لماذا هذا الاختلاف في المزاجين، ولماذا دمهم بارد ودمنا حار، هل الأمر يتعلق بـ الجينات، بمعنى أننا ورثنا العصبية من عنتر بن شداد أو أبو زيد الهلالي مثلا، أم هل لأن المناخ عندهم بارد والواحد منهم ثلج والمناخ عندنا جهنم والواحد منّا بارود...

لفت انتباهي سلوك الشخصية الأوربية حين تكون موضوعا" للنكته في البرامج التلفزيونية الفكاهية مثل: (Just Kidding) و (GAGS)، ومقارنتها بسلوك الشخصية العربية في البرامج المشابهة مثل: (الكاميرا الخفية). فقد وجدت أن الأوربي يتصرف بمزاج لطيف ودم بارد فيما العربي (وبخاصة العراقي) يتصرف بمزاج حاد ودم حار، وكثيرا" ما يحصل ضرب بالأيدي وركل بالأرجل و(ملاطش بالعكل ــ جمع عقال) و(فشاير غط وجهك عنها) يضطر المخرج الى (لطشها) بموسيقى.

فلماذا هذا الاختلاف في المزاجين؟ ولماذا دمهم بارد ودمنا حا؟. هل الأمر يتعلق بـ (الجينات)، بمعنى أننا ورثنا (العصبية) من عنتر بن شداد أو أبو زيد الهلالي مثلا"؟!. أم هل لأن المناخ عندهم بارد (والواحد منهم ثلج) والمناخ عندنا جهنم (والواحد منّا بارود)؟!

قد يقول بعضكم: احتمال، ليش لا. لكنني أرى أننا نحن العرب، من يوم نكون في (اللفّه) الى يوم نكون في (الكفن) مشبعون بالإحباط ومثقلون بالهموم... وأرى أن هنالك ثلاثة متهمين في صياغة مزاجنا (العكر) هذا: الأسرة، والمدرسة، والسلطة. تأمل حين ينفعل (الزوج أو الزوجة) فأن المشهد يكون أن أحدهما يرمي بالحطب والأخر يصب النفط عليه. ويتصاعد "الحريق" ليتحول ما بينهما من حّب وودّ الى رماد.

لم نتعلم أن الغضب عاصفة، وان الأسلوب الصحيح في التعامل مع (الغاضب) هو أن (نصمت) الى أن تمر العاصفة، وعندها سيدرك (الغضبان) أنه كان على خطأ، ويطلب الاعتذار، إن كان الطرف الآخر يجيد فن الحوار.

و(الأمّر) من ذلك، أن عراك الأزواج يكون أمام أطفالهم فنبدأ من الطفولة (بخبط) مزاجهم الممزوج في تنشئتنا لهم بأساليب الخجل والتهكم والازدراء وخلق الإحساس بالنقص. ومعروف عن الذي يشعر بالنقص أنه يتصرف بحماقة حين يكون موضوعا" للمزاح أو النكتة، حتى لو كان الموضوع ظريفا"، والتصرف فيه بأريحية تثير إعجاب الآخرين به.

إما المدرسة العربية، فأنها ما تزال تلقّن الطالب المعلومة دون التعليق عليها. وتعلّمه الطاعة العمياء والمحافظة على تقاليد المجتمع، وعدم السماح للمعلم أو الطالب في قول نكتة لطيفة أثناء الدرس، وتضرب بالعصا من يستدعيه الموقف الى التعليق عليه بنكتة لطيفة.

وفيما يخص السلطة فأنها كانت لألف وأربعمائة سنة، تشيع سيكولوجية الخوف من الحاضر وتوقع الشّر من المستقبل، والتعامل مع الخصوم بطريقة الحجاج الذي يرى في الناس ليس نفوسا" بحاجة الى الترويح والترفيه إنما رؤوسا" أينعت وحان قطفها، وهكذا أنتجنا أجيالا" مشبعة بالإحباط والهموم والخوف والتشاؤم .... فأي مزاج بهذا الحال المتعب نفسيا"، له مزاج لأن يكون موضوعا" للنكتة أو المزاح؟، إلا ترون أننا نخاف حتى من الضحك وإن ضحكنا دعونا ربنا: "اللهّم اجعله خيرا"!.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق