q
الانتخابات الجديدة ربما تحمل قدرا كبيرا من الأهمية بدورتها الخامسة، وتنبع هذه الأهمية نتيجة التغيير الكبير الذي طال قانونها القديم، فبعد ان كان رئيس الكتلة يشفع لعدد غير قليل من المرشحين بالصعود معه، أصبح هو شخصيا بموقف حرج مع القانون الجديد الذي قيد حركة المرشحين...

نخيل العراق وانهاره ومدنه ومواطنيه، ينتظرون فرحا وهم على موعد مبكر مع عرس وطني جديد، الا وهو الانتخابات المبكرة الخامسة التي ستجرى اخيرا في العاشر من تشرين الجاري، وما بين شد وجذب، كتلة ترغب بالتأجيل واخرى تريد التعجيل، وصلنا الى الحد الفاصل، وأصبحنا قاب قوسين او أدنى من يوم الاقتراع الذي سينطق به الحبر، وتحكي لنا الصناديق عما اخبت بجوفها، وسنتبين إذا ما كانت انتخابات جديدة بذائقة قديمة ام انها ستغير الكثير من الثوابت.

الانتخابات الجديدة ربما تحمل قدرا كبيرا من الأهمية بدورتها الخامسة، وتنبع هذه الأهمية نتيجة التغيير الكبير الذي طال قانونها القديم، فبعد ان كان رئيس الكتلة يشفع لعدد غير قليل من المرشحين بالصعود معه، أصبح هو شخصيا بموقف حرج مع القانون الجديد الذي قيد حركة المرشحين وضيق عليهم باحة تأثيرهم في مناطقهم؛ لذلك كثيرا منهم ينظرون للقانون الجديد بالمحطم لكياناتهم الخاوية بالأساس.

لكن هذا لا يمنع من مد يد الخبث السياسي للقانون والتلاعب فيه بما يضمن الحركة البسيطة للمرشحين في الانتخابات التي ستجرى في تشرين الجاري، اذ سمح القانون للمرشح بالترشيح بغير منطقته، والتي من الممكن ان يفشل بها ولا يحقق أدنى مستويات النجاح، بينما الوضع القانوني الجديد مكنهم من الهروب الى مناطق اخرى يستجدون فيها أصواتا جديدة.

وبعيدا عن القانون الجديد وافرازاته بالنسبة للمرشحين هنالك احتمالين ممكنا الوقوع، الاحتمال الأول يوجد من يعتقد ان الانتخابات الجديدة لا تغير ملامح العملية السياسية، فجميع المرشحين او اغلبهم ممن لطخت ايديهم بالمال الحرام والفاسد بكل اشكاله، الى جانب وقوعهم في منزلق المحاصصة الطائفية وتوزيع المناصب حسب التفاهمات بين الأحزاب المشتركة في العمل السياسي واضعين أنفسهم كسلعة قابلة للاستهلاك السياسي القادم.

اما الشق الثاني وهو ان الجزء الكبير من أبناء الشعب العراقي الذي يعول على المرشحين الجدد الذين رغبوا بخوض الانتخابات على ركام الماضي، لكنهم ربما لم يفلحوا بأحداث نقلة نوعية في قطاع السياسة الذي دخله من لديه تاريخ سياسي وآخر لا يتجاوز عمره بضع شهور.

وما يجعل احتمالية عدم التغيير قائمة هو بسبب عدم وجود برنامج انتخابي يتمتع بقدر كبير او مقبول من التكامل، فيه الخطط الموضوعة لبناء البلد المهدم والذي دمرت جميع مؤسساته من قبل مراهقي العمل السياسي الرصين، فزاد الطين بلة وتعقدت الأمور أكثر فأكثر حتى تداخلت الصلاحيات وتشابكت الأدوار ولم يعرف أحد كيف تسير الأوضاع والى اين تتجه في ظل الفوضى العارمة.

الى جانب فقدان البرنامج الانتخابي الذي يضمن تقديم الأفضل الى البلد، نجد الكتل السياسية القديمة عملت رتوشا لبعض مرشحيها، فضلا عن ادخال عددا قليلا من المرشحين الجدد، هربا من فقرة المُجرب لا يُجرب، وحمل هؤلاء الجدد عبارة المرشح المستقل، لكنه ليس مستقلا من الحيث الفكر والمنهج الرئيس للحزب المنضوي تحت يافطته او سينضوي في المستقبل.

اغلب المواطنين الذين نلتقيهم نجدهم يرددون عبارات الخوف والتشاؤم من الوضع الانتخابي الجديد، فهم لا يفضلون الذهاب بصوب الكتل السابقة كونها فشلت في تغيير الواقع بل ساهمت بتراجعه كثيرا الى الوراء، وفي نفس الوقت تخشى المغامرة مع الشخصيات الجديدة التي لم يعرف لغاية الآن كيف سيصبحون عند وصولهم لمبنى البرلمان.

فقد يخلعون طيبتهم وإخلاصهم وحرصهم على تقديم الخدمات التي وعدوا بتقديمها وقطعوا عهدا على أنفسهم بعدم التراجع عنها.

ويمكن ان اوصف حال العراق بالرجل الكبير الذي اتعبته الهموم واوجعته المصائب، ولم يبقى امامه سوى أبناء البررة اذ وقف يوصيهم، اقسم عليكم بمقدساتي وارضي وسمائي، لا تنتخبوا من بعثر اموالي وبدد ثروتي، لا تقتربوا من كان همه اسعاد نفسه دون جمهوره، دققوا في سير المتقدمين ولا تكرروا الاخطاء مرتين، اختاروا من سيبني لا يخرب، فالمجرب لا يُجرب.

اضف تعليق