q
عندما يمتلكُ الزَّعيم القوَّة والقُدرة فإِنَّ كلَّ شيءٍ يكونُ طَوعَ بَنانهِ، لأَنَّ الحقَّ عندنا يُقاسُ بحجمِ القُوَّةِ والسُّلطةِ التي تمتلكها! أَمَّا عندهُم فإِنَّ القوَّة والقُدرة لا تعني شيئاً خارج سُلطة القانُون لأَنَّ كلَّ شيءٍ خاضعٌ لهُ تنوُّع الجِوار الجغرافي للعراق كانَ يمكنُ أَن يكونَ مصدراً للتَّعايش...

عندنا؛ عندما يمتلكُ الزَّعيم القوَّة والقُدرة فإِنَّ كلَّ شيءٍ يكونُ طَوعَ بَنانهِ، لأَنَّ الحقَّ عندنا يُقاسُ بحجمِ القُوَّةِ والسُّلطةِ التي تمتلكها! أَمَّا عندهُم فإِنَّ القوَّة والقُدرة لا تعني شيئاً خارج سُلطة القانُون لأَنَّ كلَّ شيءٍ خاضعٌ لهُ!.

١/ تنوُّع الجِوار الجغرافي للعراق كانَ يمكنُ أَن يكونَ مصدراً للتَّعايش والتَّنمية والإِنتعاش على مُختلف الأَصعدة.

هذا التنوُّع على أَصعدةٍ عدَّةٍ؛ الثَّقافي والحضاري والإِقتصادي والتِّجاري فضلاً عن السِّياسي والأَمني.

إِذا أَحسنت بغداد طريقة التَّعامل مع هذا التنوُّع فستتمكَّن من تجاوز مشاكلها الداخليَّة بالتَّكامل من جهةٍ وستكون عامِلاً لتخفيفِ حدَّة الأَزمات بين مُختلف جهات الجِوار من خلال عدمِ الإِنخراطِ في أَيَّةِ واحدةٍ منها، من جهةٍ ثانيةٍ.

للأَسف فإِنَّ بغداد تورَّطت مع [تنوُّع الأَزمات] فقط فخسِرت الكثير من إِيجابيَّات وحسنات هذا التنوُّع!.

٢/ وإِذ تتغيَّر اليوم سياسات الجِوار تجاه العراق، يلزمنا أَن نوظِّفها بحكمةٍ لحمايةِ مصالحِنا الوطنيَّة أَوَّلاً، من خلالِ عدمِ ربطِ مصالحِنا مع أَيِّ طرفٍ من أَطراف أَيَّةِ أَزمةٍ من الأَزَماتِ.

بمعنى أَن لا نبني علاقاتنا الإِقليميَّة على أَساس علاقات الآخرين مع بعضهِم، فعندَ ذاك ستكون محصِّلة مصالحِنا صفر، لأَنَّ العراق في هذهِ الحالة سيكون في مهبِّ الرِّيح دائماً وفي بُؤرة التوتُّر أَبداً الأَمر الذي يجعلهُ قلِقاً غَير مُستقر بصورةٍ دائمةٍ، ما يُضيِّع عليهِ فُرص الإِستثمار والبناء والتَّنمية عندما يضيعُ أَمنهُ بين الأَقدام في ساحةِ الصِّراعات الإِقليميَّة!.

لا أَعتقدُ أَنَّ أَحداً من دُول الجِوار إِستشارَ العراقيِّين فطلبَ رِضاهُم مثلاً قبلَ أَن يقدِمَ على خُطوةٍ سياسيَّةٍ أَو أَمنيَّةٍ تتعلَّق بعلاقتِها معَ دَولةٍ أُخرى من دُول الجِوار أَو المُجتمعِ الدَّولي!.

فهل تفعل بغداد الشَّيء نفسهُ عندما تريدُ اتِّخاذِ خُطوةٍ من نوعٍ ما مع دَولةٍ ما تتعلَّق بمصالحهِ الوطنيَّة العُليا؟!.

أَم أَنَّها لعِبت دوماً دَور ساعي البريد الذي يأمرهُ [جنرالاً] لينقُلَ رسائلَ بلادهِ إِلى هذا الطَّرف الإِقليمي أَو ذاك الدَّولي في عمليَّةٍ تافِهةٍ تنمُّ عن ذَيليَّةِ وسذاجة المسؤُول كالقصَّة التي سردَ تفاصيلها مُؤَخَّراً رئيس الحكومة المُقالة [عبد المهدي]؟!.

