البيئة الرقمية تفرض هيمنتها، وتعبّر عن ريادتها في كل مجالات الحياة، وفي مقدمتها السياسة والاقتصاد والإعلام، وقد يتقدم الإعلام على السياسة، فقد أصبح الإعلام السلطة الأولى التي تدار من خلالها العملية السياسية، في كل دول العالم، وأن المفاسد التي لوثت سمعة السلطات كلها لم تكن بعيدة عن دهاليز مهنة الإعلام...

البيئة الرقمية تفرض هيمنتها، وتعبّر عن ريادتها في كل مجالات الحياة، وفي مقدمتها السياسة والاقتصاد والإعلام، وقد يتقدم الإعلام على السياسة، فقد أصبح الإعلام السلطة الأولى التي تدار من خلالها العملية السياسية،في كل دول العالم، وأن المفاسد التي لوثت سمعة السلطات كلها لم تكن بعيدة عن دهاليز مهنة الإعلام!

خريجو كليات الإعلام، وأقسامه المتعددة في العراق، باتوا من ضحايا البيئة الإعلامية المشوهة التي تتناقض مع عصر المعلومات والسلطة الرقمية، فهم يحملون شهادات علمية تخصصية، ويدرسون قواعد المهنة الإعلامية وفق مناهج نظرية وعملية حديثة تتناغم مع الواقع الرقمي الجديد، لكنهم يعانون، بعد التخرج، من صعوبة الحصول على فرص العمل، في ظل انتشار الدخلاء والطارئين في أغلب مفاصل المؤسسات الإعلامية غير المهنية.!

شعور خريجي الإعلام، وبخاصة الإعلام الرقمي، بالتهميش جعلهم يتنادون للمطالبة بإنصافهم من خلال توفير فرص التعيين العادلة حسب الشهادة والكفاءة والموهبة، وإصلاح المنظومة الإعلامية من النواحي الإدارية والتقنية والمالية، واعتماد كفاءات اعلامية مهنية حقيقية مستقلة ونزيهة في قيادة المؤسسات الإعلامية الرسمية والحزبية والخاصة، كما تشمل المطالب المشروعة توظيف خريجي الاعلام في أقسام العلاقات العامة والإعلام في دوائر الدولة كافة، واستحداث مادة دراسية بعنوان (التربية الإعلامية الرقمية) في المرحلة الثانوية على أن يتولى تدريسها المتخصصون الإعلاميون.

إن تطوير البيئة الإعلامية، والاستجابة السريعة لمتغيرات العصر ومعالجة ظواهر المرحلة الانتقالية السابقة، يقتضي تبني المواهب الشبابية الابداعية ورعايتها ودعم المبادرات المتميزة في سبيل صناعة خطاب إعلامي تنموي تنويري وطني، وتطبيق قوانين صارمة على مخالفي قواعد البث والنشر، وتجريم الجهات التي تدعو إلى الفرقة والكراهية والتعصب والجهل!

إن من أبرز التحديات التي سوف تواجه مهنة الإعلام ذلك الاتجاه المتزايد نحو اعتماد المهارات والخبرات والمواهب في التوظيف، فقد كان هناك سؤال مطروح دائما في تخصصات ذات صبغة ثقافية وإبداعية عدة، في مقدمتها الاعلام: أيهما الأهم، الشهادة أم الموهبة!؟

في ظروف سابقة، دخل كثيرون، من باب الموهبة الأدبية والخبرة، في مجال الإعلام لكن في ظل تزايد خريجي كليات الاعلام حالياً، أصبحت هناك منافسة شديدة ليس في ميدان العمل فحسب، بل في مقاعد الدراسات العليا وفرص التدريب والتطوير، والانضمام إلى نقابة الصحفيين، وهو ما يقتضي وضع معايير جديدة لحسن الاختيار يفترض أن تكون الشهادة الجامعية والخبرة من شروطها المهمة.

لا بد من التوازن المطلوب بين عدد الخريجين واحتياجات سوق العمل، في المرحلة المقبلة من خلال مراجعة خطة القبول، وتحديد الأعداد، وتغيير سياسة القبول لاعتماد الموهبة والرغبة إلى جانب معدل الدرجات، لكي لا تتزايد الأزمات، وتصبح الشهادات مثل صكوك بلا رصيد!

قطاع الإعلام يفترض أن يكون ميداناً مفتوحا لاحتضان المواهب الشابة من خلال التكامل بين الشهادة العلمية والموهبة والرغبة والخبرة العملية، وذلك يتطلب تطوير مناهج الدراسة الإعلامية، لكي توفر للطالب معلومات نظرية وخبرات عملية تطبيقية في آن معاً، وقد تضاف فقرة مهمة في شهادة كل خريج جامعي؛ ما موهبتك!؟..ما هوايتك!؟..ما انجازاتك!؟

وفق هذا المنظور الجديد للعمل الإعلامي الإبداعي، هل سيكون هناك مكان لمن يعتمد معايير المحاصصة والواسطة في التعيين!؟

أصلحوا الإعلام في ظل البيئة الرقمية لكي يكون أداة خير وتنوير وبناء في المجتمع، في ظل تطورات مذهلة في هذا الميدان سوف يكون فارسها الأبرز الذكاء الاصطناعي، ولا نجاة إلا بالعلم والإبداع وطاقات الشباب ومواهبهم المتميزة.

..........................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق