q

تحلم الفتاة في شبابها بقدوم الزوج المناسب لها كي يأخذ بيدها لتصبح أميرة على عرش قلبه وتنجب له أطفالا أذكياء أصحّاء، يحلقون في ارجاء المنزل عصافير وفراشات تدور في الروضة المملوءة بالزهور الساحرة، طامعة في امتصاص رحيقها، ليمتلئ البيت بالحب والسعادة، ولتصبح البنت أماً مثالية كوالدتها التي كانت ومازالت رفيقة دربها، فتسير على خطاها، وتستلهم منها دروس الحياة الزوجية او سواها، كي تتقن إدارة مؤسستها الزوجية الصغيرة دون الوقوع في خطأ غير محسوب.

وبعد ان تحقق حلمها، الذي عاشته في اليقظة والنوم، وأصبحت أميرة في بيتها الهادئ، جهلت الكتمان في بعض الأسرار التي قد تقود البيت الى الانهيار، فكشفت بعض اسرار حياتها مع خطيبها لوالدتها حتى أصبحت الام على دراية تامة عما يدور بينهما من كلام او افكار، وأصبحت هي التي تقرر بدلاً عن بنتها التي تختبئ وراء والدتها خوفاً من وقوعها في خطأ ما، فتسللت المشاكل الى عشّهما الصغير.

لم يحتمل الخطيب كل ما يسمعه لأن الأم أصبحت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة لينتهي المطاف بابنتها ان تقطن بجوارها ولتنسى أحلاما طالما راودتها عن الزواج، ولتطرق باب أبغض الحلال عند الله مجبرة، عندها ندمت الفتاة وأخذت تضرب راحة يديها حسرة على ما فعلته وأصبحت تتمنى عودة الزمن قليلاً الى الوراء كي لا تعيد ذلك الخطأ الذي دفعت ثمنه الكثير.

لا توجد علاقة زوجية تخلو من المشاكل ولا توجد حياة مثالية ولكن يوجد هناك أشخاص فنانون ومحترفون في التعامل مع مشاكلهم، وهم على دراية تامة ومعرفة كافية عما يدور حولهم، ويعلمون ما هو مطلوب منهم لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي قد تدمر حياتهم.

وان مسألة الخلافات في الحياة الزوجية أمر طبيعي جداً في حال كون الخلاف بين طرفين دون دخول طرف آخر معهم، حيث أكدت الدراسات والأبحاث في الغرب والشرق معاً تقول ان التأثير السلبي في العلاقات الزوجية يعود سببه الى غياب ثقافة الحوار الإيجابي بين الطرفين وهذا ما ينذر بعواصف قد تفضي الى الطلاق او الانفصال او ربما الى تعاسة زوجية حتمية، كما أكد الخبراء في علم النفس والاجتماع ان الأسلوب المتبع من قبل الزوجين في مواجهة الخلاف يقضي على العلاقة او يوسع فجوة الخلاف بين الزوج وزوجته فلا بد من ادراك بعض الحقائق لحل مثل تلك الخلافات ليس فقط لاستمرار العلاقة الزوجية وإنما لإنجاحها.

أين يكمن سر المشاكل؟؟

وقد وجهنا سؤالاً الى بعض المتزوجين واستطلعنا آرائهم حول الخلافات الزوجية، وكان سؤالنا كالتالي: برأيك كيف يمكن تجنب الخلافات الزوجية؟!.

أجابت الست (أم منتظر) إن العلاقة الزوجية علاقة مقدسة ولابد من المحافظة عليها وخصوصاً من قبل المرأة التي هي أساس البيت ومربّية المجتمع، وعند حصول خلاف بين الزوجين لابد ان يُظهر الطرفان نوعا من التنازل وخاصة المرأة وذلك من اجل التخفيف من غضب الرجل ولكي تستطيع كسبه وان لا تقابله بالرد الجارح وتحاول ان تتفهمه، علما أن السلوك الحكيم يعتمد على شخصية المرأة ودرجه التكافؤ بين الزوجين وكذلك سبب مهم آخر وهو درجة التفاهم بين الطرفين بالدرجة الاولى.

أما الست (عبير وهي تجمع بين الوظيفة والزواج) فترى أن الخلافات في العلاقة الزوجية يعود سببها الى عدم وجود الحب والتفاهم بين الطرفين، وكذلك يعتمد نجاح الحياة الزوجية، على شخصية الزوجين واستقلالهما والثقة القائمة بينهما، فكلما كان حبهما أقوى استطاعا ان يتجاوزا الخلافات، كما أن المرأة بطبيعتها يوجد لديها حب التملك، وذلك يغضب الرجل مما يولد نشوء المشاكل بينهما، وان وصولهما الى حل يرضيهما يعتمد على ذكاء المرأة التي تستطيع ان تكسب الرجل بطريقتها الخاصة اذا كانت تحبه.

الست (أم مسلم/ موظفة) تقول في معرض إجابتها عن سؤالنا، إن أساس الخلافات والمشاكل الزوجية يرجع في أسبابه الى اختلاف الشخصيات وعدم التفاهم واختلاف المستوى الدراسي وبيئة الأشخاص وتربية العائلة، والوضع المادي بشكل أساسي، حيث ان اكثر حالات الطلاق التي تحصل بين الزوجين، يكون سببها ضعف الحالة المادية التي تعيق تمتعهما بالحياة الزوجية السعيدة.

بين أهل الزوج وأهل الزوجة!

أما (الأستاذ نصير) فهو يرى من وجهة نظره الخاصة أن الخلافات الزوجية التي تحدث بسبب الأهل تكون صعبة جداً، ولا يمكن حلها بسهوله إلا في حالة تصرف الرجل بحكمة، لأنه سوف يكون بين طرفين لا يستطيع خسارة احدهما ونعني بهما (أهل الزوج وأهل الزوجة)، فهو لا يمكن أن يخسر أهله لأنهم سوف يشعرون انه لم يعد بحاجتهم وانه اصبح يعمل بأمر زوجته.

ومن جهة أخرى سوف تفقد زوجته ثقتها به، لأنها ترى فيه سندا لها تلوذ به، لذلك لا يستطيع التخلي عنها وخذلانها لان من واجب الزوج الاهتمام بزوجته والاخذ برأيها واحترامها لأنها أمانة بين يديه، كذلك لها كيانها وشخصيتها كما الرجل، لكن يرى البعض ان ذلك يعد بمثابة الخضوع للمرأة وأن الأخذ برأيها وبكلمتها إضعاف لموقف أهله، لكن هذا الموقف في الحقيقة هو نتيجة لنوع من الحب المتبادل والاحترام. اما المشاكل التي تحدث فقط بين الزوج وزوجته، فسوف يستطيعان حلها بالتوصل الى حل وسط يقضي على المشكلة بفضل الحب المتبادل بينهما بالإضافة الى التفاهم والاحترام.

من جهتها تقول (الست زهراء وهي تعمل مدرّسة) إن الخلافات الزوجية وارده جداً ولابد منها في كل علاقة، لكن البعض يزعم ان هناك علاقات خالية من المشاكل وهذا امر مستحيل ان يحدث، لأن الخلاف مسألة طبيعية في العلاقات وان المهارة تكمن ليس في عدم حدوث المشاكل بين الزوجين، وإنما في كيفية التصدي لها وكيفية التعامل معها وتحويلها لصالح بناء الحياة الزوجية المتكافئة والمتكاملة.

لذلك على المرأة ان تنتبه عند حدوث الخلافات في المنزل ان تحافظ على علاقتها الزوجية من خلال احترام الزوج وعدم معارضته وقت الغضب لان ذلك يعود بنتائج سلبية على علاقتهما، ومحاولة فهم المسالة وعدم الهروب دون حل. كذلك عدم الاقتراب من نقاط الضعف واختيار الوقت المناسب للنقاش للتوصل الى حل مناسب يرضي الطرفين.

في حين يرى البعض أن الزواج قضية معقدة وانه يحد من حرية البعض، وان المشاكل الزوجية سوف تجعله تعيساً. ولا يرى باب السعادة أبداً، لكن ذلك ليس صحيحاً لان الزواج رابط مقدس وانه مكمل للدين وانه أمان للنفس وصيانة لها. فقط يحتاج الى رؤية واسعة وأفكار متكاملة عنه، ومن ثم النظر للزواج من زاوية جميلة كي ينعكس ذلك الجمال على حياته ويرسمها بأجمل الألوان ويعيش بسعادة في بيت أحلامه.

اضف تعليق