q
قدّم الجمهوري دعمه لمناهضي الإجهاض والمدافعين عن النظرية القائلة بأنّ الانتخابات الرئاسية سُرقت منه أو حتى لشخصيات حديثة العهد بالعمل السياسي. لكن هؤلاء المرشحين المثيرين للجدل في مجلس الشيوخ يواجهون تحدّيات، فيما يوجّه العديد من الجمهوريين أصابع الاتهام في هذا الأمر إلى الرئيس السابق. والأميركيون مدعوون خلال انتخابات...

بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية للعام 2020، قرّر دونالد ترامب أن يلقي بكل ثقله في حملة انتخابات التجديد النصفي، ليختبر سمعته كصانع ملوك.

قدّم الجمهوري دعمه لمناهضي الإجهاض والمدافعين عن النظرية القائلة بأنّ الانتخابات الرئاسية سُرقت منه أو حتى لشخصيات حديثة العهد بالعمل السياسي. لكن هؤلاء المرشحين المثيرين للجدل في مجلس الشيوخ يواجهون تحدّيات، فيما يوجّه العديد من الجمهوريين أصابع الاتهام في هذا الأمر إلى الرئيس السابق.

والأميركيون مدعوون خلال انتخابات منتصف الولاية هذه إلى تجديد جميع المقاعد الـ435 في مجلس النواب الأميركي وثلث مجلس الشيوخ. وسلسلة كبيرة من مناصب المحافظين والمسؤولين المحليين المنتخبين هي أيضًا على المحك.

وتعدّ الانتخابات النصفية (Midterms) التي تجري بعد عامين على الانتخابات الرئاسية، أقرب إلى استفتاء على شاغل البيت الأبيض. فخلال أكثر من 160 عاماً، لم يتمكّن حزب الرئيس إلّا نادراً من الإفلات من هذا التصويت "العقابي".

وبحسب آخر استطلاعات الرأي، فإن المعارضة الجمهورية لديها فرص كبيرة لتولي مجلس النواب، فيما المستطلعون أكثر حيرة بشأن مصير مجلس الشيوخ.

جيش من المراقبين

يعمل نشطاء يمينيون مؤثرون ممن يدعمون مزاعم دونالد ترامب بشأن التزوير الانتخابي، على تعبئة "جيش" من المراقبين لانتخابات منتصف الولاية، في خطوة يحذّر محلّلون من أنها قد تؤدي إلى فوضى وترهيب وأعمال عنف.

ومن بين هؤلاء النشطاء شخصيات حاولت قلب نتائج انتخابات العام 2020 التي خسر فيها ترامب، على غرار مستشاره السابق ستيف بانون، وهم يستخدمون التضليل الإعلامي سلاحا مع ما يعرف بنزعة "إنكار الانتخابات" لتشجيع آلاف الأشخاص على التسجيل للانخراط في العملية الانتخابية بصفة مراقبين. بحسب فرانس برس.

والتعبئة جعلت من انتخابات منتصف الولاية، على مسافة أسبوعين من موعدها، أكبر اختبار للنظام الديموقراطي الأميركي منذ تأكيد ترامب من دون أي دليل أن الانتخابات سُرقت منه.

في منصته الإلكترونية "غرفة الحرب" هذا الشهر، حضّ بانون جمهوره على تسجيل أسمائهم للمشاركة في تنظيم العملية الانتخابية، واصفا الأمر بأنه نداء سياسي "لحمل السلاح".

وقال بانون لمستمعيه إن انتخابات منتصف الولاية "لا يمكن أن تكون مماثلة لـ(تلك التي أجريت في) عام 2020".

الأسبوع الماضي، قضت محكمة أميركيّة بحبس بانون أربعة أشهر لرفضه التعاون مع تحقيق الكونغرس في عملية اقتحام مناصرين لترامب مقرّ مجلسي النواب والشيوخ في السادس من كانون الثاني/يناير 2021.

وعُلّق تنفيذ الحكم بعدما استأنفه بانون، وهو ما مكّنه من البقاء خارج السجن بانتظار البت بالطعن.

وحذّرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية جورجيا جينيفر ماكوي في تصريح لوكالة فرانس برس من "موسم انتخابي تسوده الفوضى"، قد ينجم عن "دعوة ستيف بانون المبكرة لمن ينكرون الانتخابات لتسجيل أسمائهم للمشاركة في تنظيمها أو مراقبتها، مع ما يرافق ذلك من تضليل إعلامي يشكك في نزاهة نظام التصويت".

وقالت ماكوي "يمكن أن نشهد ارتباكا هائلا إذ قد يُمنع ناخبون من التصويت كما قد تُقدّم طعون كثيرة خلال عملية الفرز لأن هؤلاء العاملين الجدد في تنظيم الانتخابات والمراقبين الحزبيين سيطعنون بالنتائج التي لا تعجبهم".

جيش من المواطنين

واستضاف بانون في منصته المحامية كليتا ميتشل التي ساهمت في مساعي ترامب لقلب نتائج انتخابات العام 2020، والمنخرطة حاليا في تعبئة ما تطلق عليه تسمية "جيش من المواطنين" لمراقبة الانتخابات.

وتقول المحامية إن منظّمتها "شبكة نزاهة الانتخابات" درّبت أكثر من 20 ألف شخص على العمل بصفة مراقبين للانتخابات في مختلف أنحاء البلاد، مشيرة إلى أن كثرا من بينهم في ولايات يتوقع أن تشهد معارك انتخابية.

وجاء في تعليق سابق لها نشرته هذا العام أن "اليسار كان منذ أمد بعيد يتولى الفرز والتحكم بالعملية الانتخابية من دون أي إشراف من جهتنا"، مضيفة "لقد ولّت تلك الأيام".

وحضّ "دليل" توجيهي نُشر في الموقع الإلكتروني للمنظمة وتم توزيعه في الحصص التدريبية في مختلف أنحاء البلاد، المواطنين إلى "الحضور الدائم" في مراكز الاقتراع المحلية، ومساءلة السلطات الانتخابية والتحقق من أهلية الناخبين.

كذلك حضّت الوثيقة هؤلاء على تحديد ما إذا المسؤولين المتواجدين في مكاتب النيابة العامة "أصدقاء أم أعداء".

وكتبت المحللة في "مركز برينان للعدالة" ميكيلا بانديثاراتني "من خلال التوجيهات المشحونة والغامضة في آن والترويج غير المبرر لطيف التزوير الواسع النطاق، يمكن أن يؤدي الجهد غير المسبوق الذي يبذل لتشكيل +جيش+ من المواطنين، إلى تأثير على الناخبين وترهيب لهم وطعون جماعية بأهلية ناخبين وخروق أمنية للانتخابات وأشكال أخرى من خرق القوانين في تشرين الثاني/نوفمبر".

ولم تستجب المحامية ميتشل لطلب فرانس برس إجراء مقابلة معها.

الأسبوع الماضي قالت السلطات الانتخابية في ولاية أريزونا إنها "قلقة للغاية" حيال سلامة الناخبين بعدما رُصد شخصان مسلّحان يرتديان زيا عسكريا وهما يراقبان صندوقا لجمع البطاقات الانتخابية المرسلة بالبريد.

ونُشر النبأ بعدما تقدّم ناخبان على الأقل في أريزونا بشكويين رسميتين بشأن تعرّضهما للترهيب، وفق ما أفادت محطة تلفزيونية محلية.

وقال المحلل في "مؤسسة هوفر" لاري دايمند في تصريح لفرانس برس "شتّان ما بين مراقبة التصويت بشكل محايد وبشكل يرهب الناخبين الذين قد يكون انتماؤهم الحزبي مغايرا".

وأشار إلى أن انخراط "متطرفين مؤيدين لترامب ممن ينكرون نزاهة انتخابات العام 2020 بصفة +مراقبين+ للانتخابات بشكل من شأنه ترهيب بعض من الناخبين، على سبيل المثال، ذوي البشرة السوداء أو أشخاص من دوائر ذات كثافة ناخبين ديموقراطيين، قد يشكل تهديدا لنزاهة الانتخابات".

يبدو أن حملة تعبئة مراقبي الانتخابات المؤيدين للحزب الجمهوري مموّلة بشكل جيد.

ومؤسسة ميتشل تابعة لـ"معهد الشراكة المحافظة" الموالي لترامب والذي يفيد تقريره السنوي بأنه جمع العام الماضي 19,7 مليون دولار.

بحسب اللجنة الفدرالية للانتخابات، وهي هيئة تنظيمية، يشمل المبلغ مليون دولار منحتها لجنة العمل السياسي في منظمة "سيف أميركا" التي أنشأها ترامب بعد خسارته انتخابات العام 2020 وجمعت مذّاك ملايين الدولارات.

ومن بين المتمولين المؤيدين لترامب الذين يحاولون تعبئة مراقبين للانتخابات، منظّر المؤمرات الانتخابية باتريك بايرن، مؤسس متجر أوفرستوك للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت.

ومن خلال منظّمته غير الربحية "أميركا بروجكت" يسعى بايرن إلى تجنيد "مواطنين لمراقبة الانتخابات".

ومع تصاعد نزعة إنكار الانتخابات، تواجه الولايات المتحدة خطر التحوّل إلى ما تصفه المؤرخة روث بين-غايت بـ"الاستبداد الانتخابي".

وقالت بين-غايت الأستاذة في جامعة نيويورك، إن ترامب ومناصريه "يسعون إلى نزع صفة الشرعية عن الانتخابات بالمطلق".

وتابعت "يكمن الهدف في ربط التصويت بالفساد إلى حد يقوّض في أذهان الناخبين فكرة اعتماد الانتخابات وسيلة لاختيار القادة".

شريط وثائقي

يقول الأشخاص الذين يقضون ليالي في مراقبة وتصوير صناديق الاقتراع المنتشرة في فضاءات عامة بولاية أريزونا الأميركية إن مهمتهم هي إنقاذ الديموقراطية ومنع تكرار التزوير الذي شهدته في رأيهم انتخابات عام 2020 لحرمان دونالد ترامب الفوز بولاية رئاسية ثانية.

لكن بالنسبة لمسؤولي اقتراع ومدافعين عن حقوق التصويت والعديد من المواطنين في الولاية التي تشهد إقبالا كبيرا على التصويت المبكر، فإن هؤلاء المراقبين المتطوعين متأثرون بشريط وثائقي مليء بالمعلومات المضللة يرخي بظلاله على انتخابات منتصف الولاية.

ويُتهم هؤلاء المراقبون بتخويف الناخبين المقبلين على صناديق الاقتراع الآمنة التي تنتشر في فضاءات عامة بالعديد من الولايات.

الفيلم الذي يحضّهم على ذلك من إنتاج الناشط اليميني المتطرف دينيش ديسوزا وعنوانه "2000 بغل"، وهو يقوم على نظرية مؤامرة مفادها أن "بغالا" هرّبت أوراق اقتراع مزورة إلى داخل الصناديق لترجيح كفة جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.

في مقابلة مع وكالة فرانس برس، دافع ديسوزا عن شريطه ودقّة مضمونه، قائلا إن من يراقبون صناديق الاقتراع "وطنيون يخشون الاحتيال".

ظهرت تحديات قانونية للمنظمات التي تتزعم مراقبة الاقتراع بعد أن أحالت سكرتيرة ولاية أريزونا على سلطات إنفاذ القانون العديد من شكاوى ناخبين قالوا إنهم تعرضوا للتخويف، إحداها لناخب أكد أنه اُتهم بكونه "بغلا".

في هذا الصدد قال جاريد هولت كبير مديري الأبحاث في "معهد الحوار الاستراتيجي" ومقره لندن إنه "في العامين الماضيين، شنّ الساعون لإثبات أن الانتخابات مزورة حملة لم تقد إلى نتيجة".

وأضاف "ما يميز المزاعم حول +البغال+ عن نظريات المؤامرة الأخرى هو أن النشطاء وجدوا الحل في أخذ زمام الأمور بأيديهم".

يورد فيلم "2000 بغل" جلّ الفرضيات التي ثبت زيفها، من الأقلام التي يُزعم أنها استخدمت لتزوير أوراق الاقتراع إلى الماكينات التي قيل إنها زوّرت خيارات الناخبين كما يتناول عشرات قرارات المحاكم التي رفضت إلغاء نتائج الانتخابات.

انتقد خبراء الفيلم لاستنتاجاته المتسرعة واستعماله أدلة ظرفية وتحليله الخاطئ لبيانات هواتف ذكية، حتى أن محامي ترامب الرئيسي وصفه بأنه شريط "لا يمكن الدفاع عنه".

وخلص المحققون إلى أن ناخبا صوره الفيلم على أنه "بغل" أودع نيابة عن أفراد عائلته أوراق اقتراع بشكل قانوني - وهو الآن يقاضي ديسوزا.

ويمنع التحقق من صحة التوقيع وقوائم تسجيل الناخبين وعمليات التحقق الأخرى التزوير، بما في ذلك في الولايات التي تتيح لسكانها التصويت نيابة عن أشخاص آخرين.

وقالت لورين مينيت أستاذة العلوم السياسية في جامعة روتجرز "هذه الإجراءات هي سبب عدم وجود أي دليل منذ عام 2020 على حصول تزوير في أوراق الاقتراع، رغم الجهود المبذولة لاشاعة انطباع بعكس ذلك".

وأضافت "يمكنك تزوير اقتراع ميكي ماوس، ولكن إذا لم يكن ميكي ماوس مسجلا في قوائم الناخبين، فإن ورقة اقتراعه لن تحتسب".

ومع ذلك، أسر فيلم "2000 بغل" عقول ناخبي ترامب مع إصداره في أيار/مايو، وقد عرض في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك في مارالاغو مقر إقامة الرئيس السابق.

تم ذكر عبارة "بغال الاقتراع" أكثر من 324 ألف مرة على تويتر، وذُكر اسم الفيلم أكثر من 2,3 مليون مرة وفق شركة زيغنل لابس المتخصصة.

وتضمنت التغريدات إشارات إلى وضع خطط المراقبة الجارية الآن.

وقد غرد مثلا كاري ليك، المرشح الجمهوري لمنصب حاكم ولاية أريزونا، في تموز/يوليو "فليحذر البغال المحتملون: نحن نراقب الصناديق في جميع أنحاء الولاية".

بعد ذلك بأيام، دعا منشور على تطبيق تلغرام شوهد 72 ألف مرة إلى "تجمعات مراقبة ليلية بجانب كل صندوق اقتراع في أميركا".

تقول منظمة "كلين إلكشنز يو إس إيه"، وهي إحدى الجماعات التي تقف وراء جهود المراقبة في ولاية أريزونا، عبر موقعها الإلكتروني إن مهمتها هي منع الاحتيال كما يصوّره فيلم ديسوزا.

وقالت مؤسسة المنظمة ميلودي جينينغز في آب/أغسطس عبر منصة "تروث سوشال" التي أسسها ترامب، "مجرد وجودكم وحده وإدراك البغال أنه سيتم رصدهم عبر كاميراتكم المتعددة هو رادع كافٍ لجعلهم يتراجعون".

لكن لورين مينيت التي ألفت كتابا عن تزوير الأصوات، قالت إن الصور والشائعات التي تنتشر عن الناخبين يمكن أن تلهم مزيدا من المعلومات المضللة.

وأضافت "سيتم توجيه الناس إلى اعتبار ذلك دليلا على الاحتيال إذا كانوا يعتقدون بالفعل أنه يحدث... وسيكون مستحيلا إعادة ذلك المارد إلى القمقم".

ولم ترد جينينغز على أسئلة وكالة فرانس برس.

سياسيون يلتقطون اللحظة

عزز بعض السياسيين نظرية "بغال الاقتراع"، من بينهم الجمهوري مارك فينشم المرشح لتولي منصب سكرتير ولاية أريزونا، وكذلك دونالد ترامب.

نشرت جينينغز على موقع "تروث سوشال" أن صناديق الاقتراع في الأماكن العامة جرى اكتساحها مع "وصول البغال إليها والقيام بما جاؤوا لأجله"، وأعاد ترامب نشر رسالتها في حسابه الذي يحظى بـ4,38 ملايين متابع.

وشارك لاحقا منشورات لجينينغز تعرض صورا لأشخاص يستخدمون الصناديق.

ردا على ذلك، قال المحامي الديموقراطي مارك إلياس الذي تدعم منظمته الدعاوى القضائية في ولاية أريزونا إن "الجمهوريين من القمة إلى القاعدة يتحملون المسؤولية".

وأضاف "الحزب من القمة إلى القاعدة تخلى عن الديموقراطية".

الكذبة الكبيرة

وحذر خبراء من أن المرشحين الجمهوريين في جميع أنحاء الولايات المتحدة للانتخابات النصفية الوشيكة يتبنون نظرية "الكذبة الكبيرة" التي روج لها دونالد ترامب، وهي اتهامات لا أساس لها تفيد بأن الانتخابات الرئاسية لعام 2020 سرقت منه، مما يدل على التهديد الذي يواجه الديمقراطية الأمريكية.

وشكك 249 مرشحا جمهوريا في فوز الرئيس الديمقراطي جو بايدن في 567 انتخابا وطنيا ومحليا، وفقا لإحصاء مركز أبحاث "بروكينغز" ومقره واشنطن.

وأوضح مارك باير، مستشار ورئيس مكتب سابق لسناتور أمريكي أن الديمقراطية الأمريكية لم يسبق لها، منذ الحرب العالمية الثانية، أن واجهت مثل "خطر الانهيار الكبير" هذا.

وأضاف: "شكل تبني (الكذبة الكبيرة) موضوعا هاما في الحملة الانتخابية للعديد من المرشحين الذين يرفضون نتيجة الانتخابات الرئاسية. كيف سيكون رد فعل هؤلاء المرشحين إذا خسروا بشكل قانوني انتخابهم في تشرين الثاني/ نوفمبر؟".

ولم تثبت الاتهامات بالتزوير مطلقا، لكن هذا لم يمنع الرئيس السابق دونالد ترامب وحلفاءه من إقناع جزء كبير من الناخبين الجمهوريين أن جو بايدن لم ينتخب بشكل قانوني.

ويرى عديد من مناصري الحزب الجمهوري، مثل تيري بريفيت التي التقتها وكالة الأنباء الفرنسية مؤخرا في فلوريدا، أن حجم الحشود التي تتزاحم لرؤيته هو دليل قاطع على التزوير.

بمقارنة جو بايدن مع دونالد ترامب، ترى أن الديمقراطي لا يستقطب جمهورا كبيرا، بينما "عندما تذهب إلى تجمع ترامب ستجد آلاف الأشخاص يحاولون الدخول". وأكدت، بذلك "تعلم أنهم سرقوا الانتخابات".

وجعل دونالد ترامب الذي أيد أكثر من 200 مرشح جمهوري في انتخابات الـثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، الاقتناع بـ"الكذبة الكبيرة" شرطا أساسا.

وتقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية نيويورك في بوفالو، باربرا وينرت، إن "التحليلات السياسية تشير إلى أن معظم الديمقراطيات لم تتم الإطاحة بها عبر الثورات أو الانقلابات، ولكنها تتآكل من الداخل".

وأضافت: "وكذلك سيكون حال الديمقراطية الأمريكية إذا تم انتخاب الذين ينكرون نتيجة الانتخابات الرئاسية 2020، أو إذا أعيد انتخاب ترامب رئيسا".

ولن تكون هذه المخاوف ذات أهمية فيما لو كان المرشحون المعنيون هامشيين. لكن أكثر من نصفهم لديهم فرصة جيدة للفوز في الانتخابات، بحسب مركز "بروكينغز".

وينظر إلى الانتخابات المحلية، لاختيار الحكام أو النائبين العامين، على أنها بالغة الأهمية، ويقوم هؤلاء المنتخبون بتنظيم الاقتراع ويشرفون على الفرز ويصادقون على النتائج، بالتالي هم في الصف الأول.

وبحسب منظمة States United Action، فإن 58 % من الأمريكيين في 29 ولاية سيصوتون في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر في انتخابات يسعى فيها مرشح واحد على الأقل، يرفض نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 إلى تبوء هذه الوظائف.

مناهضة للديمقراطية

وإذا كان هناك قلق من أن هؤلاء المرشحين الخاسرين سيحاولون التشكيك في النتائج، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في الفائزين الذين سيمكنهم تغيير القواعد الانتخابية لصالح المرشحين التاليين الذين يشاركونهم رؤيتهم، بحسب آن كريغلر من جامعة جنوب كاليفورنيا.

وأوضحت لوكالة الأنباء الفرنسية أن "الديمقراطية هشة وعرضة للفساد إذا لم يبد المشاركون في عملية التصويت والحكومة يقظة ونزاهة".

بدوره يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة "فاندربيلت"، جون جير، إن "قص الأكاذيب ورفض الاعتراف بالحقائق أمر مناهض للديمقراطية أساسا. باختصار، بإنكار ما هو واضح، تعرض أساس ديمقراطيتنا للخطر".

كما يوجد عنصر آخر يعزز المخاوف، الولايات التي يتنافس فيها معظم هؤلاء الرافضين لنتيجة 2020 هي ولايات رئيسة، بنسيلفانيا وأريزونا وميشيغان وفلوريدا وتكساس وويسكنسن وجورجيا، ومهمة لتولي زمام الأمور في الكونغرس والبيت الأبيض.

اختبارٌ لمستقبل ترامب السياسي

يقول جون هوداك من مركز أبحاث "بروكينغز" في آخر مدوّناته، "دونالد ترامب ليس مرشّحاً في العام 2022، ولكنّ مستقبله السياسي" على المحك.

ويضيف أنّ خطّة ترامب إعادة تشكيل الحزب الجمهوري على صورته عبر هذه الانتخابات "ستجعله إما خاسراً، أو قائد سياسة الحزب لسنوات مقبلة".

يُنظر إلى العديد من المرشحين الذين أيّدهم ترامب في الانتخابات التمهيدية، على أنهم يقوّضون الانتصارات السهلة التي يمكن أن يحققها مرشحون آخرون في ساحات المعارك الانتخابية الرئيسية أمام الديموقراطيين.

من بين خيارات ترامب المثيرة للجدل، الطبيب الشهير محمد أوز في ولاية بنسلفانيا، حيث يعتبره كثيرون "غير ذي صلة" بالواقع وعرضة للزلّات الخطابية، وجي دي فانس في أوهايو وهو رأسمالي مغامر قضى معظم حياته الراشدة في وادي التكنولوجيا، كما يواجه مشكلات مماثلة لتلك التي يواجهها أوز.

الأمر ذاته في جورجيا، حيث يواجه نجم كرة القدم السابق هيرشل ووكر اتهامات حول العنف المنزلي والكذب بشأن ماضيه وصحته العقلية.

وألمح زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي يحتاج إلى مقعد واحد فقط لاستعادة غالبية مجلس الشيوخ من الديموقراطيين، إلى أنه يرى مشكلة في "نوعية المرشحين".

وفي هذا السياق، يقول هوداك إنه إذا "خسر المرشحون لمجلس الشيوخ مثل والكر وأوز وفنس ..." وبقيت الغالبية في المجلس في يد الديموقراطيين، فإنّ "ترامب سيُلام بشكل كبير".

إلّا أنّ نتائج الانتخابات السيئة لمرشّحي ترامب ستكون جيّدة لمنافسيه في انتخابات العام 2024، ومنهم ليز تشيني المعروفة بعدائها لترامب، وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس، ونائب الرئيس السابق مايك بنس.

وعدا عن تشيني، فقد استمرّ المرشّحون اليمينيون للرئاسة في ممالأة دونالد ترامب بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية.

لكن شخصيات مثل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو قد تتشجّع بسبب النتائج السيئة في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر.

يرى ديفيد غرينبرغ أستاذ التاريخ والإعلام في جامعة روتجرز، أنّ الرئيس السابق ليس لديه "إلّا القليل ليكسبه" من الانتخابات النصفية.

ويقول غرينبرغ لوكالة فرانس برس "لدى ترامب الكثير ليفقده، لأنه في حال خسر مرشّحوه، سيُنظر إليه على أنه فقد سحره".

ويضيف "العديد من الناخبين في الانتخابات التمهيدية للعام 2024 سيفكّرون مرّتين قبل دعمه مجدّداً، خصوصاً إذا ترشّح بديل شعبوي آخر، مثل ديسانتيس".

مع ذلك، من المتوقع أن تتقارب الاستطلاعات قبل تشرين الثاني/نوفمبر، وقد ينتصر جميع مرشّحي ترامب الأكثر إثارة للانقسام في النهاية.

زعيم بلا منازع

في كلتا الحالتين، يشير المحلّلون إلى أنّ العديد من الذين يشكّلون قاعدة الرئيس السابق لا يولون سوى القليل من الاهتمام لمجلس الشيوخ أو حسابات واشنطن السياسية.

ويقول عالم السياسة نيولاس كريل "على الرغم من هزيمته (في الانتخابات الرئاسية)، وإجراءي العزل اللذين تعرّض لهما، وحوالى 12 تحقيقاً جنائياً مهمة، وفضائح لا حصر لها كانت ستُغرق منذ فترة طويلة معظم السياسيين الآخرين، لا يزال ترامب زعيم الحزب بلا منازع".

ويضيف أنّ "دعم ترامب داخل الحزب الجمهوري قوي للغاية بحيث لا يمكن إلحاق الضرر به بسبب الأداء الحزبي السيئ في تشرين الثاني/نوفمبر".

ومع ذلك، يتوقّع مراقبون آخرون أنّ المشاكل القانونية التي يواجهها رجل الأعمال، بما في ذلك الفضيحة المتعلّقة بإساءة التصرف حيال وثائق حكومية سرية، ستؤثّر على آفاقه السياسية بقدر ما تؤثر الانتخابات النصفية.

بالنسبة إلى إيرينا تسوكرمان، المحلّلة الجيوسياسية المقيمة في نيويورك، يُنظر إلى ترامب بشكل متزايد على أنه "عبء سياسي" غير قادر على الفوز في انتخابات رئاسية مستقبلية، حتى ضدّ ديموقراطي ضعيف.

وتقول لفرانس برس "بشكل عام، يبدو أنّه سيتراجع عن الترشّح في العام 2024، وهو ما قد لا يفعله لأسبابه الخاصة، مثل تجنّب الإحراج والاحتفاظ بالمال الذي يجمعه حالياً".

لم يجب مكتب ترامب على طلب للتعليق.

خسارة بايدن

ويبدو الجمهوريون في موقع جيّد من شأنه أن يسمح لهم بسلب الأغلبية في الكونغرس من الرئيس الديموقراطي.

وستشكلّ خسارة السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في انتخابات 8 تشرين الثاني/نوفمبر هزيمة كبيرة لبايدن الذي كان لا يزال متقدمًا في استطلاعات الرأي قبل أن تقوّض الصعوبات الاقتصادية التي تشهدها الولايات المتحدة هذا التقدم.

وتنتقد المعارضة الجمهورية يوميًا سجلّ بايدن وحزبه على خلفية التضخم الذي يعدّ الشاغل الأول للناخبين الأميركيين وفق استطلاعات الرأي.

وقال الرئيس الأميركي "إن الاستطلاعات قالت كل شيء ونقيضه"، مضيفًا "الجمهوريون في الصدارة ثم الديموقراطيون في الصدارة ثم الجمهوريون في الصدارة (...) لكنني أعتقد أن الأمر سينتهي مع الديموقراطيين في الصدارة".

وفي مواجهة الاستياء المتزايد من التضخم وخطر الركود الذي يقلل من فرص مثل هذا النجاح الانتخابي، يعتمد الزعيم الديموقراطي على السخط الناجم عن تغيير موقف المحكمة العليا بشأن الإجهاض لجمع الأصوات من اليمين ومن اليسار.

في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، "يتمتّع الأميركيون بخيار"، وفق ما يكرر جو بايدن. ويحثّ الأميركيين على منحه أغلبية برلمانية كافية لجعل حق الإجهاض مصانًا بموجب القانون من جديد على جميع الأراضي الأميركية وحماية زواج المثليين وحظر استخدام الأسلحة الهجومية.

عمليًا، المنافسة للسيطرة على الكونغرس قائمة في عدة ولايات حاسمة، هي الولايات نفسها التي كانت أصواتها حاسمة خلال الانتخابات الرئاسية للعام 2020.

ويكرر بايددن من جهته أيضًا أنه "ينوي" الترشح لانتخابات 2024، ما ينذر بإعادة تشكيل محتملة لمبارزة 2020.

اضف تعليق