فرضيات عدة تطرح نفسها على بساط النقاش والتحليل المتعلق بالانسحاب الأميركي العسكري من أفغانستان والانهيار السريع للقوات الأفغانية، وإحكام سيطرة حركة طالبان على مقاليد الحكم، فقد يكون ذلك انتصارا ناجما عن صمود الحركة التي تنتهج الأسلوب الجهادي، أو تصدعا في التحالف الدولي، الذي تزعمته الولايات المتحدة الأميركية ضد...

فرضيات عدة تطرح نفسها على بساط النقاش والتحليل المتعلق بالانسحاب الأميركي العسكري من أفغانستان والانهيار السريع للقوات الأفغانية، وإحكام سيطرة حركة طالبان على مقاليد الحكم، فقد يكون ذلك انتصارا ناجما عن صمود الحركة التي تنتهج الأسلوب الجهادي، أو تصدعا في التحالف الدولي، الذي تزعمته الولايات المتحدة الأميركية ضد حركة طالبان عام 2001.

وقد يندرج ضمن أولويات واهتمامات أميركية جديدة لغاية استراتيجية ربما تندرج ضمن خطة صناعة العقبات بوجه التنين الصيني في لحظة صعوده المخيف، وإحباط مشروع الحزام والطريق، وفي جميع الحالات، فالوضع يبعث على القلق لدى الجميع ولا يبشر بالاستقرار.

جملة سيناريوهات تنسجم مع نظرية الاحتمالية عندما نفكك عقدة الانسحاب الأميركي المفاجيء من أفغانستان، وتتحول طالبان في لحظة ما عنوان موضوع مستحدث، وواقع حال سواء كان معدا له، أو مفروضا على الأميركيين الجلوس والتعامل معها، كطرف قوي يتفاوض بقوة عقيدته وتأثير سلاحه، بل المجتمع الدولي كله أخذ يتعامل مع حركة طالبان كواقع حال، تلك القوة الجبارة على الرغم من مخاوف الجميع، بأنها قد تمارس نهجها المتطرف الذي لا يراعي قدرا للحقوق المدنية، ويعيد الأمور الى ما كانت عليه أفغانستان قبل الغزو الأميركي الدولي لها في 2001.

أنها الإشكالية التي تجعل جملة آراء متعارضة مع بعضها حول المسرحية الجديدة في أفغانستان، وإن حسبت بكونها لحظة انكسار تاريخية سجلت على الأميركيين في عهد الرئيس جوبايدن، كما حصلت لها في فيتنام وأجبرت الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون بعقد اتفاقية سلام عام 1973، قبل الانسحاب في 1975.

فرضيات بعضها يعزو توجه واشنطن هذا لتخفيض نفقاتها على مشكلات بلدان الشرق الأوسط بعدما شعرت بأنها تخوض حروب استنزاف مكلفة دون جدوى، وأخرى تحسب موضوع الإنسحاب على أنه مكيدة وضعتها واشنطن لخلق الارباك بوجه الصين والحيلولة من دون تحقيق حلم الانفتاح على منطقة الشرق الأوسط وتنفيذ مشروع (الحزام والطريق)، والذي يجعل أفغانستان منطقة وسطية يمر بها المشروع ذو الجدوى الاقتصادية والثروات الهائلة، ويجعلها تخترق الشرق باتجاه أوروبا، ومن وجهة النظر هذه فأن الاتفاقية التي حصلت بين واشنطن وحركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة في شباط 2020 تبلورت بنودها باتجاه تأزيم الوضع بوجه الصين، مقابل أن تسلم الأولى الحكم للثانية بأفغانستان.

لكن هناك فرضية قد تبدو واقعا حقيقيا سيشهده العالم ليس ببعيد، ويحقق مآرب واشنطن في مأزق الصين، وهو ان تتولى الحركة الحكم لكنها ستكون بمواجهة ساخنة مع داعش أفغانستان، أو( داعش k) بمعنى (خراسان) وهي النسخة الأكثر تعصبا للتنظيم، وقد ظهرت بوادر ذلك في تفجير مطار كابل المزوج، آب الماضي، وذهب ضحيته عشرات القتلى والجرحى. فطالبان بعد الانسحاب الأميركي، باتت أضعف مما كانت عليه قبل أن تتسلم الحكم، فأي خلافات مع إدارة جوبايدن، والغرب سيدفع لفرض عقوبات اقتصادية وسياسية دولية عليها، وتجعلها دولة معزولة تزيد من نفور الشعب ضدها، ذلك يرتبط مع الفرضية الأخيرة أن تشجع واشنطن حالة إنفلات أمني في كابول من شأنه أن يهدد استقرار بلدان متصارعة معها مثل إيران وروسيا، ولا استبعد أن يتعدى الموضوع، ليشمل الباكستان وتركمانستان وأوزبكستان.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق