البلدان النامية، بشكل عام، تقلل من وارداتها من الحبوب والبذور الزيتية واللحوم، مما يعكس عدم قدرتها على تغطية الزيادة في الأسعار. من بين الدول الأكثر ضعفا، أقل البلدان نموا لن يكون لديها خيار سوى تقليل الإنفاق بنسبة خمسة في المائة على استيراد المواد الغذائية هذا العام...

في ضوء الارتفاع الكبير في أسعار المدخلات والمخاوف بشأن الطقس وزيادة عدم اليقين في السوق الناجم عن الحرب في أوكرانيا، تشير أحدث توقعات الفاو إلى احتمال تشديد أسواق المواد الغذائية ووصول فواتير استيراد المواد الغذائية إلى مستويات قياسية جديدة. وفقًا لتقرير جديد أصدرته اليوم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة).

البلدان النامية، بشكل عام، تقلل من وارداتها من الحبوب والبذور الزيتية واللحوم، مما يعكس عدم قدرتها على تغطية الزيادة في الأسعار.

من بين الدول الأكثر ضعفا، قدرت الفاو أن أقل البلدان نموا لن يكون لديها خيار سوى تقليل الإنفاق بنسبة خمسة في المائة على استيراد المواد الغذائية هذا العام.

وأشارت النتائج الرئيسية الأخرى لتقرير الفاو إلى انخفاض إنتاج الحبوب العالمي في عام 2022 لأول مرة منذ أربع سنوات.

ويُتوقع ألا يؤثر ذلك على الاستهلاك البشري للحبوب، ولكن على كميات القمح والحبوب الخشنة والأرز المستخدمة في علف الحيوانات.

من المقرر أن تزيد مخزونات القمح العالمية "هامشيا" في عام 2022، ويرجع ذلك في الغالب إلى الاحتياطيات الأكبر المتوقعة في الصين وروسيا وأوكرانيا.

كما من المحتمل أن تصل محاصيل الذرة والطلب عليها إلى مستويات قياسية جديدة، وذلك بسبب زيادة إنتاج الإيثانول في البرازيل والولايات المتحدة، فضلاً عن إنتاج النشاء الصناعي في الصين.

وأشارت الفاو إلى أنه من المتوقع أن يتجاوز الاستهلاك العالمي للزيوت النباتية الإنتاج، على الرغم من ترشيد الطلب المتوقع.

وأوضحت المنظمة الأممية أنه على الرغم الانخفاض المرتقب في إنتاج اللحوم في الأرجنتين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فمن المتوقع أن تتوسع الصادرات العالمية بنسبة 1.4 في المائة، مدفوعة بزيادة محتملة في إنتاج لحم الخنزير في الصين بنسبة ثمانية في المائة.

أما فيما يخص منتوجات الألبان، فمن المتوقع أن يتوسع الإنتاج العالمي في عام 2022 بشكل أبطأ مما كان عليه في السنوات السابقة، بسبب صغر القطعان وانخفاض هوامش الربح في العديد من مناطق الإنتاج الرئيسية.

ويشير التقرير إلى زيادة في الإنتاج العالمي للسكر بعد ثلاث سنوات من التراجع، خاصة في الهند وتايلند والاتحاد الأوروبي.

كلفة أكبر وكميات أقل

إنّ الفاتورة العالمية للواردات الغذائية على وشك تسجيل رقم قياسي جديد قدره 1.8 تريليون دولار أمريكي هذا العام، بيد أنّ القسم الأكبر من هذه الزيادة المتوقعة يعزى إلى ارتفاع الأسعار وتكاليف النقل، أكثر من حجم الواردات نفسها، وفقًا لتقرير جديد أصدرته اليوم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة).

وتقول المنظمة في تقريرها الصادر مؤخرًا عن توقعات الأغذية إن "العديد من البلدان الضعيفة تتكبّد كلفة أكبر ولكنها تحصل على كميات أقل من الأغذية، وهو أمر مقلق".

ومن المتوقع أن ترتفع الفاتورة العالمية للواردات الغذائية بما قدره 51 مليار دولار أمريكي مقارنة بعام 2021، منه مبلغ 49 مليار دولار أمريكي نتيجة ارتفاع الأسعار. ومن المتوقع أن تشهد أقل البلدان نموًّا انكماشًا بنسبة 5 في المائة في فاتورة وارداتها الغذائية هذا العام، بينما من المتوقع أن تسجّل كل من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومجموعة البلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية زيادة في مجموع تكاليفها رغم انخفاض الكميات المستوردة.

ويشير التقرير إلى أنّ "هذه مؤشرات تنذر بالخطر من منظور الأمن الغذائي حيث أنها تدلّ على أنّ المستوردين سيجدون صعوبة في تمويل ارتفاع التكاليف الدولية، ما قد يؤدي إلى تراجع قدرتهم على الصمود أمام ارتفاع الأسعار".

ويقول السيد Upali Galketi Aratchilage، وهو خبير اقتصادي في المنظمة والمحرر الرئيسي لتقرير توقعات الأغذية: "نظرًا إلى الارتفاع الحاد في أسعار المدخلات، والشواغل المتعلقة بأحوال الطقس، وزيادة أوجه انعدام اليقين في الأسواق الناشئة عن الحرب في أوكرانيا، تشير أحدث توقعات المنظمة إلى احتمال انحسار أسواق الأغذية وتسجيل الفواتير العالمية للواردات الغذائية لمستوى قياسي جديد".

وقد اقترحت المنظمة إنشاء مرفق عالمي لتمويل الواردات الغذائية بهدف دعم ميزان المدفوعات للبلدان المنخفضة الدخل التي تعتمد أكثر من غيرها على الواردات الغذائية كاستراتيجية لحماية أمنها الغذائي.

وتمثّل الدهون الحيوانية والزيوت النباتية أهمّ فرادى المواد المساهمة في ارتفاع قيمة فواتير الواردات المتوقعة لعام 2022، وتأتي الحبوب في مرتبة ليست ببعيدة بالنسبة إلى البلدان المتقدمة. وتعمل البلدان النامية بالإجمال على خفض وارداتها من الحبوب والبذور الزيتية واللحوم، ما يظهر عدم قدرتها على تغطية هذه الزيادة في الأسعار.

ويقدم التقرير عن توقعات الأغذية الذي يصدر مرتين في السنة، الاستعراضات التي تجريها المنظمة للعرض في الأسواق واتجاهات الطلب على المواد الغذائية الرئيسية في العالم، بما في ذلك الحبوب والمحاصيل النباتية والسكر واللحوم ومنتجات الألبان والأسماك. ويبحث هذا التقرير كذلك في الاتجاهات في أسواق العقود الآجلة وتكاليف شحن السلع الغذائية. وتتضمن النسخة الجديدة من التقرير أيضًا فصلين خاصين يتناولان دور ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية، مثل الوقود والأسمدة، والمخاطر التي تطرحها الحرب في أوكرانيا على الأسواق العالمية للسلع الغذائية.

الاستنتاجات

من المتوقع أن ينخفض الإنتاج العالمي للحبوب الرئيسية في عام 2022 للمرة الأولى منذ أربع سنوات، وأن يتراجع في الوقت نفسه استخدامها على المستوى العالمي للمرة الأولى منذ عشرين عامًا. ولكن، ليس من المرتقب أن يتأثر استخدام الحبوب للاستهلاك الغذائي البشري المباشر حيث من المتوقع أن ينجم تراجع الاستخدام الإجمالي للحبوب عن تراجع استخدام القمح والحبوب الخشنة والأرزّ كأعلاف.

ومن المتوقع أن ترتفع المخزونات العالمية للقمح بشكل طفيف هذا العام، وذلك بشكل أساسي نتيجة تراكم المخزونات المنتظرة في الصين والاتحاد الروسي وأوكرانيا.

ومن المتوقع أن يسجّل الإنتاج العالمي للذرة واستخدامه رقمًا قياسيًا جديدًا، بفعل ارتفاع إنتاج الإيثانول في البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية وإنتاج النشاء الصناعي في الصين.

ومن المتوقع أن يفوق الاستهلاك العالمي للزيوت النباتية الإنتاج العالمي لها رغم تقنين الطلب المرتقب عليها.

ورغم توقع انخفاض إنتاج اللحوم في الأرجنتين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، تشير التوقعات إلى ارتفاع الإنتاج العالمي بنسبة 1.4 في المائة مدفوعًا بزيادة مرتقبة بنسبة 8 في المائة في إنتاج لحوم الخنزير في الصين لتصل إلى المستوى التي كانت عليه قبل تفشي فيروس حمى الخنازير الأفريقية على نحو شاسع في عام 2018، بل وتجاوزه.

ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي للحليب بوتيرة أبطأ من السنوات السابقة، مقيّدًا بانخفاض عدد قطعان الماشية الحلوب وانخفاض هوامش الربح في عدة مناطق إنتاج رئيسية، بينما قد تتقلص التجارة بهذه المنتجات مقارنة بمستواها المرتفع المسجّل في عام 2021.

ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي للسكر بعدما شهد انخفاضًا لمدة ثلاث سنوات، مدفوعًا بالأرباح المسجلة في كل من الهند وتايلند والاتحاد الأوروبي.

ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية بنسبة 2.9 في المائة، بينما يرجح أن يتوسّع إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية بنسبة 0.2 في المائة. ونظرًا إلى ارتفاع أسعار الأسماك، من المتوقع أن يسجّل مجموع عائدات التصدير من منتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية ارتفاعًا بنسبة 2.8 في المائة بينما يتوقع أن يتراجع حجمها بنسبة 1.9 في المائة.

ويتيح تقرير توقعات الأغذية سبر أغوار حالة السلع الزراعية الرئيسية، ولا سيما القمح والذرة والأرزّ، ومجموعة المحاصيل الزيتية، فضلًا عن منتجات الألبان واللحوم والسمك والسكر.

المدخلات الزراعية والمستقبل

إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الغذائية - وارتفاع مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية ليسجّل أعلى مستوى له على الإطلاق، وارتفاع أسعار عدة مواد غذائية أساسية خلال العام الماضي - تشهد القطاعات الزراعية قيودًا على الإمدادات بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات، ولا سيما الأسمدة والوقود، ما قد يحفّز ارتفاع أسعار الأغذية.

وغالبًا ما تكون أسعار المواد الغذائية المرتفعة نعمةً للمنتجين، بما أنها تؤدي إلى ارتفاع أرباح المزارع. ولكنّ الارتفاع السريع في تكاليف المدخلات بالتزامن مع ارتفاع تكاليف الطاقة والقيود التي تفرضها جهات فاعلة رئيسية في القطاع على صادرات الأسمدة الرئيسية، يعوّض بأشواط عن هذه الأرباح، وفي حال طال أمد هذه الفترة، سيطرح ذلك مخاوف بشأن ما إذا كانت الاستجابات على مستوى الإمدادات سريعة وكافية على السواء. ويشير السيد Josef Schmidhuber والسيد Bing Qiao من شعبة الأسواق والتجارة في المنظمة في الفصل الخاص بديناميكيات ارتفاع أسعار المدخلات إلى أنّ "الارتفاع الحاد في أسعار المدخلات يطرح تساؤلات عمّا إذا كان المزارعون في العالم قادرين على تحمّل كلفة هذه المدخلات".

فقد يقلّص المزارعون من استخدام هذه المدخلات أو ينتقلون إلى زراعة محاصيل لا تعتمد على الاستخدام المكثّف للمدخلات، الأمر الذي لا يقلّل من إنتاجيتهم فحسب، بل يؤثر أيضًا سلبيًا على صادرات المواد الغذائية الرئيسية إلى الأسواق الدولية، ما يزيد من الأعباء التي تواجهها البلدان التي تعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية. ويضيف الفصل إنّ هذا الأمر ينطبق أيضًا على البلدان المصدّرة الرئيسية، مع الإشارة إلى أنّ بعض المزارعين في أمريكا الشمالية مثلًا ينتقلون من زراعة الذرة إلى الصويا التي تتطلّب قدرًا أقل من الأسمدة النيتروجينية.

ويسجّل اليوم المؤشر العالمي لأسعار المدخلات، وهو أداة جديدة وضعتها المنظمة في عام 2021، رقمًا قياسيًا جديدًا، وقد ارتفع بوتيرة أسرع من تلك التي سجّلها مؤشر المنظمة لأسعار الأغذية خلال الأشهر الاثني عشر الماضية.

ويشير هذا إلى انخفاض الأسعار الحقيقية للمزارعين (وتراجعها) رغم ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين. ويعيق هذا بدوره الحوافز لزيادة الإنتاج في المستقبل. ولكنّ زيادة الإنتاج تقتضي إما تراجع المؤشر العالمي لأسعار المدخلات وإما ارتفاع مؤشر أسعار الأغذية بقدر أكبر، أو كلاهما معًا.

أما اليوم، واستنادًا إلى الظروف الراهنة، فإن الحالة "لا تبشّر بالخير بالنسبة إلى الاستجابة على مستوى الإمدادات التي تقودها الأسواق، والتي قد تعجز عن كبح جماح الزيادات الأخرى في أسعار المواد الغذائية للموسم 2022-2023 والموسم اللاحق ربما"، بحسب ما جاء في التقرير.

موجز منظمة الأغذية والزراعة عن إمدادات الحبوب والطلب عليها

يقدِّم الموجز الشهري عن إمدادات الحبوب والطلب عليها صورة عن آخر التطوّرات في سوق الحبوب العالمية. وهذا الموجز الشهري يكمّله تقييم مفصّل لإنتاج الحبوب وأحوال العرض والطلب حسب البلد/الإقليم، وذلك في النشرة الفصليةتوقّعات المحاصيل وحالة الأغذية. وتُنشَر مرتين سنوياً في نشرة توقّعات الأغذية تحليلات أكثر تعمّقاً لأسواق الحبوب العالمية والسلع الغذائية الرئيسية الأخرى.

تشير آخر التقديرات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) من سنة إلى أخرى إلى زيادة قدرها 0.9 في المائة في الإنتاج العالمي للحبوب في عام 2021، تُعزى إلى حد كبير إلى ارتفاع محصول الذرة. ومن المقدر أيضًا أن يزداد استخدام الحبوب في 2021/2022 بنسبة 1.1 في المائة بفعل توسع (من حيث الحجم) استهلاك الأغذية (لا سيما القمح والأرزّ) والاستخدامات الأخرى (الذرة بشكل أساسي) والاستخدام للعلف (خاصة الذرة). واستنادًا إلى تقديرات إنتاج الحبوب واستخدامها على مستوى العالم، سوف تشهد مخزونات الحبوب في نهاية المواسم في عام 2022 ارتفاعًا إلى أعلى من مستوياتها عند بداية الموسم وإن كانت ستبقى دون المستوى القياسي المسجل في 2018/2019. وتشير التقديرات إلى أنّ التجارة العالمية بالحبوب في 2021/2022 ستكون دون المستوى القياسي المسجل في 2020/2021، وذلك بشكل رئيسي بسبب التراجع المتوقع في التجارة العالمية بالذرة وبما يعكس أثر الاختلالات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.

وبالنظر إلى موسم 2022/2023، تشير أولى توقعات إنتاج الحبوب في عام 2022 إلى احتمال حدوث تراجع سيكون الأول في غضون أربع سنوات. واستنادًا إلى أحوال المحاصيل الموجودة بالفعل في الميدان والمساحات التي ستتم زراعتها والتي لم تبدأ بعد عملية البذر فيها، من المتوقع أن ينخفض الإنتاج العالمي من الحبوب إلى 784 2 مليون طنّ (بما في ذلك الأرزّ بالمكافئ المطحون منه) أي بتراجع قدره 16 مليون طنّ عن الإنتاج القياسي المقدّر لعام 2021. ومن المتوقع أن تسجل الذرة من بين سائر الحبوب الرئيسية أكبر تراجع، يليها القمح والأرزّ. وفي المقابل، من المتوقع أن تزداد المحاصيل العالمية من الشعير والذرة الرفيعة في عام 2022، في ما سيشكل انتعاشًا جزئيًا قياسًا بالمستوى المنخفض للشعير في عام 2021 وأعلى مستوى لإنتاج الذرة الرفيعة منذ عام 2016.

وتشير التوقعات أيضًا إلى احتمال تراجع الاستخدام العالمي للحبوب في 2022/2023 بنسبة 0.1 في المائة مقارنة بالمستوى المقدر للفترة 2021/2022، ليصل إلى 788 2 مليون طنّ. وسيكون هذا الانكماش المتوقع، وهو الأول منذ عشرين عامًا، بشكل رئيسي نتيجة التراجع المتوقع في استخدام القمح والحبوب الخشنة والأرزّ كعلف، إلى جانب انخفاض أصغر متوقع في الاستخدامات الصناعية، لا سيما القمح والأرزّ. وفي المقابل، من المتوقع ارتفاع الاستهلاك العالمي للحبوب كأغذية بنفس وتيرة الارتفاع المستمر في عدد سكان العالم.

واستنادًا إلى التوقعات الأولية للمنظمة بشأن الإنتاج العالمي للحبوب في 2022 واستخدامها في 2022/2023، لن يكون محصول الحبوب كافيًا لتلبية الاحتياجات المتوقعة على صعيد الاستخدام، ما سيفضي إلى انكماش بنسبة 0.4 في المائة في المخزونات العالمية للحبوب مقارنة بمستوياتها عند بداية الموسم، وصولاً إلى 847 مليون طنّ. وبالنظر إلى المستويات الحالية للاستخدام وإلى التوقعات الخاصة بالمخزونات، سوف تنخفض المخزونات العالمية للحبوب إلى الاستخدام من 30.5 في المائة في الموسم 2021/2022 إلى 29.6 في المائة في 2022/2023 وهو أدنى مستوى منذ 2013/2014 وإن كان لا يزال أعلى بكثير من أدنى مستوى قياسي له وقدره 21.4 في المائة خلال الموسم 2007/2008. ومن المتوقع أن يكون انخفاض قوائم جرد الذرة الأكبر من بين سائر أنواع الحبوب الرئيسية. ومن المتوقع أيضًا أن تتراجع مخزونات الشعير والأرزّ في مقابل ارتفاع مخزونات القمح والذرة الرفيعة على الأرجح.

ومن المتوقع انخفاض التجارة العالمية بالحبوب إلى أدنى مستوى لها خلال ثلاث سنوات حيث ستبلغ 463 مليون طنّ تقريبًا، أي أدنى بنسبة 2.6 في المائة من مستواها في 2021/2022. ويعكس هذا التراجع المتوقع احتمال حدوث انكماش في التجارة العالمية بالحبوب الخشنة والقمح، في ظلّ بقاء التوقعات الخاصة بالأرزّ إيجابية. وبلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الحبوب 173.4 نقاط في مايو/أيار، مسجلاً بذلك أعلى مستوى جديد له على الإطلاق و39.7 نقاط (29.7 في المائة) أعلى من مستواه خلال العام الماضي. ومن المرجح أن يُبقي تراجع الإمدادات وعدم اليقين السائد في الأسواق، خاصة بالنسبة إلى القمح والذرة والشعير، إضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمدخلات، الأسعار العالمية للحبوب مرتفعة، أقلّه خلال النصف الأول من الموسم 2022/2023.

مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية

بلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية 157.4 نقاط في مايو/أيار 2022 حيث تراجع بمقدار 0.9 نقاط (0.6 في المائة) عما كان عليه في أبريل/نيسان، أي بانخفاض للشهر الثاني على التوالي، وإن كان لا يزال 29.2 نقاط (22.8 في المائة) أعلى من قيمته خلال الشهر نفسه من العام الماضي. وكان التراجع في شهر مايو/أيار نتيجة التراجع في مؤشري أسعار الزيوت النباتية والألبان في حين تراجع أيضًا مؤشر أسعار السكر ولو بقدر أقلّ. وفي هذه الاثناء، ارتفع مؤشرا أسعار الحبوب واللحوم.

وبلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الحبوب 173.4 نقاط في مايو/أيار أي بارتفاع قدره 3.7 نقاط (2.2 في المائة) مقارنة بما كان عليه في أبريل/نيسان وبمقدار 39.7 نقاط (29.7 في المائة) أعلى من قيمته المسجلة في مايو/أيار 2021. وارتفعت الأسعار الدولية للقمح للشهر الرابع على التوالي أي بارتفاع نسبته 5.6 في المائة في مايو/أيار وصولاً إلى معدل 56.2 في المائة أعلى من قيمتها خلال العام الفائت و11 في المائة فقط دون مستواها القياسي في مارس/آذار 2008. وكانت الزيادة الحادة في أسعار القمح نتيجة الحظر على الصادرات الذي أعلنته الهند في ظلّ مخاوف من أحوال المحاصيل في عدد من البلدان المصدّرة الرئيسية، إضافة إلى تراجع توقعات الإنتاج في أوكرانيا بسبب الحرب.

وفي المقابل، تراجعت الأسعار الدولية للحبوب الخشنة بنسبة 2.1 في المائة في شهر مايو/أيار ولكنها بقيت أعلى بنسبة 18.1 في المائة من قيمتها المسجلة قبل سنة من الآن. وأدّى التحسن الطفيف في أحوال المحاصيل في الولايات المتحدة الأمريكيّة والإمدادات الموسمية من الأرجنتين وبدء موسم الحصاد الرئيسي الوشيك للذرة في البرازيل إلى تراجع أسعار الذرة بنسبة 3.0 في المائة؛ ولكنها بقيت مع ذلك أعلى بنسبة 12.9 في المائة مما كانت عليه في مايو/أيار 2021. وبالمثل، انخفضت بدورها الأسعار الدولية للذرة الرفيعة خلال شهر مايو/أيار بتراجع نسبته 3.1 في المائة، في حين أنّ تأثيرات ارتفاع الأسعار في أسواق القمح والمخاوف إزاء أحوال المحاصيل في الاتحاد الأوروبي أدت إلى ارتفاع أسعار الشعير بنسبة 1.9 في المائة. وارتفعت الأسعار الدولية للأرزّ للشهر الخامس على التوالي في مايو/أيار. وسجّل ارتفاع في الأسعار في جميع قطاعات الأسواق الرئيسية، غير أنّ الزيادات الشهرية كانت أقلّ حدّة (2.6 في المائة) بالنسبة إلى أنواع أرزّ Indica الأكثر تداولاً في ظلّ توافر كميات كبيرة من الإمدادات، خاصة في الهند.

وبلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الزيوت النباتية 229.3 نقاط في مايو/أيار، أي بتراجع قدره 8.3 نقاط (3.5 في المائة) من شهر إلى آخر، ولكنه بقي مع ذلك أعلى بشكل ملحوظ من مستواه المسجل قبل عام من الآن. ويعكس التراجع الشهري بشكل أساسي انخفاض أسعار زيوت النخيل ودوار الشمس والصويا وبذور اللفت. وقد تراجعت بشكل معتدل الأسعار الدولية لزيوت النخيل في شهر مايو/أيار. وفي ما خلا تقنين الطلب، مارس رفع الحظر القصير المدى الذي فرضته إندونيسيا على زيوت النخيل ضغطًا إضافيًا لخفض الأسعار، رغم احتواء التراجع الإضافي للأسعار جراء عدم اليقين السائد إزاء توقعات التصدير في البلاد. وفي هذه الأثناء، تراجعت الأسعار العالمية لزيت دوار الشمس عن مستوياتها القياسية التي سجلتها مؤخرًا حيث تواصل تراكم المخزونات في أوكرانيا بفعل الاختناقات اللوجستية القائمة. وتراجعت بدورها بعض الشيء الأسعار الدولية لزيت الصويا ولويت بذور اللفت في مايو/أيار، وقد عوّض عنها بشكل أساسي انكماش الطلب على الواردات بسبب ارتفاع التكاليف خلال الأشهر الأخيرة.

وبلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الألبان 141.6 نقاط في مايو/أيار، أي بتراجع قدره 5.1 نقطة (3.5 في المائة) عما كان عليه في أبريل/نيسان، وهو أول تراجع بعد زيادات لثمانية أشهر على التوالي، وإن كان لا يزال أعلى بمقدار 20.5 نقاط (16.9 في المائة) عن مستواه في مايو/أيار من العام الفائت. وتراجعت الأسعار العالمية لجميع منتجات الحليب، حيث سجّل الحليب المجفف أكبر انخفاض، وذلك بفعل تراجع اهتمام الشارين في ظلّ عدم اليقين السائد في الأسواق نتيجة استمرار الإقفال العام في الصين، رغم تواصل انكماش الإمدادات العالمية. وسجلت أيضًا أسعار الزبدة انخفاضًا ملحوظًا بفعل تراجع الطلب على الواردات بالتزامن مع تحسّن الإمدادات بعض الشيء من أوسيانيا وعمليات البيع الداخلية المحدودة في أوروبا. وفي هذه الأثناء، حال ارتفاع أسعار البيع بالتجزئة وارتفاع الطلب من جانب المطاعم قُبَيل بدء عطلة الصيف في بلدان النصف الشمالي من الكرة الأرضية دون انخفاض أسعار الأجبان بشكل ملحوظ، رغم ضعف الطلب العالمي على الواردات.

وبلغ متوسط مؤشر أسعار المنظمة للحوم 122.0 نقطة في مايو/أيار، أي بارتفاع قدره 0.6 نقاط (0.5 في المائة) عما كان عليه في أبريل/نيسان، مسجلاً بذلك أعلى مستوى جديد له على الإطلاق، وذلك بفعل الارتفاع الحاد في الأسعار العالمية للحوم الدواجن، مما عوّض عن تراجع أسعار لحوم الخنزير والأغنام. وخلال شهر مايو/أيار، ارتفعت أسعار لحوم الدواجن، ما عكس استمرار الاختلالات في سلسلة الإمداد في أوكرانيا وحالات إنفلونزا الطيور المسجلة في الآونة الأخيرة، في ظلّ الارتفاع الكبير في الطلب في أوروبا والشرق الأدنى. وفي هذه الأثناء، حافظت الأسعار الدولية للحوم الأبقار على استقرارها حيث كانت الإمدادات من كل من البرازيل وأوسيانيا كافية لتلبية الطلب العالمي المرتفع باستمرار. وفي المقابل، انخفضت الأسعار العالمية لأسعار لحوم الخنزير في ظلّ توفر كميات كبيرة للتصدير، خاصة في أوروبا الغربية، وانكماش الطلب الداخلي وتوقعات الإفراج عن لحوم الخنزير من خطة المعونة للتخزين الخاص التي أطلقتها المفوضية الأوروبية. وتراجعت بدورها الأسعار الدولية للحوم الغنم، بما عكس تأثير حركة العملات.

وبلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار السكر 120.3 نقاط في مايو/أيار، أي بانخفاض قدره 1.3 نقاط (1.1 في المائة) عما كان عليه في أبريل/نيسان، وهو أول تراجع بعد الزيادات الحادة التي سجّلت خلال الشهرين الماضيين. وكان التراجع الشهري الأخير في الأسعار الدولية للسكر ناجمًا عن الطلب العالمي المحدود على الواردات والتوقعات الجيدة بشأن الكميات المتوافرة عالميًا، خاصة بفضل محصول وافر في الهند. وأدّى ضعف الريال البرازيلي مقابل الدولار الأمريكي وانخفاض أسعار الإيثانول إلى ممارسة ضغط إضافي لخفض الأسعار العالمية للسكر. غير أنّ أوجه عدم اليقين إزاء حصيلة الموسم الحالي في البرازيل، وهو أكبر مصدّر للسكر في العالم، قد حالت دون حدوث تراجع ملحوظ في الأسعار.

اضف تعليق