q
الكل يخشى هذا الخطر لكن أحدا لا يريد الحرب، ولا يحبّذ الغربيون السيناريو العسكري، لكن الجمود الحالي وتوازن اللااتفاق واللاأزمة" لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية. وتعتبر الدولة العبرية أن الاتفاق لا يردع أنشطة زعزعة الاستقرار الإيرانية في المنطقة. إسرائيل لم تبلغ بعد كامل جهوزيتها لشن ضربات...

يسود شلل تام المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي مع استبعاد أن تثمر في المدى القصير، إلا أن أحدا لا يريد إعلان فشل هذا المسار الذي يتيح "كسب الوقت" لتجنّب أزمة خارج السيطرة.

والتركيز منصب حاليا على نص نهائي مطروح منذ الثامن من آب/أغسطس لإحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، التسمية الرسمية للاتفاق المبرم في العام 2015 بين الدول الكبرى وطهران لكبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.

والاتفاق يترنّح منذ العام 2018 حين أعلن الرئيس الأميركي حينها دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة منه وإعادة فرض عقوبات أميركية على الجمهورية الإسلامية التي ردّت على الخطوة بالتحرّر تدريجا من التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق.

واستؤنفت المفاوضات قبل عام ونصف العام، لكن التفاؤل النسبي الذي كان سائدا قبل أسابيع تبدد واصبحت العملية حاليا أمام الطريق المسدود.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي "نحن في وضع حرج".

من جهته قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "من غير المرجّح أن تلوح آفاق حل في المدى القصير"، معتبرا أن إيران "إما غير قادرة وإما غير عازمة على اتخاذ الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق".

وآراء المفاوضين بغالبيتهم متوافقة حاليا على عدم إمكان التوصل لاتفاق قبل انتخابات منتصف الولاية الأميركية المرتقبة في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر.

وقبل أشهر قليلة كانت القوى الكبرى تأمل إنجاز الاتفاق قبل حلول موعد الاستحقاق الأميركي الذي من شأن نتائجه أن تعيد خلط الأوراق في حال فوز الجمهوريين.

واستئناف المحادثات بعد الانتخابات الأميركية ليس أمرا مستبعدا، لكن حاليا "لا تجري أي مفاوضات" والأمور عالقة تماما، وفق المصدر الفرنسي.

واستبعد الباحث الفرنسي برونو تيرتريه في مطلع أيلول/سبتمبر أي نهاية وشيكة لـ"ملحمة المفاوضات اللامتناهية حول النووي الإيراني"، مشددا على عدم وجود أي "خطة بديلة".

العقدة

ويتمحور الخلاف على طلب إيران إنهاء تحقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول آثار لليورانيوم المخصّب رصدت في ثلاثة مواقع غير معلن عنها، ما يمكن أن يشكل مؤشرا يدل على وجود برنامج إيراني لحيازة قنبلة ذرية.

وتندد طهران بـ"تسييس" الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحقيقها، وهي شدّدت على أنها تعاونت بشكل "كامل" مع الهيئة الذرية.

لكن الدول الكبرى تشدد على أن هذا الأمر لا علاقة له بالمفاوضات الرامية لإحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وتشير إلى وجود التزامات قانونية كون إيران دولة موقّعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

وقال المصدر الفرنسي "لن نتهاون في هذه النقطة"، معتبرا أن هذا الأمر يضع استقلالية الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومصداقية الحد من انتشار الأسلحة النووية على المحك.

ومؤخرا حذّرت الوكالة من أنها غير قادرة حاليا على ضمان "الطابع السلمي الصرف" للبرنامج النووي الإيراني.

وكانت قد برزت خلال المفاوضات نقاط خلاف عدة تم تخطيها، لا سيما مطالبة إيران الولايات المتحدة بشطب الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية.

وقد تمت "تسوية" هذه النقطة ولم تعد شرطا يعرقل إنجاز الاتفاق.

كذلك، تم تخطي مسألة الضمانات الأميركية، وفق دبلوماسيين غربيين. فإيران تتوجّس من تكرار ما حصل في العام 2018 حين انسحب ترامب من الاتفاق.

خطر عسكري؟

الكل يخشى هذا الخطر لكن "أحدا لا يريد الحرب" وفق دبلوماسي أوروبي، خصوصا في خضم النزاع الدائر في أوكرانيا.

وأطلقت إسرائيل التي تعارض بشدة الاتفاق الدولي المبرم مع إيران حول برنامجها النووي، حملة لإقناع القوى الغربية بعدم المضي قدما في إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة".

وتعتبر الدولة العبرية أن الاتفاق لا يردع "أنشطة زعزعة الاستقرار" الإيرانية في المنطقة.

وخلال زيارة لألمانيا تطرّق رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إلى "طرح تهديد عسكري موثوق ضد إيران على الطاولة".

ويقول المصدر الأوروبي إن إسرائيل "لم تبلغ بعد كامل جهوزيتها" لشن ضربات استباقية، لكن تقريرا نشرته مجموعة الأزمات الدولية أشار إلى أن الدولة العبرية "عززّت على ما يبدو في الأشهر الأخيرة عملياتها السرية في إيران"، في إشارة إلى سلسلة اغتيالات شهدتها الجمهورية الإسلامية نُسبت إلى إسرائيل.

ولا يحبّذ الغربيون السيناريو العسكري، لكن الجمود الحالي وما تصفه مجموعة الأزمات الدولية بأنه توازن "اللااتفاق واللاأزمة" لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.

واعتبرت مجموعة الأزمات الدولية أنه "حتى وإن كانت هناك فرصة لنجاح العملية (التفاوضية) في فيينا بحلول نهاية العام، هناك أيضا ما يدعو للخشية من فوات أوان التفاهم المطروح حاليا على الطاولة قريبا، لأن الهوّات أكبر من أن تردم وانعدام الثقة بين الولايات المتحدة وإيران أعمق من أن يتم تخطيه".

وتخوّفت المجموعة من "خطر دخول الفرقاء في دوامة تفضي إلى مواجهة عسكرية إذا استُنفدت الجهود الدبلوماسية أو فشلت".

وتقول مصادر مقرّبة من الملف إن الأوضاع في أوكرانيا هي بالتأكيد عامل اضطراب، لكن "خطة العمل الشاملة المشتركة" التي شاركت روسيا والصين في إبرامها، لا تزال تخدم مصالح هذين البلدين.

ويشدد مركز صوفان للأبحاث على وجود رابط قوي بين إبرام "اتفاق (نووي) والسياق الحالي على صعيد الطاقة"، مشيرا إلى أن التوصل إلى تفاهم من شأنه أن يعيد النفط والغاز الإيرانيين إلى الأسواق الدولية.

البحث عن اجابات

وقال دبلوماسيون إن القوى الغربية تضغط على دول أخرى في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة للضغط بشكل مشترك على إيران كي تعطي الوكالة الإجابات التي طالما سعت للحصول عليها بشأن آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة.

وفي اجتماعه الفصلي الأخير في يونيو حزيران، أصدر مجلس محافظي الوكالة، المؤلف من 35 دولة، قرارا يبدي فيه "قلقه العميق" من الاستمرار في عدم تفسير وجود آثار لليورانيوم بسبب عدم تعاون إيران بالقدر الكافي، ودعا طهران إلى التعامل مع الوكالة "بدون تأخير".

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومقرها فيينا، إنه لم يتم إحراز تقدم أو مشاركة من إيران منذ ذلك الحين.

وبدلا من تمرير قرار جديد في اجتماع مجلس المحافظين هذا الأسبوع، أعدت الدول الأربع التي تقف وراء قرار يونيو حزيران، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، بيانا مشتركا تؤكد فيه من جديد دعم ذلك القرار أملا في أن توقع عليه العديد من الدول الأخرى.

وجاء في القرار، الذي اطلعت عليه رويترز "ندعو إيران إلى العمل فورا على الوفاء بالتزاماتها القانونية وقبول عرض مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدون تأخير، الخاص بزيادة المشاركة لتوضيح كافة قضايا الضمانات العالقة وحلها"، في إشارة إلى التحقيق، الذي قامت به الوكالة على مدى سنوات.

ويحمل القرار، الذي يتخذه مجلس المحافظين، نفس أهمية أي قرار رسمي يتخذه، وهو أعلى جهة لصنع السياسات في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويجتمع أكثر من مرة في السنة.

ويعد البيان، الذي تصدره مجموعة من الدول لكن بدون أن تقدم أو تصدر قرارا، مجرد إبداء رأي.

وتقول القوى الغربية إن قضية جزيئات اليورانيوم، التي لم تُفسر، أصبحت عقبة في محادثات أوسع لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مع القوى العالمية إذ تسعى طهران الآن لإغلاق تحقيق الوكالة في إطار تلك المفاوضات.

وفي تعبير عن إحباطها، ذكرت القوى الأوروبية الثلاث أن ذلك هدد المحادثات لإحياء الاتفاق الذي يقيد الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات الغربية.

وأفاد مصدر دبلوماسي فرنسي أن باريس تجري مشاورات مع شركائها لبحث كيفية التعامل مع الجمود الحالي والتحضير لاجتماع مجلس محافظي الوكالة المقبل في نوفمبر تشرين الثاني.

وقال الدبلوماسي "لا توجد مفاوضات نشطة حاليا"، مضيفا أن القوى الغربية لم تيأس حتى الآن من الوصول إلى حل دبلوماسي.

التعاون بالتهديد

من جهتها قالت إيران إنها مستعدة لمواصلة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بينما كشفت عن طائرة مسيرة قادرة على ضرب مدن رئيسية في إسرائيل، التي هددت بمهاجمة مواقع نووية إيرانية إذا فشلت الدبلوماسية في إنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وبعد أن عبرت القوى الأوروبية عن إحباطها من نوايا طهران لإنقاذ الاتفاق، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الوكالة إلى “عدم الإذعان لضغوط إسرائيل” بشأن أنشطة طهران النووية.

وقال كنعاني في مؤتمر صحفي تلفزيوني “تعلن إيران تعاونها البناء مع الوكالة باعتباره التزاما… وبينما هناك التزامات على إيران، فإن لها حقوقا أيضا”.

وأضاف “من الطبيعي أن تتوقع إيران إجراءات بناءة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأعضاء مجلس محافظيها”.

وبعد 16 شهرا من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في الثامن من أغسطس آب إن التكتل قدم عرضا نهائيا للتغلب على مأزق من أجل إحياء الاتفاق.

ووصف كنعاني البيان الأوروبي بأنه “غير بناء”.

وقال “يجب على كل من الولايات المتحدة وأوروبا إثبات أنهما لا يعطيان الأولوية لمصالح النظام الصهيوني (إسرائيل) عند اتخاذ قرارات سياسية”.

وتوعدت إسرائيل، التي يعتقد على نطاق واسع أنها القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، بعدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة ذرية، قائلة إن طهران تدعو إلى تدميرها. وتنفي إيران تماما أنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية، وتقول إن برنامجها النووي سلمي.

نقلت وكالة مهر شبه الرسمية عن قائد القوات البرية الإيرانية البريجادير جنرال كيومارس حيدري قوله إن البلاد طورت طائرة مسيرة انتحارية طويلة المدى “مصصمة لضرب تل أبيب وحيفا في إسرائيل”.

وحذر رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) ديفيد بارنيا الزعماء الدينيين في إيران من “اللجوء إلى القوة ضد إسرائيل أو الإسرائيليين”.

وقال بارنيا في كلمة ألقاها في جامعة ريتشمان القريبة من تل أبيب “يجب أن تدرك القيادة العليا في إيران أن لجوء إيران أو وكلائها إلى القوة ضد إسرائيل أو الإسرائيليين سيُقابل برد مؤلم ضد المسؤولين (عن ذلك) على الأراضي الإيرانية”.

وأضاف “هذا سيحدث في طهران وفي كرمانشاه وفي أصفهان“، مشيرا إلى المناطق الإيرانية التي رصدت فيها السلطات عمليات تخريب ضد منشآت أو أشخاص على صلة بالبرامج العسكرية أو النووية بالبلاد.

ونقلت وكالة مهر شبه الرسمية عن قائد القوات البرية الإيرانية قوله إن البلاد طورت طائرة مسيرة انتحارية طويلة المدى "مصصمة لضرب تل أبيب وحيفا في إسرائيل".

وقال البريجادير جنرال كيومارس حيدري إن الطائرة يطلق عليها اسم عرش-2، وهي نسخة مطورة من الطائرة عرش-1.

في انتظار انتخابات التجديد النصفي

بدوره قال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل لا تتوقع إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي التي تنعقد في نوفمبر تشرين الثاني، وذلك بعد أن عبرت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق عن خيبة أملها تجاه طهران.

ومثلما أيدت إسرائيل انسحاب الولايات المتحدة في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي تعتبره محدودا بشدة، فهي لا تحبذ العودة إلى الاتفاق مثلما تسعى الإدارة الأمريكية الحالية.

وقال المسؤول الإسرائيلي للصحفيين مشترطا عدم الكشف عن هويته "يبدو في هذه المرحلة أنه لن يُوقع اتفاق نووي مع إيران إلا بعد انتخابات التجديد النصفي (الأمريكية) على أقرب تقدير".

واعتبر معلقون إسرائيليون هذا التصريح توقعا إسرائيليا لممانعة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الدخول في اتفاق مع اقتراب الاقتراع، الأمر الذي يتيح لمنافسيه الجمهوريين استخدامه للهجوم على حزبه الديمقراطي في حملاتهم الانتخابية.

وفي تصريحات أمام الحكومة الإسرائيلية شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد الدول الأوروبية على "موقفها الصريح".

وقال "تنفذ إسرائيل حملة دبلوماسية ناجحة لوقف (إحياء) الاتفاق النووي ومنع رفع العقوبات عن إيران". وأضاف أن الحملة "لم تنته بعد. الطريق طويل. لكن هناك دلائل مشجعة".

وبعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 خالفته إيران، التي تنفي السعي لحيازة أسلحة نووية، وذلك بتكثيف تخصيب اليورانيوم في عملية يمكن أن توفر لها وقود قنبلة في مرحلة لاحقة.

وإسرائيل ليست طرفا في محادثات فيينا النووية، لكن مخاوفها من إيران وتهديداتها بتنفيذ عمل عسكري ضد عدوها اللدود إذا رأت أن الدبلوماسية انتهت إلى الفشل تجعل العواصم الغربية في حالة ترقب وحذر.

العودة الى الوراء

من جهته أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن رد إيران الأخير في شأن احياء الاتفاق حول برنامجها النووي يمثّل خطوة "إلى الوراء"، مشددا على أن واشنطن لن تسارع للانضمام إليه مجددا بأي ثمن.

وبدا أن المفاوضين الأوروبيين يحققون تقدّما باتّجاه إحياء اتفاق العام 2015 مع موافقة إيران إلى حد كبير على نص المقترح النهائي.

لكن درجة التفاؤل تراجعت عندما أرسلت الولايات المتحدة ردّها الذي ردّت عليه إيران بدورها.

وقال بلينكن للصحافيين "في الأسابيع الأخيرة، ردمنا بعض الهوات. ابتعدت إيران عن بعض المطالب الخارجة عن الموضوع وهي مطالب غير مرتبطة بخطة العمل الشاملة المشتركة في ذاتها"، مستخدما الاسم الرسمي لاتفاق 2015.

وأضاف "لكن الرد الأخير عاد بنا إلى الوراء. ولسنا على وشك الموافقة على اتفاق لا يفي بمتطلباتنا الأساسية".

وتابع "إذا توصلنا إلى اتفاق، فسيكون ذلك فقط لأنه سيدعم أمننا القومي".

يؤيد الرئيس الأميركي جو بايدن إحياء الاتفاق الذي سيخفف العقوبات المفروضة على إيران ويمكنها من استئناف بيع نفطها حول العالم مقابل فرض قيود مشددة على برنامجها النووي.

وتخلى دونالد ترامب، سلف بايدن، عن الاتفاق وفرض عقوبات جديدة واسعة على طهران.

ويشير دبلوماسيون إلى أن إيران تخلت عن طلبها شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية، والذي كان نقطة خلافية رئيسية.

لكن ما زالت هناك قضايا خلافية لعل أبرزها إصرار إيران على ضرورة إغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف ثلاثة مواقع غير معلنة يشتبه بأنها شهدت أنشطة نووية في الماضي.

ضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أعلنت "أنها لا تستطيع ضمان" الطبيعة السلمة للبرنامج النووي الايراني مؤكدة أنه لم يحصل "تقدم" في حل مسألة المواقع غير المعلنة المشتبه بأنها شهدت أنشطة غير مصرّح عنها.

في تقرير اطلعت عليه وكالة فرانس برس قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية "أنها لا تستطيع ضمان أن البرنامج النووي الإيراني سلميّ حصرًا".

وقال المدير العام للوكالة رافاييل غروسي في التقرير إنه يشعر "بقلق متزايد" في وقت "لم يُحرز أي تقدّم" في ملف آثار اليورانيوم المخصّب التي عُثر عليها في الماضي في أماكن مختلفة.

تسعى الوكالة للحصول من ايران على أجوبة حول وجود مواد نووية في ثلاثة مواقع غير مصرح عنها. وأدت هذه المسألة إلى قرار ينتقد ايران خلال لقاء مجلس محافظي الوكالة في حزيران/يونيو.

في التقرير دعا غروسي الجمهورية الإسلامية إلى التزام "موجباتها القانونية" في توضيح المسائل العالقة بشأن المواقع الثلاثة والتعاون في أسرع وقت ممكن.

في تقرير آخر، دانت الوكالة أيضًا قرارًا أعلنته إيران في حزيران/يونيو يقضي بوقف عمل عدد من كاميرات المراقبة، متحدثةً عن "عواقب تؤثر على القدرة" على التحقق من الطابع المدني للبرنامج النووي.

ووفق تقديرات في مستند منفصل، فإن إيران وإضافة إلى تقيد وصول الوكالة الأممية إلى المواقع، واصلت في الأشهر الأخيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب.

وجاء في تقرير الوكالة الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب بات الآن يتجاوز بأكثر من 19 مرة الحدّ المسموح به بموجب الاتفاق. وأوضح التقرير أن المخزون يُقدّر حتى 21 آب/أغسطس بـ3940,9 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب، في مقابل 3809,3 كيلوغرامات منتصف أيار/مايو. والحدّ المسموح به هو 202,8 كيلوغراماً.

وزادت إيران خصوصًا مخزونها من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20% إلى 331,9 كيلوغرامًا، في مقابل 238,4 كيلوغرامًا في السابق، متجاوزةً نسبة التخصيب المنصوص عليها في الاتفاق وهي 3,67%.

وباتت الجمهورية الإسلامية تملك 55,6 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60% في مقابل 43,1% في السابق. وهذه النسبة تقترب أكثر من عتبة 90% اللازمة لتصنيع القنبلة الذرية.

وقال دبلوماسي مقيم في فيينا إنه بالنظر إلى التقدم الذي أحرزته إيران في التخصيب فقد تحتاج الآن على الأرجح إلى "ثلاثة إلى أربعة أسابيع للوصول إلى الكمية الكبيرة" اللازمة لصنع سلاح نووي.

لكن، يؤكد خبراء أن إيران تحتاج إلى اتخاذ خطوات أخرى كثيرة الى جانب تخصيب اليورانيوم، لصنع سلاح تجريبي وأنه ليس من الواضح ما إذا كانت إيران أحرزت تقدما كبيرا في هذه المجالات الأخرى.

العقوبات وظلال الحرب الاوكرانية

وفي سياق متصل فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة إيرانية اتهمتها بتنسيق رحلات جوية عسكرية لنقل طائرات إيرانية مُسيرة إلى روسيا وكذلك ثلاث شركات قالت إنها ضالعة في إنتاج طائرات إيرانية مُسيرة.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بتزويد روسيا بطائرات مُسيرة لاستخدامها في حربها في أوكرانيا، وهو ما تنفيه طهران.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إنها فرضت عقوبات على شركة سفيران لخدمات المطارات ومقرها طهران، متهمة إياها بتنسيق الرحلات العسكرية الروسية بين إيران وروسيا، بما في ذلك تلك المرتبطة بنقل الطائرات المُسيرة والأفراد والمعدات ذات الصلة.

كما أدرجت وزارة الخزانة في قائمة عقوباتها شركات بارافار بارس وتصميم وتصنيع محركات الطائرات وبهارستان كيش، متهمة إياهم بالمشاركة في البحث وتطوير وإنتاج وشراء الطائرات الإيرانية المُسيرة.

وخصت وزارة الخزانة شركة بارافار بارس لتورطها في الهندسة العكسية لطائرات مُسيرة أمريكية وإسرائيلية الصنع، دون تحديد الطرازات. وذكرت رويترز أن بعض الطائرات المُسيرة الإيرانية تعتمد على طائرات مُسيرة من دول أخرى، بما في ذلك طائرة استطلاع مُسيرة أمريكية من طراز سنتينل 170-آر.كيو تم الاستيلاء عليها في عام 2011.

كما عوقب رحمة الله حيدري الذي تم تعيينه مديرا لشركة بهارستان كيش وعضوا في مجلس إدارتها.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن “الجيش الروسي يعاني من نقص كبير في الإمدادات في أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئيا إلى العقوبات وقيود الصادرات، مما يجبر روسيا على اللجوء إلى دول غير موثوق بها مثل إيران للحصول على الإمدادات والمعدات”.

وأضاف بلينكن أن الولايات المتحدة سوف “تحاسب” أولئك الذين يدعمون روسيا في غزو أوكرانيا.

وفي الشهر الماضي، أبلغ مسؤول أمريكي رويترز بأن طائرات روسيا المُسيرة إيرانية الصنع واجهت “إخفاقات عديدة”.

وقال المسؤول إن روسيا خططت على الأرجح للحصول على مئات الطائرات المُسيرة الإيرانية من طراز مهاجر-6 وشاهد.

وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية برايان نلسون “الولايات المتحدة ملتزمة بالتنفيذ الصارم لعقوباتنا ضد كل من روسيا وإيران ومحاسبة إيران ومن يدعمون الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا”.

ولقي الآلاف حتفهم وتحولت المدن الأوكرانية إلى أنقاض منذ أن غزت القوات الروسية أوكرانيا في فبراير شباط، في أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

وتأتي العقوبات في وقت لم تحرز فيه المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة سوى تقدم بسيط نحو إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي وضع قيودا على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف بعض العقوبات.

بدورها طالبت روسيا في الأمم المتحدة الولايات المتحدة وبريطانيا بتقديم أدلة لدعم مزاعمهما بأن موسكو تسعى للحصول على طائرات مسيرة من إيران وصواريخ وقذائف مدفعية من كوريا الشمالية لاستخدامها في أوكرانيا.

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أمام مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا “أود أن أطلب منهم الآن إما تزويدنا بالأدلة أو الاعتراف بأنهم ينشرون معلومات غير موثوقة”.

واتهمت الولايات المتحدة إيران بتزويد روسيا بطائرات مسيرة لاستخدامها في حربها في أوكرانيا، وهو ما نفته طهران. كما اتهمت واشنطن موسكو بأنها بصدد شراء ملايين الصواريخ وقذائف المدفعية من كوريا الشمالية، حسبما قال نائب السفير الأمريكي ريتشارد ميلز للمجلس.

وقالت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد إن “روسيا تتجه إلى إيران للحصول على طائرات مسيرة، وإلى كوريا الشمالية للحصول على الذخيرة في انتهاك صارخ لعقوبات الأمم المتحدة”.

ودافعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى عن تقديم مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات لأوكرانيا منذ الغزو الروسي في 24 فبراير شباط.

وقال ميلز “ادعاءات روسيا بأن الولايات المتحدة و‘الغرب’ يصعدان ويطيلان أمد هذا الصراع كاذبة. إنها محاولات لصرف الانتباه عن دور موسكو بصفتها المعتدي الوحيد في حرب وحشية غير ضرورية، يدفع العالم ثمنها بشكل جماعي”.

اضف تعليق