q
إشاعة حروب أيدولوجية متطرفة تفكيكية دموية عابرة للسيادة جاءت هي الاخرى لتمهد سبل تغلغل الاسواق المتروبوليتانية نحو اطراف العالم الذي ظلت تتنازعه بقايا الحرب الباردة. ولكن ظلت العولمة الموازية واسواقها لتكون بضاعتها في هذه المرحلة هي تسويق درجات من الانغلاق العقائدي او الايديولوجي الديني المتطرف لتصفية ذيول وقواعد...

استطاعت الرأسمالية الجديدة وعلى مدى نصف قرن من الزمن توظيف نمط مستحدث من ادارة سياسات العولمة وهي العولمة الموازية parallel globalisation ذلك بإجراء تطبيقات واسعة لها في محيط العالم الرأسمالي عموما والشرقي منه خصوصاً.

فإشاعة حروب أيدولوجية متطرفة تفكيكية دموية عابرة للسيادة جاءت هي الاخرى لتمهد سبل تغلغل الاسواق المتروبوليتانية نحو اطراف العالم الذي ظلت تتنازعه بقايا الحرب الباردة. ولكن ظلت العولمة الموازية واسواقها لتكون بضاعتها في هذه المرحلة هي تسويق درجات من الانغلاق العقائدي او الايديولوجي الديني المتطرف لتصفية ذيول وقواعد ومخلفات الحرب الباردة التي تتخبط بها أطراف العالم الشرقي.

اذ ساعدت الرأسمالية على توظيف عولمتها الموازية لضمان سرعة إمساكها بمحيط الرأسمالية عموما ومعسكرها الشرقي وثرواته خصوصا وضمه نحو القطب الواحد كمرحلة أتت بعد تصفية المعسكر الشيوعي منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي. اذ قامت ضرورات تفكيك الشرق وتكييفه لمركزية العولمة المتروبولية، على إطلاق دور الايديولوجيات المتطرفة الدينية الدموية ومنحها سلطة تفكيكية تتعاطى مع الاجتماع السياسي للشرق بعقائد شديدة الهمجية سلاحها فوهات التوحش والانغلاق، ووظيفتها تمهيد طريق لدمج المحيط الرأسمالي بالمركز ليكون خالي من القيم ومستعد لقبول القيم الجديدة للرأسمالية المركزية المعولمة الخالية ايضا من الايديولوجيات الاصولية والخالية من السيادة.

وكانت أسيا وعموم الشرق بداية ميدان التجارب لوضع نهاية لعصر الأيديولوجيات من خلال سرعة إظهار مكنونات وعقد تطرفه وتوحشه المغروسة في معتقداته، لكي يبدأ التاريخ الجديد للرأسمالية بأيديولوجية تشاركية لينة تناغم عصر القطب الواحد المعولم.

وبهذا دُشن التطرف في ذيول الشرق بإشاعة سلوكه الدموي الذي قام على نحر مجتمعاته بتوليد موجات تطرف غير انسانية تمهيدا لقبول عصر الأيديولوجيات الناعمة soft ideologies سواء اكانت اسلموية جديدة او القيام بالتفسير العصري لأيديولوجيات الشرق..

فعولمة القطب الواحد هي سوق بلا أيديولوجيات وان وجدت هنا وهناك مجتمعات منغلقة معتقديا فان اعادة ترتيبها ودمجها بمركز العالم الاستهلاكي والقيمي يقتضي تفكيكها بالانتحار الأيديولوجي المتطرف من بين صفوفها وتوليد الأيدولوجيا الناعمة soft ideologies.

لذا يمكن القول ان ادوات التطرف الديني وتوحش الممارسات بأنماطها التي اتسمت بالغلو جاءت لتخدم غرضين الاول فناء الأيديولوجيات الاصولية والتخلص منها ذلك بتمكينها بكيانات سياسية موازية مؤقتة تطلق من خلالها نماذج توحشها وهي الدولة الايديولوجية المتطرفة الموازية (داعش، وطالبان، وتجربة الاخوان في مصر وغيرهم) والاخر، لتبرهن للعالم انها عقائد فاشلة دموية جرى اختبارها على مجتمعات العالم الثالث، وهي نتاج لتلك العولمة الموازية نفسها لغلق عصر الأيديولوجيات واسدال الستار عليه.

بعبارة اخرى فان استخدام عصر تسوده أيديولوجيات متطرفة قامت على سفك الدماء وتعظيم الحروب الاهلية التفكيكية يأتي لتليين اطراف العالم وفتح اسواقه وقبول نمط استهلاكي وطرازات عيش بقيم جديدة لاحقة تمهد الطريق لقبول عصر القطب الواحد وسيادة السوق المتروبوليتاني ورفض الدولة-الامة.

فالتطرف الايديولوجي هو السلاح الذاتي المتاح للرأسمالية المركزية المعاصرة لتفكيك أطراف العالم باستعمال القوى التكفيرية المتشددة من داخل مجتمعاتها كقوى تدميرية حتى يتمكن الغرب من التمدد نحو الغابات الخلفية للعالم الشرقي وقمع سيادة الدولة-الامة ازاء سيادة السوق العابر للأمم والمتلون الجنسيات.

واخيرا، يأتي التطرف ويتمدد بتفجير الايديولوجيات الدينية وغيرها لفتح الطريق مشرعاً لتتمدد العولمة المركزية المنظمة في محيط العالم دون عوائق فكرية.

ختاماً، وبهذا استخدم التطرف الديني كسلاح تفكيكي تكتيكي دموي لحروب العولمة (الموازية) وتحويلها الى العولمة (الرسمية) والاندماج بأسواق العالم وتقوية ضبط العالم. انه عصر استعماري جديد اداته استخدام التطرف الأيديولوجي المنغلق للمجتمعات ذاتها لكي تفتح العولمة سبلها نحو الاطراف بيسر وهدوء. والقبول بأيديولوجيات لينة متكيفة تناسب العصر الجديد للرأسمالية... انها الرأسمالية التي تجدد نفسها بأدوات التوحش الديني او غيره... تمهيدا لدخول العصر الأيديولوجي الناعم للعولمة global soft ideology وهي ايديولوجيا لينة وحمالة اوجه لمختلف العقائد التي تناسب العصر الرأسمالي المتجدد.

فالرأسمالية تجدد نفسها... والايديولوجيات تجدد معتقداتها توافقيا مع راس المال.

اضف تعليق