q
سياسة - الحكم الرشيد

مشاركة مجالس شورى المحافظات في البرلمان

في نظر السيد مرتضى الشيرازي

هذه الصيغة الأخيرة هي أفضل وأكثر تطورا من صيغة المجلس الاتحادي أو مجلس الشيوخ الذي أقرته عدد من دساتير دول العالم كالدستور العراقي والدستور الفرنسي والأمريكي. والسبب واضح في ارجحية الصيغة التي اخترناها، لان مجالس الشورى المنتخبة في المحافظات والأقضية والنواحي وغيرها هي الأكفأ والأقرب إلى تمثيل الناس...

لكل دولة سلطة تشريعية تتولى عملية تشريع القوانين، وتراقب أداء السلطة التنفيذية، بالإضافة إلى مهمات أخرى تحددها طبيعة النظام السياسي لكل دولة. والسلطة التشريعية؛ قد تتألف من مجلس تشريعي واحد، يُسمى بـ(نظام المجلس الفردي) وقد تتألف من مجلسين تشريعيين، تُسمى بـ(نظام المجلسين) مثل الولايات المتحدة الأمريكية (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) وفرنسا (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) والعراق (مجلس النواب، ومجلس الاتحاد).

والسؤال هنا ما هو الدور الذي يمكن ان تقوم به (مجالس المحافظات) أو (مجالس شورى المحافظات) في هرم السلطة التشريعية؟ وكيف ينبغي أن تأخذ دورها في التمثيل الشعبي، وفي تشريع القوانين، ومراقبة أداء السلطات المحلية؟

توجد في غالبية دول العالم مجالس شورى في القرية (مجلس شورى القرية) أو الناحية (مجلس شورى الناحية)، أو القضاء (مجلس شورى القضاء) أو المحافظة (مجلس شورى المحافظة)، وتنتخب أعضاء هذه المجالس من قبل سكان تلك المنطقة. وهدف وجودها هو من أجل إشراك السكان المحليين في السياسات العامة والاستراتيجيات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والصحية والثقافية والتعليمية وسائر الخدمات الاجتماعية. وقد تعمد بعض الحكومات إلى تأليف مجلس شورى أعلى للمحافظات من ممثلي مجالس شورى المحافظات كما في إيران، أو (الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات) كما في العراق.

وفي كل الأحوال فان صلاحيات مجالس المحافظات أو مجالس شورى المحافظات تظل محصورة في إطار الحدود الجغرافية التي تعمل بها من دون أن تؤثر على مجمل السياسات العامة والاستراتيجيات والبرامج الاتحادية، وهي تتمتع بسلطات أدنى من سلطات السلطة التشريعية، سواء كانت بمجلس واحد أو مجلسين.

يؤيد السيد مرتضى الشيرازي فكرة وجود مجالس منتخبة للمحافظات والأقضية والنواحي والاحياء. ويرى أن ذلك حق طبيعي للسكان المحليين، كما يؤيد وجود مجلس شورى أعلى للمحافظات. وهو يذهب إلى أكثر من وجود مجالس منتخبة بصلاحيات محدودة جدا على غرار ما موجود في أكثرية دول العالم، ومنها العراق. ويطرح الصيغ الآتية:

إن تكون مجالس شورى المحافظات غرفة بالبرلمان إلى جواز سائر الغرف، يعين عددهم بقانون، عشرة مثلا. ويكون هؤلاء إحدى السلطات العشر. فلهم برلمان مواز، ولهم في المجلس تمثيل ووجود. وهذا أفضل بكثير من الصياغة الأخرى المطروحة في بعض الدساتير التي تعطي مجالس الشورى هذه صلاحيات منخفضة، وتعتبرها في درجة لاحقة متأخرة رتبة عن مجلس الأمة (البرلمان) وعن الحكومة المركزية.

إذا ترى هذه الدساتير أن (المجلس الأعلى للمحافظات يعد الخطط والمشاريع ضمن حدود وظائفه، ويقدمها مباشرة أو عن طريق الحكومة إلى (مجلس الشورى الإسلامي) بينما أن المجلس الأعلى للمحافظات هو جزء من مجلس الشورى. كما أنها ترى أن المحافظين ومن دونهم هم الملزمون بمراعاة قرارات مجالس الشورى المحلية، دون الحكومة المركزية بينما نرى أن الحكومة المركزية أيضا ملزمة -ضمن ضوابط مجلس الشورى- بمراعاة مقررات المجلس الأعلى للمحافظات فيما يرتبط بشؤون المحافظات وغيرها.

وقد يرد على هذا القول إنه ما حاجتنا إلى انتخاب ممثلين لمجلس المحافظات مع وجود ممثلين في البرلمان؟

فيرد السيد الشيرازي (لا يقال الناس ينتخبون ممثليهم في البرلمان مباشرة فما الداعي لإدخال ممثلي مجالس شورى المحافظات والأقضية...؟ إذ يقال ذلك أكثر اتقانا واستحكاما إذ يكون الكل ممثلين للناس، بعضهم بالانتخابات المباشرة، وبعضهم بالانتخابات غير المباشرة، إضافة إلى ان عملية التلاعب بالانتخابات تكون أصعب حينئذ. ثم إننا نرى ان هذه الصيغة الأخيرة هي أفضل وأكثر تطورا من صيغة المجلس الاتحادي أو مجلس الشيوخ الذي أقرته عدد من دساتير دول العالم كالدستور العراقي والدستور الفرنسي والأمريكي.

والسبب واضح في ارجحية الصيغة التي اخترناها، لان مجالس الشورى المنتخبة في المحافظات والأقضية والنواحي وغيرها هي الأكفأ والأقرب إلى تمثيل الناس في كل إقليم أو محافظة من مجرد تعيين شخص أو شخصين عن كل إقليم أو ولاية خاصة إذا لم يكن ذلك يتم من قبل المجلس التشريعي للولاية.

بل حتى إذا تم انتخاب ممثلي الولايات من قبل المجلس التشريعي للولاية فان انتخاب مجالس الشورى لممثليهم إلى البرلمان هو الأرجح، لأن المفروض في مجالس الشورى ان تتصدى لإدارة شؤون المحافظة أو القضاء فهي أقرب لحاجات المنطقة والأعرف بالأصلح لها من المجالس التشريعية الذي يكون الهدف من انتخابها بالأساس هو التشريع.

..........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2023
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
[email protected]
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق