q
ملفات - شهر رمضان

الإِمام الحسَن (ع).. ميزان الحق والباطِل

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ (14-15)

هوَ الخلِيفةُ [الخامِس] بنصِّ الرِّوايات التي يسُوقُها القَوم عن رسولِ الله (ص) تأسيساً على كُلِّ ذلكَ فإِنَّ كُلَّ حالاتِ الإِستعداء والحَرب والبُغض التي تعرَّض لها الإِمامُ الحسَن السِّبط (ع) كانت خارِجة عن كُلِّ القِيَم سَواءً الدينيَّة المنصُوص عليها في القُرآن الكريم وسيرةِ رسول الله (ص) أَو الوضعيَّة...

{قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ}.

والإِمامُ السِّبط الحسنُ بن عليِّ بن فاطمة بنتِ رسولِ الله (ع) [تُصادف ليلة الخامِس عشر من شهرِ الله الفضيل رمَضان المُبارك ذِكرى ولادتهِ المَيمُونة في السَّنةِ الثَّالثة للهِجرة النبويَّة الشَّريفة في المدينةِ المُنوَّرة] ثالث القُربى المقصُودُونَ في الآيةِ الكريمةِ.

فكُلِّ الأَنبياء والرُّسل قالُوا لأَقوامِهِم عندما سأَلوهُم عن أَجرِ الرِّسالة {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} إِلَّا خاتَم النَّبيِّين مُحمَّد (ص) قالَ لأُمَّتهِ {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ}.

وفي ذلكَ فلسفةٌ إِلهيَّةٌ عميقةُ الرِّسالة تُؤَكِّد معنى استمرارِ الرِّسالة الخاتِمة بأَهلِ البيتِ (ع).

يصفهُم أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {حَتَّى أَفْضَتْ كَرَامَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى مُحَمَّدٍ (ص) فَأَخْرَجَهُ مِنْ أَفْضَلِ الْمَعَادِنِ مَنْبِتاً وَأَعَزِّ الْأَرُومَاتِ مَغْرِساً مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي صَدَعَ مِنْهَا أَنْبِيَاءَهُ وَانْتَجَبَ مِنْهَا أُمَنَاءَهُ، عِتْرَتُهُ خَيْرُ الْعِتَرِ وَأُسْرَتُهُ خَيْرُ الْأُسَرِ وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ، نَبَتَتْ فِي حَرَمٍ وَبَسَقَتْ فِي كَرَمٍ، لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ وَثَمَرٌ لَا يُنَالُ فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتَّقَى وَبَصِيرَةُ مَنِ اهْتَدَى سِرَاجٌ لَمَعَ ضَوْؤُهُ وَشِهَابٌ سَطَعَ نُورُهُ وَزَنْدٌ بَرَقَ لَمْعُهُ، سِيرَتُهُ الْقَصْدُ وَسُنَّتُهُ الرُّشْدُ وَكَلَامُهُ الْفَصْلُ وَحُكْمُهُ الْعَدْلُ، أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَهَفْوَةٍ عَنِ الْعَمَلِ وَغَبَاوَةٍ مِنَ الْأُمَمِ}.

ويضيفُ (ع) {نَحْنُ النُّمْرُقَةُ الْوُسْطَى بِهَا يَلْحَقُ التَّالِي وَإِلَيْهَا يَرْجِعُ الْغَالِي}.

ويضيفُ (ع) {أَلَا وَإِنَّ اللِّسَانَ بَضْعَةٌ مِنَ الْإِنْسَانِ فَلَا يُسْعِدُهُ الْقَوْلُ إِذَا امْتَنَعَ وَلَا يُمْهِلُهُ النُّطْقُ إِذَا اتَّسَعَ وَإِنَّا لَأُمَرَاءُ الْكَلَامِ وَفِينَا تَنَشَّبَتْ عُرُوقُهُ وَعَلَيْنَا تَهَدَّلَتْ غُصُونُهُ}.

وفي خُطبةٍ يصفهُم (ع) بقَولهِ {انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدًى وَلَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا وَإِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا وَلَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا وَلَا تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا}.

وفي كتابٍ لهُ إِلى طاغيةِ الشَّامِ أَلطَّليقُ ابنُ الطَّليق مُعاوية بن أَبي سُفيان جواباً كتبَ (ع) يشرحُ فيهِ الخِصال التي اختصَّ بها الله تعالى أَهل بيتِ نبيِّ الرَّحمةِ (ص) {أَمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ مُحَمَّداً (ص) لِدِينِهِ وَتَأْيِيدَهُ إِيَّاهُ لِمَنْ أَيَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا وَنِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي نَبِيِّنَا فَكُنْتَ فِي ذَلِكَ كَنَاقِلِ التَّمْرِ إِلَى هَجَرَ أَوْ دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ وَزَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ وَإِنْ نَقَصَ لَمْ يَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ وَمَا أَنْتَ وَالْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ وَالسَّائِسَ وَالْمَسُوسَ وَمَا لِلطُّلَقَاءِ وَأَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَالتَّمْيِيزَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَتَرْتِيبَ دَرَجَاتِهِمْ وَتَعْرِيفَ طَبَقَاتِهِمْ؟! هَيْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا وَطَفِقَ يَحْكُمُ فِيهَا مَنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَهَا، أَلَا تَرْبَعُ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ عَلَى ظَلْعِكَ وَتَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِكَ وَتَتَأَخَّرُ حَيْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ فَمَا عَلَيْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ وَلَا ظَفَرُ الظَّافِرِ وَإِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِي التِّيهِ رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ أَلَا تَرَى غَيْرَ مُخْبِرٍ لَكَ وَلَكِنْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ أُحَدِّثُ أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلِكُلٍّ فَضْلٌ حَتَّى إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهِيدُنَا قِيلَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ وَخَصَّهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص) بِسَبْعِينَ تَكْبِيرَةً عِنْدَ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ، أَوَلَا تَرَى أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِكُلٍّ فَضْلٌ حَتَّى إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا مَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ قِيلَ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ وَذُو الْجَنَاحَيْنِ وَلَوْلَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْكِيَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِينَ فَدَعْ عَنْكَ مَنْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِيَّةُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا وَالنَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا لَمْ يَمْنَعْنَا قَدِيمُ عِزِّنَا وَلَا عَادِيُّ طَوْلِنَا عَلَى قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بِأَنْفُسِنَا فَنَكَحْنَا وَأَنْكَحْنَا فِعْلَ الْأَكْفَاءِ وَلَسْتُمْ هُنَاكَ وَأَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَمِنَّا النَّبِيُّ وَمِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ وَمِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَمِنْكُمْ أَسَدُ الْأَحْلَافِ وَمِنَّا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمِنْكُمْ صِبْيَةُ النَّارِ وَمِنَّا خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَمِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ فِي كَثِيرٍ مِمَّا لَنَا وَعَلَيْكُمْ فَإِسْلَامُنَا قَدْ سُمِعَ وَجَاهِلِيَّتُنَا لَا تُدْفَعُ وَكِتَابُ اللَّهِ يَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَى بِالْقَرَابَةِ وَتَارَةً أَوْلَى بِالطَّاعَةِ وَلَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الْأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) فَلَجُوا عَلَيْهِمْ فَإِنْ يَكُنِ الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَكُمْ وَإِنْ يَكُنْ بِغَيْرِهِ فَالْأَنْصَارُ عَلَى دَعْوَاهُمْ}.

ميزان الحق والباطِل

{وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.

هل كانُوا يعلمُونَ بأَنَّ الإِمام الحسَن السِّبط (ع) هو ميزان الحق والباطِل؟! وأَنَّهُ ميزان الحُب والبُغض للهِ تعالى ولرسولهِ (ص)؟!.

بلى كانُوا يعرفُونَ جيِّداً، فكُل الآيات القُرآنيَّة التي نزلت بحقِّ أَهلِ البيت (ع) شمِلتهُ (ع) كما في قولهِ تعالى في قُصَّة المُباهلة {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}.

وفي آية التَّطهير {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.

وفي آية الإِطعام {وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا* إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرً* فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا* وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا}.

وفي الآية {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}.

وغيرِها العَشَرات من الآيات القُرآنيَّة الكرِيمة.

كما أَنَّ كُلَّ أَحاديث رسولِ الله (ص) بحقِّ أَهلِ البَيت (ع) جاءت على ذكرِ السِّبطَينِ الحسَن والحُسين (ع) معاً كما في حديثِ الكِساءِ وفي قولهِ (ص) {الحَسن والحُسين سيِّدا شباب أَهل الجنَّة وأَبوهُما خيرٌ مِنهُما} و {هذانِ رَيحانَتاي من الدُّنيا مَن أَحبنَّى فليُحِبَّهُما} و {هذَانِ إِبنايَ وإِبنا إِبنتي الَّلهُمَّ إِنِّي أُحبَّهُما فأَحبَّهُما وأَحِبَّ مَن يُحبَّهُما} و {الحَسن والحُسين إِبنايَ مَن أَحبَّهُما أَحبَّني ومَن أَحبَّني أَحبَّهُ الله ومَن أَحبَّهُ الله أَدخلَهُ الجنَّة ومَن أَبغضهُما أَبغضَني ومَن أَبغضَني أَبغضهُ الله ومَن أَبغضَهُ الله أَدخلَهُ النَّار} وقالَ (ص) وقد اعتنَقَ الحَسن (ع) {اللهمَّ إنّي أُحبُّهُ فأَحبَّهُ وأَحِبَّ مَن يُحبَّهُ} و {الحَسنُ والحُسين إِمامانِ قامَا أَو قعَدَا}.

وقولهُ (ص) {مَن سرَّهُ أَن يَحيا حَياتي ويمُوتُ مَماتي ويسكُن جَنَّةَ

عدنٍ غرسَها ربِّي فليُوالِ عليّاً مِن بعدي وليُوالِ وليِّهِ وليقْتدِ بأَهلِ بيتي مِن بعدِي فإِنَّهم عِترَتي خُلِقُوا مِن طينَتي ورُزِقُوا فَهمِي وعِلمي فوَيلٌ للمُكذِّبينَ بفضلهِم مِن أُمَّتي القاطعِينَ بهِم صِلَتي لا أَنالهُم الله شفاعَتي}.

وقولهُ الأَشهر الذي اتَّفق عليهِ جميعِ المُسلمِينَ {إِنِّي أُوشَكُ أَن أُدعى فأُجيب، وإِنِّي تارِكٌ فيكُم الثَّقَلَين، كتابَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعِتْرَتي، كتابَ الله حَبلٌ ممدُودٌ مِن السَّماءِ إِلى الأَرضِ، وعِترتِي أَهْلُ بيتِي، وإِنَّ اللَّطيف الخَبير أَخبرَني أَنَّهُما لَن يفترِقا حتَّى يَرِدا عليَّ الحَوض، فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهِما}.

هذا على مُستوى المَوقع السَّماوي الغَيبي والرِّسالي الدِّيني [الإِمامة التي قالَ عنها القُرآن الكريم {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} و {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}].

أَمَّا على مُستوى المَوقع القِيادي في الأُمَّة فإِنَّ الإِمام الحَسن السِّبط (ع) بالإِضافةِ إِلى كَونهِ الإِمام المُفترض الطَّاعة بعدَ استشهادِ أَبيهِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) فإِنَّهُ كذلكَ [الخليفة] الشَّرعي الذي اختارتهُ الأُمَّة بعدَ أَبيهِ (ع).

فلَقد بايَعهُ القَوم الذين بايعُوا مِن قبلُ الخُلفاء الذين سبقُوهُ كما يشْرح ذلكَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) في كتابهِ إِلى طاغيَةِ الشَّام الطَّليقُ ابنُ الطَّليق مُعاوِية بن أَبي سُفيان {إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ وَلَا لِلْغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ وَإِنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى}.

وهوَ الخلِيفةُ [الخامِس] بنصِّ الرِّوايات التي يسُوقُها القَوم عن رسولِ الله (ص) {الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا} والتي بضِمنِها مُدَّة الـ [٦] أَشهر التي اعتلى فيها الإِمامُ الحَسن السِّبط (ع) الخِلافةَ بعدَ استشهادِ أَبيهِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع).

تأسيساً على كُلِّ ذلكَ فإِنَّ كُلَّ حالاتِ الإِستعداء والحَرب والبُغض التي تعرَّض لها الإِمامُ الحسَن السِّبط (ع) كانت خارِجة عن كُلِّ القِيَم سَواءً الدينيَّة المنصُوص عليها في القُرآن الكريم وسيرةِ رسول الله (ص) أَو الوضعيَّة التي تُمثِّلها خَيارات الأُمَّة واختِياراتَها بالخِلافةِ والسُّلطةِ والحُكمِ.

اضف تعليق