q
هل تقدر حكُومة السُّوداني الوفاء بشعارِها العراق أَوَّلاً فتذهب بالإِتِّجاه الذي ترى أَنَّهُ يخدم البلَد أَكثر من غيرهِ، إِذا ما تعرَّضت للضُّغوطِ ورُبَّما للتَّهديدِ بقطعِ آذان القائِد العام للقوَّاتِ المُسلَّحةِ؟! خاصَّةً وأَنَّ طهران تمتلك الكثير من الأَدوات للضَّغطِ عليها إِذا ما شعرَت أَنَّ توجُّهاتها الجديدة نحوَ واشنطُن ومِحورها...

في ندوةٍ مفتوحةٍ في مجمُوعةِ [Iraq Observe] على الواتس آب؛ يشرح نـــــــــزار حيدر وِجهة نظرهِ بشأنِ العلاقةِ الجديدةِ بينَ بغداد وواشنطُن في إِطارِ زيارةِ الوفد العراقي الأَخيرةِ:

١/ في كُلِّ الإِتِّفاقيَّات والبيانات المُشتركة والعقُود والتَّفاهُمات والبروتوكولات فإِنَّ العبرةَ ليست في النُّصوص وإِنَّما في الإِلتزامات المُتبادَلة.

فمثلاً؛ فإِنَّ العراق وقَّعَ خلال العشرينَ عاماً الماضية عقوداً ومُذكَّرات تفاهم مع شركَتَي [GE] الأَميركيَّة و [Siemens] الأَلمانيَّة بما مقدارهُ قُرابة [١٠٠] مليار دولار، إِلَّا أَنَّ العراقيِّينَ مازالوا يُعانونَ من أَزمةِ الكهرباء!.

لَو كان العراق بيتاً جديداً وقرَّرنا أَن نُجهِّزهُ بالكهرباء بتجهيزٍ جديد يبدأ من نقطةِ الصِّفر لما أَنفقنا كُلَّ هذهِ الأَموال والمبالغ الفلكيَّة.

٢/ هذهِ المُعادلة تنطبق اليَوم على الحديثِ الذي نسمعهُ من كِلا الطَّرفَينِ [بغداد وواشنطُن] بشأنِ عزمهِم وإِصرارهِم على تنفيذِ إِتِّفاقيَّة الإِطار والشَّراكة الإِستراتيجيَّة بين البلدَينِ والتي تمَّ توقيعها عام ٢٠٠٨ وهي الإِتِّفاقيَّة الإِستراتيجيَّة الوحيدة بينَ العِراق وأَيِّ بلدٍ آخر في العالَم شرَّعها مجلس النوَّاب بقانُون.

حديثهُم عن عزيمتهِم هذهِ لا يُمكننا الرُّكون إِليهِ قبلَ أَن نلمِسَ منهُ واقعاً جديداً على الأَرض، خاصَّةً في مجالِ الكهرباء والطَّاقة والشَّراكات والإِندماجاتِ الإِقتصاديَّة التي يتحدَّثُون عنها.

٣/ ومِن خلالِ خطاباتهِم وأَحاديثهِم وتصريحاتهِم وتغريداتهِم الرَّسميَّة نستنتج [نظريّاً] أَنَّ الولايات المُتَّحدة الأَميركيَّة عازمةٌ هذهِ المرَّة على العَودةِ إِلى العراق بقُوَّةٍ لمُساعدتهِ في ملفَّات الطَّاقة والإِقتصاد ودمجهِ بالإِقتصادات القويَّة في المنطقةِ من خلالِ مُساعدتهِ في الإِلتزامِ بثلاثةِ ملفَّاتٍ مُهمَّةٍ تصبُّ في خدمةِ العراق وتُمكِّنهُ مِن حمايةِ إِقتصادهِ وعُملتهِ الوطنيَّة، أَلا وهي؛ مُكافحة تهريب العُملة ومُكافحة عمليَّات غسيل الأَموال ومُكافحة عمليَّات تمويل الإِرهاب [وهوَ الملفُّ الأَخطر الذي يتكرَّر ذكرهُ في بياناتِ وخطاباتِ الجانبِ الأَميركي ولم نرَ لهُ ذِكراً في خطاباتِ وبياناتِ الجانبِ العراقي]!.

٤/ كثيرُونَ مُتخوِّفونَ من أَنَّ هذهِ العَودةِ الأَميركيَّة القويَّة ستُثيرُ جيران العراق ممَّن لهُ نفوذٌ واسعٌ في مؤَسَّسات الدَّولة ومُستفيدٌ من تساهُلِ بغداد في التَّعاملِ معَ الملفَّات الثَّلاثةِ آنفةِ الذِّكرِ في الفترةِ الماضيةِ، وتحديداً الجارة الشرقيَّة [الجمهوريَّة الإِسلاميَّة في إِيران] المُتضرِّرة الأَكبر من هذهِ العَودة واشتراطاتِها على اعتبارِ أَنَّها تستهدف إِقتصادَها المُحاصر الذي يعتمد بدرجةٍ كبيرةٍ على العراق سواءً بالطُّرُقِ المشروعةِ أَو غَير المشرُوعةِ.

المُتخوِّفونَ يطرحونَ السُّؤَال التَّالي؛

هل تقدر حكُومة السُّوداني الوفاء بشعارِها [العراق أَوَّلاً] فتذهب بالإِتِّجاه الذي ترى أَنَّهُ يخدم البلَد أَكثر من غيرهِ، إِذا ما تعرَّضت للضُّغوطِ ورُبَّما للتَّهديدِ بقطعِ آذان القائِد العام للقوَّاتِ المُسلَّحةِ؟! خاصَّةً وأَنَّ طهران تمتلك الكثير من الأَدوات للضَّغطِ عليها إِذا ما شعرَت أَنَّ توجُّهاتها الجديدة نحوَ واشنطُن ومِحورها في المنطقةِ يُساهِمُ في خنقِها ويضرُّ أَكثر فأَكثر باقتصادِها؟!.

هذهِ التَّساؤُلات معقولةٌ جدّاً ومشرُوعة، ويبقى الأَمرُ في نِهايةِ المطاف صراعُ إِرادات، والحكُومة النَّاجحة هي القادِرة على إِدارةِ هذه الإِراداتِ بشَكلٍ يحمي المَصالح الوطنيَّة العُليا للبلدِ وكذلكَ أَمنهِ القَومي.

٥/ عندما تتحدَّث النُّخب في وسائلِ الإِعلامِ [الفضائيَّات على وجهِ التَّحديد] وفي وسائلِ التَّواصل الإِجتماعي وتُؤَشِّر على نُقاط ضعف الحكُومة والتحدِّيات التي تواجهها وتفضح الفَساد وتُسمِّي الفاشلينَ وتُنبِّه إِلى حالاتِ تدويرِ النِّفاياتِ في مُؤَسَّسات الدَّولة، فإِنَّ كُلَّ ذلكَ هو من أَجلِ حِمايةِ البلدِ من الإِنزلاقِ إِلى الهاويةِ أَكثر فأَكثر، ولذلكَ لا ينبغي اعتبار كُلَّ ذلكَ مُحاولات تربُّص بالحكومةِ أَو السَّعي لإِفشالِها، فالنَّاجحُ، أَوَّلاً، لا يُفشِلهُ برنامجٌ حِواريٌّ أَو خبرٌ ينشَرُ في وسائلِ التَّواصُلِ، وإِنَّما الذي يتضرَّر من ذلكَ هو المهزُوز في [إِنجازاتهِ] التي يحمل في ذاتهِ أَسباب الفشَل!.

ومِنَ الخطأِ أَن تنتظِرَ الحكومةِ مِن كُلِّ أَصحابِ الرَّأي أَن يكونُوا لها بوقاً! فيُجمِّلُوا ويُصفِّقوا فيُضلِّلُوا!.

كما أَنَّ هذهِ النَّخب تسعى لتنويرِ الرَّأي العام العراقي من أَجلِ تنشيط ذاكرتهِ فلا ينسى فتستغفلهُ الحكومة أَو القُوى السياسيَّة الحاكِمة وأَبواقها الذين يبذلُونَ كُلَّ ما بوسعهِم لتضليلِ المُغفَّلينَ ورِهانهُم الأَوَّل على ضعفِ ذاكرتهِم.

النُّخب مسؤُوليَّتها الوطنيَّة كبيرة جدّاً وعميقة، مُنطلقها ودافعها حُبَّ الوطن والإِلتزام الأَخلاقي الذي يمنعَها من السَّيرِ في ركابِ جَوقةِ المُطبِّلينَ الذين يتقاضَونَ أَجراً على كُلِّ كذبةٍ ينشرُونها في الإِعلام وفي وسائلِ التَّواصل، خاصَّةً تلكَ التي تستهدِف الأَصوات والأَقلام الوطنيَّة النَّزيهة بالتَّسقيطِ واغتيالِ الشخصيَّة بنشرِ التُّهم والإِفتراءات والأَكاذيب التي ما أَنزل الله تعالى بها من سُلطانٍ.

همُّ النُّخب هوَ [الدَّولة] ومؤَسَّساتها والمصالحِ الوطنيَّة العُليا للشَّعبِ، وليسَ [النِّظام] وزُعماءهُ ومصالحهُم الضيِّقةِ، فهذهِ مُهمَّة [أَبواق السُّلطة] على مرِّ التَّاريخ!.

اضف تعليق