q
هؤلاء اثبتوا غياب الحكمة لديهم والحذر المطلوب وعدم امتلاكهم لأي قدر من الحنكة في تدبّر الامور وهم يقودون بلدا مهما جدا في المنطقة ويخوض صراعا مريرا مع قوى مختلفة تريد تدميره او التهامه، ولم يعودوا مؤهلين لقيادة بلد بحجم العراق واهميته، لانهم وببساطة لايعرفون الف باء الحكم!...

حين يجد الانسان نفسه في صراع او مواجهة، سواء سلمية او عنفيّة، فيسارع غريزيا لوضع استراتيجية خاصة لمواجهة تداعيات هذا الصراع.. وهذه من الامور التي تولد مع الانسان، وتعد من آليات دفاعه الطبيعية عن نفسه في رحلة صراعه مع صنوه الانسان او مع الطبيعة وغيرها، وكلما كبر التحدي اصبحت الاستراتيجية أكبر واكثر تعقيدا وشمولية.

كثيرون من مسؤولي عراق ما بعد 2003 وضعوا أنفسهم في مواجهة مع دول وجهات عدة، اما بسبب رؤية سياسية او عقائدية تتعارض مع تلك الجهات او تحت ضغط تبعيتهم لقوى اقليمية او دولية متصارعة فوجدوا أنفسهم منغمسين في مواجهة لم يقرروها لكنهم باتوا جزءا منها.

السؤال الذي يفرض نفسه، هل فكّر هؤلاء فعلا بوضع استراتيجية واقعية لمواجهة هذا التحدي وحسم الصراع لصالحهم، ام انهم يتفاعلون ميدانيا وينفعلون من دون قراءة واضحة او وضع خارطة متكاملة للتصدي؟! شخصيا ومن خلال متابعتي لطروحات هؤلاء ومواقفهم وتصريحاتهم المشبعة بالعفوية والسذاجة احيانا، ومنذ نحو عقدين لم اجد لديهم قراءة مستقبلية ولم يفكروا في تحصين انفسهم ليحافظوا على مشاريعهم، ان كانت لهم مشاريع حقيقية اصلا، واغلب الناس حتى البسطاء، يرونهم منكشفين ومخترقين من قبل بعضهم البعض ومن ثم فانهم منكشفون بالضرورة لخصومهم المحليين والخارجيين معا.

التسريبات الاخيرة التي هزّت (العملية السياسية) واربكت الجميع كشفت عن الغطاء المهلهل الذي كان هؤلاء يتسترون وراءه وهم يقدمون على اشياء يحتاج من يخطط لها ان يكون خلف استار حصينة، مادية ومعنوية، لان من سمات القيادي الناجح هو ان لايجعل نفسه مكشوفا لاصدقائه قبل خصومه كي لايعطي احدا فرصة للنيل منه في لحظة قد تأتي لسبب ما.

وان مع الصديق المقرّب! بصدق اصيب المجتمع بالصدمة ليس بفحوى التسريبات التي تعرف الناس ان ما جاء فيها يمكن ان يقال في المجالس الخاصة، لكن احدا لايستطيع ادانة انسان على الظن، اما ان تسجّل بهذه السهولة وتسرّب وتصبح في ايدي اخرين من دون ان يعلم هؤلاء انهم باتوا منكشفين وان اسرارهم الخطيرة اصبحت تتداول على وسائل الاعلام المختلفة وهم لايعلمون، فان الامر ينطوي على خطورة تتجاوز التسريبات نفسها، لانها كشفت عن هزال هؤلاء وعدم قدرتهم على القيادة، لاسيما في هذا العصر الذي باتت فيه تقنيات التجسس والتواصل دقيقة ومرعبة حقا!

هؤلاء اثبتوا غياب الحكمة لديهم والحذر المطلوب وعدم امتلاكهم لأي قدر من الحنكة في تدبّر الامور وهم يقودون بلدا مهما جدا في المنطقة ويخوض صراعا مريرا مع قوى مختلفة تريد تدميره او التهامه، ولم يعودوا مؤهلين لقيادة بلد بحجم العراق واهميته، لانهم وببساطة لايعرفون الف باء الحكم!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق