q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

عن تطبيعِ العلاقاتِ بينَ طهران والرِّياض..

تُساهِمُ في التَّهدِئةِ والتَّنميَةِ... إِذا

لقد دفعَت شعُوب المنطقة خِلال السَّنوات السَّبع التي شهِدت توتُّراً حدَّ الصِراع والحرُوب بالنِّيابة بينَ طهران والرِّياض، أَثماناً باهِظةً جدّاً من الدِّماء والدُّموع والدَّمار والتخلُّف. ولقد كانت دُول العِراق وسوريا ولَبنان واليَمن من أَكثر دُول المنطقة تضرُّراً من هذا الصِّراع الثُّنائي بسببِ تخندُق العاصِمتَينِ خلفَ شعاراتِ الدِّفاعِ عن...

١/ لم يُفاجأُ المُتابِعُونَ بخبرِ تطبيعِ العِلاقةِ بينَ [العَدوَّينِ اللَّدُودَينِ] طهران والرِّياض، فلقد ظهرَت إِرهاصاتهُ الأُولى في نيسان ٢٠٢٢ عندما تمَّ الإِعلان عن وقفِ إِطلاقِ النَّارِ في الحربِ العبثيَّة التي تشهدُها اليَمن منذُ عقدٍ من الزَّمن، والذي ما كانَ ليتحقَّق لولا توصُّل طهران والرِّياض [العاصِمتان الإِقليميَّتان المعنيَّتان بشَكلٍ مُباشرٍ] إِلى إِتِّفاقٍ مبدئيٍّ [خلفَ الكواليس] لإِثباتِ حُسنِ نوايا كُلَّ طرفٍ تجاهَ الطَّرفِ الآخر.

وهذا ما حصلَ، الأَمرُ الذي شجَّع العاصِمتَينِ على زيادةِ منسوبِ الثِّقةِ تجاه بعضهِما ما دفعهُما للإِستمرارِ في المُفاوضاتِ الثُّنائيَّةِ برِعايةِ طرفٍ ثالثٍ [العراق وعُمان] والتي انتهت إِلى صدُورِ بيانٍ مُشتركٍ بإِشرافٍ مُباشرٍ من المُرشد الأَعلى ووليِّ العهد [بمُمثِّلانِ أَمنِيَّانِ] لينتقلَ الملف في المرحلةِ الثَّانيةِ إِلى حُكومةِ البلدَينِ من خلالِ وزيرَي الخارجيَّة.

٢/ لقد دفعَت شعُوب المنطقة خِلال السَّنوات السَّبع التي شهِدت توتُّراً حدَّ الصِراع والحرُوب بالنِّيابة بينَ طهران والرِّياض، أَثماناً باهِظةً جدّاً من الدِّماء والدُّموع والدَّمار والتخلُّف.

ولقد كانت دُول [العِراق وسوريا ولَبنان واليَمن] من أَكثر دُول المنطقة تضرُّراً من هذا الصِّراع الثُّنائي بسببِ تخندُق العاصِمتَينِ خلفَ شعاراتِ الدِّفاعِ عن مصالحهِما فضلاً عن تستُّرهُما بالمُقدَّس [المَذهب] لشرعنةِ إِدارتهِما للحرُوبِ بالنِّيابةِ في هذهِ الدُّول، من جهةٍ، ولإِبعادِ شظايا الحرب المُباشِرة قدَر الإِمكان عنهُما، من جهةٍ أُخرى.

٣/ إِنَّ المُستفيد الأَوَّل من إِعادة تطبيعِ العلاقات هوَ شعُوب هذهِ الدُّوَل الأَربع! لأَنَّ ضحايا خِلافات [الكِبار] عادةً هُم أَوَّل المُستفيدينَ مِن تصالحهِم، فذلكَ يمنح الضَّحايا فرصةً لالتِقاطِ الأَنفاس، وهذا ما نأملهُ، فهل تُحسِنُ هذهِ الدُّول الأَربع التصرُّف فتستفيد من قرار [التَّطبيع] للَعقِ جِراحها والإِنتباه إِلى مصالحِها الوطنيَّة والإِنشغال بنفسِها كما ينشغل الكِبار بمصالحهِم عندما تحين الفُرصة لتوظيفِ المكاسبِ التي حصلُوا عليها من [الحرُوبِ بالنِّيابةِ] التي دفعُوا لخَوضِها [الصِّغار]؟!.

٤/ الأَمرُ الذي أَثار الرَّأي العام في إِعلانِ الأَمس هو الرِّعاية الصينيَّة للجَولةِ الأَخيرةِ من الحِواراتِ الثُّنائيَّة بينَ طهران والرِّياض والتي طالت [٥] أَيَّام في العاصمةِ بكِّين.

إِنَّ سبب الرِّعاية، هو أَنَّ كِلا العاصِمتَينِ كانتا تبحثان عن [قُوَّة عُظمى دَوليَّة] لضَمانِ أَيِّ اتفاقٍ يتمُّ بينهُما والشَّهادةُ عليهِ، فمِنَ المعروف فإِنَّ الطَّرفَينِ لا يثِقانِ ببعضهِما، فالشكُّ والرِّيبةُ والتربُّص الذي يحكم العِلاقة بينهُما منذ [٤٤] عاماً لا يُمكنُ تجاوزهُ بجرَّةِ قلمٍ كما يقولُونَ، ولذلكَ فلَو نُدقِّق في البيان المُشترك فسنجِد أَنَّ أَكثر العِبارات إِثارةً فيهِ هيَ [تأكيدهُما على احترامِ سِيادَة (الدُّوَل) وعدم التدخُّل في [شؤُونِها] الداخليَّة] و [بذلِ كافَّة الجهُود لتعزيزِ السِّلم والأَمن الإِقليمي والدَّولي].

العِبارة الأُولى تحديداً ستستفيد منها الرِّياض [وشقيقاتِها] أَكثر من طهران، فالأَخيرة مُتَّهمة من قبل الرِّياض وبقيَّة دُول المنطقة والمُجتمع الدَّولي بالتدخُّل في شؤُونِها! والإِتِّفاق سيُلزم طهران بعدمِ التدخُّل من الآن فصاعداً وستشهد الصِّينُ على ذلكَ وهُنا مربط الفرَس!.

كما ستتوقَّف طهران عن مُطالبةِ دُول المنطقة بالعملِ على إِخراج القوَّات الأَميركيَّة من أَراضيها لأَنَّ الإِتِّفاقَ يُلزمُها باحترامِ سيادةِ الدُّول الأُخرى ولا يسمح لها بالتدخُّل في شؤُونِها، وهُنا مربط الفرَس كذلك!.

ولأَنَّ الرِّياض تقود الآن مشرُوعاً واسِعاً في المنطقةِ والعالَم العربي والإِسلامي يتمثَّل بمشروعِ [التَّطبيع] تحت شِعار [الإِبراهيميَّة] لذلكَ فإِنَّها بهذا الإِلتزام ستحُولُ دونَ اعتراضِ طهران على أَيَّة تفاصيل تتعلَّق بالمشرُوعِ! وهو المطلُوب وهذا هو مربط الفرَس الثَّالث!.

وبكلمةٍ؛ فإِنَّ إِتِّفاق التَّطبيع هذا نزعَ أَسنان طهران حتى وصفَهُ أَحدُ المُحلِّلين الإِيرانيِّينَ بالقَولِ؛ إِنَّ طهران تجرَّعت كأسَ السُّمِّ للمرَّةِ الثَّانيةِ! [لأَسبابٍ عِدَّةٍ] وهي النَّتيجة الطبيعيَّة لسياسةِ [حافَّة الهاوِية].

٥/ وأَخيراً؛ فإِنَّ العنوان الرَّئيسي الذي صدرت بهِ اليوم صحيفة [كَيهان] التي يُشرف عليها مكتب المُرشد الأَعلى، بقولِها؛ إِنَّ الإِتِّفاق وجَّهَ ضربةً لأَميركا و[إِسرائيل] يُشيرُ إِلى أَنَّ الجمهوريَّة الإِسلاميَّة إِنتبهت للخدمةِ التي كانت تُقدِّمها على طبقٍ من ذهبٍ لعدوِّها الإِستراتيجي باستمرارِ خلافاتِها مع المملكة العربيَّة السعوديَّة، ولذلكَ قرَّرت أَخيراً أَن تضعَ حدّاً لهذهِ [الخِدمة] التي كان ثمنها دماءٌ ودموعٌ ودمارٌ دفعتهُ [الأُمَّة الإِسلاميَّة] فضلاً عن تخلُّفها عن ركبِ النُّهوض الحَضاري!.

اضف تعليق