q
إنسانيات - علم نفس

العتاب بقدر المحبة

اغلبنا تعرض الى معاملة لم يكن يتوقعها من الاصدقاء او الزملاء او حتى الاهل والمقربين جدا منه، فنتعامل مع الاساءة او الظلم او التقصير بحقه بطريقة حادة فقد عبرها صاحب الفعل المشين سيما في حالات العصبية او اننا ان لم نخسره سنبني جدار عاطفياً يصعب تخطيه وتجاوزه...

الانسان كائن اجتماعي الطباع والطبيعة منذ ان يخلق حتى ينتهي به المطاف الى المثوى الاخير، ومن اجل يبقى في دائرة الاجتماعية عليه يتصالح ومع محيطه ولا يسلك طرق متعرجة او يكبت امر يزعجه او يعكر صفو العلاقة، وبذا يمكن ان يصون هذه العلاقة ويحميها من الزوال إذا ما اتفقنا اننا معرضين لئن يصدر منا الخطئ والصواب ووفق كل منهما تتبع طريقة في التعامل، ومن طرق الحفاظ على الانسان الذي تحبه وتريد البقاء معه هو العتاب.

اغلبنا تعرض الى معاملة لم يكن يتوقعها من الاصدقاء او الزملاء او حتى الاهل والمقربين جدا منه، فنتعامل مع الاساءة او الظلم او التقصير بحقه بطريقة حادة فقد عبرها صاحب الفعل المشين سيما في حالات العصبية او اننا ان لم نخسره سنبني جدار عاطفياً يصعب تخطيه وتجاوزه، في الوقت الذي كان يفترض ان نقدم خيار العتاب الذي يبرد القلوب ويزيل الصدأ ويعيد الثقة والمحبة الى ما كانت عليه او أفضل.

وفي الوقت ذات نتعرض للإساءة غير اننا لم نكترث لكون من اساء لا يستحق ان تعطيه قدراً من الاهتمام لما يتصرف او يقول وهذا التجاهل الذكي سيجعل المسيء محتقراً يقتله فضوله عن عدم فتح باب العتب منا، فحين تغلق هذا الباب ستعطيه اشارة بأنه لا يستحق الاهتمام او الالتفات لتصرفاته الغير لائقة، فبقدر الحب يكون العتاب كما يقول العقلاء.

يمكننا اعتبار ان العتاب فن على اعتباره يفتح ابواباً للود والحب واعادة العلاقات بعد خلافات او فلنقل فلترتها بفلتر الانسانية ومصفاتها التي تنقي شوائبها فتظل صافية، نقية، ولا يجب أن يصل إلى درجة اللوم فيصبح رد فعل الطرف الآخر إما الصمت أو الهرب، أو المواجهة الجارحة، ومن المهم ايضاً ان يكون العتب بذوق واخلاق وبغطاء الحب وبرغبة الابقاء على العلاقة وحفظها.

والعتاب من واحد من ردود الأفعال الكثيرة التي يرد بها الناس على بعضهم البعض كنتيجة لأفعال وأقوال معينة، يظهرون من خلاله بعض المحاسبة للأفعال والأقوال التي لم تعجبهم، ويعتبرون هذه المحاسبة بمثابة تذكير بموقف ما، وغضبهم من هذا الموقف، وهو نوع من طلب الود من الآخرين، لأنه غالباً ما يكون بين الأحبة او منهم في الدائرة الاولى من العلاقات الانسانية بمعنى القربين منا نفسياً لا مكانياً.

أما الأعداء فلا يعتبون على بعضهم بعضاً وما يحدث بينهم هو لوم وانتقام ومحاولة البحث عن اعتذار او اقرار بالخطأ او كسر هيبة الشخص الاخر وليس عتاباً، ولهذا يوجد بعض الأشخاص الذين يمتدحون العتاب ويعتبرونه تعبيراً عن الحب، والبعض يذمونه ويعتبرون أنه بلا فائدة، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن كثرة العتاب، وكيف أن كثرة العتاب من أعلى مراتب الغباء لكونها تفقد فاعليتها وأثرها وتصبح بلا طعم ومفعول لذا يجب تجنبه بهذه الصورة.

ومن مساوئ كثرة العتاب انه في بعض الاحيان يزيد البغض ويبعد المسافات بدلاً من ان يقربها لكونه يحدث احراجاً سيما اذا لم يكن بين الُمعاتِب والمُعاتَب، وبحضور اطراف اخرى قد يخرج العتاب من الموضوعية ويتحول الى محاولات اثبات الصواب في هذا الموقف او ذاك، وقد يؤدي العتاب امام الاخرين الى فضح الاسرار وبالتالي يجعل بين الطرفين ضغينة والحقد وهنا خرج العتاب عن هدفه الاساس.

آداب العتاب:

حتى يبقى العتاب فعالاً لابد من ان يتصف بالودية مع ابتسامة وهدوء في الكلام حتى لا يخرج عن مساره وغرضه، ومن المهم ان يكون العتاب فردي بدون اطلاع احد عليه وبالابتعاد عن التجريح في الكلام التي تنفر الانسان بدلاً من تقربه، ثم من الادب ان نتغاضى عن الاخطاء الصغيرة او الغير مقصودة ومحاولة تقديم النصح في ما يخصها، ومن الضروري عدم فضح الاسرار او التحدث بطريقة تدل على نوايا طيبة على عكس ما هو في الواقع اذا يراد التشهير او الانتقاص او غير ذلك، وبذا يعطي العتاب ثماره ويديم الود.

اضف تعليق