q
يأمل المستثمرون أن تؤدي إعادة الفتح في نهاية المطاف إلى تنشيط الاقتصاد الذي تقدر قيمته بنحو 17 تريليون دولار ويعاني من أدنى معدل نمو له منذ ما يقرب من نصف قرن. إلا أن التحول المفاجئ في السياسة أدى إلى موجة هائلة من الإصابات أنهكت بعض المستشفيات وتسببت...

سجلت صادرات الصين في كانون الأول/ديسمبر أكبر انكماش منذ 2020 تحت تأثير الأزمة الصحية وتباطؤ الطلب في الخارج، حسب أرقام رسمية.

وبعد قيود صحية استمرت ثلاث سنوات، رفعت التدابير الصحية فجأة في السابع من كانون الأول/ديسمبر. وأدى ذلك إلى زيادة هائلة في عدد الإصابات بكوفيد في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وعلى الرغم من إنهاء هذه القيود التي شكلت ضربة قاسية للاقتصاد خلال ثلاث سنوات، ما زال النشاط يواجه صعوبة في استعادة الزخم.

في هذه الأجواء، تراجعت صادرات الصين مجددا في كانون الأول/ديسمبر بنسبة 9,9 بالمئة على أساس سنوي لتبلغ قيمتها 30,6 مليار دولار (28,2 مليار يورو)، حسب أرقام نشرتها الجمارك الصينية.

تعكس هذه الأرقام تراجعا للشهر الثاني على التوالي وأكبر انخفاض منذ 2020. وكانت مبيعات الصين إلى الخارج سجلت أكبر انخفاض في تشرين الثاني/نوفمبر (-8,7 بالمئة) منذ بداية الوباء في 2020 عندما كانت التجارة في الصين متوقفة عمليا.

وساهم خطر حدوث ركود في الولايات المتحدة وأوروبا وارتفاع أسعار الطاقة في إضعاف الطلب الدولي على المنتجات الصينية.

وتشكل الصادرات المحرك الرئيسي للاقتصاد الصيني منذ 2020 عندما أدت القيود في العالم إلى طلب قوي على السلع الصينية لا سيما المنتجات الطبية ضد كوفيد أو حتى أدوات العمل عن بعد.

كما ساهم تهديد الركود في الولايات المتحدة وأوروبا وارتفاع أسعار الطاقة، في إضعاف الطلب الدولي على المنتجات الصينية.

نجم عن ذلك زيادة صادرات الصين في 2022 بنسبة 7 بالمئة فقط بعد قفزة بلغت 29,9 بالمئة في العام الذي سبقه.

وحذر لاري هوْ المحلل في بنك الاستثمار ماكواري، من أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يشكل "عاملاً أساسيا" لتدهور الاقتصاد الصيني في 2023.

وستكشف الصين الأرقام المتعلقة بنمو اقتصادها في 2022 إلى جانب سلسلة من المؤشرات الاقتصادية الأخرى.

وكان إجمالي الناتج المحلي سجل العام الماضي نموا تجاوز 8 بالمئة. وقد حددت نسبة نمو تبلغ حوالى 5,5 بالمئة في 2022.

لكن هذا الهدف قوضته السياسة الصحية الصارمة المعروفة باسم "صفر كوفيد" وأدت خلال الجزء الأكبر من العام إلى كبح النشاط الاقتصادي والاستهلاك.

وقال المحلل تشيوي تشانغ من مجموعة "ابينبوينت أسيت مانجيمنت" إن "الصادرات الضعيفة تؤكد أهمية تعزيز الطلب المحلي لجعله محركًا للاقتصاد الصيني" هذا العام.

انخفضت الواردات مجددا في كانون الأول/ديسمبر (-7,5 بالمئة) مقابل -10,6 بالمئة في الشهر الذي سبقه.

وخلال 2022 بأكمله، شهدت الواردات الصينية تباطؤًا حادًا إذ ارتفعت بنسبة 1,1 بالمئة بعد تسارع تمثل بارتفاع نسبته 30,1 بالمئة في 2021.

وتؤثر حالة عدم اليقين المرتبطة بكوفيد والتباطؤ الاقتصادي في الصين على احتياجات الصين من المنتجات الأجنبية.

ومع ذلك، بلغ الفائض التجاري للصين في كانون الأول/ديسمبر 78 مليار دولار (71,9 مليار يورو). لكن هذا المستوى أقل بكثير من الرقم القياسي الذي سجل في تموز/يوليو وبلغ 101,2 مليار دولار.

وفي 2022، بلغ إجمالي الفائض 877 مليار دولار.

والشركاء التجاريون الرئيسيون لبكين هم جنوب شرق آسيا (آسيان) والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

في المقابل، ارتفع العجز التجاري الصيني مع روسيا أكثر من ثلاثة أضعاف العام الماضي وبلغ 38 مليار دولار.

ويعود ذلك خصوصا إلى الاهتمام المتزايد لبكين بالغاز الروسي.

اسدال الستار على سياسة صفر كوفيد

وبعد ثلاث سنوات من الإغلاق، يفتح البر الرئيسي للصين حدوده مع هونج كونج مع إنهاء مطالبة المسافرين الوافدين بالخضوع لحجر صحي فيلغي بذلك أحد التدابير الأخيرة ضمن سياسة صفر-كوفيد التي كانت تقي الشعب الصيني من الفيروس لكنها عزلته أيضا عن بقية العالم.

وبدأ المسافرون في التدفق عبر المعابر البرية والبحرية من هونج كونج إلى البر الرئيسي للصين إذ يتوق كثيرون منهم إلى لم شمل طال انتظاره مع أحبائهم بعد فتح بكين الحدود المغلقة منذ بداية جائحة كوفيد-19.

وبدأت الصين الشهر الماضي تخفيف واحد من أكثر أنظمة مكافحة كوفيد صرامة في العالم بعد احتجاجات تاريخية ضد سياسة تضمنت إخضاع السكان لاختبارات متكررة وقيودا على الحركة وعمليات إغلاق واسعة ألحقت أضرارا كبيرة بثاني أكبر اقتصاد.

واصطف المسافرون في طوابير طويلة عند مكاتب فحص البيانات في مطار هونج كونج الدولي لصعود الرحلات المتجهة إلى مدن البر الرئيسي بما في ذلك بكين وتيانجين وشيامن. وأشارت تقديرات لوسائل إعلام في هونج كونج أن الآلاف يعبرون الحدود.

تقول تيريزا تشاو المقيمة في هونج كونج "أنا سعيدة للغاية، سعيدة جدا، ومتحمسة للغاية. لم أر والديّ منذ سنوات". وكانت تشاو تستعد مع عشرات المسافرين الآخرين للعبور إلى البر الرئيسي للصين من نقطة تفتيش لوك ما تشاو في هونج كونج في ساعة مبكرة من صباح يوم الأحد.

ويأمل المستثمرون أن تؤدي إعادة الفتح في نهاية المطاف إلى تنشيط الاقتصاد الذي تقدر قيمته بنحو 17 تريليون دولار ويعاني من أدنى معدل نمو له منذ ما يقرب من نصف قرن. إلا أن التحول المفاجئ في السياسة أدى إلى موجة هائلة من الإصابات أنهكت بعض المستشفيات وتسببت في تعطيل للأعمال.

يأتي فتح الحدود غداة بداية (تشون يون)، أي أول 40 يوما من السفر بمناسبة العام القمري الجديد، والتي كانت تعد قبل الجائحة أكبر حركة في العالم لعودة الأفراد إلى مناطقهم لقضاء العطلات مع عائلاتهم. وتقول الحكومة إنه من المتوقع أن يشهد هذا الموسم ملايين الزيارات.

كما من المتوقع أن يبدأ كثير من الصينيين في السفر للخارج وهو تحول طال انتظار المقاصد السياحية له في دول مثل تايلاند وإندونيسيا لكن حكومات عديدة قلقة من ارتفاع إصابات كورونا في الصين فرضت قيودا على المسافرين الوافدين من البلاد.

وتقول الحكومة إنه من المتوقع أن يشهد هذا الموسم ملياري رحلة، تعادل تقريبا ضعف حركة العام الماضي و70 بالمئة من مستويات 2019.

ويرى محللون أن حركة السفر لن تعود سريعا لمستويات ما قبل الجائحة بسبب عوامل من بينها تراجع الرحلات الدولية.

كما استأنفت الصين إصدار جوازات السفر وتأشيرات السفر لسكان البر الرئيسي والتأشيرات العادية وتصاريح الإقامة للأجانب. وتحدد بكين حصصا لعدد من يمكنهم السفر بين هونج كونج والصين كل يوم.

كورونا يخيم على توقعات النمو في الصين

نما الاقتصاد الصيني بنسبة 4.4٪ على الأقل في عام 2022، وفقا لما أعلنه الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهو رقم أكبر بكثير مما توقعه العديد من الاقتصاديين، لكن موجة كوفيد -19 الحالية قد تعيق النمو في الأشهر المقبلة.

وبحسب ما قاله شي في خطاب متلفز عشية رأس السنة الجديدة، السبت، فإنه من المتوقع أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي السنوي للصين 120 تريليون يوان (17.4 تريليون دولار) في 2022، بما يعني تحقيق معدل نمو بأكثر من 4.4٪، وهو رقم قوي بشكل مدهش.

وتوقع الاقتصاديون بشكل عام، أن ينخفض النمو إلى معدل يتراوح بين 2.7٪ و3.3٪ لعام 2022. وحافظت الحكومة الصينية على تحقيق هدف نمو سنوي أعلى بكثير يبلغ حوالي 5.5٪.

وقال شي في خطابه: "اقتصاد الصين مرن ولديه إمكانات جيدة ومفعم بالحيوية، وأسسه طويلة الأجل لم تتغير، وطالما أننا واثقون ونسعى لتحقيق تقدم مطرد، سنكون قادرين على تحقيق أهدافنا".

وتضرر الاقتصاد الصيني من إجراءات الإغلاق واسعة النطاق لمواجهة فيروس كورونا، والتراجع التاريخي في قطاع العقارات العام الماضي. وتعهد صانعو السياسة بالسعي إلى تحقيق تحول في عام 2023، وهم يراهنون على أن نهاية سياسة صفر كوفيد، وسلسلة من إجراءات دعم الممتلكات، ستنعش الاستهلاك المحلي وتعزز النمو.

لكن انفجار عدوى كوفيد، الناجم عن التخفيف المفاجئ للقيود الوبائية في أوائل ديسمبر/كانون الأول، يعيق التوقعات، حيث تكافح البلاد أكبر انتشار لفيروس كوفيد على الإطلاق.

وفاجأ الإنهاء المفاجئ للقيود الكثيرين في البلاد، وفرض ضغطا هائلا على نظام الرعاية الصحية.

وأدى الانتشار السريع للعدوى إلى إبقاء العديد من الأشخاص داخل منازلهم وأفرغ المتاجر والمطاعم، كما أُجبرت المصانع على إغلاق أو خفض الإنتاج بسبب مرض العمال.

وأظهرت البيانات الرئيسية الصادرة، أن نشاط المصانع في البلاد تقلص في ديسمبر بأسرع وتيرة، خلال ما يقرب من ثلاث سنوات، كما انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي (PMI) إلى 47 الشهر الماضي من 48 في نوفمبر / تشرين الثاني بحسب ما أعلن المكتب الوطني للإحصاء.

ويشكل هذا أكبر انخفاض منذ فبراير/شباط 2020، كما أنه ثالث شهر على التوالي من انكماش المؤشر، الذي تشير قراءته الأقل من 50 إلى تقلص النشاط.

كما تراجع مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي، الذي يقيس نشاط قطاع الخدمات، إلى 41.6 الشهر الماضي من 46.7 في نوفمبر/ تشرين الثاني، ليبلغ أدنى مستوياته، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

وقالت كريستالينا غورغيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، في مقابلة بثتها شبكة CBS News: "في الشهرين المقبلين، سيكون الأمر صعبا بالنسبة للصين، وسيكون التأثير على النمو الصيني سلبيا، وسيكون التأثير على المنطقة وعلى النمو العالمي سلبيا".

كما يتوقع المحللون أن يواجه الاقتصاد الصيني، بداية صعبة في عام 2023، مع انكماش محتمل في الربع الأول، حيث أدى ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد إلى تراجع إنفاق المستهلكين وتعطيل نشاط المصانع.

ومع ذلك، توقع البعض أن ينتعش الاقتصاد بعد مارس/آذار، حيث يتعايش الناس مع كوفيد، وتتوقع العديد من البنوك الاستثمارية الآن، أن يبلغ معدل النمو في الصين، أعلى من 5% عام 2023.

كيف سيبدو اقتصاد الصين في عام 2023؟

ومن المتوقع أن يضخ المحور الأخير من استراتيجية بكين الصارمة "صفر كوفيد"، التي أعاقت الأعمال التجارية لفترة طويلة، حيوية في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، في 2023.

وأدت عمليات الإغلاق والقيود على الحدود بسبب فيروس كورونا، إلى تأخر الصين عن باقي العالم، مما أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد وإلحاق الضرر بتدفق التجارة والاستثمار.

وبينما يواجه الاقتصاد العالمي الآن، تحديات كبيرة، بما في ذلك نقص الطاقة، وتباطؤ النمو وارتفاع التضخم، يمكن أن يوفر إعادة الانفتاح في الصين، دفعة مطلوبة وفي الوقت المناسب.

لكن من المرجح أن تكون عملية إعادة الفتح متقطعة ومؤلمة، وفقًا لخبراء الاقتصاد، مع استمرار اقتصاد الصين في طريق وعرة، خلال الأشهر القليلة الأولى من عام 2023. وأضاف الخبراء أن الانكماش التاريخي في قطاع العقارات بالصين، والركود العالمي المحتمل، قد يتسببان في مزيد من المشاكل في العام الجديد.

وقال بو تشوانغ، كبير المحللين في Loomis, Sayles & Company، وهي شركة استثمارية مقرها بوسطن: "على المدى القصير، أعتقد أن الاقتصاد الصيني من المرجح أن يشهد فوضى بدلا من التقدم لسبب بسيط، يرجع لضعف استعداد الصين للتعامل مع كوفيد".

ومنذ ما يقرب من 3 سنوات، تمسكت الصين بنهجها المتمثل في عدم التسامح مطلقا مع الفيروس، على الرغم من أن تلك السياسة تسببت في أضرار اقتصادية غير مسبوقة وإحباط واسع النطاق. وفي عام 2022، تباطأ النمو بشكل حاد، وانهارت أرباح الشركات، وارتفعت بطالة الشباب إلى مستويات قياسية.

ووسط الاضطرابات العامة المتزايدة والضغط المالي، غيرت الحكومة مسارها فجأة هذا الشهر، وتخلت فعليا عن سياسة صفر كوفيد.

وفي حين أن تخفيف القيود، يشكل مصدر ارتياح طال انتظاره بالنسبة للكثيرين، إلا أن المفاجأة التي حدثت فيه قد فاجأت العامة غير المستعدين وتركتهم إلى حد كبير لتدبر أمرهم بأنفسهم.

وأضاف تشوانغ: "في المرحلة الأولية، أعتقد أن إعادة الانفتاح قد تطلق العنان لموجة من حالات كوفيد، التي يمكن أن تطغى على نظام الرعاية الصحية، مما يضعف الاستهلاك والإنتاج في هذه العملية".

وأدى الانتشار السريع للعدوى بالفعل، إلى دفع العديد من الأشخاص للبقاء داخل منازلهم، وإفراغ المتاجر والمطاعم، كما أجبر المصانع والشركات على الإغلاق أو خفض الإنتاج، لأن المزيد من العمال مرضى.

وقال محللون من كابيتال إيكونوميكس إن "التعايش مع كوفيد سيكون أكثر صعوبة مما يعتقده الكثيرون"، وتوقعوا أن ينكمش الاقتصاد الصيني بنسبة 0.8٪ في الربع الأول من عام 2023، قبل أن ينتعش في الربع الثاني.

كما يتوقع خبراء آخرون أيضا أن يتعافى الاقتصاد بعد مارس/آذار. وفي تقرير بحثي حديث، توقع الاقتصاديون في HSBC انكماشا بنسبة 0.5 ٪ في الربع الأول، ونموا بنسبة 5 ٪ في عام 2023.

مخاوف الركود العالمي

الركود العالمي المحتمل هو مصدر قلق رئيسي آخر سيشكل المشهد الاقتصادي للصين في عام 2023.

وعززت التجارة، النمو الاقتصادي الصيني في وقت سابق من هذا العام، حيث تعززت الصادرات بارتفاع أسعار سلع البلاد وضعف العملة.

لكن في الأشهر الأخيرة، بدأ قطاع التجارة - الذي يشكل حوالي خمس الناتج المحلي الإجمالي للصين ويوفر 180 مليون وظيفة- في إظهار تصدعات نتيجة التباطؤ الاقتصادي العالمي.

وخلال الشهر الماضي، تقلصت الشحنات الصادرة من الصين بنسبة 8.7٪ عن العام السابق، وهو أسوأ بكثير من انخفاض أكتوبر/ كانون الأول والذي بلغ 0.3٪. وكان هذا أسوأ أداء منذ فبراير/شباط 2020، عندما توقف الاقتصاد الصيني تقريبا وسط أول تفش لفيروس كورونا.

وتواجه الدول في جميع أنحاء العالم ركودا، حيث يواصل صانعو السياسة رفع أسعار الفائدة لمكافحة ارتفاع التضخم.

وقال محللو كابيتال إيكونوميكس: "لقد تراجعت صادرات الصين بالفعل خلال الوباء، لكن الركود العالمي الذي يلوح في الأفق، يعني احتمال مزيدا من الانخفاض خلال الفترة القليلة القادمة".

