بناء الدولة يتم بحكومة تعبر عن تطلعات الشعب، وبما أن الأخير هو الأول في مصدرية القرار، فلابد أن تكون مفاوضات تشكيلها تحت أنظار ومسامع الشعب، ويبدو أن ملامح ونوايا القوى السياسية تتضح، قبل إتضاح ملامح الحكومة القادمة، وبعض التحالفات ستنسفها التظاهرات، وأيُّ تحالف مدعوم خارجياً مصيره الإنهيار...

" نحن لا نبدأ بتشكيل حكومة، بل بناء دولة"، هكذا يتكلم معظم السياسيون في خطاباتهم، أما لإدراكهم أن البلد غارق بالمشكلات، أو أنه تسويق إعلامي لتمرير ما يخالفه، وهنا الخطاب إنشائي أكثر مما هو عملي كقاعدة للإنطلاق للبناء المزعوم، لا تُبنى الدولة بالخطابات دون رسم المستقبل برؤى إستراتيجية، وخروج من الإنطواء تحت عباءة الذات والأنا.

التخطيط للدولة يبدأ بالإهتمام بتركيبة مؤسساتها ومختلف قطاعات الدولة، دون تركها تعيش نهم الإستهلاك وقلة الإنتاج، وتعقيد للمشكلات وعرقلة الحلول، وأستحداث آلاف الوظائف، التي تضاف الى ملايين فائضة عن الحاجة، فتترهل الإدارة وتُفتقر الكفاءة ويُحبط الإبداع، مستند على حكومة إرضائية أطرافها تعمل لصالح أحزابها وتنسى معاناة شعبها.

طبيعة الشعب الناخب هو من يحق له التصويت، وإنتخاب من يراهم مناسبين للنيابة عن في مواقع السلطات، للتحدث والفعل عن ما يدور بخلجات المواطن، ومَنْ لم يُشارك فوض غيره من المواطنين، ودور المواطن من يشارك ومن لم يشارك بالتصويت لا ينتهي يوم إغلاق صناديق الإقتراع، وربما يتحول من الدور غير المباشر الى المباشر، وربما يسأل أحد لماذا يعترض ويتظاهر موظفاً أو من هو على قدر من الرفاهية؟ وهنا يكون المواطن متضامناً مع غيره وجزء من جسد يشعر بألم غيره.

السياق العام للشعب السياسي أنه يختار من يحكمه وفق عقد لا ينتهي مفعوله بصندوق الإقتراع، وهذا يتطلب إطلاعه على كل شاردة وواردة من العمل الحكومي سوى السري منها الذي يتعلق بأمن الدولة، وأن يعلم بكل حركات وسكنات السياسيين، ليتكمن من المراقبة والمحاسبة بالإعتراض وإزاحة من لا يكون مناسباً، لذا بناء الدولة بعدالة السلطات وشفافية القوانين وصراحة المسؤول، وأهم ما يطلع عليه أن يعرف ماذا يدور في غرف المفاوضات السياسية لتشكيل الحكومة.

إن المفاوضات المكوكية التي تجريها القوى السياسية، مغيبة تماماً عن إطلاع المواطن، ومعظم التصريحات مجانب للحقيقة، وسر للإلتفاف على مطالب الشعب، لذا منهم من قال: أن تشكيل الحكومة سيكون مفاجئة، وما يُخشى أن تُعاد حكومة 2010م، التي تسربت بعض بندوها، وبعضها لم يطلع عليه الإعلام لحد الآن، وما يزال العراقي يعاني من طبيعة الإتفاقات السرية، وما يهدد تشكيل الحكومة إتفاقيات اللحظات الأخير أو شخصية التسوية.

حينما يعمل الساسة بالخفاء، فمؤكد أنهم يضمرون ما لا يُرضي شعبهم، وظاهر مفاوضاتهم للإسراع بتشكيل حكومة، وحقيقتها تفاهمات لتقسيم المكاسب.

بناء الدولة يتم بحكومة تعبر عن تطلعات الشعب، وبما أن الأخير هو الأول في مصدرية القرار، فلابد أن تكون مفاوضات تشكيلها تحت أنظار ومسامع الشعب، ويبدو أن ملامح ونوايا القوى السياسية تتضح، قبل إتضاح ملامح الحكومة القادمة، وبعض التحالفات ستنسفها التظاهرات، وأيُّ تحالف مدعوم خارجياً مصيره الإنهيار، لأن خارج العراق أقليمياً ودولياً منقسم على بعضه، ولا يمكن له أن يجتمع لمصلحة العراق، لذا من حق الشعب الإطلاع على كل خطوات وبنود إتفاقات تشكيل الحكومة، ومن واجب القوى المفاوضة أن تكون صريحة، لأن فرصتها أنتهت ولا وقت للتمديد، بعد نفاذ الوقت الضائع.

..........................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق