q
منوعات - علوم

من سيمتلك القمر؟

تتفق الدول على أنه لا ينبغي لأحد أن يمتلك مساحات خاصة تابعة لها في الفضاء، لكن المناقشات القانونية حول امتلاك وبيع المواد المستخرجة من القمر والكواكب وتوابعها سرعان ما أصبحت نقاط توتر قد تتصاعد في الفترة المقبلة، يبدو أن رواد الفضاء سيعيشون ويعملون على القمر بحلول عام 2030...

تتفق الدول على أنه لا ينبغي لأحد أن يمتلك مساحات خاصة تابعة لها في الفضاء، لكن المناقشات القانونية حول امتلاك وبيع المواد المستخرجة من القمر والكواكب وتوابعها سرعان ما أصبحت نقاط توتر قد تتصاعد في الفترة المقبلة، اذ يمهد برنامج ارتميس الطريق لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر مجدداً بعد نصف قرن من آخر رحلة بشرية إليه.

القمر أقرب جيراننا في الفضاء والمكان الوحيد خارج الأرض الذي وطئته أقدام البشر، بهاؤه يخطف الأبصار، ولولاه لما استمرت الحياة على الأرض تقريبا، ربما لذلك نحبه، يساعد وجود القمر على استقرار تذبذب كوكبنا، مما يساعد على استقرار مناخنا، يبلغ حجم قمرنا الوحيد ربع حجم الأرض تقريبا، وتتراوح درجة حرارته بين -173 و127 درجة مئوية، طول يومه نفس طول سنته ويبلغ 27 يوما أرضيا.

كم يبعد القمر عن الأرض؟ يدور القمر حول الأرض على مسافة متوسطة تبلغ 383 ألفا و400 كيلومتر، مما يعني أن الطيران إلى هناك على متن طائرة تجارية سيستغرق أكثر من 17 يوما دون توقف، مداره ليس دائريا تماما، ولكنه يتراوح بين 252 ألفا و225 ألفا و600 كيلومتر.

ما هي أهمية القمر؟ يجعل القمر -وهو ألمع وأكبر جسم في سماء الليل- كوكب الأرض أكثر ملاءمة للعيش من خلال تعديل تذبذب كوكبنا الأصلي حول محوره، مما يؤدي إلى مناخ مستقر نسبيا، كما أنه يسبب المد والجزر، مما يخلق إيقاعا يوجه البشر لآلاف السنين.

كيف تشكل القمر؟ في وقت مبكر من تكوين النظام الشمسي قبل حوالي 4.5 مليارات سنة كان للعديد من الكواكب الناشئة والكواكب الأولية مدارات متداخلة وغير مستقرة مما جعلها في نطاق الاصطدام، ويعتقد العلماء أن القمر تشكل خلال هذه الفترة عندما اصطدمت الأرض بجسم بحجم المريخ، ثم التحم الحطام المتبقي من الاصطدام مع بعضه لتكوين القمر.

لماذا أطلقوا عليه "القمر"؟ يطلق على قمر الأرض اسم "القمر"، لأن الناس لم يعرفوا أقمارا أخرى حتى اكتشف غاليليو غاليلي 4 أقمار تدور حول المشتري في عام 1610، ويعد قمر الأرض هو خامس أكبر قمر بين أكثر من 190 قمرا تدور حول الكواكب في نظامنا الشمسي.

كم مرة هبط الناس على القمر؟ القمر هو المكان الأول خارج الأرض الذي حاول البشر الوصول إليه مع بدء عصر الفضاء في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وبينما تم إطلاق أكثر من 105 مركبات فضائية آلية لاستكشاف سطح القمر فإن 24 شخصا فقط سافروا إليه من الأرض، مشى منهم 12 شخصا على سطحه، وخلال هذه المهمات جمع رواد الفضاء عينات وأجروا تجارب علمية.

وكانت جميع عمليات الهبوط البشرية الست حتى الآن جزءا من برنامج "أبولو" (Apollo) التابع لناسا، والذي استمر بين عامي 1961 و1972، ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد إلى القمر على الرغم من وجود مقترحات متكررة للعودة، وتستعد ناسا الآن لإقامة وجود دائم على سطح القمر.

انطلاق مهمة أرتميس

انطلقت في الساعات الأولى من صباح الأربعاء مهمة ارتميس 1 (Artemis I) التاريخية وذلك بعد أشهر من الترقب/ يقوم البرنامج على فكرة إرسال مركبة فضائية غير مأهولة إلى القمر، في خطوة لتمهيد الطريق لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر مجدداً بعد نصف قرن من آخر رحلة بشرية إليه.

يهدف البرنامج التابع لوكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية إلى بناء معسكر على سطح القمر خلال السنوات الست المقبلة، وبناء المزيد من مراكز البحث خلال العقد المقبل. كما أعلنت إدارة الفضاء الوطنية الصينية ووكالة الفضاء الفيدرالية الروسية ، روسكوزموس ، عن خطط لبناء قواعد قمرية خاصة بهما في الفترة نفسها.

يطرح احتمال استعمار الفضاء بعض الأسئلة الكبيرة. أحدها هو ما إذا كان يمكن للدول أو الشركات امتلاك القمر أو الأجرام السماوية الأخرى، وفقًا لألكسندر سوتشيك، رئيس القانون الدولي العام في وكالة الفضاء الأوروبية، فإنه لا يمكن لأي جهة أن تفعل ذلك، ويضيف قائلاً: "يمكن لأي دولة أن ترفع علماً على القمر، ولكن الأمر ليس له أي معنى أو نتيجة قانونية. فوفقاً لمعاهدة الفضاء الخارجي فإنه لا يمكن لدولة أن تدعي السيادة على القمر أو أن تجعله أرضاً خاصة بها.

وأوضح سوتشيك أن هذا القانون يمتد ليشمل الشركات الخاصة مثل شركة سبيس اكس SpaceX التي أنشأها ايلون ماسك، وقال: "نحن نتحدث هنا عن القانون الدولي .. الدول ملزمة بتطبيق القانون على مواطنيها والشركات الخاصة في أراضيها".

ملكية خاصة على القمر؟ لكن ماذا يحدث إذا استخرج الناس بعض المواد والعناصر من القمر؟ هل يمكنهم امتلاكها وبيعها؟ يقول سوتشيك: "قد تقول دولة ما إنها ليست لديها مصلحة في اعتبار القمر أرضاً وطنية تابعة لها، لكنها مهتمة بامتلاك المواد المستخرجة من القمر أو المريخ وبيعها مرة أخرى على الأرض".

وتنبع التوترات من تفسيرات قانونية مختلفة للمادة 2 من معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، والتي تنص على أن "الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى، لا يخضع للتملك الوطني بدعوى السيادة، عن طريق الاستخدام أو الاحتلال، أو بأي وسيلة أخرى"، وإذا كان من الممكن بالفعل امتلاك أجزاء من القمر للاستفادة منها، فهل يصبح تقاسم الأرباح أمراً لازماً؟ في الوقت الحالي لا توجد معاهدة تتناول مثل هذه القضايا. لكن وفقًا لكاي أوفي شروغل، رئيس المعهد الدولي لقانون الفضاء، تنص معاهدة الفضاء الخارجي بوضوح على أنه لا يمكن لأي شخص امتلاك مواد مأخوذة من القمر أيضًا.

يقول شروغل: "لا توجد ثغرات. هناك فقط تفسيرات خاطئة متعمدة لمعاهدة الفضاء الخارجي. الدول المسؤولة عن الجهات الفاعلة الخاصة عليها فقط أن تقول: لا.. لا يمكنك امتلاك هذه الموارد. وإذا فعل طرف ما ذلك ، فإنه يكون قد انتهك القانون الدولي." بحسب ما صرح لـ DW.

قطعت الإنسانية شوطاً طويلاً منذ أن قسمت الدول الأوروبية إفريقيا في مؤتمر برلين 1884-1885. ويبدو أن مستقبل استعمار القمر سيكون أقل تعطشًا للدماء، مع اتفاق عالمي على أن امتلاك الأراضي على القمر فكرة سيئة، يقول سوتشيك: "الكل يريد استكشاف الفضاء الخارجي، لذلك هناك فهم دولي لمصلحة التعاون الدولي الأكبر".

غالباً ما ينظر المراقبون إلى استكشاف الفضاء على أنه مبعث للأمل في السلام العالمي، حيث تعمل المعاهدات على ترسيخ التعاون الدولي وتحويله إلى اتفاقيات ملزمة، تم الاتفاق على معاهدة الفضاء الخارجي خلال الحرب الباردة. واليوم يعمل رواد الفضاء الروس جنباً إلى جنب مع رواد الفضاء من الغرب في محطة الفضاء الدوليةعلى الرغم من التوترات بشأن الحرب في أوكرانيا.

إلى متى يستمر التعاون الدولي في الفضاء؟ بينما يتفق شروغل مع فكرة أن القوى الفضائية الدولية الكبرى قد تعلمت من حقبة الاستعمار، إلا أنه كان أقل تفاؤلاً بشأن فترة التعاون الدولي في الفضاء، وعلى الرغم من أن المعاهدات ساعدت في الوصول إلى تعاون دولي، إلا أن بعض الخلافات حول استكشاف الفضاء تبدو حتمية. في وقت مبكر من هذا العام، قال رئيس ناساناسا بيل نيلسون في مقابلة إن الصين يمكن أن تهبط يوماً ما على القمر وتعلن أنه أرضها الخاصة. لكن الصين رفضت بشدة هذه المزاعم، وأكدت من جديد التزامها بالسلام ونزع السلاح في الفضاء.

قال شروغل: "ستفقد جميع الاتفاقيات قيمتها عندما تسود الفوضى العارمة في الفضاء وعلى الكواكب والأقمار التابعة لها"، مضيفاً أن "[فكرة الفوضى في الفضاء] كانت بالضبط ما أدى إلى الوصول لمعاهدة الفضاء الخارجي، عندما لم تكن القوى الفضائية المختلفة متأكدة من كيفية تطور إمكانيات كل منها.. واليوم يجب علينا ألا نرتكب خطأ بتغيير هذا المسار".

متى سيتمكن رواد الفضاء من العيش على القمر؟ "ناسا" تجيب

تخطط إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) لجعل رواد الفضاء يعيشون ويعملون على القمر لمدة تصل إلى شهرين، وذلك في غضون 10 سنوات، وقال متحدث باسم "ناسا" إن برنامج مهمة "أرتيميس 1"، هو في الواقع "نقطة انطلاق نحو إرسال أطقم منتظمة إلى القمر، للبقاء لفترات أطول"، وتعمل الإدارة على تأسيس ما تسميه "معسكر قاعدة أرتيميس" فوق القمر، سيضم كابينة قمرية حديثة ومنزلا متنقلا، بما يسمح لرواد الفضاء بالبقاء لمدة تصل إلى شهرين، وأضاف المتحدث: "ستبني ناسا على زخم مهمة عودة البشر هذه في غضون 4 سنوات، وتخطط لإرسال طاقم إلى القمر مرة واحدة سنويا بعد ذلك".

وتابع: "ستشمل المهام المبكرة فترات قصيرة على القمر، لكن مع تطور المعسكر الأساسي فإن الهدف هو السماح للطاقم بالبقاء على سطح القمر لمدة تصل إلى شهرين في كل مرة"، وانطلقت الكبسولة "أرتيميس 1" في طريقها إلى القمر قبل أيام، ويفترض أن تنقل رواد فضاء إليه في السنوات المقبلة، للمرة الأولى منذ آخر رحلة أميركية ضمن مهمة "أبولو" عام 1972، وترمي هذه الرحلة التجريبية الأولى، وهي غير مأهولة، للتأكد من أن المركبة آمنة.

كوخ يسمح لرواد الفضاء بالبقاء على القمر

تُخطط «ناسا» لأن تجعل رواد الفضاء يعملون ويعيشون على سطح القمر لمدة تصل إلى شهرين في غضون عقد من الزمان، حسب «سكاي نيوز»، وسوف يُقام معسكر أساسي ملحق به «كوخ قمري»، ومنزل متنقل، يسمح لرواد الفضاء بالبقاء على القمر، وانطلقت سفينة «أرتميس» الصاروخية التابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» في طريقها إلى القمر هذا الأسبوع، مُرسلة كبسولة من الجيل التالي في رحلة بلا طاقم حول القمر، والعودة إلى هناك بعد 50 عاماً من مهمة أبولو القمرية الأخيرة.

وقد بدأ أخيراً إطلاق وكالة الفضاء الأميركية لبرنامج «أرتميس»، المتأخر كثيراً، والمتوقع للغاية، من قاعدة فلوريدا، والذي سوف يخلف برنامج أبولو، ويهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر، خلال العقد الحالي، وإقامة قاعدة مستدامة هناك، كنقطة انطلاق للاستكشاف البشري المستقبلي للمريخ، والآن، قالت «ناسا» إن البرنامج هو في الواقع خطوة نحو إرسال طواقم منتظمة إلى القمر، والبقاء لفترات أطول.

وتعتزم الوكالة إقامة ما تطلق عليه معسكر «أرتميس» الأساسي، الذى ستكون فيه «كابينة قمرية حديثة ومنزل متحرك» يسمح لرواد الفضاء بالبقاء لمدة تصل إلى شهرين هناك، وقال متحدث باسم «ناسا» إن الوكالة سوف تستفيد من قوة الدفع في مهمة عودة البشر خلال 4 سنوات، وتُخطط لإرسال طاقم إلى القمر مرة كل عام بعد ذلك، وأضاف قائلاً: «لمنح رواد الفضاء مكاناً للعيش والعمل على سطح القمر، يتضمن مفهوم معسكر قاعدة أرتميس للوكالة كابينة قمرية حديثة، وعربة جوالة، ومنزلاً متنقلاً».

بعد 50 عاما.. ناسا تعود للقمر وتؤسس قاعدة أرتيميس القمرية

مع استمرار النشاط في مجال الفضاء، ووسط التوقعات بمزيد من تحقيق الأهداف في هذا المجال، يبدو أن رواد الفضاء سيعيشون ويعملون على القمر بحلول عام 2030، وقال هوارد هو، رئيس برنامج المركبة الفضائية القمرية أوريون التابع للوكالة الأميركية، إن رواد الفضاء يمكن أن يكونوا نشيطين على القمر لفترات قبل عام 2030، مع وجود احتمالات للعيش فيه، وأضاف في مقابلة مع "بي بي سي": "سنرسل رواد الفضاء، وسيعيشون على هذا سطح القمر ويمارسون العلم".

وتحدث هو عن صاروخ أرتميس الذي يبلغ ارتفاعه 98 مترا، وانطلق من منصة الإطلاق 39B في مركز كينيدي للفضاء، في 16 نوفمبر، بعد سلسلة من التأخيرات بسبب الأعطال الفنية والأعاصير، وقال هو: وقال هو إن برنامج مهمة "أرتيميس 1"، هو في الواقع "نقطة انطلاق نحو إرسال أطقم منتظمة إلى القمر، للبقاء لفترات أطول"، وأضاف "إنها الخطوة الأولى التي نتخذها لاستكشاف الفضاء العميق على المدى الطويل، ليس فقط للولايات المتحدة ولكن من أجل العالم".

وأردف قائلا "سنعود إلى القمر. نحن نعمل من أجل برنامج مستدام وهذه هي الوسيلة التي ستحمل الأشخاص الذين سيعيدوننا إلى القمر مرة أخرى"، مع تطور المعسكر الأساسي فإن الهدف هو السماح للطاقم بالبقاء على سطح القمر لمدة تصل إلى شهرين في كل مرة، وبعد مرور 50 عاماً على المهمة الأخيرة لبرنامج أبولو، لم تنقل مهمة أرتيميس 1 أي رائد فضاء على متنها، وترمي المهمة هذه إلى التحقق من أن كبسولة أوريون الموجودة أعلى الصاروخ آمنة لنقل طواقم بشرية في المستقبل.

لن تصدق.. هناك من سيعمل ويعيش على القمر بهذا التاريخ!

نعم.. بات الأمر عادياً، فرّواد الفضاء يخططون للعيش والعمل على القمر بحلول عام 2030، فقد أعلن هوارد هو رئيس برنامج المركبة القمرية أوريون التابع للوكالة الأميركية، أن البشر قد ينشطون على القمر لفترات قبل عام 2030، مع مقومات للسكن والتجوال تدعم مهمتهم، وأكد أن بحلول ذاك التاريخ، سيكون فعلاً هناك أشخاص يعيشون على سطح القمر فترة من الوقت، إلا أن ذلك يعتمد على المدة التي سيمضون فيها على السطح، وأضاف أن الخطة تضمن إرسال أشخاص إلى سطح القمر للعيش هناك والبحث أيضاً، وفقا لما نقلته "الغارديان".

كذلك كشف عن أن تعيين مسؤول عن مركبة الفضاء التابعة لوكالة ناسا لاستكشاف الفضاء السحيق في فبراير/شباط الماضي، أتى في مهمة نفذها صاروخ أرتميس الذي يبلغ ارتفاعه 98 مترًا (322 قدمًا) لأجل هذا الغرض، على أن تعود المهمات ببرنامج أكثر استقراراً، يشار إلى أن ناسا كانت أرسلت رائد الفضاء جين سيرنان على متن المركبة القمرية خلال مهمة أبولو 17 في ديسمبر 1972، وكان آخر هبوط مأهول على سطح القمر.

في حين يخطط مشروع Artemis، أيضاً لبناء محطة فضائية تسمى Lunar Gateway، يعيش فيها رواد الفضاء ويعملون أثناء دورانهم حول الأرض، وشدد هوارد على أنها ستكون خطوة كبيرة ضمن رحلة ستستغرق عامين، مؤكداً أن التعلم خارج الأرض أمر بغاية الأهمية.

ماذا لو اختفى القمر فجأة من السماء؟ كيف تتأثر الحياة على الأرض؟

القمر ليس مجرد منارة للضوء في سماء الليل، إذ إن وجوده أمر حاسم لتحقيق التوازن الدقيق الذي يجعل الحياة على الأرض ممكنة، عندما تشكل القمر قبل حوالي 4.5 مليارات سنة كان أقرب بحوالي 16 مرة من الأرض، وهو ما جعله يظهر في الأفق أكبر بنحو 24 مرة. إلا أن العكس هو ما يحدث الآن، إذ يبتعد القمر عن كوكبنا تدريجيا بنحو 4 سنتيمترات كل عام، ويرجع ذلك إلى وجود قدر ضئيل من الاحتكاك بين الأرض والمد والجزر، مما يؤدي إلى إبطاء دورانها ومعه يزحف القمر بعيدا، لكن ما الذي من الممكن أن يحدث إن اختفى القمر تماما أو ابتعد عن الأرض سارحا في الفضاء؟ كيف سيؤثر ذلك على الحياة؟ وهل حدث أن اختفى القمر من قبل؟

وفقا لموقع "ساينس آلرت" Science Alert، فإن القمر اختفى تماما من سماء الليل لسبب غير مفهوم في مايو/أيار 1110، إلا أنه وبعد 900 عام تقريبا توصل العلماء إلى أن الغازات التي انبعثت من البراكين في ذلك الوقت قد غطت السماء وأن القمر لم يترك الأرض أبدا في الحقيقة، أما في حال ابتعد القمر تماما عن كوكبنا أو اختفى، فستختلف الحياة على الأرض اختلافا جوهريا إن لم تكن معرضة لخطر الدمار، فالقمر ليس مجرد منارة للضوء في سماء الليل، إذ إن وجوده يعد أمرا حاسما لتحقيق التوازن الدقيق الذي يجعل الحياة على الأرض ممكنة.

ماذا سيحدث للمحيطات؟ وفق موقع المتاحف الملكية في جرينتش (Royal Museums Greenwich) فإن للقمر التأثير الأكبر على المد والجزر الذي نشهده على الأرض، وبدونه سيتقلص المد والجزر بنسبة تقدر بـ 75%. ولن يختفي المد والجزر تماما لأنه -في الوقت الذي يقوم القمر بمعظم الجاذبية التي تؤدي لوجود المد والجزر على الأرض- تلعب الشمس دورا أيضا، وبدون المد والجزر ستتعرض للخطر حياة العديد من أنواع الحيوانات التي تعتمد على المد والجزر للبقاء على قيد الحياة مثل السرطانات وبلح البحر والقواقع البحرية مما يعطل النظام الغذائي للحيوانات الكبيرة التي تعتمد عليها في الغذاء. وهذا سيهدد بدوره النظم البيئية الساحلية بأكملها، ويمكن أن يؤدي إلى انقراضات جماعية.

إضافة إلى ذلك، فإن واحدة من أكبر أحداث التفريخ في العالم تحدث بالحاجز المرجاني العظيم في نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام الأيام التي تلي اكتمال ضوء القمر، حيث تطلق المستعمرات المرجانية عبر الشعاب المرجانية ملايين البويضات وأكياس الحيوانات المنوية على بعد دقائق من بعضها البعض. والعلماء على يقين من أن البدر يلعب دورا في اختيار هذا التوقيت، ولكنهم لا يعرفون كيف يحدث ذلك بالضبط.

ماذا سيحدث للطقس؟ تساعد حركات المد والجزر أيضا على استقرار مناخ الأرض، حيث تساعد على مزج مياه القطب الشمالي الباردة بالمياه الدافئة في المناطق الاستوائية. وهذا يوازن درجات الحرارة، ويعمل على استقرار المناخ في جميع أنحاء العالم.

وبدون وجود القمر ستكون التنبؤات الجوية مستحيلة عمليا، ويمكن أن يزيد متوسط الفرق بين أكثر الأماكن حرارة وأكثرها برودة على وجه الأرض إلى حدود قصوى تهدد الحياة.

ماذا سيحدث للحيوانات في الظلام؟ ذكر موقع "بيزنس إنسايدر" (Business Insider) أن القمر المكتمل يكون في المتوسط أكثر إشراقا بـ 14 ألف مرة من ألمع جسم في السماء ليلا، وهو كوكب الزهرة. وبالتالي في حال اختفاء القمر ستعاني الأرض من الكثير من الظلام الذي سيؤثر على حياة الحيوانات ليلا.

وتعتمد الحيوانات المفترسة على كل من ظلام الليل وقدر قليل من ضوء القمر للصيد بشكل فعال. وبدون أي ضوء في الليل ستواجه الحيوانات المفترسة صعوبة في العثور على الفريسة. ويمكن أن يتسبب هذا في تغيير جذري في النظام البيئي، وربما يؤدي إلى انقراض بعض الحيوانات المفترسة.

ماذا سيحدث للفصول؟ تميل الأرض حول محورها عند 23.5 درجة بسبب جاذبية القمر في الغالب. وبالتالي فإن قوة جاذبية القمر على الأرض هي التي تبقي كوكبنا في مكانه، وبدونها قد يتغير ميل الأرض بشكل كبير ليتأرجح ما بين 10 و45 درجة.

ويقدر بعض الخبراء أن كوكب المشتري يمكن أن يساعد في منع انحراف ميل الأرض تماما وخروجه عن السيطرة. ولكن حتى حدوث ميل إضافي بمقدار 10 درجات فقط يمكن أن يتسبب في فوضى مناخية على الكوكب.

الدليل على ذلك، أنه في السابق حينما تغير ميل الأرض بنحو 1-2 درجة فقط أدى ذلك إلى حدوث العصور الجليدية، وفقا لما يعتقده العلماء. لذا من الصعب معرفة ما سيفعله الميل بمقدار 10 درجات أو 45 درجة كاملة، ولكن من المؤكد أن ذلك لن يكون جيدا لمعظم أشكال الحياة على الأرض، أما إذا زاد ميل الأرض إلى 90 درجة، فسيظل جانب واحد من الأرض في ظلام دامس لمدة 6 أشهر، وسوف تسطع الشمس على الجانب الآخر من الأرض لنفس المدة.

ماذا يحدث لمحور الأرض وعدد ساعات اليوم؟ وفق موقع "أسترونومي" (Astronomy) سيؤثر القمر المختفي أيضا على حركة الأرض حول محورها وعدد ساعات اليوم المتاحة لنا. فمنذ فترة طويلة من الزمن كانت الأرض تدور حول محورها لمدة 4 ساعات فقط، ولكن مع وجود القمر تباطأ دوران الأرض حول نفسها حتى وصل إلى 24 ساعة، وهو طول اليوم كما نعرفه الآن. وإذا اختفى القمر اليوم ستدور الأرض حول نفسها بشكل أسرع وتقل عدد ساعات اليوم مرة أخرى.

إن اختفاء القمر أيضا يعني فقدان ثروة من المعلومات، ونظرا لكونه غير نشط جيولوجيا فإن القمر يعمل كمستودع للمعلومات حول شكل الأرض والنظام الشمسي منذ مليارات السنين، وهذا غير متاح على الأرض بسبب النشاط التكتوني وعدم توفر صخور قديمة على الأرض. على سبيل المثال، فإن عدد الحفر الكبير على القمر يعني أنه كانت توجد فترة من القصف الثقيل من قبل الكويكبات منذ حوالي 4.1 -3.8 مليارات سنة، كما أن التحليل الكيميائي لصخور القمر ساعدنا على معرفة مقدار المياه التي جلبتها المذنبات والكويكبات إلى الأرض. وباختصار: يقربنا التعرف على القمر أكثر من التعرف على تكوين الأرض، يمكن القول أيضا إن القمر ليس ضروريا للحياة على الأرض فقط اليوم، حيث يعتقد الخبراء أن القمر ربما قد لعب دورا رئيسيا في نشأة الحياة على الأرض منذ أكثر من 3.5 مليارات سنة.

اضف تعليق