تتمثل أهمية سعر الصرف من كونه يمثل حلقة وصل بين الاقتصاد المحلي والاقتصاد الدولي، أيضا هو محدد لقدرة الاقتصاد المحلي التنافسية. اما سعر الصرف المرن (تعويم العملة) في ظل هذا الاسلوب تحدد سعر العملات في سوق العملات من خلال العرض والطلب.. قيمة العملة لا تُعبّر بالضرورة عن قوة الاقتصاد...

تعرف الانسان على النقود واستخدمها كوسيلة للتبادل منذ عدة قرون، ويعود ذلك الى تعدد حاجاته ورغابته الناتجة عن التطور الاقتصادي والاجتماعي في الحياة، في البداية كان الاقتصاد السلعي هو السائد عالميا، الا ان التطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات البشرية اوجد النقود المعدنية التي تستخدم للتبادل السلعي، وبعدها تم ابتكار العملة الورقية.

العملة الورقية تنبع قيمتها ليس من القدرة على تحويلها الى نقود معدنية (الذهب والفضة) وانما من ضمان الحكومة المصدرة لها، بينما قيمة النقود المعدنية تأتي من المواد نفسها التي تصنع منها مثل معدن الذهب أو الفضة اللذين كانت قيمتهما التبادلية مماثلة لقيمتهما الأصلية.

قيمة العملة تشير الى سعر الصرف الخاص بكل دولة والذي يحدد وفقا لعملتها الخاصة، تحدد قيمته العملة سابقا وفقا لما تمتلكه الدولة من ذهب، لكن في عام 1971 أوقفت أمريكا ارتباط عملتها بالدولار مستغلة سيطرتها الاقتصادية على العالم، ومنذ تلك اللحظة أصبحت معظم العملات العالمية مقيمة بالدولار الأمريكي بدلا من الذهب، وتقوم المصارف بتحديد كمية العملة المتداولة وحسب حاجة السوق، أي اذا زادت كمية العملة المطبوعة في السوق دون زيادة في حجم الخدمات والإنتاج في البلد انخفضت قيمة العملة وهذا ما يسمى بالتضخم، اما اذا كمية الخدمات والسلع ازدادت ولم تتغير كمية العملة المطروحة في السوق زادت قيمة العملة او زادت قوتها الشرائية.

يعرف سعر الصرف بانه عدد الوحدات من عملة معينة الواجب دفعها للحصول على وحدة واحدة من عملة أخرى، او هو عدد وحدات النقد الأجنبي التي تساوي وحدة واحدة من النقد الوطني، بعبارة أخرى ان نسبة مبادلة عملتين فأحد العملتين تعتبر سلعة والعملة الأخرى تعتبر ثمن لها.

تتمثل أهمية سعر الصرف من كونه يمثل حلقة وصل بين الاقتصاد المحلي والاقتصاد الدولي، أيضا هو محدد لقدرة الاقتصاد المحلي التنافسية.

هنالك أساليب عديدة تتبعها الدول لتحديد سعر عملتها وهي سعر الصرف الثابت وسعر الصرف المرن، ففي ظل اسلوب سعر الصرف الثابت تقوم الحكومة بتحديد سعر الصرف لعملتها من خلال البنك المركزي، ويحدد السعر بشكل ثابت، وذلك بربط عملة البلد بعملة بلد اخر (الدولار او اليورو او الين)، على سبيل المثال تقوم بعض دول الخليج العربي بربط سعر صرف عملتها بالدولار الأمريكي، وبعض الدول الأخرى تقوم بربط عملتها بسلة من العملات مثل دولة الكويت، وبالتالي فان قيمة العملة تتحدد من خلال البنك المركزي ولا تتأثر بالعرض والطلب عليها.

اما سعر الصرف المرن (تعويم العملة) في ظل هذا الاسلوب تحدد سعر العملات في سوق العملات من خلال العرض والطلب، بمعنى اذا كان الطلب على العملة مرتفعا فستزداد قيمة العملة، وبالعكس اذا كان الطلب منخفضا فتنخفض قيمة العملة، على سبيل المثال اذا زادت صادرات العراق الى العالم الخارجي ستدفع تلك الدول قيمة تلك الصادرات بالدينار العراقي مما يؤدي الى ارتفاع الطلب عليه والامر الذي يؤدي الى ارتفاع قيمته والعكس صحيح، وهذا ما نجده في الدول الصناعية منها أمريكا والاتحاد الأوربي حيث ان ارتفاع قيمة عملتها ناتج عن زيادة الطلب على منتجاتها بينما في الدول النامية التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد فتنخفض قيمة عملتها.

وتجدر الإشارة الى أن قيمة العملة لا تُعبّر بالضرورة عن قوة الاقتصاد، فقد تكون عملة بلد ما ضعيفة ولكن الاقتصاد قوي، مثال الين الياباني (قيمة العملة اليابانية منخفضة وذلك من اجل ان تكون الصادرات الى الأسواق العالمية بسعر منخفض وذلك يؤدي الى زيادة الطلب عليها بالإضافة الى انخفاض تكاليف الإنتاج وهذا يؤدي الى جذب الاستثمارات الأجنبية داخل اليابان).

وقد تكون قيمة العملة في بلد ما مرتفعة والاقتصاد متواضع مثل الدينار الأردني، أي ان الدول التي تعتمد على التصدير تخدمها القيمة المنخفضة لعملاتها، اما الدول المستوردة تكون القيمة المرتفعة لعملتها هي الانسب لها، وبشكل عام تسعى الدول من خلال البنك المركزي الى إبقاء سعر عملتها مناسبا للتجارة الدولية.

بالإضافة الى ما تقدم ان سعر صرف العملات له ثلاثة وظائف رئيسة:

أ:- الوظيفة القياسية، حيث يعتمد المنتجين المحليين على سعر الصرف من اجل قياس ومقارنة الأسعار المحلية لسعلة معينة مع اسعار السوق العالمية.

ب:- الوظيفة التطويرية، سعر الصرف يستخدم في تطوير صادرات معينة إلى مناطق معينة من خلال تشجيع الصادرات.

ج:- الوظيفة التوزيعية، وتتم هذه الوظيفة عن طريق ممارسة الأنشطة التجارية الدولية فمن خلاله يتمكن سعر الصرف من إعادة توزيع الدخل القومي والثروات القومية ما بين دول العالم.

ان سعر الصرف تؤثر عليه عدة عوامل اقتصادية تشمل (سعر الفائدة وعجز الموازنة العامة والاحتياطي من النقد الأجنبي والقروض الدولية وميزان المدفوعات والتضخم ومعدل النمو الاقتصادي) اما العوامل غير الاقتصادية التي تؤثر على سعر الصرف فهي الاضطرابات والحروب والإشاعات والأخبار.

لذا يمكن ان تتعامل الحكومات بكفاءة وفاعلية مع العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية المؤثرة على سعر الصرف من اجل تعزيز قيمة العملة وزيادة قوتها الشرائية.

* مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2022
www.fcdrs.com

اضف تعليق