إنسانيات - علم نفس

قولوا شكراً

الشعور بما يقدم وتثمينه بالشكر بكل انواعه يثري جميع التجارب الانسانية ويجملها كوننا حيال ذلك الشعور نعيش أفضل اوقات حياتنا، فالشكر هو جزء كبير من استشعار نعم الخالق ومحاولة مقابلتها بإحسان فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق وذلك هو الجحود بعينه...

من المنطقي ان حياة أي انسان عبارة عن اخذ وعطاء وهاتين العمليتين يمثلان حقيقة ان (الكل يحتاج الى الكل)، وفق هذه القاعدة التي تيسير المجتمعات وتقدم الخدمات المتبادلة بين الافراد، لكن ثمة من يعتبر ان الخدمة التي تقدم اليه هي واجب ولا تستحق ان يقدم لها الشكر.

في مقالنا هذا سنتحدث عن اهمية الشكر في حياتنا، كما نود طرح الاسئلة الاتية: لماذا غابت الصفة الجميلة في تعاملاتنا العامة والخاصة؟، ولماذا يعتبر البعض من الناس ان الشكر ضعف سيما عند مدراء العمل؟، وكيف يمكن ان نجعل من الشكر سلوكية عامة؟

شعورنا بالامتنان لمن يقدم لنا خدمة وان كانت من واجب من يقدمها امر في غاية الاهمية في حياة الانسان وهي جزء من ادميته وفطرته التي فطر عليها، والشكر يفترض ان يقدم لإشعار الفاعل بأنه جهده مقدر ومحترم وهو ما يدفعه صوب اكمال واجبه بأريحية عالية اضافة الى الرغبة في العمل مع من يغدق الشكر والامتنان وحياتنا مليئة بالأمثلة التي تعضد رأي في رغبة العمل من يشكر والعكس صحيح.

هل يؤثر الشكر على مستوى الانجاز؟

الشكر في بيئة العمل غاية في الاهمية، اذ ان ثمة اسباب تجعل من العاملين يفقدون الرغبة في العمل ولعل من اهمها عدم التقدير لما يبذل من جهود والامتناع عن الشكر الذي يحفز على الاستمرار في العمل والاجادة في العمل، فمن لا يعنيه الشكر ولم يعرف اثره الايجابي على النفوس يرى انه شيء تافه لكن حقيقة غيابه يؤدي فعلاً لانخفاضٍ حاد في الإنتاجية لفقدان الرغبة بالوصول إلى حالٍ أفضل في العمل أو إنتاجية أعلى.

اما اولئك الذين يفشلون في تقديم الشكر لمن حوله في العمل فهم يبررون ذلك بعدة تبريرات خاطئة اولها ان العاملين يتقاضون اجوراً مقابل اداء المهام المكلفين بها، ربما غير مدركين لحقيقة ان الاجر اثبت عدم فاعليته في زيادة الانتاجية وخلق الشعور بالرضا عند الأفراد العاملين، وفكرة كفاية المال عن الشكر اللفظي تجعل الناس يشعرون بالإهانة لشعورهم انهم سلع تباع وتشترى.

الشعور بما يقدم وتثمينه بالشكر (بكل انواعه) يثري جميع التجارب الانسانية ويجملها كوننا حيال ذلك الشعور نعيش افضل اوقات حياتنا، فالشكر هو جزء كبير من استشعار نعم الخالق ومحاولة مقابلتها بإحسان فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق وذلك هو الجحود بعينه.

الشكر لا يقتصر على قول (شكراً _ ممتن_ اشكرك...الخ) بل له اشكال اخرى ومنافذ متعددة ومنها انك حين تمتلك مكانة علمية في تخصص ما فأنك يجب ان تشكر نعمة حصولك على هذه المكانة بتقديم المساعدة لطالبها، واذا كان الله قد انعم عليك بوظيفة تدر عليك مستوى مالي جيد فأن شكر هذه النعمة هو تقديم يد العون لمن يستحق والاقربون اولى بالمعروف سيما الوالدين الذين يشكرون على تربيتهم واهتمامهم طيلة ايام ضعفك وصولاً الى ما انت عليه الان، ومن ثم الابعد فالأبعد.

ومن الترجمات السلوكية للشكر غير الشكر اللفظي هو اعطاء مكافئة مالية مثلاً، شراء لعبة للطفل حين يحصل على نتائج متقدمة في الامتحان، اصطحاب الزوجة في مشواره ترفيهي كمحاولة لتقديم الشكر لها على مجهود تبذله في منزلها من اجل العائلة.

بالشكر اللفظي يعمر الود ويتجمل المكان، انشروا الطيب اينما تكونوا ومع من تكونوا، لا تستكثروا قول شكراً لأبنائكم حين يقدمون لك اية خدمة وان كانت كوب ماء، لإخوانكم حين يقوموا بدفع ثمن وجبة الغذاء في المطعم، لأخواتكم حين يقمن بغسل ملابسكم او حين يرتبن خزانة الملابس، قولوا شكراً لأمهاتكم او زوجاتكم حين يقدمن لكم الاكل حتى لا يشعرن انهن يقدمن العلف لحيوان.

في الختام نقول: ان فعل الشكر في الوجدان الانساني كفعل المطر في الارض المتعطشة، وله في النفوس اثراً لا يدانيه اثر في بث الارتياح، فكلمة شكراً على قلة حروفها لكنها تحمل مشاعر فياضة وعاطفة جياشة للتعبير عن جزاء المعروف المُسدى إلى النفس... فقولوا شكراً.

اضف تعليق


التعليقات

محمد الحودي
اليمن
اشكرك على هذا المقال الرائع ..كما اتوجه بالشكر الى جميع من يعملون في شبكة النباء.2022-01-04