q

ظاهرة إطلاق العيارات النارية في مجتمعنا، تعد من الظواهر السلبية الخطيرة، كونها تشكل تهديدا لحياة الأبرياء خلال مناسبات الأفراح وحتى الأحزان، حيث يقوم عدد كبير من الناس بإطلاق الرصاص الحي دون تفكير، وعدم ومراعاة حياة المواطن، فضلا عن أن هذه الظاهرة تسبب خوفا كبيرا للجميع باستثناء من يسهم فيها بلا تفكير بنتائجها، فقد يؤدي ذلك إلى تعرض الأبرياء للقتل من جراء التهور في استخدام السلاح وإطلاق العيارات النارية.

لذا لا يمكن ترك الأمور على الغارب كما يُقال، ولا يجوز تعريض حياة الإنسان للخطر، والى متى يبقى هذا الوضع كما هو عليه من خطر يهدد امن وحياة الناس وخاصة الأطفال الأبرياء والنساء.

ما هي آثار إطلاق النار العشوائي؟

في الأيام القليلة الماضية وبعد فوز المنتخب العراقي بعدد من المباريات بكرة القدم في الأيام السابقة، جرى إطلاق نار عشوائي كثيف في أغلب المحافظات، مما أدى إصابات وجرحى وقتلى بنسب كبيرة، فهل يعلم هؤلاء المنفلتين بأنهم تسببوا في رعب أهل المصاب، أو فقدان شخص أو أشخاص من أسرة واحدة؟، وهل فكر المنفلتون بالتكاليف التي يتحملها الأهل من أجل علاج أولادهم المصابين، والعذاب الذي يرافق اخذ المصاب من طبيب إلى آخر؟، ومنهم من تحدث له حاله نفسيه منكسرة، وبعض أهالي المصابين فقراء الحال وغير قادرين على دفع تكاليف العلاج، فضلا عن أنّ هذه الظاهرة هي ضد اغلب الحريات.

طرق للحد من هذه الظاهرة

إن وضع مجموعة من التشريعات والقوانين الصارمة، من شأنه وضع حد لهذه الظاهرة أو تخفيفها، على أن يرافق تطبيق القوانين، حملات لنشر الوعي من خلال الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، والقيام بوضع ارشادات واضحة في شوارع المدن عبر مختلف الأساليب ومنها اللافتات بمختلف أنواعها، ونشر رجال الأمن لمحاسبة الأشخاص الذين يقومون بهذه الأفعال الخارجة على القوانين السارية، كذلك يجب العمل على التوعية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كونها سريعة الوصول الى جميع الجهات المعنية بالأمر.

وللقضاء هذه الظاهرة ومعرفة الآراء المختلفة في هذا الشأن، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية)، بجولة استطلاعية وطرحت بعض التساؤلات على المختصين والمهتمين بالموضوع والجهات المعنية لمعرفة آراءهم، وكان السؤال الأول:

- ما هي الآثار المترتبة على ظاهرة إطلاق العيارات النارية، وكيف يمكن معالجتها؟.

الدكتور (علي رضا الحمود)، اكاديمي في جامعة بابل، أجابنا قائلا:

إن إطلاق العيارات النارية، ظاهرة سيئة، وفي بلد مثل العراق الذي عرف عنه من اقدم الحضارات، والعراقيين اول من كتبوا القانون، ونظموها ووضعوا الحقوق والواجبات، ومنها حق الانسان في الحياة، والحفاظ على حياته وكرامته، ورفض المظاهر التي تؤدي بحياته، وتفزعه واعتبارها ظاهره دخيلة الى المجتمع العراقي، وأن هذه الظاهرة التي راح ضحيتها الكثير، وقد فشت هذه الظاهرة في الآونة الاخيرة، وتعتبر ظاهره دخيله، من توجيه المجتمع لتلافي الاخطاء التي تضر المواطنين، والابتعاد عن العنف المسلح في المناسبات، وعلى الجهات المختصة تطبيق القانون بحق المخالف وتجريم، للردع مرتكبيها، وخصوصا أن المخالف هو غير متزن وانفعالي واستعراضي، وقد يشعر بالنقص ان اطلاق العيارات يتسبب بترك آثار نفسيه على عموم المجتمع، وقد يشعر البعض بالخوف مؤثرا على استقرارهم النفسي، وقد يؤدي الى فوضى، وتستغل لغرض القتل والثارات، هنا يتحتم على المثقفين توعية المجتمع، ويبدأ من المدارس من خلال توعية الطلاب، لنبذ هذه الظاهرة السلبية، وتفعيل قانون العقوبات لنبذ هذه الظاهرة السلبية ونشر ثقافة اللاعنف، وحصر السلاح بيد الدولة، وتوجيه الجيل القادم، على مظاهر الحب وترك لعب القتال والعنف، التي تؤثر سلبا على سلوك الاطفال وتفعيل القانون بحق المجرمين ومحاسبتهم.

التداعيات النفسية لهذه الظاهرة

والتقينا أيضا بالمواطن (هاشم علي)، موظف حكومي، فقال:

إن هذه الظاهرة لها آثار عديدة منها نفسية، ومادية، ومعنوية، حيث تؤذي المواطنين وتسبب إصابات خطيرة، وقد يموت الشخص جراء هذه الإصابة، وهناك تكاليف كبيرة تقع على عاتق أهل المصاب، لذا علينا أن نواجه هذه الظاهرة بكل السبل للتخلص منها، وهذه السبل أما تكون من قبل الدولة، كمنع السلاح والتزام بتنفيذ القانون، وتوجيه مجموعة عقوبات تحد من هذه الظاهرة، أو عن طريق المواطنين نفسهم بتوجيه النصيحة للأشخاص الذين يقمون بهذا العمل السيئ.

من جهته أجابنا د. مهدي سهر الجبوري وكيل وزارة الزراعة، عن موضوعنا بالقول:

إنّ عملية إطلاق النار العشوائية هي ظاهرة ليست جديدة، فبعد كل مناسبة من المناسبات، سواء فرح أم حزن يشهدها العراق ومنذ أمد طويل وليس وليدة الساعة او بعد مرحلة العراق ما بعد ٢٠٠٣، لذا يتطلب الوقوف عند هذه الظاهرة الراسخة في أذهان وأفكار الناس بأن التعبير عن تلك المظاهر بالفرح او الحزن لا يعني أن يكون جزء منها رمي إطلاق النار العشوائي، وما يترتب عليها من آثار نفسية وسلوكية سلبية، إضافة لما يرافقها من إصابات قد تصل إلى حد الوفاة في بعض الحالات.

ومن هذا المنطلق كانت الدعوات من قبل الحوزة العلمية ورجال الدين والمنابر بتجنب رمي العيارات النارية، وهذا كان الرأي الشرعي لعدم جواز الرمي العشوائي او اي رمي داخل المدن او القرى والأرياف بالمناسبات، إضافة الى قيام العشائر لنبذ تلك الظاهرة ومع كل تلك الإجراءات الدينية والعشائرية يأتي دور القانون في التصدي الحاسم ومنع اي استخدام للسلاح في كل المناطق الآمنة، وسحب اي سلاح غير مرخص من كل المواطنين، وخاصة الأسلحة المتوسطة والثقيلة التي حاز عليها الناس نتيجة الانفلات الأمني بعد عام ٢٠٠٣، والتي تسببت بأعمال عنف بين العشائر المتنازعة في بعض المناطق، مما يتطلب اعتقال اي شخص بحيازته أسلحة متوسطة او ثقيلة، مع حجز الأسلحة الخفيفة لمن لم يمتلك تخويلا رسميا من وزارة الداخلية من أجل مجتمع مستقر وأمن يرفل بالعز والكرامة.

أما الدكتور (عز الدين المحمدي)، مستشار في القضايا الاجتماعية، وأكاديمي في جامعة كركوك، فأجاب قائلا:

من المؤسف انه لازال العراقيين، يمارسون هذا السلوك المخالف، لكل منطق وتفكير سليم، من إطلاق عيارات نارية عشوائية في المناسبات الزفاف، او الفوز في مباراة كرة قدم وغيرها، وهذا السلوك غير المنضبط، له تأثير سلبي ومخاطر جمة، فكم من إنسان أودى بحياته هذا السلوك المنحرف، وقتل من إطلاقات تلك العشوائية، وأحيانا خطأ أو إهمال ومأساتها كثيرة، كم من عريس وعروس قتلوا في احلى لحظات حياتهم، من تلك الإطلاقات المجنونة، إضافة الى تعلم الأطفال هذه السلوكية من الكبار، وخاصة أن السلاح أصبح وجوده في كل بيت، وبشكل غير منضبط وغير قانوني، انتشرت هذه الظاهرة بشكل ملفت للنظر، ومن خلال متابعتنا هذه الظاهرة من مشاركتنا في الحلقات النقاشية لهذه الظاهرة، نؤكد شجبنا هذه السلوكية وخاصة هذه الظاهرة، تزداد في أوساط الضباط في القوات الأمنية، فنلاحظ في حفل زفاف احد الضباط او أبنائهم او أصدقائهم، تُطلق مئات الاطلاقات وأحيانا بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وكأنها نوع من التباهي امام الناس للأسف، اما علاج هذه الظاهرة فتكمن في تصورنا، هو تفعيل القوانين المتعلقة بحيازة الاسلحة، وكذلك العقوبات الرادعة لكل مطلقي الاطلاقات العشوائية، وسابقا كانت العقوبة لمن يطلق اطلاقات في المناسبات، هو اعتقال العريس لمدة شهر كونه المسبب او صاحب المناسبة، الا ان حاليا لا توجد عقوبات رادعة ووجود الاسلحة الكيفية، فلابد من علاج مؤثر وفعال لتطبيق القوانين والاجراءات وتوعية الضباط، ومنتسبي قوى الأمن بضرورة احترام القانون، وأرواح الناس من العبث وفرض العقوبات الرادعة للمخالفين، وتشديدها عند تكرار الحالة، وعد تلك الافعال من الجرائم واظهار الاعلام مساوئ وخطورة هذه الظاهرة، على المجتمع وضرورة التحلي بالسلوك السليم، والامتناع عن تلك الافعال والتصرفات.

بعض الحلول المقترحَة للمعالجة

ثم التقينا الإعلامي (عزوان المؤنس)، فقال في إجابته:

ظاهرة رمي الاطلاقات في المناسبات، سواء كانت في مناسبات الأحزان او الأفراح، يرجع جذورها الى ماضي الشعوب العربية، التي انجبت مجتمع بدويا عقوله صحراوية، تتعامل مع كل شيء بالقوة السيف سابقا والبندقية حاليا، كون طبيعة حياة الصحراء فلسفتها القتل والذبح، من اجل البقاء او الثراء او السلطة، وهو يفتقر الى الحوار من اجل السلم، وهذه العادات والاعراف السائدة، حتى عندما جاء الدين الاسلامي لم يستطيع ان يقضي عليها، وحاول النبي محمد (ص) جاهدا، أن يحد كثيرا من مظاهر القتل لكنه أصطدم ببدوية العرب، ولهذا نقول أن اتساع ظاهرة رمي الاطلاقات النارية في المناسبات، اصبحت تؤثر على السلم المجتمعي، والسبب يعود الى ضعف الجهات الرقابية، وضعف القانون ايضا، ولهذا نجد ان ضعف سلطة الدولة تبرز لنا سلطة العشيرة، والتي هي امتداد لتلك الصحراء القاتلة التي انجبت لنا ،عادات، وتقاليد، واعراف، تخالف حتى الاسلام اضافة الى انتشار الاسلحة دون رقيب، والسمسرة بين تجار السلاح، والبعض من اصحاب القرار سواء في الحكومة، او الاجهزة الامنية، يضاف الى ذلك عدم وجود قانون، يحمي المنتسب في الاجهزة الامنية عندما يقوم بمحاسبة مطلقي العيارات النارية، كون الاحزاب والعشيرة قد تقف امام الاجهزة الامنية دون محاسبتهم.

وأضاف الإعلامي (عزوان المؤنس) قائلا:

أما إيجاد العلاج لهذه الظاهرة، فيكون برأيي من خلال:

أولا: بسط سلطة القانون وتفعيل دور الاجهزة الرقابية من استخبارات وامن وطني الخ، وكذلك الوقوف بجانب الاجهزة الامنية التي تبسط القانون.

ثانيا: توعية العشائر وتذكيرهم بالأخطار الجسيمة التي يسببها إطلاق العيارات النارية في المناسبات.

ثالثا: المنابر من الأفضل أن تصدح بصوت عالي ومفهوم لدى المجتمع من خلال التوعية والإرشاد، وأن تبتعد عن أسلوب التهجم بشكل مباشر، على تلك الظاهرة كونها قد تكون جزءا من موروث المجتمع، وهي ايضا جزء من عاداتهم وتقاليدهم العشائرية، ولذلك عليهم استخدام أسلوب معتدل يتماشى مع عادات وتقاليد المجتمع للتخلص من آفة رمي الاطلاقات النارية.

رابعا: تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في ظل تخندق تلك المنظمات في احزاب، او تمويل بعض الشخصيات بغية المنافع الحزبية والمصلحة الشخصية، فربما لا تستطيع أن تفعل شيئا، ولذلك على الجهات المختصة، أن تعي دور تلك المنظمات في المجتمع كون دول العالم تعطي دورا رياديا لها في تصحيح مسار المجتمعات، وأن تسير على نهج واضح ومفهوم لدى المجتمع لإيجاد سبل حل لظاهرة الاطلاقات النارية.

خامسا: توعية المجتمع وذلك، من خلال المدرسة، والجامعة، والصالونات الأدبية، وإعطاء دور للمثقف لإيجار الطرق الناجحة لهذه الظاهرة كون المجتمع يعاني من سطحية الثقافة وعزوفه عنها.

اضف تعليق