q
ملفات - عاشوراء

الدُّعاءُ والنُّصحُ لتَحقيقِ الإِصلاح

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّابِعة

لم نرَ أَحداً من المُصلحين خرجَ عن هذهِ الأُسس، إِلَّا أَن يكونَ مُصلحاً مُزيَّفاً يُحاولُ الإِتِّجار بالدَّم لتحقيقِ أَغراضٍ شخصيَّةٍ شتَّى هي أَبعدُ ما تكون عن الإِصلاح الحقيقي كما يفعل اليَوم كثيرُون في بِلادنا استأثرت بالفَيء وتاجرت بدماءِ النَّاس تحتَ ذرائعَ شتَّى وأَهداف شخصيَّة وحزبيَّة...

في النَّصِّ (فَاَعْذَرَ في الدُّعاءِ وَمَنَحَ النُّصْحَ، وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ).

وهي أُسُس الإِصلاح التي ينتهجها القائِد الحقيقي؛

- الدَّعوةُ للإِصلاحِ (بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ)

- بذلُ النَّصيحةِ الخالِصة (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ).

- الإِستعداد للتَّضحية إِذا تطلَّب الإِصلاحُ ذلكَ (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).

لقد حدَّثَنا القُرآن الكريم عن تجاربِ [الإِصلاح] على مرِّ التَّاريخ البشري، فلم نرَ أَحداً من المُصلحين خرجَ عن هذهِ الأُسس، إِلَّا أَن يكونَ مُصلحاً مُزيَّفاً يُحاولُ الإِتِّجار بالدَّم لتحقيقِ أَغراضٍ شخصيَّةٍ شتَّى هي أَبعدُ ما تكون عن الإِصلاح الحقيقي كما يفعل اليَوم كثيرُون ومنهُم [عجُولٌ سمينةٌ] في بِلادنا استأثرت بالفَيء وتاجرت بدماءِ النَّاس تحتَ ذرائعَ شتَّى وأَهداف شخصيَّة وحزبيَّة عديدة، ولذلكَ فإِنَّ كلَّ الذين رفعُوا شِعار الإِصلاح ومُكافحة الفساد مِن زُعماء وسياسيِّين لم يحقِّقُوا من ذلك مِقدارَ نقيرٍ!.

[المُصلح] الذي لا يستعد للتَّضحيةِ فهو كذَّابٌ ومُنافقٌ وتاجرٌ!.

نعودُ إِلى تجاربِ المُصلحين الذين وردت قَصصهِم وتجاربهِم في القرآن الكريم؛ فبدءاً من إِبنَي آدم (ع) عندما رفضَ هابيلُ أَن يرفعَ يدهُ على قابيل حتَّى عندما هدَّدهُ بالقتلِ، لأَنَّهُ انتهجَ الإِصلاح وليسَ الفساد، فقال تعالى مُتحدِّثاً عن هذهِ القِصَّة الإِنسانيَّة العجيبة (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ- لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ).

أَمَّا قِصَّةَ نوحٍ (ع) الذي تذكرهُ الآيات الكريمة كالتَّالي (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا- فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا- وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا- ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا- ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا) فلم يُوفِّر وسيلةً للدَّعوة والنَّصيحة لقومهِ قبلَ أَن يدعو عليهِم بالهلاك، فقالَ تعالى (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا- إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا).

وهكذا هي دَعوة النَّبيِّ الكَريم وخاتَم الرُّسل (ص) فلقد بذلَ كُلَّ جهدهِ من أَجلِ الدَّعوة والنُّصح في قومهِ فلم يشهر سيفاً قطُّ إِلَّا للدِّفاع عن الرِّسالة وعن الذين آمنُوا.

ولقد لخَّص القُرآن الكريم كلَّ تجارب الرُّسل والأَنبياء بقولهِ عزَّ وجلَّ (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ).

وتستمر الرِّسالات بالحُسين السِّبط (ع) الذي نُخاطبهُ في زيارة وارث على لسانِ المعصُوم (اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوح نَبِيِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ اِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَليمِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّد حَبيبِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلَيْهِ السَّلامُ).

فنهجُ عاشوراء هو الدَّعوة للإِصلاح كما في وصيَّتهِ (ع) التي تركها في المدينةِ عندَ أَخيهِ مُحمَّد بن الحنفيَّة (وإِنَّما خرجتُ لطلبِ الإِصلاحِ) وقولهُ (إِنَّها معذِرةً إِلى الله عزّ وجلَّ وإِليكُم) و (أَيُّها النَّاس؛ إِنَّكم إِن تتَّقُوا الله وتعرفُوا الحقَّ لأَهلهِ يكُن أَرضى لله) و (أَلا ترَونَ إِلى الحقِّ لا يُعمَلُ بهِ، وإِلى الباطلِ لا يُتناهى عنهُ).

وبينَ الدَّعوة والنُّصح كانَ الحُسين السِّبط (ع) على أَتمِّ الإِستعداد للتَّضحية إِذا تطلَّب الإِصلاحُ منهُ ذلكَ فقالَ (ع) (أَلا وإِنَّ الدَّعي بن الدَّعي قدْ ركزَ بَين اثنتَينِ، بينَ السِّلَّة والذِّلَّة، وهيهات منَّا الذِّلَّة، يأبى اللهُ لنا ذلكَ ورسولهُ والمُؤمنُونَ، وحُجُورٌ طابت وحجُورٌ طهُرت، وأُنوفٌ حميَّة ونفوسٌ أَبيَّة من أَن نُؤثرَ طاعة اللِّئام على مصارعِ الكرام، أَلا وإِنِّي زاحفٌ بهذهِ الأُسرة على قلَّةِ العدد وخِذلان النَّاصر).

كربلاء إِمتدادٌ طبيعيٌّ لكلِّ الرِّسالات لم تشذُّ عنها شعرةً.

[email protected]

اضف تعليق