q
إسلاميات - الإمام الشيرازي

كيف تؤثر سلوكيات القيادة في تحديد مستقبل الشعوب؟

الامام الشيرازي يحدد مواصفات القيادة الناجحة

عدم محاسبة النفس ومراجعتها باستمرار لتبيان الخطأ من الصواب أولى مراحل الانحدار نحو الفشل وخسارة عناصر القوة التي يملكها لتحقيق النجاح، القادة الذين يتصورون أنهم أصبحوا مسئولين فوق الآخرين، ولا مسئول فوقهم، أي إنهم يحاسبون ويعاقبون الأفراد، بينما هم لا يحاسبون ولا يعاتبون، فلا يقبلون حتى بنصائح...

المرض العضال الذي تعاني منه شعوب الكثير من دول العالم بعمومها، والعالم العربي والإسلامي بالتحديد، هو تسلط أنظمة مستبدة تمارس احتكار السلطة في ظل نظام ديكتاتوري يقوم على قمع الاصوات المعارضة وسلب الحريات العامة واستخدام العنف المفرط ضد المواطن، بعد تمكنها من الوصول للحكم عن طريق الانقلاب او الوراثة او الاحتلال لتتعاقب عليه لأجيال، من دون ان تلوح في الأفق أي بادرة او نية للتغير او الإصلاح حتى يحين وقت سقوطها لذات الأسباب التي اوصلتها الى سدة الحكم.

في حين يقع المجتمع ضحية هذه الدائرة المفرغة من دورة الحكم لتنتج مجتمعاً يعاني الكثير من التشوهات الثقافية والسلوكية والقيمية والعرفية والروحية وهو ما يخالف المطلوب من القيادة الحقيقية ودورها الذي عبر عنه الامام السيد محمد الشيرازي (رحمه الله) بقوله: "فإن من شأن القيادة الصحيحة أن تهدي الناس إلى ما يوجب سعادتهم في الدنيا والآخرة، وتسوق الناس نحو التكامل الإنساني والأهداف الإنسانية المنشودة والتي تتلاءم مع الفطرة النقية، وهي مرحلة الكمال الروحي"، وبالتالي عدم الوقوع في مطب التخلف والجهل والتبعية والعنف والمشاكل الأخرى في الجانب الاقتصادي والسياسي والتعليمي والخدمي وغيرها.

لقد فضل الله (عز وجل) الانسان وميزه عن سائر مخلوقاته بالكثير من التكريم والرفعة واراد له السير في طريق التكامل والتميز تبعاً لفطرته السليمة التي تحمل الفضائل والأخلاق والسلم بعيداً عن كل عيوب ومساوئ الاستبداد والعنف والتسلط والانانية، لذلك برزت الحاجة الى تنظيم المجتمع وبناء الامة والوصول بها الى مرحلة "التكامل الإنساني" عن طريق "القيادة الناجحة": "إن الحاجة إلى القيادة يكاد يكون أمراً مفروغاً منه، حيث ذلك واضح من خلال تأريخ الإنسانية وكيفية نشوء الأمم والحضارات، وهي حاجة ضرورية للمجتمع الإنساني، فالمجتمع لابد له من قيادة تمتلك من الصفات الكمالية ما يؤهلها لإدارة العباد والبلاد وتطوير المجتمع الإنساني".

وقد حثت تعاليم الدين الإسلامي الحنيف من خلال ما ركز عليه القران الكريم، وجسدته على ارض الواقع السيرة النبوية المطهرة للنبي المكرم محمد (صل الله عليه واله وسلم) واهل البيت الاطهار (عليهم السلام)، ليكون بذلك الدرس الأهم في ذاكرة الامة الإسلامية والاجيال التي تلتها في التعلم منهم في كيفية صنع القادة وتوفير البيئة المناسبة لخلق مجتمع يسير في طريق "التكامل الإنساني" والوصول به الى مراتب الرقي والتطور والأخلاق والفضيلة والعلم والرفاه والسعادة.

ويرى السيد الشيرازي ان: "للقيادة الإسلامية مواصفات ومقومات وشروط" لا بد من توفرها لكي ينطبق عليها وصف "القيادة الناجحة" التي تكون قادرة على اخذ زمام المبادرة في تحقيق النجاح والابداع في مجال تطوير المجتمع والوصول به الى بر الأمان.

ونشير إلى بعض ما ذكره من صفات القيادة الناجحة في الإسلام والتي يمكن ان ينتقع منها الجميع في تحسين او تغيير الواقع المرير الذي تعيشه اغلب شعوب المنطقة والعالم والذي لن ينتهي الا بمزيد من الازمات والاخفاقات لان الفشل لا يولد سوى المزيد من الفشل:

1. الكفاءة:

يرى الامام الشيرازي ان: "من أهم ما يلزم اتصاف القيادة به هي: الكفاءة، حيث يلزم أن يكون القائد في أي مجال من المجالات التي يقودها كفءً" لان "الكفاءة سر كبير من أسرار النجاح في مختلف الميادين، السياسي وغيره، وعدمها من أسرار الفشل"، وهي حقيقة لا يلتفت اليها الكثير من السياسيين او أصحاب القرار السياسي لأنهم يضعون معايير مثل (المحسوبية، المنسوبية، الوساطة، الأقارب) قبل معيار الكفاءة، وبالتالي سوف يلازم الفشل والاخفاق اغلب مفاصل الدولة القائمة على قيادة لا تتوفر فيها شرط الكفاءة في الاختيار والعمل.

وقد خلقت هذه العقلية ازمة حقيقية: "لذا نحن اليوم نعاني من أزمة الكفاءات، ومن مشكلة عدم صلاحية الحكام، وذلك ليس في أصل وجود الكفاءات، بل في تمكنها من التواجد في مواقعها الحقيقية التي من المفروض أن تحتلها، وهذا يؤدي إلى ظهور الدكتاتوريات في أكثر البلدان الإسلامية"، لذلك ونتيجة حتمية فإن "الكفاءة واحدة من تلك الصفات المهمة التي يجب أن يتحلى بها القائد المسلم، حيث لابد أن يكون في مستوى المنصب الذي يشغله، وفي مستوى القرار السياسي، لكي لا تتخبط سياسته، فيتمكن أن يقود الشعب والمجتمع نحو التقدم والرقي والتطور من خلال تهيئة أجواء الحرية والكرامة الإنسانية والتقدم العصري".

2. الإتقان في العمل:

وإذا سألنا عن سبب التركيز على "الاتقان في العمل" فإن الجواب يعبر ان "الإتقان من الأمور التي تثمر النجاح في المستقبل، وتدل على الإخلاص في العمل"، ولا يقف السيد الشيرازي عند هذا الحد، بل يرى ان الاتقان ينبغي ان يشمل:

- عملية اختيار القائد بإتقان وتمحيص ودقة

- كذلك عمل القائد نفسه يجب أن يكون متقناً ودقيقاً في الأمور، وعليه أن يعتني بكل ما تحت تصرفه فإنه مسئول أمام الله وأمام الشعب، وبهذا يكون أسوة تتأسى به الأجيال.

كما يفضل السيد الشيرازي "الإنسان الذي لا يرى في نفسه الكفاءة لإدارة الأمور، فالأفضل له وللأمة التي يقودها، أن ينسحب ويفسح المجال لمن هو أكفأ منه، فبهذا تتقدم الشعوب والأمم نحو الكمال والرقي"، وهي مبادرة من الصعب تطبيقها، لأنها تحتاج الى شجاعة ايثار وتقديم مصلحة المجتمع والأمة على مصلحته الشخصية، وهي خطوة من النادر القيام بها من قبل الاخرين خصوصاً ممن هم داخل الحكم.

3. الاستشارة:

يعبر عنها الامام الشيرازي: "من أهم الصفات التي يلزم على القائد التمتع بها"، ويعلل السبب في مدى أهميتها بقوله: "إذ الاستشارة في الرأي وطلب آراء الآخرين والاستفادة من تجاربهم وعقولهم، دليل على حنكة القائد وذكائه واتساع أفقه الفكري، إذ أن المشورة وجمع وجوه الآراء والعمل بأصحها وأقومها يؤدي بالإنسان إلى التقدم نحو الأفضل، والتقليل من الأخطاء، وهي إشارة إلى صحة السياسة، عبر الابتعاد عن حالات الاستبداد والدكتاتورية التي يتبعها معظم الساسة المنحرفين، فعلى القائد الإسلامي ألا يستبد بقراراته، لأنه غير معصوم من الخطأ".

ولا يكتفي السيد الشيرازي عند حد استشارة من يعنيهم امره بل يتعداها الى طلب استشارة الأعداء ايضاً: "بل ربما يكون على القائد أن يستشير الأعداء لاستكشاف ما في قلوبهم وما يراودهم من تفكير، فمن دلائل صلاح النظام والسياسة وعدالة القيادة، هو إعطاء الحرية للمعارضة، وإبداء رأيها، وعدم خنقها وتصفيتها".

وقد حذر من مغبة الابتعاد او تجاهل طريق الاستشارة وفوائدها العظيمة لأنها ستؤدي في نهاية المطاف الى خلق نظام دكتاتوري مستبد: "أما الابتعاد عن منهج الاستشارة وتعدد الآراء واحترام الرأي الآخر وتحمله، فإنه يعني الركون إلى الاستبداد بالرأي، ومصادرة آراء الآخرين، وقمع الحريات، وهذا ما لا ينسجم مع روح وتعاليم الإسلام الحنيف، الذي أرسى قواعده النبي الأعظم (صل الله عليه واله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، حيث إن النبي الأعظم (صل الله عليه واله وسلم) والإمام علي (عليه السلام)، كما يذكر التاريخ، كانا دائمي الاستشارة".

4. التواضع:

القائد الناجح ينبغي ان يكون قريباً من رعيته، ولكي يتحقق هذا الامر عليه ان يكون متواضعاً مع الجميع ولا يفرق بين افراد المجتمع او يقلل من قيمة الأمور وحاجات الناس مهما صغرت او قلت أهميتها لان: "ترك بعض الأمور الصغيرة وعدم الاهتمام بها ربما يوجب أن تصبح هذه الأمور الصغيرة أمراً كبيراً لا يمكن معالجته، فبعض القياديين وبحجة الانشغال بالعلاقات العامة مع أقرانه من السياسيين، أو انشغاله بأمور الدولة المهمة، فإنهم، وللأسف، تراهم يعرضون عن طلبات الجماهير، ويصفونها بالأمور الصغيرة، بل في بعض الأحيان ينصبون من لا يكون كفءً ليقوم مقامهم، وربما يكون سلوك الأخير غير سلوك القائد، وتأثيره غير تأثير القائد، مما يؤدي إلى اتساع الهوة بين القيادة والقاعدة".

لذلك ينصح السيد الشيرازي القائد: "أن يترك كل أمر من شأنه أن يبعده عن الناس، ويجعله يعيش العزلة والجو الخاص، ويتنازل قليلاً عما بيده ليكون مع الناس، مع الفقراء، مع المؤمنين، لاسيما القائد الإسلامي، إذ يلزم عليه أن يربي نفسه وأفراده على التواضع لله عز وجل ولعباد الله؛ لأن ذلك من أسباب التقدم والتفاف الجماهير حوله، والوقوف معه في الشدائد والتأسي به".

5. الجماهيرية:

يعتبر الامام محمد الشيرازي ان "الجماهيرية" من اهم صفات القيادة الناجحة لان: "الجماهير هم الذين يشكلون مجموع الأمة وسدها المنيع، ودرعها الحصين، والدولة تعتمد في أصل وجودها على الجماهير، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزهم وتجاهلهم وعدم الاهتمام بهم، فالقائد لابد أن يكون جماهيرياً، وأن يلاحظ الجماهير على طول الخط، فإنهم هم الذين ينقذون بلاد الإسلام والمسلمين، وليس فقط الجماعة الخاصة المحيطة بالقائد أو الأقارب أو العشيرة أو النخب من المجتمع كالمثقفين أو أصحاب الكفاءات الخاصة فحسب، ولا يخفى أن لهؤلاء مهاماً وأهمية خاصة في حياة القائد ومسيرته ولكنهم ليسوا هم كل شيء".

ولكي يتحقق شرط "الجماهيرية" في نجاح قيادة الامة على "القائد أن يكون في خدمة الجماهير، وألا يغيب عنهم فترات طويلة، وأن يلهمهم المعنويات، ويبث فيهم الأمل وروح التعاون".

أما في الطرف النقيض من الجماهيرية ممن أطلق عليهم الامام الشيرازي صفة "أصحاب النفسيات السلبية" من "الذين يتصورون أنهم الأفضل ويقولون: نحن أكثر فهماً، وأن الجماهير لا تفهم، وهي غير واعية، إلى غير ذلك من العبارات التي تصدر عن القادة المستبدين والتي تدل على ابتعادهم عن الجماهير والساحة، فإن النتيجة تكون انفضاض الجماهير من حولهم، وبالتالي لا يستطيع هكذا قائد أن يكون ناجحاً، وكثيرا ما تكون الجماهير سبباً لإسقاط حكمه، لأنه ليس لديه أي نقطة يشترك فيها مع الأمة، فلا يشاركهم آلامهم، ولا يعاني بمعاناتهم".

6. الإصلاح:

ان أهم ما يلزم اتصاف القيادة الناجحة به هو "روح الإصلاح الدائم" وعدم انطفاء شعلتها بتقادم الزمان والركون الى الجمود والروتين لان الكسل في ادامة عجلة الإصلاح او التغاضي عنها يعني السماح للفاسدين والفاشلين والمنتفعين الاستفادة من الخمول والركود للوصول الى مفاصل مهمة في الدولة والاستفادة على حساب الصالح العام وخلق كيان موازي للدولة لا يمكن التخلص منه بسهولة، خصوصاً وان "كل مظاهر الحياة معرضة للهدم والفساد والتلف، ما لم تراع بعناية وحرص من قبل الإنسان، والأمة هي الأخرى معرضة لأن يصيبها الانحلال والانحراف والابتعاد عن القيم، والانقسام على نفسها إلى عدة انقسامات".

ولمنع هذا الانقسام او الانحلال داخل المجتمع "يبرز دور القائد الإسلامي المحنك، والمعبأ بالثقافة الإسلامية الحقيقية المستلهمة من سيرة رسول الله (صل الله عليه واله) وأهل البيت (عليهم السلام)، والمتنور بنور الإيمان، حيث يبدأ في سد الثغور، وردم المواقع التي تستقطب الفساد، وتسعى نحوه، فيعمل على إصلاح الوضع الاجتماعي، وأخذ الاحتياطات اللازمة والواقية للأمة، من أن يصيبها مرض اجتماعي ما"، ويؤكد المرجع الراحل ان "للإصلاح صور وأشكال متعددة، كل حسب مجاله، فيعمل القائد أولاً على إصلاح جهاز الدولة من كل عطب، وتنظيف كافة فروع الدولة من المفاسد والمحسوبيات والمرتشين، لكي تكون حكومته منتجة وإيجابية، ومن ثم يعمد إلى إصلاح أحوال الرعية".

7. العلاقات الدولية:

ان عملية تحسين العلاقات الدولية وتطويرها بما يخدم الامة هو جزء من عملية الإصلاح التي يقوم بها القائد الناجح: "وهكذا يتوجه القائد إلى إصلاح بقية الأجهزة في الدولة وغيرها، ولعل من أهمها هي مسألة العلاقات الدولية، أي إعلان الرغبة بإصلاح العلاقات المتوترة مع جميع الدول، وإرساء السلم والسلام والود مع الدول الجارة والصديقة وغيرها، لاسيما المسلمة منها، وخلق جو إقليمي ودولي مفعم بالأمن والأمان، لكي تعيش الرعية في استقرار، وتأخذ حقها من الحريات، لكي تكون أمة منتجة ومتطورة ومحافظة على نفسها وحضارتها".

8. محاسبة القائد نفسه

عدم محاسبة النفس ومراجعتها باستمرار لتبيان الخطأ من الصواب أولى مراحل الانحدار نحو الفشل وخسارة عناصر القوة التي يملكها لتحقيق النجاح، لذلك حذر الامام الشيرازي القادة الذين يتصورون "أنهم أصبحوا مسئولين فوق الآخرين، ولا مسئول فوقهم، أي إنهم يحاسبون ويعاقبون الأفراد، بينما هم لا يحاسبون ولا يعاتبون، فلا يقبلون حتى بنصائح الأصدقاء، فضلاً عن محاسبتهم" بالوقوع فيما اسماه "مرض عضال يصيب الإنسان الذي يشعر بالتفوق ويتصور أنه في كل الأحوال والأدوار أعلى من الآخرين ولا مسئول عليه، فيبدأ يتسرب إليه الكبر والتعالي، إلى أن تصبح حكومته دكتاتورية في كل معالمها، فهي توجه العقوبة إلى أي شخص تشاء دون أن تقبل من الآخرين رداً أو رأياً".

ولكي يبتعد عن هذا المرض العضال ينبغي ان يكون القائد المحاسب لنفسه "أسوة حسنة للآخرين، فينتشر مبدأ الشعور بالمسؤولية ومحاسبة الأفراد أنفسهم، قبل أن تحاسبهم الدولة أو القيادة، وهذا المنهج القويم يقرب الفرد والأمة من الله (عز وجل)، ويهدم الحواجز التي تحول بين الفرد وبين التقرب من ربه أو مجتمعه".

وبالأخص أن يراقب نفسه فيه أمران:

الأول: أن يراقب ما يقوله وما يعد به الجماهير، وألا تختلف أفعاله عن أقواله، حتى لا يصبح هناك تضاد بين الأمرين، فتتصور الجماهير أنه مخادع أو كذاب، أو أن أقواله مجرد وعود لتهدئة الوضع العام، فتصبح العلاقة بين القائد والأمة علاقة سيئة قائمة على الجدل والمغالطة وانعدام الثقة.

الثاني: أن يراقب نفسه ويوطنها على الحلم وسعة الصدر والتحلي باللاعنف، ويظل يتابعها ويحرص على هذه الأمور، لكي يستوعب الجماهير، ويتحمل المتاعب والصعوبات وما يجري على البلاد من بلاء أو حروب، أو ما شابه ذلك.

9. اللاعنف:

ان اللاعنف من اساسيات الحياة السليمة، وهي الفطرة التي خلق عليها الانسان، فالعنف والدمار والحرب والقتل وغيرها مظاهر بعيدة عن الحياة السليمة او القيادة الناجحة التي يلزم منها "التحلي باللاعنف في التعامل مع الشعب وسائر الحكومات، وفي جميع مجالات الحياة"، وبخلاف ذلك "إذا اتخذ القائد سياسة خشنة بعيدة عن الرحمة الإسلامية فهذا معناه السقوط، كما نرى في حكام البلاد الإسلامية حيث الاعتقالات والسجون والتعذيب والنفي ومصادرة الأموال وقتل الأبرياء، والسب والشتائم، وإثارة الدول المجاورة وغير المجاورة وما أشبه من مصاديق العنف وعدم التعقل".

والخلاصة: ان المراهنة على سلطة القوة في حكم الناس تحت الاكراه والقسوة والاستبداد والعنف لا يؤدي الى بناء دولة قادرة على توفير حياة كريمة لمواطنيها، مثلما لا يمكن تكوين وبناء مجتمع قادر على النهوض والتطور وبناء حضارته الخاصة ومواكبة المسيرة الإنسانية في ظل نظام قمعي لا يؤمن بحرية الانسان وكرامته وحقوقه الأساسية، لان العملية في الأساس "تبادلية" بين القائد والامة، وهو ما يطلق عليه مجازاً بالعقد الاجتماعي المبرم بين الحاكم ورعيته، فمتى ما اخل الحاكم بواجباته والتزاماته امام رعيته، وحاول الاستئثار بالحكم والتحول من دور القائد الى المستبد، انهار ركن أساسي في هذه العملية، وبالتالي دخول الدولة في دوامة الصراع والفشل اللامتناهي، في حين يمكن تحقيق كل مظاهر النجاح للدولة على مستوى الحاكم او المواطن في حال طبقت مبادئ وصفات القيادة الناجحة في الإسلام.

* باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–2020Ⓒ
http://shrsc.com

اضف تعليق