سوق العقارات وديونها

إعادة الانفتاح العشوائي في الصين ليس العامل الوحيد الذي يضغط على الاقتصاد. ففي عام 2023، يستمر الخبراء في مراقبة كيفية محاولة صانعي السياسات إصلاح قطاع العقارات المتعثر في البلاد، والذي يمثل ما يقرب من 30٪ من ناتجها المحلي الإجمالي.

وأدت الأزمة في قطاع العقارات -التي بدأت أواخر عام 2021 عندما تخلف العديد من المطورين البارزين عن سداد ديونهم- إلى تأخير أو وقف بناء المنازل المباعة مسبقا في جميع أنحاء البلاد، وهو ما أثار احتجاجا نادرا هذا العام، من قبل مشتري المنازل، الذين رفضوا دفع قروض عقارية على منازل غير مكتملة البناء.

وبينما اتخذت بكين سلسلة من المحاولات لإنقاذ القطاع -بما في ذلك الكشف عن خطة من 16 نقطة الشهر الماضي لتخفيف أزمة الائتمان- لا تزال الإحصاءات ترسم صورة قاتمة.

وتراجعت قيمة مبيعات العقارات بأكثر من 26٪ في الأشهر الـ 11 الأولى من هذا العام، وانخفض الاستثمار في القطاع بنسبة 9.8٪.

وخلال اجتماع سياسي رئيسي، في وقت سابق من ديس، تعهد كبار القادة بالتركيز على تعزيز الاقتصاد العام المقبل، مشيرين إلى أنهم سيطبقون تدابير جديدة لتحسين الوضع المالي لقطاع العقارات وتعزيز ثقة السوق.

وقال محللو كابيتال إيكونوميكس إن "الإجراءات التي تم الإعلان عنها حتى الآن ليست كافية لتحقيق تحول، لكن صانعي السياسة الصينيين أشاروا إلى أن المزيد من الدعم قادم، مما يطمأن مشتري المساكن بما يكفي لرفع المبيعات ربما قبل منتصف العام المقبل".

من جهتها تعهّدت "إيفرغراند" تسديد ديونها هذا العام في وقت تواجه شركة العقارات الصينية العملاقة إعادة هيكلة بعد الحملة الأمنية التي نفّذتها سلطات بكين لمواجهة الإفراط في الاستدانة والتكهنات المرتبطة بقطاع العقارات.

وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني اطلعت عليها فرانس برس، قال رئيس الشركة هيو كا يان للموظفين إن "2023 عام مهم بالنسبة لإيفرغراند للإيفاء بمسؤوليتها كشركة والقيام بكل ما في وسعها لضمان تسليم مشاريع البناء".

وكتب "طالما أن الجميع في إيفرغراند يتكاتفون ولا يستسلمون ويعملون بجد.. فسنتمكن بالتأكيد من استكمال مهام ضمان عمليات التسليم وتسديد الديون بكافة أشكالها وحلحلة المخاطر".

وأضاف أن الشركة استأنفت العام الماضي العمل على 732 موقع بناء وسلّمت 301 ألف وحدة سكنية لأصحاب المنازل، بحسب الرسالة.

وكتب هوي أن الموظفين "تحمّلوا ضغوطا جسدية ونفسية هائلة وتجاوزوا صعوبات عديدة لتحقيق المستحيل".

وسارعت "إيفرغراند" لنقل أصول في الشهور الأخيرة وانخرطت في محادثات بشأن إعادة الهيكلة بعدما بلغت استحقاقاتها حوالى 300 مليار دولار.

وباتت الشركة تجسّد الأزمة الأوسع التي يشهدها قطاع العقارات الصيني الذي يساهم في حوالى ربع إجمالي الناتج الداخلي للبلاد.

وفشلت شركات تطوير عقاري كبرى بينها "إيفرغراند" في استكمال مشاريع سكنية، ما أثار احتجاجات وحملات مقاطعة للرهون العقارية في أوساط ملاك المنازل.

وتخلّفت شركات أصغر عن سداد القروض أو واجهت صعوبات في جمع سيولة منذ شددت الحكومة قيود الإقراض في 2020.

وأظهرت وثيقة رسمية في تشرين الثاني/نوفمبر بأن "إيفرغراند" باعت أرضا مخصصة لمقرها في شينزين لقاء مبلغ قدره مليار دولار.

وفي الشهر ذاته، صدرت إجراءات جديدة عن هيئة التنظيم المصرفي الصينية والبنك المركزي للترويج لـ"تنمية مستقرة وصحية" لقطاع العقارات.

اضف تعليق