q
عمل المولدات الاهلية في العراق يحتاج الى لائحة تنظيمية تركز على جملة من النقاط، أولها توحيد التسعيرات في عموم البلاد، مع اجراء جولات ميدانية لمحاسبة غير الملتزمين، وتفعيل قضية الشكاوى المقدمة بصورة مباشرة من المواطنين، الى جانب ذلك وضع المولدات بعيدا نسبيا عن المناطق السكنية لتجنيب الافراد الاضرار المترتبة...

اريد ان أقدم شكوى على صاحب المولدة في حي السكني، فهل تُقبل شكواي او تؤخذ بعين الاعتبار لأحصل على حقي؟

الشكاوى بخصوص المولدات الاهلية كثيرة ولسان حال المواطنين تكسوه المرارة حين الحديث عن هذه التجربة المشوهة في العراق، وهي تجربة المولدات الاهلية التي تحول أصحابها الى اقطاعيين ومضاربين، يعيشون على الازمات الحكومية والثغرات التي مكنتهم من التحكم في مصائر الناس.

في نهاية كل شهر تدخل الجماهير في المحافظات ما عدا حكومة الإقليم بحالة من الترقب، ينتظرون قرارات الحكومات المحلية المتعلقة بتسعيرة الامبير الواحد في حالة التشغيل الذهبي او الاعتيادي، وفي كل شهر تمر الاسر بنفس المعاناة المتمثلة بعدم التزام أصحاب المولدات بالتسعيرات الرسمية التي تحددها الجهات المعنية.

الجباية في الشهر الأول تختلف تماما عن الجباية في الشهر الثاني، والثالث يختلف عن الرابع وهكذا تسير الأمور، وكأن الحكومات المحلية ومسؤولي الوحدات الإدارية، (الاقضية والنواحي)، خارج نطاق الهم الاجتماعي الذي اخذ يتصاعد مع تقادم الأيام وكثرة الشكاوى من المواطنين المجبرين على دفع المبلغ المحدد من صاحب المولدة وليس الجهات ذات العلاقة.

وفي كل شهر أيضا تصدر الجهات الرسمية الى جانب التسعيرات، تصدر تحذيرات من عدم الالتزام وعلى المواطنين عدم السكوت عمن يُجبي أكثر من المقرر، لكن رواية الواقع تختلف تماما، نأخذ على سبيل المثال شهر آذار الحالي، فقد حددت بعض المحافظات ومن بينها كربلاء سعر الامبير وفق نظام التشغيل الذهبي بــ 9000 ألف، بشكل رسمي.

بينما صاحب المولدة اجبر الأهالي على الدفع 12500 للأمبير، ويقال في مناطق أخرى تم دفع 15000 ألف. هذا التفاوت وعدم مراقبة عملية الجباية من قبل الجهات المعنية، يجعل المواطن شخص مغلوب على امره، يتحكم فيه صاحب المولدة سين والآخر صاد، وفي النهاية تمر الشهور والسنين ولا يوجد ما يبرر التأخير في محاسبة المتسببين بالأذى الفعلي للمواطنين.

يروي لنا أحد الأصدقاء حالة تدخل الى حيز الخيال، لكنها تنتمي الى الواقع بكل جزئية من جزئياتها، يحكي عن أهالي تقدموا بشكوى رسمية على أحد أصحاب المولدات، من غير الملتزمين بساعات التشغيل وسعر الامبير، ولديهم من الأدلة ما يكفي الجهات المعنية محاسبته وعلى الفور، فلننظر ماذا حدث.

الذي حدث بالضبط، هو دخول المشتكين الى الحجز في احدى مراكز الشرطة، وصاحب المولدة يعطف عليهم لإخراجهم لكيلا يبيتوا في التوقيف المؤقت!

حالة صادمة لكنها حاصلة وليس من وحي الخيال، أصبح من يتقدم بشكوى عليه ان ينتظر المصير المعلوم، وهو اما الصراع العشائري، (الكوامة)، او التوقيف لغرض التأديب، او قطع الاسلاك العائدة لذلك المنزل وحرمانه من نعمة الكهرباء لأيام وليالي، لأنه خالف المعمول فيه ولم يلتزم بالعرف السائد وهو السكوت.

ورب سائل يسأل عن إمكانية تحويل المولدات الاهلية الى قطاع مختلط او حكومي بحت، فإذا كانت الحكومة المركزية عاجزة عن حل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي بانتظام، فلا يعني ان الحلول غابت وتحولت الى مشكلة مستحيلة، فمن أكثر إمكانية التاجر ام الحكومة؟

الحكومة أكثر مالا وسلطة وقدرة على التعامل مع ملف الكهرباء، وبإمكانها تولي المهمة ونصب مولدات عملاقة وفق توزيع ممنهج حسب الكثافة السكانية للمنطقة، واتباع نفس أسلوب أصحاب المولدات في الجباية الشهرية مع مراعاة الحاجة الفعلية لبعض الاسر.

تحويل المولدات الى الصفة الحكومية يعفي الحكومات المحلية والمركزية من قضية التقصير او المعرقلات التي تقف بوجهها لزيادة ساعات التجهيز، ونرفع عنها عناء البحث عن شركات عالمية تحظى بمقبولية محور من المحاور المتحكمة في المشهد السياسي.

عمل المولدات الاهلية في العراق يحتاج الى لائحة تنظيمية تركز على جملة من النقاط، أولها توحيد التسعيرات في عموم البلاد، مع اجراء جولات ميدانية لمحاسبة غير الملتزمين، وتفعيل قضية الشكاوى المقدمة بصورة مباشرة من المواطنين، الى جانب ذلك وضع المولدات بعيدا نسبيا عن المناطق السكنية لتجنيب الافراد الاضرار المترتبة من نصبها في أوساط الحي السكني وتسببها في الأذى والخطورة الدائمة على حياة المارة والساكنين.

اضف تعليق