q
تسعى العديد من الفرق المشاركة في البطولة للفت الانتباه للقضايا التي واجهت قطر فيها انتقادات من بينها حقوق مجتمع الميم في البلاد التي فيها المثلية الجنسية غير قانونية. يظهر الفريق الأمريكي دعمه لمجتمع الميم بشعار بألوان قوس قزح داخل منشأة التدريب، وستباع قمصان سيرتديها فريق هولندا في مزاد...

لم يكن طريق قطر لكأس العالم مفروشا بالورود، بل على النقيض من ذلك كان مليئا بأشواك الانتقادات لسجلها في حقوق الإنسان، ولا يزال أمامها الكثير لتقوم به لتسيير فعاليات البطولة بسلاسة كي تبقى صورتها في الذاكرة على أنها موقع استضافة ناجح، وليساعد ذلك في تأكيد مكان ومكانة الدوحة على الساحة العالمية.

والجدل الذي أحاط بقرار منح قطر حق استضافة كأس العالم لفترة طويلة تحول إلى تداخل من أصوات عدة بتمحيص وتدقيق لا يكل ولا يمل في أوضاع العمالة الوافدة لديها ومعاملتها لهم وكذلك ما يخص "مجتمع الميم" الأمر الذي دفع أمير قطر لاتهام منتقدي بلاده بازدواجية المعايير والتلفيق. بحسب رويترز.

ويقول محللون إنه مع استعداد قطر لانطلاق البطولة يوم الأحد، ستكون معايير النجاح هي أن يستمتع المشجعون والجماهير بالمباريات دون وقائع ولا أحداث جسام مما يسمح للدوحة بصرف الانتباه عن الانتقادات.

وعلى المحك الكثير بالنسبة للدولة الخليجية صغيرة المساحة قليلة السكان والتي يبلغ عدد المواطنين القطريين فيها نحو 350 ألفا فقط، يمكن أن تسعهم جميعا الاستادات الثمانية الجديدة التي بنتها قطر لاستضافة كأس العالم.

بالنسبة لقطر، التي تمكنت من النجاة والتعايش كدولة مستقلة منذ 1971 في محيط تشوبه المنافسات في أغلب الأحيان، تعد استضافة كأس العالم جزءا من استراتيجية أوسع نطاقا للعب دور أكبر من حجمها في الشؤون الدولية. وقطر مصدر كبير للغاز وتستضيف قوات أمريكية وتتوسط في صراعات وتمول شبكة قنوات الجزيرة الإخبارية ذات التأثير الواسع.

ويقول مارك أوين جونز الأستاذ المساعد في جامعة حمد بن خليفة "هناك الكثير جدا من التغطية السلبية التي تركز على حقوق العمالة وحقوق الإنسان. إدارة كأس العالم هو الفرصة الوحيدة التي تراها قطر للخلاص من ذلك".

ويضيف "مؤشرات إقامة كأس عالم ناجح ستكون كتدريب على بناء علامة تجارية وطنية، لوضع قطر في موقع المركز الرياضي المهم في الشرق الأوسط والعالم العربي الأوسع... وعلى مستوى القوة الناعمة، ستوضح أن قطر لاعب عالمي ومتعدد الأوجه".

النفاق الغربي

أول دولة في الشرق الأوسط تستضيف كأس العالم لكرة القدم، حقيقة احتفت بها قطر باعتبارها نقطة تحول للمنطقة، وذلك عندما تم الإعلان عن منح قطر حق تنظيم البطولة في عام 2010.

لكن مسؤولين قطريين بدوا مستائين بشكل متزايد مما يعتبرونه انتقادات ظالمة تضمنت دعوات بالمقاطعة.

وقال وزير الخارجية إن الدعوات لمثل تلك الخطوة جاءت من عدد محدود من الدول تُعد على أصابع اليد، عشرة على الأكثر، ولا تُعتبر ممثلا لبقية العالم الذي يتطلع للبطولة.

وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لصحيفة لوموند الفرنسية "الذرائع التي تُساق لمقاطعة كأس العالم ليست منطقية. هناك الكثير من مخالفة الواقع في تلك الهجمات التي تتجاهل كل ما حققناه".

تسعى العديد من الفرق المشاركة في البطولة للفت الانتباه للقضايا التي واجهت قطر فيها انتقادات من بينها حقوق "مجتمع الميم" في البلاد التي فيها المثلية الجنسية غير قانونية.

يظهر الفريق الأمريكي دعمه لمجتمع الميم بشعار بألوان قوس قزح داخل منشأة التدريب، وستباع قمصان سيرتديها فريق هولندا في مزاد لدعم العمالة الوافدة في قطر.

وضغطت اتحادات كرة القدم لعشر دول أوروبية منها إنجلترا وألمانيا على الفيفا للتحرك لتحسين حقوق العمالة الوافدة في قطر.

وفي اختلاف للغة الخطاب، حثت فيفا الفرق المشاركة على التركيز على كرة القدم في قطر وعدم السماح بجر الرياضة "لمعارك" أيديولوجية أو سياسية، وهي دعوة أيدتها البرازيل. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه على ثقة بأن تنظيم البطولة سيكلل بالنجاح.

وردا على الانتقادات الموجهة لها، تشير قطر لإصلاحات في قواعد وقوانين العمل بهدف حماية العمالة الوافدة من الاستغلال وتقول إن النظام المعمول به قيد التطوير. وقال منظمون مرارا إن الكل موضع ترحيب بغض النظر عن ميولهم الجنسية وخلفياتهم.

لكنهم حذروا أيضا من سلوكيات بعينها في الدولة المسلمة المحافظة التي يمكن فيها معاقبة من يجهر بالسكر بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر، كما يمكن لإظهار العاطفة والحميمية في العلن أن يتسبب في الاعتقال.

ومع توقع وفود زوار ومشجعين وجماهير يفوق عددهم المليون، يشكل الحدث تحديا لوجيستيا ضخما.

وحث السفير الأمريكي الشرطة القطرية والسلطات على سعة الصدر، والتسامح والشفافية في إدارة تلك الفعاليات. وقالت السفارة الأمريكية وسفارات أخرى للجماهير والمشجعين إنهم قد يتعرضون للمساءلة القانونية أو العقاب بسبب سلوكيات لا تثير مشكلات في دول أخرى.

وتقول زرقاء برويز عبد الله وهي أستاذ مساعد ملحق في جامعة جورج تاون في قطر "قصة نجاح قطر تسير على خيط رفيع بين الانتقاد الدولي والانتقاد الداخلي، بين التمسك بالثقافة المحلية والانفتاح على العالم الخارجي".

من جهته اتهم جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) منتقدي طريقة معاملة قطر للعمال المهاجرين بالنفاق، مضيفا أن التعاون هو السبيل الوحيد لتحسين حقوق الإنسان.

وفي ملاحظات مطولة غاضبة أحيانا، جاءت في مستهل مؤتمر صحفي في اليوم السابق على انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم في الدولة الخليجية، هاجم إنفانتينو المنتقدين الأوروبيين للدولة المضيفة فيما يتعلق بقضايا العمال الوافدين وحقوق المثليين.

وقال "أنا أوروبي. وبسبب ما فعلناه على مدى 3000 عام في جميع أنحاء العالم، يجب أن نعتذر لمدة 3000 سنة مقبلة قبل إعطاء دروس أخلاقية".

وأضاف "أجد صعوبة في فهم الانتقادات. علينا أن نستثمر في مساعدة هؤلاء الناس، في التعليم ومنحهم مستقبلا أفضل والمزيد من الأمل. يجب علينا جميعا أن نثقف أنفسنا، فالكثير من الأشياء ليست مثالية ولكن الإصلاح والتغيير يستغرقان وقتا".

ومضى يقول "هذا الدرس الأخلاقي الأحادي الجانب نفاق محض".

وأضاف "ليس من السهل تقبل الانتقادات لقرار جرى اتخاذه قبل 12 عاما. الدوحة جاهزة وقطر جاهزة وبالطبع ستكون أفضل بطولة لكأس العالم على الإطلاق".

وتحدث إنفانتينو عن تجربته الشخصية كطفل لعمال مهاجرين نشأ في سويسرا، قائلا إنه تعرض للتنمر لكونه إيطاليا ولأن شعره أحمر ويظهر على وجهه النمش.

وقال "أعرف كيف يشعر من يتعرض للتمييز، أعرف ما يعنيه التعرض للتنمر".

وأضاف "ما ستفعل؟ تبدأ في المشاركة، هذا ما يجب أن نفعله... الطريقة الوحيدة للحصول على النتائج هي من خلال المشاركة".

وقال "أعتقد أن التغييرات التي حدثت في قطر ربما لم تكن لتحدث، أو على الأقل ليس بهذه السرعة (بدون كأس العالم). بالطبع نحتاج لمواصلة الضغط وبالطبع نحتاج لمحاولة جعل الأمور أفضل".

وأثارت تصريحات إنفانتينو انتقادات من المدافعين عن حقوق الإنسان.

فقال ستيف كوكبيرن من منظمة العفو الدولية "برفض الانتقادات المشروعة بشأن حقوق الإنسان، يكون جياني إنفانتينو بذلك متجاهلا الثمن الباهظ الذي دفعه العمال الوافدون لجعل إقامة هذه البطولة ممكنة، وكذلك مسؤولية الفيفا عنها".

وتابع أن الطلبات بتعويض عادل لا يجب أن "تعتبر نوعا من الحرب الثقافية".

كما وصف نيك ماكجيهان من مجموعة فير سكوير المدافعة عن حقوق العمال الوافدين تصريحات إنفانتينو بأنها "حمقاء" و"طائشة".

وقالت قطر إنها دولة مضيافة لا تميز بين الناس ونفت الاتهامات بإساءة معاملة العمال.

ودافع إنفانتينو أيضا عن حضور إيران في البطولة على الرغم من الموجة الحالية من الاحتجاجات الدامية هناك والتي أشعلتها وفاة امرأة احتجزتها الشرطة في سبتمبر أيلول.

وقال "ليست مباراة بين نظامين، وبين أيديولوجيتين، بل بين فريقي كرة قدم".

وأضاف "إذا لم تجمع بيننا كرة القدم... في أي عالم سنعيش؟ يوجد في إيران 80 مليون شخص، هل كلهم سيئون؟ هل كلهم وحوش؟"

حظر بيع الجعة

وعن قرار حظر بيع الجعة في الملاعب خلال البطولة، قال إنفانتينو إن الفيفا فشل في إقناع الحكومة القطرية بالالتزام بالقرار الأصلي بالسماح بذلك.

وأضاف أنه تلقى تأكيدات من أعلى مستوى في الحكومة القطرية بأنه سيتم الترحيب بمجتمع الميم في البلاد للمشاركة في كأس العالم.

والعلاقات المثلية غير قانونية ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات في قطر. وأثار بعض نجوم كرة القدم مخاوف بشأن حقوق المشجعين الذين سيسافرون لحضور الحدث، لا سيما المثليين والنساء، الذين تقول جماعات حقوقية إن القوانين القطرية تنطوي على تمييز ضدهم.

وفي نهاية غير عادية للمؤتمر الصحفي، التقط برايان سوانسون، مدير العلاقات الإعلامية في الفيفا، الميكروفون للدفاع عن إنفانتينو.

وقال "لقد رأيت الكثير من الانتقادات لجياني إنفانتينو منذ أن انضممت إلى الفيفا، ولا سيما من مجتمع الميم".

وأضاف "أنا أجلس هنا في موقع متميز على منصة عالمية كرجل مثلي الجنس هنا في قطر. لقد تلقى (إنفانتينو) تأكيدات بأن الجميع سيكونون موضع ترحيب... كون جياني إنفانتينو ليس مثليا لا يعني أنه لا يهتم. إنه يهتم".

وستبقى الجعة متاحة في أجنحة الشخصيات الكبرى في الملاعب، ومنطقة المشجعين الرئيسية في الدوحة التابعة لفيفا وبعض مناطق المشجعين الخاصة ونحو 35 فندقا وحانات في المطاعم.

وأثارت مسألة تناول المشروبات الكحولية خلال مونديال 2022، جدلا في هذه الدولة المسلمة المحافظة بعد نيلها شرف التنظيم في كانون الأوّل/ديسمبر عام 2010، لا سيما بان استهلاك الكحول في الأماكن العامة ممنوع فيها، كما لا يُسمح للزوار بإحضارها إلى البلاد، لكن يمكنهم الحصول عليها فقط في بعض حانات الفنادق والمطاعم. ويمكن للمغتربين غير المسلمين شراءها من متجر مخصّص يتطلب تصريحاً خاصاً.

وتتوقع قطر حضور أكثر من مليون مشجع إلى البلاد خلال المونديال على مدار البطولة التي تستمر لـ29 يوماً. ويرتبط فيفا بعقد رعاية طويل الأمد مع شركة "بادوايزر" العملاقة المنتجة للجعة المملوكة من قبل "AB InBev".

ولفت البيان إلى أن "منظمي البطولة يعربون عن تقديرهم لتفهم شركة AB InBev ودعمها المستمر لالتزامنا المشترك من أجل خدمة الجميع خلال كأس العالم 2022 في قطر".

وبعيد ذلك، قالت متحدثة باسم مجموعة "إيه بي إن بيف" في رسالة إلى وكالة فرانس برس، إن الشركة أُحيطت علماً بالقرار، مقرّة بأن بعض العمليات التي كانت مرتقبة في الملاعب لهذا الحدث الكروي "لا يمكن أن تستمر".

وكانت قطر الدولة المسلمة المحافظة، وعدت بتخفيف التشدد في تطبيق قوانينها خلال هذا الحدث العالمي الذي ينطلق الأحد.

من جانبه، قال اتحاد مشجعي كرة القدم في انكلترا في بيان إن "المشكلة الحقيقية تتمثل في التغير في اللحظة الأخيرة ما يعكس مشكلة أوسع- وهي الافتقار التام للتواصل والوضوح من قبل اللجنة المنظمة تجاه المشجعين".

وبحسب البيان فإنه "حال تمكنوا من تغيير رأيهم بهذا الشأن في أي لحظة، دون تقديم أي تفسير، فسيوجد لدى المشجعين مخاوف مفهومة إن كانوا سيقومون بالإيفاء بتعهداتهم الاخرى المتعلقة بالسكن والتنقل أو المسائل الثقافية".

وكان الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم ناصر الخاطر، أكد في ايلول/سبتمبر الماضي أن "هناك سوء فهم في ما يتعلق ببيع الكحول في الملاعب. نحن نعمل مثل أي كأس عالم أخرى حيث يكون هذا الامر عادياً".

وبحسب الخاطر "قلنا دوماً ان مبيعات الكحول متاحة هنا في قطر. قلنا أيضاً اننا سنتيحها في أماكن مخصّصة".

وفي شوارع العاصمة الدوحة، كانت ردود أفعال المشجعين الذين التقتهم فرانس برس أكثر اتزاناً.

وقال المكسيكي أليكس بورغوس (45 عاماً) "هذه ليست مشكلة بالنسبة لي. كنا نعلم أنه ستكون هناك قيود. أنا هنا لمشاهدة كرة القدم والتعرف على الناس".

من جهتها، قالت ديانا (31 عاماً) التي جاءت لدعم الإكوادور "إنه أمر مؤسف. في هذا الوقت ومع هذه الحماسة، كنا سنحب أن نشرب الجعة من وقت لآخر، لكن ذلك جيد لتجنب المعارك".

أما سكان قطر فمنقسمون. فقال أيو وزير (26 عاماً) إنه "يجب السماح بذلك لأن الكثير من الناس يأتون من كل أنحاء العالم، وكان فيفا يفعل ذلك من قبل".

أما هاشم وليد (20 عاماً) فقال ساخراً "أعلم أن الإنكليز لن يكونوا سعداء، لكن ليس لدينا كل ما نريده في الحياة".

مقاطعة اعلامية

من جهته قال رئيس تحرير صحيفة هلسنجين سانومات إن أكبر صحيفة يومية في فنلندا ألغت تكليف صحفييها بتغطية بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر بعد اكتشافها أنهم سيقيمون في شقق طُرد منها عمال مهاجرون.

وقال رئيس قسم الرياضة في الصحيفة الفنلندية، إركي كيلمانن، لرويترز إن القيود التي فرضتها السلطات القطرية على الصحفيين مسبقا دفعت الصحيفة إلى التفكير لعدة أشهر فيما إذا كانت سترسل صحفييها إلى قطر أم لا، لكنها قررت في النهاية إلغاء الرحلة منذ أسابيع قليلة مضت.

وأضاف كيلمانن "أماكن الإقامة التي حجزها لنا المنظمون كانت تحديدا في المنطقة التي تم فيها إخلاء الناس وفقا لتقرير لرويترز وجهات أخرى".

وأشار كيلمانين إلى منطقتي السد والمنصورة في وسط العاصمة القطرية الدوحة حيث أخلت السلطات المباني السكنية التي كانت تؤوي آلاف العمال الآسيويين والأفارقة قبل بضعة أسابيع لتوفير غرف لمشجعي كرة القدم الزائرين.

تسييس الرياضة

بدوره قال الرئيس البرازيلي المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إنه لا جدوى من مناقشة أسباب استضافة قطر لكأس العالم هذا العام، وإن على الجماهير التركيز على المباريات بدلا من ذلك.

وأضاف في مؤتمر صحفي في العاصمة البرتغالية لشبونة "لا أعرف المعايير التي تم على أساسها اختيار قطر لكن الحُكم على ذلك لا يرجع إلينا لأن ذلك تقرر بالفعل.. ما نريده هو أن يؤدي اللاعبون بشكل جيد".

اما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد اعتبر أنه "يجب عدم تسييس الرياضة"، وقال ماكرون الذي يدافع منتخب بلاده عن اللقب العالمي الذي حققه في روسيا عام 2018، "أعتقد أنه يجب عدم تسييس الرياضة"، وذلك خلال حديثه مع الصحافيين عند وصوله الى بانكوك للمشاركة في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك).

وأضاف "يجب معالجة هذه المسائل عند منح حقّ استضافة الحدث".

ورأى ماكرون الذي سبق أن أعلن أنه سيذهب إلى قطر إذا وصلت فرنسا للدور نصف النهائي، أن "تسييس الرياضة فكرة سيئة للغاية"، مذكرًا بأن بلاده ستستضيف الألعاب الأولمبية عام 2024.

تنظيم القاعدة والمخاوف الأمنية

وفي سياق متصل حث فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية المسلمين في جميع أنحاء العالم على تجنب بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تنطلق يوم الأحد في قطر، لكنه لم يصل إلى حد التهديد بشن هجمات أو التشجيع على العنف فيما يتعلق بالحدث، وذلك وفقا لبيان نقلته مجموعة مراقبة.

وانتقد فرع القاعدة الذي يتخذ من اليمن مقرا، قطر "لجلبها الفاسقين والمثليين وزارعي الفساد والكفر إلى شبه الجزيرة العربية" وذلك بحسب ما ورد بالإنجليزية على موقع مجموعة سايت للاستخبارات. وقال فرع التنظيم إن الحدث يصرف الانتباه عن احتلال دول المسلمين وقمعهم.

وجاء في البيان الذي أوردته مجموعة سايت يوم السبت "نحذر إخواننا المسلمين من متابعة هذا الحدث أو حضوره".

وقال منظمو بطولة كأس العالم، ردا على الانتقادات الموجهة لسجل قطر في حقوق الإنسان بما يشمل مجتمع الميم والقيود الاجتماعية، إن الجميع، بغض النظر عن ميولهم الجنسية أو خلفياتهم، مرحب بهم خلال الحدث.

وقالت قطر إنها دربت أكثر من 50 ألف شخص لتوفير الأمن خلال البطولة، بمساعدة قوات أجنبية تحت قيادة قطرية.

وعينت اللجنة الأمنية لكأس العالم لكرة القدم في قطر مئات الرجال، بعضهم ليس لديه خبرة، للعمل كحراس أمن مكلفين بمراقبة الجماهير داخل الملاعب، وذلك قبل أقل من ثلاثة أسابيع على انطلاق البطولة، حسبما قال اثنان من هؤلاء المُعينين لرويترز.

وحضر الرجال من دول مثل الهند وباكستان وبنجلادش والسودان وإندونيسيا تدريبا نظريا في كلية الشرطة القطرية في أوائل نوفمبر تشرين الثاني واستلموا الزي الرسمي وشاركوا في دورات تدريبية بالملاعب لأول مرة قبل أيام فقط من أحد أكبر الفعاليات الرياضية في العالم.

وقال أحد المعينين إن البعض لديه خلفيات أمنية لكن هناك أيضا عمال يتقاضون أجرا يوميا وسائقون وعاملون بالمكاتب.

وتسلط استعدادات اللحظة الأخيرة الضوء على التحديات اللوجستية التي تواجهها قطر قبل انطلاق البطولة يوم الأحد. ودربت الدولة الخليجية الصغيرة أكثر من 50 ألف شخص على توفير الأمن لحوالي 1.2 مليون زائر من جميع أنحاء العالم.

ووفقا لأحد حراس الأمن، تلقى المعينون تدريبا لمدة كانت تصل إلى عشر ساعات يوميا على التعامل مع المشاكل المحتملة خلال السيطرة على الحشود ومن بينها سبل التعامل مع الثملين.

وقال الحارس المكلف بمراقبة ما بين 50 و100 شخص في جزء من المدرجات ليس قريبا من الملعب "نتحدث معهم لنعرف حالتهم الصحية. إذا كان الشخص يستطيع السير، سندعه يمضي في طريقه. وإذا لم يكن كذلك، ستتدخل فرق الإسعاف".

ويُقدر الحارس أنه تم توظيف أكثر من 1200 شخص في مجموعته جميعهم مقيمون في قطر.

وتواجه قطر، التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة يمثل المواطنون منهم حوالي 12 بالمئة، نقصا في عدد الموظفين مع استعدادها للبطولة التي تستمر شهرا.

وقطر هي أول دولة في الشرق الأوسط وأصغر دولة على الإطلاق تستضيف كأس العالم لكرة القدم. ورغم أنها أنفقت مليارات الدولارات على البنية التحتية، فإنها لم تنظم أبدا حدثا بهذا الحجم، كما أن البطولة ستُقام في مدينة واحدة أو حولها، وهو أمر غير معتاد في البطولة.

واستدعت قطر مئات المدنيين، من بينهم دبلوماسيون بالخارج، لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية في إدارة نقاط تفتيش أمنية في مواقع كأس العالم.

وهناك سبعة من الملاعب الثمانية التي تقام فيها المباريات جديدة تماما، ولم تشهد تقريبا حضور حشود كبيرة من قبل.

وسيستضيف استاد لوسيل، الذي تبلغ سعته 80 ألف مشجع، المباراة النهائية في 18 ديسمبر كانون الأول. وشهد فعالية واحدة كبيرة على سبيل التجربة بحضور حشد ضم نحو 78 ألف شخص.

وسيراقب الحراس، الذين سمعوا عن الوظائف من خلال معلومات تم تناقلها شفهيا وأجريت لهم مقابلات في أواخر أكتوبر تشرين الأول، أقساما داخل الملاعب ويبلغون المشرفين عند حدوث أي مشكلة.

وستجري إحالة أي مشاكل خطيرة إلى "قوة خاصة".

ولم ترد الحكومة القطرية ولا اللجنة العليا للمشاريع والإرث، المسؤولة عن تنظيم كأس العالم 2022 في قطر، على طلب للتعليق.

وقال متحدث باسم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) "فيما يتعلق بالاستعدادات، كانت سلطات الأمن والشرطة القطرية حاضرة منذ عام 2010 في جميع فعاليات كرة القدم الكبرى والألعاب الأولمبية".

وأضاف "تم تنفيذ برامج تدريبية مكثفة ومعتمدة دوليا فيما يتعلق بالأمور الرئيسية مثل سلامة الحشود والسيطرة عليها، والأمن وإدارة المخاطر، وتدابير الطوارئ لمواجهة الحوادث الخطيرة".

وقال الحارس الثاني إن هؤلاء المعينين لا يمكنهم التدخل في حالة وقوع اشتباك جسدي، وليس لديهم سلطة اعتقال أحد.

وأضاف "لن نتدخل في أي نوع من حالات الطوارئ. هناك بالفعل قوى أخرى لذلك. مهمتنا هي فقط المراقبة والإبلاغ".

حضور جدلي

من جهته وصل ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان إلى الدوحة لحضور حفل افتتاح بطولة كأس العالم يوم الأحد في إظهار للتضامن الخليجي بعد انتهاء خلاف إقليمي استمر ثلاثة أعوام العام الماضي.

وقال الديوان الأميري لدولة قطر في بيان إن الشيخ عبد الله بن حمد آل ثاني، نائب أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كان في استقبال الأمير محمد لدى وصوله إلى الدوحة.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع قطر في الفترة من 2017 إلى يناير كانون الثاني 2021 بسبب اتهامات بأن الدوحة تدعم "الإرهاب"، في إشارة إلى الجماعات الإسلامية. ونفت الدوحة الاتهامات.

وخلال العام الماضي، قادت الرياض والقاهرة جهودا لإصلاح العلاقات وتعيين سفيرين في قطر، في حين لم تتخذ أبوظبي والمنامة خطوة مماثلة. وأعادت هذه الدول جميعا باستثناء البحرين روابط السفر والتجارة مع قطر.

وزار الأمير محمد الدوحة أواخر العام الماضي في أول رحلة رسمية له إلى قطر منذ تعيينه وليا للعهد في عام 2017.

كما تلقت شركة تي.يو.إس للطيران التي تتخذ من قبرص مقرا لها التصريح النهائي بتسيير رحلات بدون توقف من إسرائيل إلى قطر خلال كأس العالم لكرة القدم، حسبما قال مصدر في الشركة لرويترز.

وقال المصدر إن شركة الطيران ستسير ست رحلات جوية بين تل أبيب والدوحة ابتداء من يوم الأحد.

وأعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الأسبوع الماضي أن قطر ستسمح بأول رحلات جوية مباشرة من إسرائيل خلال نهائيات كأس العالم، والتي يمكن للفلسطينيين السفر عليها أيضا.

ومن المتوقع حضور ما بين عشرة آلاف وعشرين ألف إسرائيلي للمباريات التي تستمر شهرا في قطر في تدفق غير مسبوق بعد أن أدخلت قطر وفودا محدودة العدد والأهمية فحسب على مدى سنوات.

ثروة قطر وسياستها

تتسلط الأضواء على قطر المستضيفة لكأس العالم لكرة القدم عندما تبدأ البطولة يوم الأحد، وهي دولة لها مركز قوة في مجال الطاقة والاستثمار والإعلام، كما أن لديها نفوذا دبلوماسيا كوسيط وفي صناعة القرارات السياسية.

واستغلت الدولة العربية الخليجية شبكة معقدة من الصداقات غذتها ثروتها من الغاز لتصبح الوسيط الذي يتم اللجوء إليه في الدبلوماسية الدولية، وهي مقر أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط كما فتحت أبوابها أيضا لإسلاميين ولها علاقات بإيران.

وبتوظيف علاقات سياسية واسعة النطاق، ساهمت قطر في الإفراج عن رهائن وفي إبرام اتفاقات سلام في دول مثل السودان والصومال.

رسخت قطر مكانتها كطرف رئيسي في مجال وسائل الإعلام الإخبارية منذ تأسيس شبكة قنوات الجزيرة في الدوحة في عام 1996.

وساهمت الجزيرة، التي تعكس وجهة نظر قطر في الشؤون الدولية والإقليمية، في تشكيل الرأي العام في العديد من الدول العربية مما دفع سلطات بعضها لحظر القناة مثل ما فعلته مصر.

كما تمتلك قطر قناة (بي.إن)، وهي مجموعة إعلامية ضخمة تملك حقوق البث الرسمية لمباريات كأس العالم في أغلب دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأيضا في فرنسا.

جهاز قطر للاستثمار هو الذي يسيطر على أغلب الثروة القطرية، وتقدر جلوبال إس.دبليو.إف المعنية برصد صناديق الثروة السيادية أن الجهاز لديه 445 مليار دولار من الأصول تحت إدارته.

كما يمتلك جهاز قطر للاستثمار مجموعة كبيرة من المصالح التجارية، تشمل أصولا عقارية وفندقية ضخمة في بريطانيا.

كما يمتلك حصة نسبتها 19 بالمئة من شركة النفط الروسية العملاقة التي تدعمها الدولة روسنفت.

وجهاز قطر للاستثمار من أكبر المساهمين كذلك في مجموعة كريدي سويس.

قطر تحتل المركز الثالث في قائمة أكبر دول تمتلك احتياطات موثقة للغاز في العالم بعد روسيا وإيران. وحقل الشمال لديها من بين أكبر حقول الغاز في العالم وهو حقل تتشارك فيه مع إيران التي تسمي نصيبها منه جنوب فارس. وتوسع قطر حاليا من طاقتها الإنتاجية للغاز وتتوقع زيادة تفوق نسبتها 60 بالمئة في ذلك بحلول 2027.

اضف تعليق