q
الخطوة الأولى لمحاربة السلوك الاتكالي تبدأ من الأسرة التي يجب عليها أن تربي أبناءها على الثقة بالنفس وحب العمل وتدريبهم على القيام بالأعمال بأنفسهم سيما تلك التي تتعلق بحياتهم بصورة عامة لا سيما بالواجبات الدراسية، ويجب ان يعود الطفل تدريجياً على تحمل المسؤلية وصولاً الى مرحلة الاعتماد على النفس بالكامل...

يشكو الكثير من الاباء من الارهاق والضغط الشديد الذين يتعرضون له نتيجة اعتماد ابناءهم عليهم في حياتهم العامة ومنها في التعليم، اذ ان الابناء في السنوات الاخيرة ولاسباب عديدة صاروا ينتظرون من يقدم لهم كل شيء، ومن هذا ينشأ الطفل اتكالياً بصورة مخيفة على كل من حوله في المحيط الاجتماعي وتلك هي المشكلة.

في عملي كمرشد تربوي نفسي في وزارة التربية العراقية اتعرض وبشكل دوري للمشكلة القديمة المتجددة في المؤسسات التربوية والتي منها تحدث عدة مشكلات فرعية اخرى، كالفشل الدراسي وسوء التدبير في المواقف الحياتية البسيطة، والخشية تكمن في ان يبقى هذا الاعتماد ممتد الى مراحل الحياة المتقدمة.

يعرف علم النفس الاتكالية" بأنها الحالة التي يتوقع فيها الفرد المساعدة من الآخرين أو يبحث بنشاط من الدعم العاطفي والمادي وكذلك الحماية والرعاية اليومية، أي أن الشخص الاتكالي يعتمد على الآخرين بالتوجيه وفي اتخاذ القرار وفي الإعالة" وفي حال عدم الحصول على هذه المساعده فأنه سيخفق لا محال.

للاسف ان الكثير من مجريات الحياة بدأت تنحى منحى غير المنحى الطبيعي لها نتيجة للتغير في الفهم الانساني لها، فحين يعتقد الابوين ان تقديهم الدعم المطلق لابناءهم بهذه الطريقة المفرطة سيقودهم الى النجاح في الحياة فهم مخطئين جداً، فقد يصلون الى نقطة اللا عودة وبالتالي ليس هناك وقت للتصحيح لكون الطفل تعلم على هذه السلوكية في مرحلة التأسيس (مرحلة الطفولة) واسس الطفولة يصعب تعديلها حين تصل الى مرحلة الاستقرار.

مثال واقعي

لي زميل في العمل يشكو لي تدني مستوى احد ابناءه في الاختبارات التحصيلية بصورة كبيرة لكونه اجرى عملية جراحية منعته من ان يشرف على تعليمه كما اعتاد هذا الطفل، ومن ذلك نتج ان الطفل بدأ يفقد ثقته بنفسه نتيجة للفشل الذي وصل اليه وفقدان ثقة الانسان بنفسه سيوصله الى نتيجة واحدة وهي الفشل وضياع الكثير من الفرص الحياتية، وهذا هم صديقي وحيرته هو هم الكثير من الاباء الذي تورطوا بورطة تقديم الاشياء جاهزة لابناءهم.

تكمن المشكلة عند هذا الصنف مع بعض الممارسات التربوية من البيت كالتدليل أو العنف في المعاملة، فالتدليل المبالغ للطفل في صغره، وتلبية كل رغباته وعدم تكليفه بأي مهام يومية، تفقده خاصية الاعتماد على نفسه، هنا تجد الابن ضعيف الثقة بنفسه وغير قادر على تسيير أموره الحياتية الملحة وعند غياب مصدر الدعم ستقف عنده الحياة.

لماذا يعتمد الطفل على والديه؟

ثمة اسباب تدفع الاباء لتقديم كل شيء لابناءهم على طبق من ذهب كما يقال، من اهم هذه الاسباب ما يأتي:

العطف والرأفة المبالغ في من الابوين على ابناءهم وبهذا الدافع هم لايريدون لهم ان تحملون مشقات الحياة ومع كون هذا الامر في مرحلة عمرية مقبول غير انه كارثي على شخصية الطفل اذا اصبح عادة سلوكية.

السبب الثاني هو التدليل الزائد للطفل الذي يمارسه بعض الاباء من دون وعي بمخاطره، فعلم النفس يرى ان الدلال الزائد كالاهمال الزائد لكون الاثنين يبعدان الانسان عن الرضا عن الذات وتحمل المسؤولية الكافية للعيش برفاه نفسي.

كيف نحارب هذه المشكلة؟

الخطوة الأولى لمحاربة السلوك الاتكالي تبدأ من الأسرة التي يجب عليها أن تربي أبناءها على الثقة بالنفس والاستقلالية وحب العمل منذ نعومة أظفارهم كذلك تدريبهم على القيام بالأعمال بأنفسهم سيما تلك التي تتعلق بحياتهم بصورة عامة لا سيما بالواجبات الدراسية، ويجب ان يعود الطفل تدريجياً على تحمل المسؤلية وصولاً الى مرحلة الاعتماد على النفس بالكامل.

اضف تعليق