٣/ إِذا أَرادت بغداد أَن تُوظِّف تنوُّع الجيران فهوَ بحاجةٍ إِلى؛

أ/ سياسات دَولة، فإِنَّ إِستمرار سَيطرة الدَّولة العَميقة والكانتونات على إِتِّجاهات السِّياسة الخارجيَّة، وكذلك إِستمرار تأَثير ميليشيات أَحزاب السُّلطة على إِتِّجاهات السِّياسة الخارجيَّة لا يُمكِّن العراق من رسمِ سياساتِ دَولةٍ، ثابتةٍ ومُستقرَّة بهدفِ حمايةِ المصالحِ العُليا للبلادِ.

ب/ سياسات وطنيَّة، فالسِّياسات الطائفيَّة والإِثنيَّة، والسِّياسات القائِمة على الحُبِّ والبُغض، وكذلكَ سياسات الوَلاء المُطلقِ للغُرباء مهما كانت هويَّتهُم، لا تستقيمُ أَبداً معَ مبدأ حِماية المصالح الإِستراتيجيَّة للبِلاد.

من مصلحةِ العراق أَن يُقيمَ عِلاقاتٍ مُتوازنةٍ مع كلِّ دُول الجِوار تعتمد مبدأ [العِراق أَوَّلاً] وإِنَّ تنوُّع دُول الجِوار يساعدهُ في تحقيقِ ذلكَ إِذا صمَّمَ وثابرَ.

٤/ مَن يستغربُ السِّياسات الخارجيَّة للولايات المُتَّحدة وخاصَّةً ما يتعلَّق بالمَنطقة، فهوَ يجهلُ أَلف باء السِّياسة!.

إِنَّها طبيعةُ سياسات كلِّ الإِمبراطوريَّات على مرِّ التَّاريخ.

فما تفعلهُ الإِمبراطوريَّة الأَميركيَّة اليَوم فعلتهُ إِمبراطوريَّات سابقة حكمت العالَم مثل بريطانيا وأَسبانيا واليابان والبُرتُغال والدَّولة العُثمانيَّة وقبلها [الإِمبراطوريَّات] الأَمويَّة والعبَّاسيَّة.

إِنَّ أَصغر دَولة في هذا العالَم إِذا خدمتها الظُّروف وحكمت العالم أَو تمكَّنت من التمدُّد خارج حدودها فستفعل الشَّيء نفسهُ الذي تفعلهُ اليَوم [الإِمبراطوريَّة الأَميركيَّة].

٥/ الشَّيءُ المُضحك عند البعض هو لَومهُم واشنطن على كل أَزمات المنطقة!.

يلزم أَن يتذكَّرُوا بأَنَّهُ في اليَوم الذي كانت فيهِ بريطانيا تخلق المشاكل في المنطقة كانت الولايات المتَّحدة مُلتزمة وبصرامةٍ بمبدأ الرَّئيس مونرو الذي يعتمد عدم التدخُّل في شؤُون الطَّرف الآخر من المُحيط!.

بريطانيا هي التي خلقت المشاكل التَّالية:

- تقسيم بُلداننا ورسم حدودها الجديدة والتي تركت فيها دمامِلَ لتوظيفِها في صناعةِ الأَزمات كُلَّما احتاجت لها.

- صِناعة كانتونات جديدة في المنطقة بأَسماء دُول ما أَنزل الله تعالى بها من سُلطانٍ مثل الأُردن.

- صِناعة الوهابيَّة التي لها الدَّور الأَخطر في تدميرِ سُمعة الإِسلام كدينٍ هو رحمةٌ للعالَمين بتبنِّي التَّكفير والإِرهاب.

- تمكين [آل سَعود] من بلادِ الحرمَين لتوظيفِ المُقدَّس ومن ثمَّ البترُودولار لشنِّ الغارات على شعوبِ المنطقة، وإِثارة الأَزَمات والتشنُّجات.

- وعد بلفُور وإِقامة الكيان الصُّهيوني وزرع مُشكلة فلسطين المُستدامَة.

