الذي أوصل الأوضاع في المنطقة الى الطريق المسدود هو عدم الالتقاء في نقطة الوسط والتباين الحاد في المواقف وعدم وجود وسيط محايد، في ظل غياب دور مجلس الأمن الدولي المقيد بصراع القوى وبقرارات الفيتو، وباستفادة الشرق من مصائب الغرب، وكان يمكن لأمريكا لعب هذا الدور، ولو بالحد الأدنى...

الذي أوصل الأوضاع في المنطقة الى الطريق المسدود هو عدم الالتقاء في نقطة الوسط والتباين الحاد في المواقف وعدم وجود وسيط محايد، في ظل غياب دور مجلس الأمن الدولي المقيد بصراع القوى وبقرارات الفيتو، وباستفادة الشرق من مصائب الغرب، وكان يمكن لأمريكا لعب هذا الدور، ولو بالحد الأدنى، لكنها منذ البدء اتخذت موقفا منحازا في هذا الصراع، حتى ان عميد دبلوماسيتها انتوني بلنكن قدّم معتقده الديني على وظيفته كوزير خارجية وقوّض مهمته بيده ولسانه.

والأغرب في الموقف الأمريكي هو الرغبة بعدم توسيع نطاق الحرب مع ابقائها مستمرة لصالح الطرف الذي تدعمه بلاحدود، في الوقت الذي تستثني نفسها من توسيع نطاق الحرب اينما شاءت، في البحر والبر العربيين، ووصل الأمر بالناطق بإسم البيت الابيض عند نفي صلة بلاده بإغتيال القيادي في ضاحية بيروت الى القول أنه شخص لايستحق البكاء عليه، حتى إطلاق الأنين والبكاء على الميت لم يعد مسموحاً للإنسان على الضفة الأخرى، وهي الحرب الأولى من نوعها التي تنبذ فيها علناً اخلاق الفرسان والفروسية والنبل الإنساني، ولشهرين متتالين غابت وغيّبت عبارة حقوق الإنسان من التداول في وسائل الإعلام ومن الألسن والمنصات والخطب.

أما الدول العربية فقد ضيّعت فرصة اللعب بأي دور، وكان امامها فرصة للتقدّم بمبادرة لكسر الجمود بدل أن تقف في حالة (اللاموقف) وهمّشت نفسها بنفسها بشكل غير مسبوق وكأنها ليست على الخارطة، والغريب أن حالة الإستقواء والتسلح الذي تتسابق فيه الامبراطوريات المحيطة بحدودها لم تحرك لديها أي شعور بحق المنافسة والحضور والتأثير، حتى حالة المنافسة والعداء مع جارتها الشرقية اللاعب الأساسي في الحدث، لم يحرك لها جفن لتقوم بدور ما لمسك زمام الأمور او لإثبات الوجود في قضية عربية، وألقت بكل ثقلها على وسائل إعلامها للتعبير عن مواقفها بشكل غير مباشر، وبتحليل مضمون لظاهر التغطيات لم تأخذ وسائل الاعلام العربية الكبرى دور المحايد، وهو اضعف الإيمان.

بل استمرت على مواقفها الموروثة مع أبناء جلدتها حتى في حالة الحرب التي تقتضي خفض مستوى العداء قدر الإمكان والى حد معقول بما توجبه المروءة في الخصومة ولكون الدم العربي يجري في عروق الضحايا سواء أحببتهم او كرهتهم.. وهذه الحرب التي ستطول لغياب العقلاء في هذا العالم لم يقدم فيها الأقوياء أي حل او بصيص ضوء في نهاية النفق ولاخيار غير أن تكون هناك دولة واحدة آمنة وكل الدول المحيطة بها منزوعة السلاح او منزوعة الدين، في هذا العالم السفلي الذي نزع كل شيء.

.........................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق