q
اقتصاد - طاقة

هل أوبك على وشك التلاعب بأسعار النفط

مع بدء الموسم الصيفي للتنقلات البرية في الولايات المتحدة؟

المفاوضات الجارية حالياً بشأن رفع سقف ديون الولايات المتحدة هي أحد العوامل التي رفعت سعر البرميل دولاراً أو دولارين. كما يشكل الانتعاش الاقتصادي الواضح للصين عاملاً مهماً أيضاً، وذلك لأسباب طويلة المدى. كما تجد الحكومة الأمريكية صعوبة في شراء النفط الرخيص لإعادة ملء احتياطي نفطها الاستراتيجي. إلا أن...
بقلم: سايمون هندرسون

قد تتجه الأسواق نحو مزيد من التقلبات مع تحذير الأمراء السعوديين علناً لتجار النفط، وتفاقم العوامل الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.

تبدو الطرق في الولايات المتحدة أكثر ازدحاماً هذه الأيام، على الأرجح لأننا نعيش في حقبة ما بعد كورونا، ولأن موسم الصيف الذي يُوصف في الولايات المتحدة بأنه "موسم التنقلات البرية" قد استُهل. ويشير كل هذا، إلى جانب اجتماع "أوبك" المقرر انعقاده في 3-4 حزيران/يونيو في فيينا، إلى أن أسعار البنزين سرعان ما ستظهر من جديد كموضوع عام للمحادثة.

لقد بدأت وسائل الإعلام المتخصصة بالتحدث عن الموضوع، حيث أفادت "بلومبرغ" بأن معظم المتداولين والمحللين الذين شملهم الاستطلاع لا يتوقعون أي تغيير في الإنتاج، مما يعني أن الكارتل مرتاح لسعر النفط الحالي البالغ حوالي 75 دولاراً للبرميل الواحد من خام برنت المتداول على نطاق واسع ولا يحتاج إلى خفض الإنتاج من أجل رفعه بضعة دولارات.

ولكن كما هو الحال دائماً، فإن ما تعتبره "أوبك" سعراً معقولاً لا يعتبره المواطن العادي معقولاً. علينا أن نسأل، ما مدى قدرة التجار والمحللين على التنبؤ بقرارات "أوبك"؟ فمع أن تفسيرهم للبيانات الأساسية قد يكون جيداً، لكن ما يفكر فيه وزراء النفط وقادة الدول المنتجة للنفط قد يكون خارج نطاق قدراتهم التحليلية، كما اتضح في نيسان/أبريل وتشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي حين صُدمت الأسواق بعد خفض مستوى الإمدادات.

واضطر المراسلون الذين يعملون في مجال الطاقة إلى التصرف بعجلة هذا الأسبوع عندما حذر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان قائلاً: "ما زلت أنصح [لمضاربين] بأنهم سيتألمون، لقد تألموا في نيسان/أبريل، لست مضطراً لكشف أوراقي… لكنني سأقول لهم فقط، احذروا". ما يقصده هو أن المتداولين الذين يتوقعون المزيد من الانخفاض في الأسعار يخاطرون، لأن الكارتل قد يخفض الإنتاج، مما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وربما إلى خسائر كبيرة لهم.

ليس من المستغرب أن يستخدم الأمير كلمة "ألم"، فهو رجل مهني دمث الخلق طالت خدماته المهنية في مجال النفط كثيراً. ومع ذلك فإن صانع القرار الرئيسي في المملكة هو ولي العهد محمد بن سلمان، أخوه الأصغر غير الشقيق الذي يصغره بكثير، المعروف أيضا باسم "إم بي إس" (MBS) أو بالنسبة إلى منتقديه "محمد بون سو"، أي محمد الذي يقطع العظام بالمنشار، في إشارة إلى مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018. أما الشريك الأول لمحمد بن سلمان في صنع القرار في "أوبك"، عبر اتفاق "أوبك بلس" الأوسع نطاقاً التابع للكارتل، فهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لا تندرج كلمة "ألم" ضمن مفرداته العادية أيضاً.

إن العلاقة السعودية الروسية بشأن النفط مثيرة للاهتمام. فالمملكة تريد أسعاراً مرتفعة نسبياً لتمويل رؤية السعودية 2030 للتحول الاجتماعي والاقتصادي، ولا سيما لتمويل المشاريع الضخمة الرفيعة المستوى التي تجسد أفكار ولي العهد، كمدينة نيوم، أشهر هذه المشاريع، في شمال غرب المملكة والتي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار. ولكن وفقاً لبعض التقارير لم تف روسيا بوعودها بخفض الإنتاج احتجاجاً على العقوبات الدولية التي فُرضت عليها بعد غزوها لأوكرانيا، لأنها على ما يبدو بحاجة ماسة إلى أي إيرادات تستطيع تأمينها.

وكما هو الحال دائماً مع اقتصاديات الحياة الواقعية، هناك عوامل أخرى مؤثرة. فمن المؤكد أن المفاوضات الجارية حالياً بشأن رفع سقف ديون الولايات المتحدة هي أحد العوامل التي رفعت سعر البرميل دولاراً أو دولارين. كما يشكل الانتعاش الاقتصادي الواضح للصين عاملاً مهماً أيضاً، وذلك لأسباب طويلة المدى. كما تجد الحكومة الأمريكية صعوبة في شراء النفط الرخيص لإعادة ملء احتياطي نفطها الاستراتيجي. إلا أن "أوبك" تتعرض لضغوط خاصة بها أيضاً. ففي الشهر الماضي، أدانتها "وكالة الطاقة الدولية" ومقرها باريس قائلة بأن "أوبك" "تحاصر" المستهلكين العاديين.

قد ينطوي الاختبار النهائي على استعداد المتداولين في سوق النفط للتصدي لمحاولة الأمير عبد العزيز خداعهم ببيع النفط على المكشوف (بمعنى أنهم يراهنون على أن السعر سينخفض). وإذا قاموا بالرهان الصحيح، فمن "سيتألم"؟

على الأقل، بالنسبة إلى الذين يتابعون تفاصيل السوق على هذا المستوى الدقيق، يبدو أن الأسبوع المقبل سيكون، كما يقولون، مثيراً جداً للاهتمام.

* سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج برنشتاين حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.

اضف تعليق