q
عندما نفكر في التغير المناخي، يفكر أغلبنا في عواقب بيئية فقط، مثل ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستويات البحار، وذوبان الأنهار الجليدية، وفي أماكن أخرى من العالم، كما في جنوب فلوريدا، أو جبال سويسرا، تؤثر هذه التحولات بالفعل على الحياة اليومية للناس، فالتغير المناخي يؤثر على كل شيء حولنا...

عندما نفكر في التغير المناخي، يفكر أغلبنا في عواقب بيئية فقط، مثل ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستويات البحار، وذوبان الأنهار الجليدية، وفي أماكن أخرى من العالم، كما في جنوب فلوريدا، أو جبال سويسرا، تؤثر هذه التحولات بالفعل على الحياة اليومية للناس، فالتغير المناخي يؤثر على كل شيء حولنا، بداية من قطاع البنوك، إلى المؤسسات الصحية.

اذ تعد ظاهرة التغير المناخي إحدى أهم القضايا الراهنة التي تؤثر على دول العالم أجمع، فيعزو الكثير من العلماء تكرار وقوع الكوارث مؤخراً إلى ظاهرة التغير المناخي، إذ يشهد كوكبنا حاليا تأثيرات حقيقية بسبب التغير المناخي، لكنه بات أيضا عرضة لتغيرات أكيدة في مجالات العمل المختلفة، والمهارات التي سنحتاجها للتعامل مع تلك التغيرات.

ونتيجة لذلك، لا يواجه مسؤولو التخطيط في المجالس المحلية للمدن المخاطر وحدهم فيما يتعلق بضرورة تغيير إطار أعمالهم من أجل التخطيط للمستقبل. فواضعو السياسات المالية أيضا، والمزارعون، والمهندسون المدنيون، والأطباء، وكثير من أصحاب المهن والوظائف الأخرى، من المرجح أن تتأثر أعمالهم نتيجة التغير المناخي.

على المستوى الصحي، وبحسب منظمة الصحة العالمية من المتوقع أن يفضي تغير المناخ في الفترة ما بين عام 2030 و2050 إلى نحو 250000 وفاة إضافية سنوياً من جراء سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري، كما من المرتقب أن تبلغ تكاليف الأضرار المباشرة على الصحة (أي باستثناء التكاليف المترتبة في القطاعات المحددة للصحة مثل الزراعة والمياه والإصحاح) ما بين مليارين إلى أربعة مليارات دولار سنوياً بحلول عام 2030.

لم يكن التغير المناخي في العقود الأربعة الأخيرة نظرية أو فرضية فحسب، بل هو واقع ملموس وأمر محسوس، فالسجلات المناخية العالمية المئوية حافلة بشواهد غنية وأدلة قطعية، على أن عناصر المناخ تغيرت وأصبحت أكثر تطرفاً وعنفاً وعلى وجه الخصوص درجة حرارة سطح الأرض والمحيطات حيث ساهمت في الغالب وبشكل سلبي على الإنسان والنظام البيئي على حد سواء، وما ذوبان الجليد القطبي والأنهار المتجمدة والذي أعقبه ارتفاع مستوى سطح البحر إلا شواهد محسوسة وأدلة مقيوسة لمن كان عنده شك وارتياب.

ولقد أثبتت الدراسات العلمية المحكمة أن معدل درجة حرارة الأرض خلال القرن العشرين قد أصبح أكثر سخونة من أي قرن مضى، على الرغم أن معظم علماء المناخ يتفقون على وجود ظاهرة التغير المناخي الحالي إلا أنه يظهر لغط وجدل حيال سؤال جوهري: من الذي يقف خلف هذا التغير المناخي الحالي؟

وعلى الرغم من كل ذلك يعزف بعض الناس عن قراءة الأخبار حول ظاهرة الاحتباس الحراري أو تغير المناخ، مبرراً ذلك بأن الأمر لا يعنيه وغير مهتم به، لكن هذه التغيرات التي يشهدها الطقس من حولنا ستؤثر قطعاً على الحياة بأكملها، سواء علينا نحن البشر أو حتى النباتات والحيوانات.

نزوح أكثر من 10 ملايين

قالت منظمة إنسانية إن 10.3 مليون شخص نزحوا عن ديارهم بسبب كوارث ناتجة عن تغير المناخ مثل الفيضانات والجفاف في الشهور الستة الماضية معظمهم في آسيا، وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إن نحو 2.3 مليون آخرين نزحوا بسبب الصراعات في الفترة نفسها، مما يشير إلى أن الغالبية العظمى من عمليات النزوح الداخلي في الوقت الراهن كانت بسبب تغير المناخ. بحسب رويترز.

وقالت هيلين برنت منسقة الهجرة والنزوح لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في الاتحاد إنه على الرغم من أن البيانات تغطي فترة ستة شهور فحسب من سبتمبر أيلول 2020 حتى فبراير شباط 2021 فإنها تلقي الضوء على اتجاه عالمي متسارع للنزوح المرتبط بالمناخ.

وأضافت "الأمور آخذة في التدهور حيث يفاقم تغير المناخ عوامل موجودة مثل الفقر والصراع والاضطراب السياسي"، وذكر التقرير أن نحو 60 بالمئة من النازحين في الداخل بسبب تغير المناخ في الشهور الستة الماضية كانوا في آسيا.

وقال علماء من مركز مراقبة النزوح الداخلي إن 22.7 مليون شخص في المتوسط ينزحون كل عام. ويشمل هذا الرقم النزوح بسبب ظواهر جيوفيزيائية مثل الزلازل أو ثوران البراكين، لكن الغالبية العظمى كانت بسبب أحداث مرتبطة بالطقس.

وعلى مستوى العالم بلغ عدد النازحين 17.2 مليون في 2018 و24.9 مليون في 2019. ولم تتوفر أرقام 2020 بالكامل حتى الآن، لكن تقرير المركز لمنتصف العام كشف أن 9.8 مليون نزحوا بسبب كوارث طبيعية في النصف الأول من العام الماضي.

وكشف تقرير لمعهد الاقتصاد والسلام في العام الماضي أنه من المتوقع أن يضطر أكثر من مليار شخص للهجرة بحلول 2050 بسبب الصراعات والعوامل البيئية.

درجات الحرارة "تقترب بقوة" من الحاجز المتفق عليه

أشار تقرير للأمم المتحدة إلى وجود احتمال بنسبة 40 في المئة لأن تزيد درجات حرارة العالم مؤقتا خلال السنوات الخمس المقبلة بواقع 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل عصر الصناعة، وقال إن هذا الاحتمال يتزايد، وما ورد في التقرير الصادر لا يعني بعد أن العالم يتجاوز حاجز 1.5 درجة الذي حدده اتفاق باريس للمناخ والذي يحذر العلماء من تخطيه كي لا يتسبب في آثار مناخية كارثية. بحسب رويترز.

لكن بيتري تالاس الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة قال في بيان إن هذا يؤكد “أننا نقترب بقوة وسرعة” من ذلك الحاجز. ووصف الدراسة بأنها “جرس تنبيه آخر” يحث على الحد من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

وينظر اتفاق باريس لدرجات الحرارة على مدى 30 عاما في المتوسط، وليس لعام واحد، وتشير الدراسة إلى أن كل عام في الفترة من 2021 إلى 2025 سيشهد على الأرجح ارتفاعا في درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة على الأقل.

ويرى التقرير أيضا أن هناك احتمالا بنسبة 90 في المئة لأن تصبح سنة واحدة من تلك السنين هي أشد السنوات حرارة على الإطلاق متجاوزة درجات 2016، وفي 2020، الذي كان واحدا من أحر الأعوام على الإطلاق، ارتفعت درجات الحرارة 1.2 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل عصر الصناعة وفقا لتقرير أصدرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في أبريل نيسان، ورجحت المنظمة أن ترتفع درجات الحرارة في السنوات الخمس القادمة عما كانت عليه في الماضي القريب، وتوقع التقرير زيادة احتمال حدوث أعاصير مدارية في المحيط الأطلسي والساحل الأفريقي وأستراليا وأن يكون جنوب غرب أمريكا الشمالية أكثر جفافا.

كيف يمكن خفض انبعاثات غاز الميثان؟

وجدت دراسة تدعمها الأمم المتحدة أنه يمكن تقليل انبعاثات الميثان الناتجة عن الأنشطة البشرية بنسبة تصل إلى 45 في المائة هذا العقد، وبالتالي المساعدة في الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية بما يتماشى مع اتفاق باريس للمناخ.

ويحدد "التقييم العالمي للميثان" فوائد تخفيف انبعاثات غاز الميثان، وهو مكون رئيسي في الضباب، وتشمل الفوائد الحيلولة دون حدوث حوالي 260 ألف حالة وفاة مبكرة و775 ألف زيارة للمستشفيات مرتبطة بالربو سنويا، بالإضافة إلى 25 مليون طن من خسائر المحاصيل، وأجرى الدراسة "تحالف المناخ والهواء النظيف (CCAC)" وهو شراكة عالمية تتألف من الحكومات والشركاء غير الحكوميين وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وقالت إنغر آندرسون، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "إن خفض الميثان هو أقوى وسيلة لإبطاء تغيّر المناخ على مدى السنوات الخمس وعشرين المقبلة، ويكمل الجهود اللازمة لتقليل ثاني أكسيد الكربون. والفوائد التي تعود على المجتمع والاقتصادات والبيئة عديدة وتفوق التكلفة بكثير".

والميثان هو من الغازات الدفيئة القوية للغاية، وهو مسؤول عن حوالي 30 في المائة من الاحترار منذ حقبة ما قبل العصر الصناعي، وتأتي معظم انبعاثات الميثان التي يتسبب فيها الإنسان من ثلاثة قطاعات: الوقود الأحفوري، مثل معالجة النفط والغاز؛ المكبات والنفايات؛ والزراعة، وتتعلق بشكل رئيسي بالثروة الحيوانية.

تؤكد الدراسة سبب الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات دولية حيث إن انبعاثات الميثان التي يتسبب فيها الإنسان تتزايد بوتيرة أسرع من أي وقت مضى منذ بدء تسجيلها في الثمانينيات من القرن الماضي.

وحتى مع تسبب جائحة كـوفيد-19 في تباطؤ اقتصادي عام 2020- مما حال دو نتسجيل عام قياسي آخر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون-، تُظهر بيانات من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة (NOAA) أن كمية الميثان في الغلاف الجوي وصلت إلى مستويات قياسية العام الماضي.

مقالب القمامة هي مصدر رئيسي لانبعاثات غاز الميثان، وتحسين الإدارة يمكن أن يحول غاز الميثان إلى مصدر للوقود النظيف، وكذلك العمل على الحد من المخاطر الصحية، مع ذلك، على عكس غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يبقى في الغلاف الجوي لعدة قرون، يتفكك الميثان بسرعة ويزول معظمه بعد عقد، مما يعني أنه يمكن للإجراءات أن تقلل بسرعة من معدل الاحتباس الحراري على المدى القريب، ويمثل الميثان ما يقرب من خُمس انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، وفقا للسيد ريك دوك، كبير مستشاري جون كيري، المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص المعني بتغيّر المناخ.

قبة حرارية بمستويات قياسية

تسببت "قبة حرارية" مسيطرة فوق غرب كندا بمستويات حرارة قياسية استدعت الأحد تنبيهات من الحر الشديد في ثلاث مقاطعات ومنطقتين قريبتين من القطب الشمالي، وسجل أكثر من 40 مستوى حرارة قياسيا في مقاطعة بريتيش كولومبيا خلال عطلة نهاية الأسبوع ولا سيما في محطة التزلج ويسلر.

وباتت ليتون في بريتيش كولومبيا المنطقة التي تحمل الرقم القياسي لأعلى حرارة في كندا مع تسجيل 46,6 درجات مئوية على ما قالت هيئة البيئة في كندا، وكانت أعلى درجة حرارة مسجلة في كندا حتى الآن 45 في مدينتين في مقاطعة ساسكاتشوان في الخامس من تموز/يوليو 1937، ويتوقع أن يتسبب الضغط الجوي المرتفع الذي يحبس الهواء في المنطقة إلى تسجيل مستويات حرارة قياسية جديدة خلال الأسبوع.

وأصدرت هيئة البيئة في مقاطعتي بريتيش كولومبيا والبيرتا وفي بعض مناطق ساسكاتشوان ويوكون ومناطق شمال غرب البلاد تنبيهات جراء الحر، وأوضحت أن "موجة طويلة من الحر الخطر وغير المسبوق ستتواصل طوال الأسبوع".

وأضافت الهيئة أن "الحرارة ستصل إلى حوالى 40 درجة في بعض المناطق في منتصف الأسبوع" أي عشر إلى 15 درجة أعلى من المعدل الطبيعي، وقال ديفيد فيليبس كبير علماء المناخ في الهيئة "في بعض مناطق غرب كندا الحرارة أعلى مما هي عليه في دبي"، وقد نفدت مكيفات الهواء والمراوح من المتاجر في حين أقيمت مراكز في المدن للاتقاء من الحر والحصول على مشروبات في حين ألغيت حملات تلقيح ضد فيروس كورونا وأقفلت مدارس، وبلغ استهلاك الكهرباء في بريتيش كولومبيا مستويات عالية جدا.

على الجانب الآخر من الحدود نبهت مصلحة الأرصاد الجوية الأميركية أيضا من "موجة حر خطرة" لا سيما في ولايات ساحل واشنطن الشمال الغربي وأوريغن، وأوضحت أن الموجة ستتواصل في الجزء الأكبر من الأسبوع مع توقع تسجيل مستويات قياسية يومية وشهرية.

ما أهمية بلوغ صفر انبعاثات؟

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه يتعين على جميع الدول الالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية إلى درجة صفر بحلول عام 2050 إذا أراد العالم تجنب ارتفاع كارثي في درجة الحرارة بمقدار 2.4 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن.

في خطابه الرئيسي في اجتماع رفيع المستوى حول المناخ في بيترسبرغ، ألمانيا – الذي ينعقد قبل ستة أشهر من اجتماع قادة العالم في غلاسكو باسكتلندا لحضور قمة المناخ COP26 - قدم الأمين العام للأمم المتحدة أيضا رسالة أمل، مصرا على أنه لا يزال من الممكن تجنب أسوأ آثار الصدمات البيئية التي تغذيها الانبعاثات.

وقال "أرى بوادر مشجعة من بعض الاقتصادات الكبرى"، في إشارة إلى البلدان التي تمثل 73 في المائة من الانبعاثات التي التزمت بصافي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن، وشدد على أن "كافة البلدان - خاصة في مجموعة العشرين - بحاجة إلى سد فجوة التخفيف بشكل أكبر بحلول مؤتمر الأطراف COP26 "، مسلطا الضوء على التهديد الذي تواجهه بالفعل البلدان النامية، حيث "يموت الناس، وتنهار المزارع ويواجه الملايين خطر النزوح"، وبحسب الأمين العام "يجب بحلول عام 2030، أن نقلل الانبعاثات العالمية بنسبة 45 في المائة مقارنة بمستويات عام 2010 للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. هذه هي الطريقة التي نحافظ بها على هدف 1.5 درجة."

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن الأولوية القصوى في العالم يجب أن تكون الاستغناء بالكامل عن محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم الملوث واستبدالها بالطاقة المتجددة، يجب أن يحدث هذا بحلول عام 2030 في البلدان الغنية التي تنتمي إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) وبحلول عام 2040 في جميع أنحاء العالم، وفقا للسيد غوتيريش.

وبما أن هذا التحول عن الوقود الأحفوري سيكون دراماتيكيا، تابع الأمين العام، "يجب أن يكون شاملاً وعادلًا (...) يشمل الحكومات المحلية والنقابات والقطاع الخاص لدعم المجتمعات المتضررة وخلق فرص عمل خضراء".

وفيما أشاد السيد غوتيريش في خطابه اليوم بالحكومات التي تعهدت بإنهاء دعم الوقود الأحفوري، شدد على أن الوقت قد حان لأن "تحدد جميع البلدان سعر الكربون وتحول الضرائب من الدخل إلى الكربون".

وفي نداء مباشر للمواطنين المعنيين، طلب من المساهمين في بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية الضغط من أجل حلول تمويلية من أجل "تنمية منخفضة الكربون وقادرة على التكيف مع تغير المناخ تتماشى مع هدف 1.5 درجة (اتفاق باريس للمناخ 2015)".

وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن البلدان النامية بحاجة إلى هذا الدعم المالي على وجه الخصوص، حيث تقدر تكاليف التكيف السنوية في العالم النامي وحده بنحو 70 مليار دولار "ويمكن أن ترتفع إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2030".

إنهاء الحرب الانتحارية على الطبيعة

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن المخطط العلمي الجديد للتعامل مع تغير المناخ والتلوث والفقد المتسارع للأنواع النباتية والحيوانية، يُظهر كيف يمكن إنهاء الحرب "الانتحارية" للعالم على الطبيعة.

واستند تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة على نتائج دراسات عالمية سابقة لمساعدة الحكومات والأعمال والقطاعات أخرى على تبني نهج أكثر تماسكا لعلاج الأزمات البيئية المتشابكة، وكتب جوتيريش في مقدمة التقرير "البشرية تشن حربا على الطبيعة. هذا عمل انتحاري ولا معنى له. تبعات تهورنا تجلت بالفعل في معاناة الإنسان والخسائر الاقتصادية المتعاظمة والتقويض المتسارع للحياة على الأرض"، وقال إن الطوارئ الناجمة عن تغير المناخ وأزمة التنوع البيولوجي والتلوث، كل ذلك يقتل ملايين الأشخاص سنويا ويتسبب في تهاوي الكوكب.

وأضاف "لكن (التقرير) يرشدنا أيضا إلى مكان أكثر أمنا من خلال تقديم خطة سلام وبرنامج لإعادة الإعمار بعد الحرب"، ومن بين التوصيات التي شملها التقرير إعادة تخصيص أكثر من خمسة تريليونات دولار تقدم دعما سنويا لقطاعات مثل الوقود الأحفوري والصيد والتعدين من أجل تسريع التحول إلى مستقبل منخفض الكربون واستعادة عافية الطبيعة، وقال التقرير أيضا إن على الحكومات أن تنظر إلى ما هو أبعد من اعتبار النمو الاقتصادي مؤشرا للأداء وأن تأخذ في الحسبان قيمة الحفاظ على النظم البيئية.

ويهدف التقرير إلى تشجيع الحكومات على اتخاذ خطوات أكثر طموحا في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المقرر عقده في جلاسجو في نوفمبر تشرين الثاني وأثناء المحادثات الموازية للاتفاق على معاهدة عالمية جديدة بشأن الحفاظ على التنوع الحيوي.

الولايات المتحدة تعود رسميا إلى اتفاقية باريس للمناخ

عادت الولايات المتحدة رسميا إلى اتفاقية باريس للمناخ، في حين تعهّدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن جعل مكافحة التغيّر المناخي على رأس أولوياتها.

وبعد شهر بالتمام والكمال على تولي بايدن سدة الرئاسة الأميركية ومضيّه فورا بإجراءات إعادة بلاده إلى الاتفاقية، عادت الولايات المتحدة، أكبر قوة اقتصادية في العالم وثاني أكبر مصدر لانبعاثات الكربون، رسميا إلى الاتفاقية المبرمة في العام 2015 والرامية إلى التصدي للاحترار المناخي.

وبعد عودة الولايات المتحدة، البلد الأوحد الذي خرج من المعاهدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، عادت اتفاقية باريس للمناخ لتضم كل الدول تقريبا.

وجاء في بيان لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رحّب فيه بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية، أن "دبلوماسية التغيّر المناخي والعلوم لن تكون بعد الآن +إضافات+ إلى نقاشات السياسة الخارجية".

وتابع بلينكن "إن التصدي للمخاطر الحقيقية الناجمة عن التغيّر المناخي والإصغاء لعلمائنا هو في صلب أولويات سياستنا الداخلية والخارجية. إنه أمر يكتسي أهمية بالغة في إطار نقاشاتنا للأمن القومي، والهجرة والجهود الصحية العالمية وفي إطار محادثاتنا الاقتصادية والدبلوماسية والتجارية"، وأشاد بلينكن باتفاقية باريس للمناخ التي تم التفاوض بشأنها في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وأكد الأهمية القصوى للجهود الدبلوماسية على صعيد مكافحة التغيّر المناخي.

ويعتزم بايدن إقامة قمة حول المناخ في 22 نيسان/أبريل بالتزامن مع يوم الأرض. بدوره، دعا المبعوث الأميركي لشؤون التغيّر المناخي ووزير الخارجية الأسبق جون كيري، دول العالم إلى التعهّد ببذل مزيد من الجهود خلال قمة حول المناخ من المقرر عقدها في غلاسكو في تشرين الثاني/نوفمبر.

وتعهّد بايدن جعل قطاع الطاقة الأميركي خاليا تماما من التلوث بحلول العام 2035 والتحوّل إلى اقتصاد خال تماما من الانبعاثات بحلول العام 2050.

وكان ترامب الداعم لقطاع الوقود الأحفوري، قد وصف اتفاقية باريس بأنها مجحفة بحق الولايات المتحدة، لكن الأهداف المنصوص عليها في الاتفاقية هي في الأساس غير ملزمة، ولكل بلد أن يصوغ تدابيره الخاصة، وهي نقطة أصر عليها أوباما وكيري تحسبا للمعارضة السياسية في الولايات المتحدة.

وتهدف اتفاقية باريس للمناخ إلى حصر الاحترار المناخي بأقل من درجتين مئويتين أو حتى 1,5 درجة مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية، وتتسارع وتيرة الجهود السياسية المبذولة على هذا الصعيد وسط مؤشرات إلى أن التغيّر المناخي يتسبب بخسائر بشرية فادحة، بعدما أظهرت دراسة وفاة 480 ألف شخص خلال القرن الحالي جراء كوارث طبيعية على صلة بظواهر مناخية بالغة الحدية.

جليد الأرض يذوب بوتيرة أسرع من منتصف التسعينيات

أظهرت دراسة جديدة أن جليد الأرض يذوب اليوم بوتيرة أسرع من منتصف التسعينيات إذ يرفع تغير المناخ درجات الحرارة لأعلى مستوياتها على الإطلاق، وإجمالا تشير التقديرات إلى ذوبان 28 تريليون طن متري من جليد البحار والصفائح الجليدية والأنهار الجليدية منذ منتصف التسعينيات.

وخلصت الدراسة المنشورة في دورية (ذا كرايوسفير) العلمية إلى أن معدل الذوبان السنوي أصبح الآن أسرع 57 بالمئة مما كان عليه قبل ثلاثة عقود، وقال توماس سليتر عالم الجليد بجامعة ليدز في بريطانيا والمشارك في إعداد الدراسة "كان مفاجئا أن نرصد هذه الزيادة الضخمة في 30 عاما فقط"، وأشار سليتر إلى أن الموقف واضح تماما للمعتمدين على الكتل الجليدية الجبلية في الحصول على مياه الشرب أو من يعتمدون على جليد البحار الشتوي في حماية منازلهم الساحلية من العواصف غير أن ذوبان الجليد بدأ يجذب أنظار المقيمين في أماكن بعيدة كل البعد عن المناطق المتجمدة.

وارتفعت درجة حرارة الغلاف الجوي حوالي 1.1 درجة مئوية منذ عصر ما قبل النهضة الصناعية لكن معدل ارتفاع درجات الحرارة في منطقة القطب الشمالي كان أكبر من المتوسط العالمي بما يزيد عن المثلين في الثلاثين عاما الماضية.

وباستخدام بيانات الأقمار الصناعية في الفترة من 1994 إلى 2017 بالإضافة إلى قياسات في الموقع وعمليات محاكاة بالكمبيوتر، توصل فريق الباحثين البريطانيين إلى أن العالم كان يفقد 0.8 طن متري من الجليد سنويا في المتوسط خلال التسعينيات لكنه فقد نحو 1.2 طن متري سنويا في الأعوام القليلة الماضية.

اضف تعليق