- إِحتلال العراق [١٩١٤] وتثبيت النِّظام السِّياسي الجَديد القائم على أَساس الثُّلاثي العُنصري والطَّائفي والعسكري.

- تمكينُ حزب البعث من السُّلطة في بغداد عام ١٩٦٨ والذي دمَّر البلاد عن بِكرةِ أَبيها.

- التَّخطيط لحرب غزو العراق عام ٢٠٠٣ والإِتيان بشلَّة [العِصابة الحاكِمة] التي نسَّقت زعاماتها مع [المُحتل] تحتَ الطَّاولة وعلى مُختلف الأَصعدة وبالتَّفاصيل المُملَّة.

مع كلِّ هذا وغيرهِ إِلَّا أَنَّنا لم نسمع من أَحدٍ منهُم يرفع شعاراً ضدَّ [البيبي] أَو ما يسمُّونهُ العراقيُّون [أَبو ناجي]!.

أُنظرُوا كم هؤُلاء مُغفَّلون.

وإِذا ردُّوا بأَنَّ ذلكَ كان في الماضي إِذ لم يعُد لبريطانيا دورٌ في شؤُون المنطقة، فهذا دليلُ حمق وجهل وتضليل وسذاجة.

والعَوض على الله.

٦/ إِنَّ ما شهدتهُ واشنطن مؤَخَّراً يُميِّز بين النُّظم الديمقراطيَّة عن الأُخرى الشموليَّة.

فلو كانَ معشار ما حصلَ في واشنطن قد حصلَ في أَيِّ بلدٍ يحكمهُ نظامٌ شموليٌّ لجرَت الدِّماء أَنهاراً وتطايرت أَشلاء الضَّحايا وأُعلنت الأَحكام العُرفيَّة واستمرَّت التَّصفيات الجسديَّة بينَ الفُرقاء السياسيِّين وتحوَّلت الأَزمة إِلى حربٍ أَهليَّةٍ بشَكلٍ واسعٍ.

وقبلَ كلَّ ذلكَ لتمَّ قطع الإِنترنيت عن كلِّ البلاد وسُوِّرت بسياجٍ حديديٍّ لمنعِ خروجِ ودخُولِ الأَخبار إِلى [الصُّندوق].

إِنَّ النُّظُم الديمقراطيَّة، على العكسِ من النُّظُم الشموليَّة، لها القُدرة والقابليَّة على إِصلاحِ نفسِها بنفسِها وتصحيحِ ذاتِها بذاتِها، ولذلكَ فهي تخرج أَقوى بعدَ كُلِّ أَزمةٍ.

حصلَ هذا من قبلُ في أَلمانيا وأَسبانيا وبريطانيا وعمُوم أُورُوبا، وأَعتقد أَنَّ الولايات المُتَّحدة ستمرُّ بالشَّيءِ نفسهِ.

فعلى الرَّغم من أَنَّ التمرُّد أَو مُحاولة الإِنقلاب أَو ما نعتهُ البعض بـ [الإِرهاب المحلِّي] قادهُ زعيم أَقوى دَولة في هذا العالَم، إِلَّا أَنَّ الدَّولة أَثبتت أَنَّ مُؤَسَّساتها أَقوى من الأَفراد مهما تفرعنُوا ومهما كانَ موقعهُم والقُدُرات الَّتي تحتَ أَيديهِم.

عندنا؛ عندما يمتلكُ الزَّعيم القوَّة والقُدرة فإِنَّ كلَّ شيءٍ يكونُ طَوعَ بَنانهِ، لأَنَّ الحقَّ عندنا يُقاسُ بحجمِ القُوَّةِ والسُّلطةِ التي تمتلكها! أَمَّا عندهُم فإِنَّ القوَّة والقُدرة لا تعني شيئاً خارج سُلطة القانُون لأَنَّ كلَّ شيءٍ خاضعٌ لهُ!.

٧/ أَكثرُ المُتحمِّسين لإِشاعة أَخبار الحرب في المنطقةِ هُم [وُكلاء الغُرباء] لتبريرِ إِحتفاظهِم بالسِّلاحِ خارج سُلطةِ الدَّولةِ، لتبقى ميليشياتهِم تحمي الدَّولة العميقة التي تُعرقل بناءِ الدَّولة!

اضف تعليق