q
لابد نقلة جذرية في قانون الموازنة العامة تلتزم بتطبيق ما ورد في مواد فضل شفافية إدارة المال العام لقانون الإدارة المالية وتعديلاته، لان الجانب الدولي لم ولن ولا تقتنع ان الأموال العراقية التي تجاوزت ترليون دولار خلال 15 عاما فقط وما يمكن ان تصل اليه موازنة 2023 من ارقام انفجارية...

يعترف اهل الاختصاص ان قرارات مجلس الامن الدولي وابرزها قراري احتلال العراق من قبل القوات الامريكية والبريطانية ثم قرار الانسحاب العسكري المرافق لاعتراف مجلس الامن باتفاقية الاطار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد هما ما جعلا الرئيس الأمريكي يجدد قراره نصف السنوي بحماية ودائع ريع النفط في البنك الفيدرالي الأمريكي.

كما يعترف اهل الاختصاص ان كل ما قيل ويقال في صخب الاحتجاج على الوجود الأمريكي في العراق انما يرتبط بموافقة مسبقة من أحزاب المعارضة العراقية المتصدية اليوم لسلطان الحكم ومنها أحزاب الإسلام السياسي بنموذجي البيعة والتقليد التي شاركت في اعمال مجلس الحكم بوجود الحاكم المدني بول بريمر انما أسس لهذا الوجود، واي كلام عن مقاومة "الاحتلال الأمريكي" تتطلب أولا الخروج من تحت مظلة قرارات مجلس الامن الدولي وأيضا من حماية الرئيس الأمريكي لريع النفط العراقي.

اي مراجعة موضوعية لتقارير صندوق النقد الدولي عن تلك الحلول الفضلى للاقتصاد العراقي في التحول من النموذج الريعي الى النموذج الاستثماري وفقا لمعايير اقتصاد السوق الاجتماعي، توضح بجلاء ان خبراء هذا الصندوق وصفوا نموذجا لتقليص نفقات الموازنة التشغيلية مقابل تصاعد المشاريع الاستثمارية، وهذا يتطلب تطبيقا للشفافية المالية في تطبيقات الجودة الشاملة، تعتمد الأهداف الذكية، ورضا الزبون – المواطن العراقي- بما يؤسس لسياسات مالية ونقدية عامة تقلص الأجور والرواتب مقابل حماية الشرائح الاجتماعية الهشة والفقيرة، فيما لم تنجح الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي التي كانت نتيجة مشاورات متعددة الأطراف ما بين الجانب الدولي وهيئات الأمم المتحدة لاسيما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتوصل الى تلك الحلول الفضلى، فلماذا ارتفع سعر الدولار بدلا اتخاذ تلك الحلول الأفضل؟؟

يأتي الجواب صارخا ان كواليس أحزاب مفاسد المحاصصة رفضت تخفيض الأجور والمكافآت للدرجات الخاصة وارتفاع نثريات الضيافة والحمايات والسفر بعد تراكم اعداد متصاعدة من المتقاعدين في دورات برلمانية وحكومات ومجالس محافظات انتجت طبقة مخملية من شريحة موظفي الدرجات الخاصة في مقابل تحويل الوظيفة العامة الى نموذج مفضوح لرشوة المواطن – الناخب حتى بات الترهل الوظيفي نموذجا للضمان الاجتماعي وتحولت الحكومة الى جمعية خيرية تبيع النفط وتوزعه من دون أي حسابات لإنتاجية الموظف العراقي التي قيل انها لا تتجاوز 17 دقيقة بدلا من تطبيق سياسات عامة لتوليد فرص العمل في المشاريع الاستثمارية، هذه الجريمة في التخطيط الاقتصادي ترتكب بوضوح في موازنة 2023 المنتظر وصولها الى مجلس النواب بعد ان تصاعد رقم الرواتب من 41 ترليون دينار عراقي الى اكثر من 60 ترليون دينار عراقي !!.. يضاف الى ذلك هذا العدد الكبير جدا من المتقاعدين، حيث كان موظفي الدولة قبل 2003 لا يزيد على مليون موظف، السؤال كيف وصل عدد المتقاعدين الى 4.5 مليون متقاعد!!

يستدعي ذلك إعادة النظر في النموذج التخطيطي للموازنة العامة وشفافية الأداء النوعي، ومن دون ذلك لا يمكن التفريق بين ديماغوجية التوظيف العشوائي وبين القبول في الجامعات والكليات الحكومية والأهلية وبين حقوق الشرائح الأضعف في الحماية الاجتماعية، لكن يبدو ان ذاكرة الأحزاب السياسية في نظام مفاسد المحاصصة اقرب الى ذاكرة السمك، فيما يحتفظ العم "غوغل" بتصريحات من أنواع شتى منها ما يؤكد فيه زعماء بعض هذه الأحزاب على فشلهم في إدارة الدولة وارضاء جمهور ناخبيهم، ومنها ما يتضارب مع مواقف متخذة اليوم للحفاظ على امتيازات شريحة الدرجات الخاصة من دون اخضاعها الى سؤال "من اين لك هذا؟؟" ما قبل 2003 وما بعدها، وليس ثمة تدقيقا لأعداد المتقاعدين وسط شائعات بأرقام مخيفة لوجود متقاعدين أجانب من جنسيات مختلفة تدفع لهم رواتب من صندوق التقاعد العراقي بما يتطلب تحقيقات من الجهات الرقابية تحسم هذا الملف وتغلق البوابة الدوارة لهذه الشائعات.

ما بين هذا وذاك، لابد نقلة جذرية في قانون الموازنة العامة تلتزم بتطبيق ما ورد في مواد فضل شفافية إدارة المال العام لقانون الإدارة المالية وتعديلاته، لان الجانب الدولي لم ولن ولا تقتنع ان الأموال العراقية التي تجاوزت ترليون دولار خلال 15 عاما فقط وما يمكن ان تصل اليه موازنة 2023 من ارقام انفجارية، تستخدم لخدمة المواطن العراقي بالشكل الصحيح لمعايير الحكم الرشيد وفق بيانات وتصريحات حكومية عراقية لعل ابرزها التقرير الموازي لأهداف التنمية المستدامة الصادر عن وزارة التخطيط سنويا، فالشكوك تدور حول توظيف هذه الأموال وتهريب الدولار لصالح ايران التي تفرض واشنطن عليها عقوبات اقتصادية ابرزها منع دخول الدولار الى بنوكها فكيف يمكن اقناع واشنطن ان البنوك العراقية تخضع لتلك الشروط ؟؟ ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق