غزو عسكري شامل جاء بإدارة حكم، ربع منه مدني، وربع عسكري، وربع مخابراتي، وربع عبثي من لصوص العالم الهمجي، يرأسها انسان حاقد، هو بول بريمر، لكن المتنفذ منها هم عناصر المخابرات، تعمل لتطبيق رؤية أميركية نطقت بها كوندليزا رايس عندما كانت مستشارة للأمن القومي قبل أن تكون وزيرة للخارجية، بإدخال العراق في الفوضى الخلاقة...

علينا ألا نصف الوجود الأميركي بالعراق منذ 2003 بغير مصطلح “الحماقة المتعجرفة” لطالما دمر بلاد كاملة، وسرق آثارها، وحطم الثمينة منها، ونهب ثرواتها، وقبل كل شيء قتل أبناءها وشرد الملايين.

غزو عسكري شامل جاء بإدارة حكم، ربع منه مدني، وربع عسكري، وربع مخابراتي، وربع عبثي من لصوص العالم الهمجي، يرأسها انسان حاقد، هو بول بريمر، لكن المتنفذ منها هم عناصر المخابرات، تعمل لتطبيق رؤية أميركية نطقت بها كوندليزا رايس عندما كانت مستشارة للأمن القومي قبل أن تكون وزيرة للخارجية، بإدخال العراق في الفوضى الخلاقة، ولأن حملة الغزو استندت لمعلومات استخبارية كاذبة.

خطة أميركية نفذت ضمن طبخة غربية إسرائيلية خطيرة، حاقدة على العراق كله جانب مهم من سماتها، إثارة الطائفية، كونها اختارت نظام حكم محليا سمى بـ”مجلس حكم”، اختيرت شخصياته على اساس المذهب والعرق والدين، ودعم معارضة بعض منها يعاني كراهية للعراقيين بسبب العيش طويلا خارج البلاد، بحاجة إلى الإدماج الاجتماعي، الذي من شأنه يمنحها فرصة تفهم وضع العراق وطبيعته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحتى الوطنية، فإدارة واشنطن ولندن للعراق مع بداية الغزو مطلع 2003 كانت أخطر اساءة تاريخية ضده.

جاءت ضمن حلقات متعددة مورست فيها أسوأ حالات التفليش والتقزيم والتشويه والتدمير، والعبث الفكري، ومحاولة البناء عليها مستقبلا لتدمير بلاد الرافدين لغايات كلها سوء، تمثل تفاهما دوليا إقليميا على مصالح ارتبطت بها، وإقرار دستور ظاهره، وكثير من مواده تنم عن نهج ديمقراطي، بينما تختبأ في ثناياه الغام، وقد حصلت عملية رفض جماهيري له في المناطق الغربية من البلاد على وجه التحديد، عندما كانت تقاوم الاحتلال، لكن الأخير فرضه بأساليب القوة والتهديد والترغيب.

وفي كل سنتين، أو أكثر اعتاد المحتل الأميركي أن يدخل العراق في مرحلة جديدة من الفوضى والارباك، تختلف عن سابقتها من حيث السمات، لكنها بالحقيقة تعد استكمالا لعمليات التدمير النفسي والفكري والبيئي، حتى أوصلوا البلاد لمرحلة تنظيم داعش، عندما أحتل ثلث مساحة العراق في حزيران 2014 التي توصف مع صفحتي القاعدة والميليشيات بـ “ بندقية مأجورة “ تقتل العراقيين وتشيع الفوضى والرعب وتوقف كل خطوات التنمية، هي حلقات لمسلسل التدمير للعراق، غايتها قتل النموذج القيمي العراقي، ونهب الثروات وإعادة صياغة التفكير الجمعي العراقي بالاتجاه الذي ترغب فيه واشنطن ولندن، انه ملخص عبث غربي بزعامة واشنطن على مدى 20 عاما، تسبب بمقتل حوالي مليون عراقي وستة ملايين يتيم، وكان وراء ذلك هدف استراتيجي فكري، غايته الأساسية إحداث تحول فكري باتجاه التطبيع مع إسرائيل، وتذويب قضية فلسطين من عقول العراقيين والعرب، وبالطبع ذلك درس غربي عنيف تجاه البلدان العربية وخارجها.

احتلال زرع الموت والخوف والرعب في كل البيوت العراقية، وملأ الأرض العراقية مواد سامة واشعاعات فتكت بالصحة العامة للعراقيين، وأصبح العراق في مقدمة بلدان العالم بالأمراض السرطانية، وصنف العراقيين على أساس المذهب والجهوية والقومية والدين، وهي ملوثات فكرية تمثل تأصيل للتفرقة والتقزيم والبغضاء، تجعل من الشعب الواحد، شعوبا متناثرة متناقضة، الهدف كله لكي يحققوا التطبيع مع إسرائيل، ويفرضوا ارادتهم علينا، فمتى يرتقي العراقيون بوعي تبرز فيه هويتهم العراقية الجامعة كونها الرباط المتين، ومن خلالها يمكن تجاوز مفهوم الهويات الفرعية المعادية لبناء الدولة المنتجة، أو الدولة الاجتماعية المتماسكة المستقرة؟

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق