ولا تعتقد طهران بإمكانية نجاح الجهود الدولية التي تبذل لإبعاد سوريا عن ايران او اخراج ايران من سوريا، فالتحالف الاستراتيجي بين البلدين من الصعب ان يتأثر بالمساعي التي تبذل بهذا الاتجاه. وتستبعد ان يكون هناك تفاهم روسي امريكي يضم اسرائيل لتحقيق هذا الهدف. فضلا عن ان جهود...
بقلم: حسن فحص

الزيارة المفاجئة والسرية او غير المعلنة التي قام بها الرئيس السوري بشار الاسد الى العاصمة الروسية موسكو واللقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين، اثارت الكثير من القلق لدى الجانب الايراني الذي يعتبر الضلع الثالث في هذه الشراكة، من ان يكون هناك شيء ما يدبر في الخفاء لتحجيم دور طهران على الساحة السورية، وصولا الى اخراجها وانهاء وجودها ونفوذها في هذا البلد.

وقد ذهبت بعض التقديرات الايرانية للحديث ان عن زيارة الاسد التي لم يعلن عنها الا بعد عودته الى دمشق، قد تكون مطلباً او طلباً روسياً لوضعه في اجواء التفاهمات التي حصلت في القمة التي استضافتها مدينة جنيف بين الرئيس بوتين ونظيره الامريكي جو بايدن في السادس عشر من شهر حزيران الماضي.

اللقاء الثنائي الذي جمع بوتين بالاسد والذي استمر لنحو 90 دقيقة ثم تلاه اجتماع موسع بمشاركة وزير الخارجية السورية فيصل المقداد ووزير الدفاع الروسي سرغي شويغو أثار اسئلة ايرانية حول طبيعة المباحثات التي جرت بين الرجلين، وهل ان الموضوع يتعلق بمستقبل الدور الايراني في سوريا، أم حول تفاهمات سياسية تتعلق بضرورة اعادة اطلاق المسار السياسي واعمال اللجنة الدستورية التي من المفترض ان تجتمع في سويسرا، أم في مستقبل الحوارات الداخلية التي من المفترض ان تجري بين حكومة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" بعد الانسحاب الامريكي من مناطق شمال شرق سوريا، وماذا عن مناطق شمال غرب سوريا ومحافظة ادلب وآليات التعامل مع الوجود التركي في هذه المنطقة.

خصوصا وان طهران وقواتها العاملة في مناطق شمال شرق سوريا تعتبر الجهة المعنية اكثر من غيرها بما يمكن ان يحصل من تحولات في هذه المنطقة التي تعتبر مساحة اشتباك مع القوات الامريكية وتدخل في اطار الاستراتيجية التي وضعها المرشد الاعلى بعد اغتيال قائد قوة القدس الجنرال قاسم سليماني والهادفة لدفع واشنطن الى سحب قواتها وانهاء وجودها العسكري في منطقة غرب آسيا.

فضلا عن ان منطقة شمال غرب سوريا ومعضلة الوجود التركي تندرج تحت سقف مسار آستانة الثلاثي (روسيا وايران وتركيا) ومن غير الممكن ان يحصل اي تطور في هذه المنطقة بعيداً عن ايران وموقفها لجهة العلاقة المركبة والمتداخلة التي تربطها مع تركيا، وضرورة التعامل بدقة مع الموقف التركي الآخذ بالتمدد باتجاه حدودها الشمالية في أذربيجان، والطامح لدور فاعل على حدودها الشرقية في افغانستان.

على الرغم من كل هذه الهواجس والاسئلة، تعتقد طهران اولا بإمكانية حصول تفاهمات جزئية في المفاوضات السياسية بين الحكومة السورية والمعارضة، قد تساعد على تحريك هذا المسار، من دون ضمان ان يصل الى نتائج نهائية في المديين القصير والمتوسط، ما لم تستطع دمشق استعادة سيادتها الكاملة على كامل التراب السوري من الشمال الشرقي وصولا الى الشمال الغربي. وهذا المسار سيكون مدعوماً من طهران وموسكو وبالضرورة من تركيا بالإضافة الى المجتمع الدولية.

ولا تعتقد طهران بإمكانية نجاح الجهود الدولية التي تبذل لإبعاد سوريا عن ايران او اخراج ايران من سوريا، فالتحالف الاستراتيجي بين البلدين من الصعب ان يتأثر بالمساعي التي تبذل بهذا الاتجاه. وتستبعد ان يكون هناك تفاهم روسي امريكي يضم اسرائيل لتحقيق هذا الهدف. فضلا عن ان جهود اعادة سوريا الى الحضن العربي والتي بدأت مؤشراته من الاجتماع الرباعي الذي استضافته العاصمة الاردنية عمان لوزراء الطاقة الذي ضم بالاضافة الى سوريا كلاَ من الاردن ومصر ولبنان، لن يخرج عن اطار البحث في تسهيل آليات مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية الاردنية والغاز المصري، ولن تسمح واشنطن بالانهيار السريع لقانون قيصر او السماح بتحويل هذا المسار الى واقع يسمح لسوريا في توسيع دائرة انفتاحها او الاستفادة من عائدات استجرار الطاقة لانعاش اقتصادها، على الاقل في المدى المنظور طالما ان الادارة الامريكية لم تصل الى معادلات نهائية حول مستقبل الشرق الاوسط في ظل عدم توصلها الى تفاهمات مع طهران حول الملف النووي وتأطير دورها الاقليمي في مناطق نفوذها.

من هنا فإن رهان بعض الاطراف على دورٍ روسيٍ في تحجيم النفوذ الايراني في سوريا والمنطقة، يبدو انه في غير محله باعتقاد طهران، التي تؤكد أن موسكو تدرك دور وتأثير ايران على الساحة السورية، خاصة بعد التعاون الكبير والواسع والعميق الذي حصل بين الطرفين خلال السنوات الماضية في محارب الارهاب ومنع سقوط سوريا، وبالتالي فان الطبيعي ان يستمر هذا التعاون والتنسيق في مرحلة ما بعد الازمة في مختلف المجالات، بما يتجاوز موضوع استكمال استعادة المناطق التي مازالت خارج سلطة دمشق وعملية اعادة الاعمار.

وترى طهران ان التطورات الافغانية والانسحاب الامريكي السريع وما رافقه من انهيار الدولة الافغانية وسقوطها في يد حركة طالبان، جعل من مسألة توسيع التعاون الروسي الايراني ضرورة لمواجهة تداعياته، وبالتالي فان تأثيراته لا يمكن عزلها عن الساحة السورية وغيرها من الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، الأمر الذي يرفع من ضرورة المزيد من التنسيق والتفاهم بينهما انطلاق من الحاجة المشتركة، الامر الذي يبعد امكانية اي ضغوط روسية ضد الدور او الوجود الايراني في سوريا.

https://www.almodon.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق