q
سؤال مثير وجدلي هل يحدّ حلول موسم الصيف من زحف جائحة كورونا؟، مع استمرار انتشار الفيروس في أرجاء العالم، أخذ الاعتقاد في الفكرة التي تقول إن الطقس الدافئ قد يوقف تفشي الوباء في التراجع. لكن هل يمكن أن تحمل لنا الأبحاث الجديدة بارقة أمل؟...

سؤال مثير وجدلي هل يحدّ حلول موسم الصيف من زحف جائحة كورونا؟، مع استمرار انتشار الفيروس في أرجاء العالم، أخذ الاعتقاد في الفكرة التي تقول إن الطقس الدافئ قد يوقف تفشي الوباء في التراجع. لكن هل يمكن أن تحمل لنا الأبحاث الجديدة بارقة أمل؟

من المبكر أن نعرف، على وجه التأكيد، إن كان فيروس كورونا موسميا. وحتى نتحقق من ذلك، علينا أن نراقب التغير في أعداد الإصابات في منطقة واحدة خلال العام، ولكن كيف يمكننا أن نتابع انتشاره في مناخات مختلفة في أنحاء العالم؟

يثير الكم الهائل من المعلومات والمعارف العلمية حول فيروس كورونا المستجد لبسا بين الناس، حيث أصبح من الصعب الاعتماد على الأخبار العلمية الراهنة لمحاربة كورونا. فما صحة هذه المعلومات إذن؟

ما زال فيروس كورونا المستجد يثير جدلاً كبير ليس فقط بين الناس العاديين ولكن أيضا في صفوف الباحثين والأخصائيين وباتت الحقيقة العلمية في ضياع وسط تداول معلومات هائلة غير دقيقة. موقع "فيت فور فان" الألماني ذكر أن من بين المعلومات العلمية والحقائق التي كانت مؤكدة أن فيروس كورونا يضعف بسرعة أكبر عندما يتعرض لضوء الشمس والحرارة والرطوبة، في احتمال أن جائحة كورونا قد تصبح أقل قدرة على الانتشار في الصيف. فما صحة هذه المعلومات إذن؟

دراسة جديدة نشرها الموقع العلمي "ساينس" جاءت بالعكس تماما وأثبتت أن فيروس كورونا قادر على الفتك في أجواء دافئة أيضاً، الأمر الذي يفتح المجال لأسئلة عدة من بينها مدى تأثير العوامل البيئية والاختلافات الجغرافية ومناعة السكان والكثافة السكانية على مسار وباء كورونا.

فريق البحث خلص إلى أن فصل الصيف لن يبطئ من انتشار فيروس كورونا، كما أظهرت الدراسة أيضا أن الرطوبة ودرجة الحرارة لن يكون لهما تأثير كبير على وقف انتشار الفيروس المتجدد. فيما أكد الباحثون على أن المناعة الصحية للسكان لها أهمية كبيرة في التصدي للفيروس. ويعتقد الباحثون أنه من المحتمل جدا أن تنتقل العدوى بسرعة كبيرة في المدن الكبرى مقارنة بالمناطق الريفية.

وفقا للخبراء هكذا قد يقضي الصيف على فيروس كورونا

تأمل الدول المتضررة بفيروس كورونا، أن يأتي فصل الصيف بالأخبار السعيدة، ويقضي على الجائحة التي شلت حركة العالم، خاصة مع تصريحات لمسؤول رفيع في الإدارة الأميركية بهذا الخصوص، ولكن ما حقيقة تأثير الصيف على كورونا؟

وتوصل باحثون أميركيون إلى أن فيروس كورونا المستجد، الذي يثير حالة من الذعر على مستوى العالم، يضعف بسرعة كبيرة عندما يتعرض لضوء الشمس والحرارة والرطوبة، في علامة محتملة على أن الوباء قد ينكسر في أشهر الصيف.

وقال القائم بأعمال مديرية العلوم والتكنولوجيا بوزارة الأمن الداخلي الأميركية وليام براين، إن باحثين تابعين للحكومة توصلوا إلى أن الفيروس يعيش بشكل أفضل في الأماكن المغلقة والأجواء الجافة، ويضعف مع ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة خاصة عندما يتعرض لأشعة الشمس.

وبالنسبة لرئيس نقابة الأطباء الأجانب في إيطاليا، فؤاد عودة، فأن ملاحظاته من مستشفيات إيطاليا تؤيد هذا الطرح، وقال عودة لموقع سكاي نيوز عربية: "أعراض الفيروس تختلف من دولة لأخرى، ولكننا لاحظنا انتشارا أكبر في المستشفيات والأقسام التي تقع تحت الأرض، ولا تشهد تغييرا دوريا بالهواء، ولا تدخل لها أشعة الشمس"، وأضاف: "كما أن الفيروس انتشر بشكل واضح في المدن التي تستخدم قطارات تحت الأرض، مثل باريس وميلانو".

سيقلل من انتشاره، ومن ناحيته، قال غسان عزيز، مدير برنامج الرقابة الصحية ومركز تطوير الطب الإنساني، في وحدة الشرق الأوسط لمنظمة أطباء بلا حدود، إن الصيف قد لا يضعف الفيروس، لكنه سيقلل من انتشاره.

وقال عزيز لموقع سكاي نيوز عربية: "يوجد اختلاف كبير بين محاولة دراسة تاثير أي عامل من العوامل الجوية المختلفة (درجة الحرارة، نسبة الرطوبة، سرعة الرياح، و نسبة التلوث الجوي على قدرة فيروس الكورونا المستجد على التواجد على الأسطح ومن ثم قدرته على الانتقال و نقل العدوى؛ و بين تاثير هذه العوامل على طبيعة تركيب الفيروس الجينية و بالتالي اضعافه أو زيادة قوته"ـ وأضاف: "العوامل أعلاه لن تغير من قوة الفيروس أو شدة الأعراض المرضية للمرضى المصابين؛ و لكنها قد تغير من سرعة انتشاره".

كورونا يتأثر بالحرارة ونشاطه محدود جدا في الصيف

قال الطبيب الإيطالي باسكوالي ماريو باكو، إن اشتداد الحرارة يؤثر على فيروس كورونا، لكنه لا يقتله، ما يعني أنه لن يختفي كالسارس.

وقال في تصريحات صحفية: "لقد رأينا في المختبر أنه من خلال رفع درجة حرارة وسائط الاستزراع بضع درجات مئوية، وبالتالي إيصالها الى نطاق 25-30 درجة، فإن 53٪ من السلالات تقريبا لا تنجو، بينما تظهر البقية نشاطا أقل بـ12 مرة".

وأضاف أن فيروس كورونا المستجد، الذي تسبب بجائحة كوفيد-19، يعاني حتما من ارتفاع درجة حرارة الجو، و"من المتوقع أن يظهر الفيروس في الصيف نشاطا محدودا جدا، وعدائية متدنية، لكن نظرا لأنه يتمكن من البقاء على قيد الحياة، فمن المحتمل أن يعود للظهور مجددا مع انخفاض درجات الحرارة... باختصار، لن يختفي الفيروس تماما على غرار السارس".

ما هو الدليل؟

تشير بعض الأدلة إلى أن فيروس كورونا ينتشر، بوجه خاص، في المناطق الباردة والجافة، وتلفت دراسة إلى أن البلدان التي أصيبت بالفيروس، والتي انتشر فيها دون سابق إنذار، عن طريق الاحتكاك بين الناس، بحلول 10 مارس/أذار، شهدت درجات حرارة أقل من تلك التي قلّت فيها أعداد المصابين، وتقول دراسة أخرى، بحثت الظروف في 100 مدينة صينية، سجّلت أكثر من 40 إصابة بكوفيد-19، إنه كلما زادت درجات الحرارة ونسبة الرطوبة، انخفض معدل نقل العدوى.

ويشير بحث آخر، لم تُراجع نتائجه بعد، إلى أنه على الرغم من وجود إصابات بالفيروس المستجد في جميع أنحاء العالم، فإن انتشاره زاد في "المناطق الباردة والجافة"، حتى 23 مارس/أذار.

ولكن مجموعة من الباحثين في معهد لندن للنظافة والطب الاستوائي، تشير إلى أن الفيروس انتشر الآن في مناطق العالم التي تغطيها منظمة الصحة العالمية، "مغطيا بذلك مناطق ذات مناخات مختلفة، باردة، وجافة، وحارة ورطبة".

هل هناك انقسام بين الشمال والجنوب؟، مع انتشار كثير من الفيروسات، بما فيها الإنفلونزا، يُلاحظ وجود نمط موسمي في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي. ولكن المناطق الاستوائية القريبة من خط الاستواء، ليس لديها النمط نفسه.

كما أن بعض المناطق الحارة والرطبة، التي شهدت انتقال عدوى كوفيد 19-محليا، مثل ماليزيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، قريبة من خط الاستواء؛ ولذلك قد لا توفر أفضل دليل على ما قد يحدث في أماكن أخرى.

لكن إذا نظرنا إلى النصف الجنوبي للكرة الأرضية، مثل أستراليا ونيوزيلندا، اللتين تمران بفترة نهاية موسم الصيف، نجد أنها شهدت إصابات أقل مما سجلته نظيراتها في النصف الشمالي، ولا يمكن أن نغفل أن ثمة عوامل أخرى لها دور، مثل كثافة السكان، وحركة التسوق.

ومع انتشار الفيروس، تدريجيا، في أرجاء العالم، بداية عبر السفر من مكان إلى آخر، ومع تغير المواسم في الوقت نفسه، يصعب الإشارة إلى تأثير المناخ في هذا الانتشار.

هل فيروسات كورونا الأخرى موسمية؟، هناك بعض الأدلة على أن بعض فيروسات كورونا الأخرى، تنتشر في شهور الشتاء، بحسب ما يقوله فريق من الباحثين من جامعة لندن، ومعهد لندن للنظافة والطب الاستوائي، وطلب الباحثون من 2000 شخص كتابة تقرير أسبوعي عن تعرض أي فرد من أفراد أسرهم لأعراض مرض يرتبط بالجهاز التنفسي.

ولاحظ الباحثون من تلك التقارير أن ذروة انتشار الإصابات بفيروس كورونا، في الشتاء، تزامنت مع موسم الأنفلونزا، وقالت إحدى المشاركات في الدراسة إنه "من المحتمل أن نشهد فترة تقل فيها حالات الإصابة خلال الصيف". ولكننا لسنا متأكدين من أن فيروس كورونا سيتصرف بالطريقة نفسها.

ويشير عدد الإصابات وانتشارها في أنحاء العالم إلى أننا لا ينبغي أن نفرط في الأمل في أن نشهد فترة يخمد فيها الفيروس خلال الصيف.

هل هذا الفيروس مثل غيره من أنواع كورونا؟، يبدو أن فيروس كورونا الجديد، الذي يسمى سارس-كوف-2، والذي يسبب مرض كوفيد-19، ينتشر بالطريقة نفسها التي تتبعها فيروسات كورونا الأخرى. ولكن ما يميزه هو قوة الإصابة، وعدد الوفيات التي يسببها، ويقول دكتور مايكل هيد، من جامعة ساوث هامتون البريطانية، إن تطور وتأثير فيروس كورونا الجديد "مختلف تماما عن أنواع كورونا الأخرى المسببة لنزلات البرد العام"، ويضيف: "علينا أن ننتظر لنعرف إن كانت حدة كوفيد-19 سوف تخف بعد التغير البيئي في درجات الحرارة ونسب الرطوبة".

دراسة جديدة تحسم الجدل

عززت دراسة جديدة أجرتها جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الفرضية القائلة بأن حرارة الصيف والرطوبة وأشعة الشمس يمكن أن تخفف انتشار فيروس كورونا، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.

ويقول الخبراء إن الصيف لن يكون مفيدا في الحرب ضد كورونا، إذا اعتقد الناس أنه بوسعهم أن يخرجوا كما شاؤوا، وأن ارتفاع درجة الحرارة كاف لواحده، وهذا معناه أن الناس مضطرون إلى احترام الإرشادات الصحية وأولها التباعد الاجتماعي.

وقال محمد جلال، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد، الذي بحث في كيفية تأثير الطقس على انتشار الفيروسات إن الطقس هو عامل ثانوي هنا في محاربة الفيروس، ودعمت العديد من الدراسات البحثية، المستندة إلى التجارب المعملية ونماذج الكمبيوتر والتحليلات الإحصائية المتطورة، الرأي القائل بأن فيروس كورونا سوف يثبطه الطقس الصيفي، وتقوم ورقة البحث وقاعدة بيانات الجديدة التي تم تجميعها من قبل باحثين في كلية الطب بجامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤسسات أخرى بفحص مجموعة من الظروف الجوية، من درجة الحرارة والرطوبة النسبية إلى هطول الأمطار، في 3739 موقعًا حول العالم لمحاولة تحديد تأثير الطقس على كورونا.

ووجد الباحثون أنه كلما زادت درجة الحرارة فوق 77 درجة فهرنهايت (25 درجة مئوية) كلما انخفض انتشار فيروس كورونا، وكلما ارتفعت درجة الحرارة بمقدار 1.8 درجة يقابله انخفاض بنسبة 3.1% في تكاثر الفيروس وانتشاره، ومع ذلك، مثل الدراسات السابقة، وجد البحث الجديد أن الانتقال إلى طقس الصيف لن يكون كافيًا لاحتواء تفشي الفيروس بالكامل، وأشارت الدراسة إلى أن فيروس كورونا قد يكون مثل غيره من الفيروسات موسمي يظهر في مواسم ويختفي في أخرى، وأن انخفاض تفشي الفيروس في الصيف قد يتبعه انتشار كبير في فصل الخريف.

كما وجدت الدراسة أن للرطوبة دورًا معقدًا، لأن الفيروسات تنتشر بسهولة في فصل الشتاء في الهواء الجاف، وعلى النقيض من ذلك، فإن الرطوبة العالية تجعل قطرات الجهاز التنفسي، وهي الناقل الأكثر شيوعًا للفيروس، تسقط على الأرض بسرعة أكبر مما يحد من الانتقال الجوي، ويرى ديفيد روبين مدير "PolicyLab" في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، أن الطقس يؤثر على انتشار فيروس كورونا لكنه لا يقضي عليه تماماً.

الصحة العالمية تنهي الجدل

بعدما أعلن مسؤولو الصحة في الولايات المتحدة في وقت سابق، عن فرضية محتملة تفيد بامكانية أن يكون فيروس كورونا المستجد موسميا، وبالتالي احتمال تراجع خطورته في الأجواء الحارة أو الدافئة، نفت منظمة الصحة العالمية صحة النظريات التي رجحت اختفاء المرض بحلول فصل الصيف.

وأوضح المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في المنظمة الدكتور مايك ريان مساء الجمعة أن على الجميع الافتراض أن الفيروس سيظل يتمتع بالقدرة على الانتشار، وأنه من الخطأ الاعتقاد أنه سيكون موسميا ويختفي في الصيف مثل الإنفلونزا، بحسب تعبيره، كما أعرب ريان عن أمله في أن يختفي الفيروس، إلا أنه أشار أن هذا الاحتمال هو افتراض دون دليل.

يشار إلى أن عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد في العالم بلغ أكثر من 100 ألف شخص بينهم نحو 3400 حالة وفاة في 91 دولة ومنطقة، وتعد الصين حيث ظهر الوباء للمرة الأولى في أواخر ديسمبر، أكثر البلدان تأثرا بالفيروس حيث تم تسجيل 80552 إصابة بينهم 3042 حالة وفاة.

وقبل أيام قليلة ناشد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس دول العالم التوقف عن تخزين الكمامات والقفازات والمعدات الوقائية الأخرى. وقال إنه قلق من أن الفيروس المستجد يعرقل إمدادات المعدات الوقائية ومنها الكمامات المطلوبة بشدة لحماية العاملين بالصحة الذين يكافحون التفشي حول العالم.

كما أضاف "نحن قلقون من تعرض قدرات الدول للاستجابة للخطر بسبب العرقلة البالغة المتزايدة للإمداد العالمي لمعدات الوقاية الشخصية والتي يتسبب فيها زيادة الطلب وإساءة الاستخدام والتخزين".

وتابع غيبريسوس أن "النقص يترك الأطباء والممرضين والعاملين بالصحة على غير استعداد للتعامل مع مرضى كوفيد-19"، إلى ذلك، قال إن هناك وصولا محدودا لإمدادات مثل القفازات والكمامات الطبية وأجهزة التنفس والنظارات وواقيات الوجوه والأثواب والمآزر والأغطية، مضيفا "لا يمكننا التصدي لكوفيد-19 دون حماية العاملين بالصحة".

اضف تعليق