قريب.

* سيان بيلوك، عالم معرفي، رئيس كلية بارنارد في جامعة كولومبيا.
https://www.project-syndicate.org

اضف تعليق