رغم أن شيخوخة السكان تعكس تحسنًا في الظروف الصحية والاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها أيضا تحمل صعوبات قد تواجهها جميع البلدان ذات نسبة المرتفعة للمسنين. ولهذا الغرض وضع الباحثون الأمريكيون مؤشرا لقياس رفاهية هذه الفئة السكانية سمي بـ مؤشر الشيخوخة العالمي ان طول العمر يجب أن ينظر...

رغم أن شيخوخة السكان تعكس تحسنًا في الظروف الصحية والاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها أيضا تحمل صعوبات قد تواجهها جميع البلدان ذات نسبة المرتفعة للمسنين. ولهذا الغرض وضع الباحثون الأمريكيون مؤشرا لقياس رفاهية هذه الفئة السكانية سمي بـ"مؤشر الشيخوخة العالمي". ان طول العمر يجب أن ينظر إليه على أنه منحة وليس نقمة ولا يتأتى ذلك، إلا إذا تمكنت الحكومات أن توفر نوعية حياة جيدة لهؤلاء في سنوات ازدهارها

فستشهد نسبة سكان العالم الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً، في الفترة بين عامي 2000 و2050، زيادة بنسبة الضعف، أي من 11% إلى 22%. ومن المتوقع، على مدى الفترة ذاتها، أن يرتفع العدد المطلق للأشخاص البالغين من العمر 60 عاماً فما فوق من 605 ملايين نسمة إلى ملياري نسمة.

وبذلك ستواجه جميع بلدان العالم تحديات كبيرة في حال عدم تطوير أنظمتها الاجتماعية والصحية لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا التحول الديمغرافي.

وذكرت منظمة الصحة في تقريرها: "إذا عاش هؤلاء هذه السنوات الإضافية في صحة جيدة وفي بيئة مواتية، فإن قدراتهم على فعل ما يستمتعون به ستكون مشابهة لقدرة الشباب تمامًا ". "إذا تميزت هذه السنوات بانخفاض قدراتهم البدنية والعقلية، فإن العواقب على المسنين والمجتمع ستكون سلبية أكثر".

وفي هذا المجال، طور باحثون أمريكيون مؤشرا عالميا جديدا خاص بالشيخوخة لتحديد صحة ورفاهية المسنين في مختلف بلدان العالم. ومن الواضح أن هذا المقياس الجديد يقيم كيفية تكيف الدول مع هذه الظاهرة الاجتماعية التي ستعبرها أغلب الشعوب أجلا أو لاحقا. ويستند المقياس إلى خمسة مؤشرات اجتماعية واقتصادية تعكس حالة المسنين ورفاههم مع مرور الوقت حسب كل دولة وتتمثل في قياس:

الإنتاجية (سوق العمل)، والرفاهية (الحالة الصحية)، والإنصاف (الأمن الاقتصادي وفقًا للطبقة الاجتماعية المهنية)، والتماسك (الرابطة الاجتماعية) والأمن. وقد صرح السيد جون رو، الذي قاد الدراسة: "الآن بعد أن أصبح كبار السن يعيشون لفترة أطول، من الأهمية بمكان وضع إستراتيجية حتى يتمكن المجتمع بأسره من التكيف بنجاح مع شيخوخة ساكنه".

وتأتي النرويج في الترتيب الأولى بعد تطبيق أولي للمؤشر على18 دولة، ويوضح أن الدول الخمس التي تهتم بالسكان المتقدمين في السن من حيث حسن الرعاية هي:

1. النرويج، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 65

2. السويد، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 62

3. أمريكا، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 59.8

4. هولندا، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 59.5

5. اليابان، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 59.1

6. أيرلندا، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 57.6

7.الدنمارك، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 57.5

8. ألمانيا، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 55

9. فنلندا، بحصولها على درجة متوسطة بلغت 54.6

ولم تظهر فرنسا في هذا الترتيب الأول، فكانت النرويج أيضًا في قمة تصنيف السعادة العالمية لعام 2017، تليها الدنمرك وأيسلندا.

ويقول الباحثون: "يقدم المؤشر لمحة عامة واضحة عن كيفية تكيف المجتمعات مع هذا التحدي". "باستخدام المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية المتاحة على نطاق واسع، وتوفر الأداة لرؤية أوسع حول الظروف الحالية والحقائق الديمغرافية المستقبلية. وأن الفشل في التكيف مع الشيخوخة هو بمثابة إستراتيجية غير محمودة العواقب ومحفوفة بالمخاطر"

وخلصوا إلى انه: "إذا أهملنا تنفيذ سياسات سكانية فعالة، سيبقى المجتمع يواجه توترات بين الأجيال، غير قادر على توفير الخدمات اللازمة لساكنة أكثر اعتماداً على الآخرين تدريجياً. لكن بالإمكان تجنب هذا السيناريو القاتم "، حيث تعمل منظمة الصحة العالمية تقوم في هذا المجال بوضع خطة عمل عالمية بشأن "الشيخوخة والصحة" بالتشاور مع الدول الأعضاء وخاصة ذات المعدلات المرتفعة للمسنين كاليابان وألمانيا وإيطاليا وأمريكا وكوريا الجنوبية....

تتمثل الأهداف الإستراتيجية للسنوات القليلة المقبلة في تعزيز شيخوخة تتمتع بصحة جيدة في جميع البلدان، مع تكييف النظم الصحي حسب احتياجات كبار السن، فضلا عن تطوير نظم رعاية طويلة الأجل، وخلق بيئة مواتية للمسنين. وتقول منظمة الصحة العالمية أيضا يجب: "بناء أنظمة قادرة على تلبية احتياجات كبار السن سيكون ضرورياً لتعزيز الشيخوخة الصحية في جميع البلدان".

فالصين على سبيل المثال، لديها 500 مؤسسة لرعاية المسنين، تحتوي على 6 ملايين سرير، حيث بلغت قيمة ما أنفقته الصين على الخدمات الاجتماعية العام الماضي 430 مليار يوان (69 مليون $)، أما ألمانيا فنسبة الشيخوخة سترتفع (ما فوق الـ 65 عامًا)، على أن يشكل هؤلاء ثلث عدد السكان عام 2060 في مقابل 20 في المائة حاليًا، مما سيؤدي إلى حدوث انقلاب في اقتصاد ألمانيا، يؤثر سلبًا على هذا الاقتصاد ويؤدي خلال السنوات العشر المقبلة إلى انخفاض النمو واليد العاملة.

* أستاذ جامعي من الجزائر

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق