q
تقديم رفاهية الآخرين على رفاهنا الشخصي من دون توقّع أي شيء بالمقابل، أو ما يُعرف بالإيثار، يحفّز مراكز المكافأة في الدماغ. وتغمر مشاعر الرضا الكيميائية هذه نظامنا، وتنتج نوعًا من "النشوة المساعدة". ولقد تبيّن مثلًا أنّ العمل التطوعي، على سبيل المثال، يخفّف من التوتر ويحسّن الاكتئاب...

لا يقتصر نشر أجواء اللطف على شعور الآخرين بالرضا عن أنفسهم فحسب، بل قد يعزّز أيضًا من صحة وسعادة الشخص الذي وهب هذه المشاعر، بحسب ما أشار إليه بحث جديد.

وأظهرت الدراسات أنّ تقديم رفاهية الآخرين على رفاهنا الشخصي من دون توقّع أي شيء بالمقابل، أو ما يُعرف بالإيثار، يحفّز مراكز المكافأة في الدماغ. وتغمر مشاعر الرضا الكيميائية هذه نظامنا، وتنتج نوعًا من "النشوة المساعدة". ولقد تبيّن مثلًا أنّ العمل التطوعي، على سبيل المثال، يخفّف من التوتر ويحسّن الاكتئاب.

هذا ليس كل شيء، إذ أن هذا النشاط بعينه قد يقلّل أيضًا من خطر الإصابة بالضعف الإدراكي، ويساعد حتى بالعيش لفترة أطول. وقال الخبراء إنّ أحد أسباب ذلك، مساهمة اللطف بشعورنا أننا ننتمي إلى المجتمع. وتوصّلت الدراسات إلى أنّ هذا يشكّل عاملًا أساسيًا لحياة صحية أطول.

كما ثَبُت أنّ التبرّع للآخرين، أو "الإنفاق الاجتماعي الإيجابي"، يقلّل من ضغط الدم ويحسّن من صحة القلب. وطلبت إحدى الدراسات من مجموعة من الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم، إنفاق 40 دولارًا على أنفسهم، بينما طُلب من مجموعة أخرى من الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم إنفاق هذا المبلغ على الآخرين.

ووجدوا أنّ الأشخاص الذين أنفقوا المال على الآخرين شهدوا انخفاضًا بضغط الدم في نهاية الدراسة التي امتدّت إلى ستة أسابيع. وفي الواقع، كانت الفوائد كبيرة ومماثلة لتلك الناتجة عن اتّباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة.

السعادة والحدّ من الألم

ويبدو أنّ العطاء يخفّف من الشعور بالألم. إذ توصّلت دراسة حديثة إلى أنّ الأشخاص الذين قالوا إنهم سيتبرعون بأموال لمساعدة الأيتام كانوا أقل حساسية للصدمة الكهربائية ممّن رفضوا العطاء. وكلّما اعتقد الناس أن تبرّعهم سيكون مفيدًا، قلّ الألم الذي يشعرون به.

ولكن، كيف ذلك؟ وتجيب الدراسة أنها وجدت أن مناطق الدماغ التي تتفاعل مع تحفيز الألم تتعطّل فورًا على ما يبدو، من خلال تجربة العطاء.

ووجد الباحثون في المملكة المتحدة أنّ اللطف قد يعزّز من السعادة لدى الإنسان في أقل من ثلاثة أيام. وقسمت الدراسة المشاركين فيها على ثلاث مجموعات:

الأولى، يقوم الأعضاء بعمل لطيف يوميًا.

الثانية، يختبر الأعضاء نشاطًا جديدًا.

الثالثة، لم يقدم المشاركون فيها على شيء.

وشهدت المجموعتان الأولى والثانية زيادة كبيرة بمنسوب السعادة لدى الأعضاء.

ووجد باحثا السعادة سونيا ليوبوميرسكي وكينون شيلدون أنّ الأشخاص الذين قاموا بمجموعة متنوعة من الأعمال اللطيفة على مدار الأسبوع أظهروا زيادة أكبر في السعادة من أولئك الذين أجروا النشاط ذاته مرارًا وتكرارًا.

أما الأخبار السارة فهي أنّ أفعال اللطف قد تكون مجهولة أو مرئية، عفوية أو مخططًا لها، وقد تكون بسيطة مثل تقديم مجاملة أو فتح الباب لشخص ما.

العطاء يقلل من الألم

يبدو أيضًا أن العطاء يمكن أن يساعدنا في التغلب على الألم. وجدت دراسة أجريت عام 2017 أن الذين يعانون من الآلام المزمنة وتطوعوا قد أبلغوا عن انخفاض الألم.

وجدت سلسلة جديدة من الدراسات أحد أسباب ذلك: يبدو أن مناطق المخ التي تتفاعل مع التحفيز المؤلم قد تم إبطالها على الفور من خلال تجربة العطاء." بينما أكدت معظم النظريات والأبحاث السابقة الفوائد الطويلة الأجل وغير المباشرة للاهتمام بالآخرين.

أظهر البحث الحالي أن المشاركين الذين يعانون من الألم استفادوا من أعمال الاهتمام بالآخرين على الفور.

الدراسات التي نشرت في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، اختبرت سيناريوهات مختلفة من ذلك في 287 شخصا.

ووجد أن أولئك الذين تطوعوا للتبرع بالدم بعد الزلزال عانوا من ألم أقل من أولئك الذين أجروا اختبارا روتينيا، على الرغم من استخدام إبرة أكبر. اكتشف شخص آخر، ان الذين أعطوا من وقتهم لمراجعة كتيب أطفال العمال المهاجرين، واجهوا ألما أقل عند تعرضهم لدرجات حرارة باردة من الأشخاص الذين لم يتطوعوا.

في دراسة أخرى، قام الباحثون بتجنيد مرضى السرطان الذين يعانون من الألم المزمن وطلبوا منهم الطهي والتنظيف لأنفسهم أو لصالح الآخرين في مركز علاجهم. عندما كانوا يساعدون الآخرين، انخفضت مستويات الألم لديهم. عندما قاموا بالعمل من أجل مصلحتهم الشخصية، انخفض تأثير تخفيف الألم بأكثر من 62٪.

في الدراسة الأكثر دلالة، طلب الباحثون من المشاركين التفكير في التبرع بالمال لمساعدة الأيتام؛ إذا اختاروا القيام بذلك، طُلب منهم تقييم مدى فائدة ما يعتقدون أن تبرعهم سيكون مفيدا. ثم تم فحص أدمغة هؤلاء المشاركين من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي أثناء تلقيهم صدمة كهربائية سيئة على أيديهم.

أظهرت النتائج أن مراكز السيطرة على الألم في أدمغة أولئك الذين تبرعوا كانت رد فعلها أقل للإحساس بالألم من أولئك الذين لم يقدموا المال. ليس ذلك فحسب، ولكن كلما زاد اعتقاد الأشخاص أن أفعالهم كانت مفيدة، كان رد فعلهم على الألم أقل.

بالإضافة إلى ذلك، وجد المؤلفون أن المعنى الذي أعطاه الناس لأعمالهم الجيدة هو الذي تنبأ بمدى الألم الذي يتخذه الدماغ. في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من البحوث، يعتقد المؤلفون أن الطب يجب أن يفكر في استخدام مساعدة الآخرين "لتكملة العلاجات السلوكية الحالية لعلاج الألم".

وجدت دراسة سابقة أن فعل العطاء يحفز مراكز المكافأة في الدماغ. انخفاض الشعور بالألم مقترنا بالمواد الكيميائية التي تجعلنا نشعر بالراحة - يجعل أدمغتنا تكافئنا على مساعدة الآخرين حتى عندما لا نتوقع أي شيء في المقابل. يبدو ذلك سببا وجيها لوضع السلوكيات التطوعية وغيرها في قائمة المهام الخاصة بك في هذا العام الجديد لتحسين صحتك.

اقتراحات لنشر أجواء لطيفة..

أثناء القيادة، أفسح المجال للسيارة التي تريد الدخول إلى مسارك.

أثنِ من دون مجاملة على عمل أحد أفراد أسرتك، أو أصدقائك، أو زملائك.

افعل الشيء ذاته مع رئيسك في العمل، إذ يحتمل ألا يحصل على إطراءات أبدًا

تخلَّ عن الضغينة وسامح الأشخاص.

كن بجانب صديق يمر بوقت عصيب. لا تحاول حل مشاكله. فقط استمع له.

أكرم الشخص الذي يقوم بمهمة التوصيل.

المصدر: شبكة سي ان ان

اضف تعليق