لقد ضمنت المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حرية التعبير ما يلي: (لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية).

الشباب هم محور أي تغيير أو تحول ومن خلالهم يسهل طرح الأفكار واستحداث التجارب، وحق حرية التعبير هو الحق الأهم والأكثر إلحاحاً لدى الشباب لينطلقوا منه نحو فضاء آخر من الحقوق والمطالبة بالتمكين والشراكة المجتمعية وحق العدالة والمساواة بما يفضي إلى اتخاذ القرار وديمقراطية العلاقة بين الفئات المختلفة والحاكم والمحكوم..

حرية التعبير ترتبط بشكل كبير بالحقوق الأخرى كالحق في الحصول على المعلومة واستخدامها والحق في التواصل عبر الوسائل المتاحة، غير أن حرية التعبير هي النقطة الفاصلة لخلق حراك اجتماعي وخلق رأي عام وتغيير اتجاهات الناس في كل القضايا..

كما يقول المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، بأن حرية الرأي في نظام الله وقانون الإسلام أكثر تقديسا حتى من الشهادتين، فالإسلام يريد أن يجعل الناس أحراراً.

إستطاع الشباب استغلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتوظيف هذه الإمكانيات لاستخدامها في حرية التعبير وطرح الأفكار والآراء المختلفة، دون خوف من أي طرف حتى أن الشباب تجاوزوا حاجز الخوف والكبت بإنتقادهم للسياسيين وعلى أعلى المستويات.

هذا ما دفع بالشباب من مختلف التوجهات والانتماءات إلى التغيير في طرحهم وطريقة تعاملهم وأصبحوا أكثر وعيا وإدراكا ومسؤولية أمام أنفسهم ووطنهم، ما خلق فيهم روح المبادرة والتحفيز للابتكار والعمل على خلق حملات وشعارات وآليات مختلفة للتعاطي مع أي قضية من خلال المسيرات والبوسترات والصفحات الالكترونية التي تعبر عن رأي الشباب وتضغط باتجاه حل المشاكل اليومية التي يعاني منها المواطن، كمشكلة الكهرباء والنت والمشاكل الاجتماعية والسياسية ودعم الحشد الشعبي ومحاربة الإرهاب والفساد في العراق.

وبالتوازي مع ممارسة الشباب لحقهم في حرية الرأي والتعبير، فإن المجتمع بأكمله أصبح أكثر انفتاحا وتناولاً للقضايا المختلفة وأصبح يتحدث في كل المجالات السياسية والاجتماعية والشؤون الاقتصادية والتنموية والوطنية، وأصبح كل مواطن من حقه أن يقيم أداء النواب والحكومة والعلاقات الخارجية وليس هذا فحسب بل أن المجتمع أصبح يدرك بأن حقه في حرية الرأي والتعبير جعله أكثر إدراكاً ووعيا ومسؤولية وجعله شريكا أساسيا في العملية السياسية والتحول الديمقراطي ويستطيع أن يعبر عن رأيه بالقبول أو الرفض لأية سياسات أو أية قرارات أو إجراءات، ولا فرق هنا بين كل المواطنين.

ما تناوله الشباب على صفحات التواصل الاجتماعي التي بدورها فتحت أمام الشباب مجالا لتبادل الثقافات المختلفة والفنون وشكلت جسورا معرفية رافده بكم هائل من المعلومات والمهارات حولت دور الشباب من متابع خارج الدائرة إلى القيام بالرصد والتوثيق والرقابة وكشف الفساد في الهيئات الحكومية وغير الحكومية..

لم يتوقف دور الشباب في تعزيز حرية التعبير عند ممارستهم لهذا الحق بل أنهم لعبوا دور وسائل الإعلام في نقل المعلومات وإتاحتها للعامة من الناس ما دفع بالوسائل الإعلامية والصحفية إلى أن تعتمد على صفحات بعض الشباب لاستقاء أخبارها، ما يثبت أن الشباب تفوقوا على وسائل الإعلام العراقية في حرية التعبير والحصول على المعلومة ومناقشة القضايا المختلفة بعيداً عن المصالح أو التعصب الأعمى للأيدلوجيات، بل أن هناك من القضايا ما تفرد الشباب بطرحها ونقاشها قبل أن تتطرق لها وسائل الإعلام كقضية إلغاء تقاعد البرلمانيين وتسعيرة الكهرباء وقضايا الفساد.

إن حرية التعبير هي بناء وليس هدم كما هو الحال في بعض الأوقات، حرية التعبير هي حرية الازدهار لا حرية الانحطاط والتحشيش، إذن ينبغي أن تكون مسؤولة، وأسس التقدم مرهونة بحرية التعبير فهذه الحرية تفسح الطريق أمام قدرات الإنسان وكفائته، لكي تتفجر في مجال العمل المثمر، والغرب لم يتقدم إلا عندما أتاح الحريات لجميع الناس، فان توافر الحريات وسيادة القانون وتكافؤ الفرص واحترام حقوق الإنسان هو حجر الأساس لأي تقدم ولأي ازدهار ولأي بناء حضاري.

لا يمكن الحديث عن أي حق، قبل حق حرية التعبير ولا يمكن لحق حرية التعبير أن يكون مؤثراً إلا إذا آمن به الشباب، وعندما يعبرون الشباب بحرية واعية، يتغير وجه الإعلام، وترضخ القوى السياسية لرأي الشباب وتأخذ رأيهم بعين الاعتبار، وباتوا يشكلون قوة حقيقة لايمكن تجاوزها.

............................
المصادر
1- من عبق المرجعية – محمد طالب الأديب
2- دور الشباب في تعزيز حرية التعبير- وداد البدوي
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق