q
الجميع يشتركون بنفس الامنية الدكتور، المهندس، الطبيب والعامل، وحتى الانسان البسيط، هذه الأمنية هي السفر او الهجرة خارج البلد والعمل بأي مهنة وان اختلف عن التخصص الذي أكمل الدراسة فيه، جل الاهتمام هو مغادرة ارض الأجداد ومستقبل الاحفاد، وهذا الشعور له العديد من الأسباب...

الجميع يشتركون بنفس الامنية الدكتور، المهندس، الطبيب والعامل، وحتى الانسان البسيط، هذه الأمنية هي السفر او الهجرة خارج البلد والعمل بأي مهنة وان اختلف عن التخصص الذي أكمل الدراسة فيه، جل الاهتمام هو مغادرة ارض الأجداد ومستقبل الاحفاد، وهذا الشعور له العديد من الأسباب.

يتصدر هذه الأسباب هو عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة براحة المواطن والعمل على توفير ضروريات العيش الكريم له، فالمدارس الحكومية اُهملت، اما الجامعات فحدث بلا حرج، فهي الأخرى هزمت امام حقل التعليم الأهلي الذي دمر المنظومة التعليمية وأخرها قرون بدلا من الاخذ بيدها نحو الأفضل، والترصين.

فالتعليم الأهلي فسح المجال للمجتهد وغيره من الدخول الى عالم الاكاديمية، هذا العالم الذي من المفترض ان توضع له اسوار، اعلى من سور الصين لحمايته من الافراد غير المؤهلين لدخوله، ولا يظفر به الا من احنت ظهره القراءة، وارهقته المتابعة بمختلف المجلات او على الأقل في مجال اختصاصه لكي يصل الى مرحلة معلوماتية قادرة على مجاراة التقدم العلمي الدولي في نفس المجال.

ولا اتحدث كثيرا عن المجال الصحي الذي اُتخم بكم هائل من الأطباء غير المؤهلين لخوض العمل بهذا المجال الخطير، والملامس بشكل مباشر لحياة الانسان، وصادفتنا الكثير من الحالات والاخطاء التي وقع بها عدد غير قليل من الأطباء الذين التحقوا بالمهنة عبر بوابة التعليم الأهلي، بينما في فترة سبعينيات القرن الماضي، تساوى خريج الطب العراقي، مع نظيره المتخرج في لندن وغيرها من الجامعات البريطانية.

ناهيك عن المستشفيات والمراكز الصحية التي أصبحت في الآونة الأخيرة مقبرة للأشخاص الذين يدخلون مع ذويهم ويخرجون محمولين على آلة الحدباء، فتزعزعت الثقة بالنظام الصحي، ولا يفضل أحد الذهاب اليها لافتقارها ابسط الادوية، واقل نسبة من العناية اللازمة، فتحولت الى بيئة طاردة بدلا من ان تكون بيئة تعيد للأفراد عافيتهم والامل بالعيش دون معاناة ومطاردة الامراض.

ولا يختلف مفصل القضاء الذي طالته جزءا من يده الافساد، فلم يعد تلك المؤسسة القانونية ذات السلطة المعنوية، والمهيبة بنفس الوقت، فكثيرا من القضاة، وضعوا لهم سماسرة في المحاكم، يتعاطون من خلالهم الرشاوى، يتبع ذلك حكم لصالح قضية ما، بعيدا عن مبدأ العدالة ومنطق الانصاف بين الناس، وخلفهم آية قرآنية لا تقبل التأويل تؤكد على أهمية العدالة في الحكم بين الناس، بينما هم بعيدين كل البعد عن هذه التوصية السماوية، وانا شخصيا شاهد عيان على حادثة من هذا النوع، حيث طلب منا قاضي الحكم مبلغا من المال مقابل اصدار حكم يتماشى مع رغبة المدعى عليه باطلا.

ويشابه النظام السابق مع النظام الحالي من زاوية التأثير على حياة الافراد، ففي الماضي كانت حياة المواطنين مهددة من قبل ازلام النظام، بشتى التهم فمنها من هو حقيقي مثل الانتماء الى الأحزاب الدينية، وغيرها تهم ملفقة، الهدف منها التصفية الجسدية والخلاص من الأشخاص المؤثرين على بقية الافراد وجذبهم الى الجماعة الحزبية التي يراها النظام السابق مجموعات مشبوهة.

وهذه الملاحقة من قبل رجال الامن وجهاز المخابرات ادت الى حملة من الاعدامات بحق الشباب العزل، يقابل ذلك هجرة سرية الى بعض دول الجوار منها سوريا وإيران، والكويت، اذ يبحث هؤلاء الشباب المشردون عن الامن والعيش بسلام بعيدا عن البطش والقتل الدائمين بحقهم.

وفي الفترة الحالية تكررت نفس التجربة، ولكن لأسباب مغايرة تماما عن المذكورة آنفا، فلا أحد يهرب خوفا على حياته من فرق الإعدام، وزنازين الشعبة الخامسة وسجن الرضوانية الذي التهم آلاف الشباب بعمر الورود، بل الهروب الى دول المهجر حيثما تتوفر الخدمات بصنوفها المختلفة.

فالشخص الذي يعاني من وعكة طبية او حالة صحية حرجة، لم يجد في العراق ضالته، ولا يتوفر امامه غير خيار السفر الى الخارج لاستعادة عافيته المفقودة، وكذلك الحال بالنسبة لبعض المرافق الخدمية، فهي متوفرة بنسبة كبيرة مقابل فاتورات حسابية جراء تلك الخدمات المقدمة من قبل الجهات الحكومية او التشكيلات التابعة لها.

من يعيش بهذه الأجواء الراقية والضامة لجميع شروط الحياة الكريمة، بالتأكيد سيكون مستعدا للدفاع عن وطنه مهما تكالبت عليه المصائب والمحن، لذلك نجد بعض الشعوب تضحي في سبيل وطنها بالأولاد والمال، وتجود بالنفس إذا ما تعرض لهجمة من هنا وهناك، في حين نجد الشعوب التي قهرتها اوطانها واذاقتها مرارة الحياة تتحين الفرصة لتهجره تاركة خلفها الذكريات التعيسة متأملة بحياة وردية تعوضهم حرمانهم وخيبتهم في بلدانهم.

اضف تعليق