q
ملفات - شهر رمضان

مودَّةُ أَئمَّة الجنَّة.. أَجرُ الرِّسالةِ وتبليغِها

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الحادِيةُ عشَرَة (١٦)

هذا هوَ أَحدُ الفوارقَ المهمَّة التي تُميِّز أَئمَّة الجنَّة عن أَئمَّة النَّار فبَينما يُضحِّي أَئمَّة الجنَّة بكُلِّ شيءٍ من أَجلِ الرِّسالةِ وحمايةِ خياراتِ النَّاس، ترى أَنَّ أَئمَّة النَّار يضحُّونَ بالرِّسالةِ ويُواجهُونَ خياراتَ النَّاسِ بالحديدِ والنَّارِ لحمايةِ مصالحهِم الخاصَّة، عندما اتَّخذُوا عِبادَ الله خَوَلاً ومالَ الله نَحَلاً...

 {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ}.

 وهيَ دليلٌ قاطِعٌ ساطِعٌ على أَنَّ كُلَّ مَن ظلمَ أَهلَ البَيت (ع) أَو نصبَ لهمُ العَداءَ أَو شنَّ عليهِم الحربَ أَو حملَ عليهِم بسوءٍ أَو نشرَ ضدَّهم الدَّعاياتِ السَّوداء والإِفتراءات واختلقَ التُّهَمَ وشحنَ الكراهِيَّةَ والحِقدَ ضدَّهُم، هوَ إِمَّا أَنَّهُ إِمامُ نارٍ أَو أَنَّهُ يتَّبِعُ إِمامَ نارٍ، فأَهلُ البيتِ (ع) حقٌّ مُطلقٌ، ولذلكَ فإِنَّ مودَّتهُم أَجرُ الرِّسالةِ.

 إِنَّ كُلَّ الرُّسُلِ والأَنبياء لم يطلبُوا أَجراً على تبليغِ رسالاتهِم للنَّاس {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} إِلَّا رسولَ الله (ص) فقد طلبَ أَجراً هوَ المودَّةَ لأَهلِ البيتِ (ع) ما يعني أَنَّ مَن لا يودَّهُم فهوَ واحدٌ من إِثنَينِ؛ فإِمَّا أَنَّهُ لم يُؤمِنُ برسالةِ النَّبيِّ (ص) فهوَ لا يفكِّرُ بدفعِ الثَّمنِ والأَجرِ لهُ (ص) أَو أَنَّهُ يُؤمِن بها مِن دونِ أَن يقبلَ بدفعِ الأَجرِ فهوَ، والحالةُ هذهِ، لصٌّ سارِقٌ يأخذُ شيئاً مِن دونِ أَن يدفعَ ثمنهُ، والأَجرُ هُنا حدَّدتهُ السَّماء ولم يُحدِّدهُ الرَّسول الكَريم (ص).

 أَمَّا الأَمويُّونَ [أَئمَّةُ النَّار] فقد جمعُوا الأَمرَينِ، والسَّببُ واضِحٌ جدّاً لأَنَّ أَميرَ المُؤمنِينَ (ع) هو الذي نغَّصَ عليهِم حياتهُم وأَفشلَ خُططهُم وفضحَ نواياهُم، فبينما كانَ (ع) يحمي الرِّسالةَ بكُلِّ شيءٍ كانَ الأَمويُّونَ يواجهُونَها ويتصدُّونَ لها بكُلِّ شيءٍ.

 وهذا هوَ أَحدُ الفوارقَ المهمَّة التي تُميِّز [أَئمَّة الجنَّة] عن [أَئمَّة النَّار] فبَينما يُضحِّي [أَئمَّة الجنَّة] بكُلِّ شيءٍ من أَجلِ الرِّسالةِ وحمايةِ خياراتِ النَّاس، ترى أَنَّ [أَئمَّة النَّار] يضحُّونَ بالرِّسالةِ ويُواجهُونَ خياراتَ النَّاسِ بالحديدِ والنَّارِ لحمايةِ مصالحهِم الخاصَّة، عندما اتَّخذُوا [عِبادَ الله خَوَلاً ومالَ الله نَحَلاً وكتابَ الله دَغَلاً] كما وصفهُم رسولُ الله (ص).

 ولذلكَ كانَت مودَّةُ [أَئمَّة الجنَّة] أَجرُ الرِّسالةِ وتبليغِها.

 أَمَّا [إِمامُ الجنَّة] فيتصرَّف بطريقةٍ إِنسانيَّةٍ رساليَّةٍ سماويَّة،ٍ فلقد كتبَ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) في عهدهِ للأَشترِ عندما ولَّاهُ مِصرَ {وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ والْمَحَبَّةَ لَهُمْ واللُّطْفَ بِهِمْ ولَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ؛ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وتَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ ويُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ والْخَطَإِ فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وصَفْحِكَ مِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ وتَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّه مِنْ عَفْوِه وصَفْحِه فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ ووَالِي الأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ واللَّه فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ}.

 وعندما اعترضَ عليهِ بعضُ [الصَّحابةِ] عندما رأَوهُ يعدِل ويُساوي في العطاءِ، بذريعةِ أَقدميَّتهِم في الإِسلامِ وجهادهِم بينَ يدَي رسولُ الله (ص) فهُم بذلكَ يستحقُّونَ عطاءً إِضافيّاً بعنوانِ [الخِدمةِ الجهاديَّة] مثلاً، ردَّ عليهِم (ع) بقولهِ {أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْه! واللَّه لَا أَطُورُ بِه مَا سَمَرَ سَمِيرٌ ومَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً! لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ فَكَيْفَ وإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللَّه! أَلَا وإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وإِسْرَافٌ وهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا ويَضَعُه فِي الآخِرَةِ ويُكْرِمُهُ فِي النَّاسِ ويُهِينُهُ عِنْدَ اللَّه، ولَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّه ولَا عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِه إِلَّا حَرَمَهُ اللَّه شُكْرَهُمْ وكَانَ لِغَيْرِه وُدُّهُمْ، فَإِنْ زَلَّتْ بِه النَّعْلُ يَوْماً فَاحْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَلِيلٍ وأَلأَمُ خَدِينٍ!}.

 لهذهِ وأَمثالها مِن صفاتِ [إِمامِ الجنَّة] شنَّ الأَمويُّونَ حروبهُم الشَّعواء ضدَّ أَهلَ البيتِ (ع) [٣] مِنها ضدَّ أَميرِ المُؤمنِينَ (ع) وواحدةٌ ضدَّ الحسنِ السِّبطِ (ع) أَمَّا الحُسينُ السِّبطِ (ع) فقد تعرَّضَ لأَعظمِ جريمةٍ بشِعةٍ في التَّاريخِ على يدهِم شهدَتها كربلاء في يَومِ عاشوراء عام [٦١ هـ] فيما استمرَّت حرب الدِّعايات السَّوداء، حربُ التَّضليلِ إِلى الآن!.

ولقد كانَ الأَمويُّونَ يبذلُونَ كُلَّ جهدهِم ليُقارنُوا أَنفسهُم بأَهلِ البيتِ (ع) ويُساوُوا أَنفُسهم بهم ليُضلِّلُوا الرَّأي العام ويتستَّروا خلفهُم، إِلَّا أَنَّ أَميرَ المُؤمنِينَ (ع) فضحهُم في كُلِّ مرَّةٍ وبالأَدلَّةِ القاطِعةِ، فيما كانَ يُذكِّرهُم بأَنَّهم [أَسلَمُوا تحتَ حدِّ سيفهِ وليسَ عن قناعةٍ وإِيمانٍ لحِمايةِ مصالحهِم وليسَ لحمايةِ الدِّبن الجَديد].

 كتبَ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) لطاغيةِ الشَّامِ يُذكِّرهُ بالحقائقِ التي بذلَ أَموالاً طائلةً وحشَّدَ الذُّباب الإِليكتروني لتضييعِها ولمحوِها من الذَّاكِرةِ {وقَدْ دَعَوْتَ إِلَى الْحَرْبِ فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً واخْرُجْ إِلَيَّ وأَعْفِ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْقِتَالِ لِتَعْلَمَ أَيُّنَا الْمَرِينُ عَلَى قَلْبِه والْمُغَطَّى عَلَى بَصَرِه! فَأَنَا أَبُو حَسَنٍ قَاتِلُ جَدِّكَ وأَخِيكَ وخَالِكَ شَدْخاً يَوْمَ بَدْرٍ وذَلِكَ السَّيْفُ مَعِي وبِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَى عَدُوِّي مَا اسْتَبْدَلْتُ دِيناً ولَا اسْتَحْدَثْتُ نَبِيّاً وإِنِّي لَعَلَى الْمِنْهَاجِ الَّذِي تَرَكْتُمُوهُ طَائِعِينَ ودَخَلْتُمْ فِيه مُكْرَهِينَ}.

 وكتبَ (ع) لهُ يذكِّرهُ {وعِنْدِي السَّيْفُ الَّذِي أَعْضَضْتُهُ بِجَدِّكَ وخَالِكَ وأَخِيكَ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ}.

 وفي رسالةٍ أُخرى فنَّدَ لهُ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) ونسفَ أَيَّةَ مُقارنةٍ بينهُما بقولهِ {وإِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِي التِّيه رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ أَلَا تَرَى غَيْرَ مُخْبِرٍ لَكَ ولَكِنْ بِنِعْمَةِ اللَّه أُحَدِّثُ، أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّه تَعَالَى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ ولِكُلٍّ فَضْلٌ، حَتَّى إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهِيدُنَا قِيلَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ وخَصَّهُ رَسُولُ اللَّه (ص) بِسَبْعِينَ تَكْبِيرَةً عِنْدَ صَلَاتِه عَلَيْه، أَولَا تَرَى أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّه ولِكُلٍّ فَضْلٌ، حَتَّى إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا مَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ قِيلَ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ وذُو الْجَنَاحَيْنِ، ولَوْ لَا مَا نَهَى اللَّه عَنْه مِنْ تَزْكِيَةِ الْمَرْءِ نَفْسَه لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ ولَا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِينَ، فَدَعْ عَنْكَ مَنْ مَالَتْ بِه الرَّمِيَّةُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا والنَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا لَمْ يَمْنَعْنَا قَدِيمُ عِزِّنَا ولَا عَادِيُّ طَوْلِنَا عَلَى قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بِأَنْفُسِنَا فَنَكَحْنَا وأَنْكَحْنَا فِعْلَ الأَكْفَاءِ ولَسْتُمْ هُنَاكَ، وأَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ ومِنَّا النَّبِيُّ ومِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ ومِنَّا أَسَدُ اللَّه ومِنْكُمْ أَسَدُ الأَحْلَافِ ومِنَّا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ومِنْكُمْ صِبْيَةُ النَّارِ ومِنَّا خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ومِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ فِي كَثِيرٍ مِمَّا لَنَا وعَلَيْكُمْ}.

 ولَو كانَ الأَمرُ بيدِ النَّاس لما عدَو لغيرِ الحسنِ السِّبطِ (ع) ليكونَ خليفتهُم وإِمامهُم وحاكِمهُم فهوَ {إِمامُ الجنَّةِ قامَ أَو قعدَ} كما وصفهُ جدَّهُ رسُولَ الله (ص) إِلَّا أَنَّ سياسات الإِرهاب والتَّضليل والطَّمع وشِراء دينِ النَّاسِ {بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} ومواقفهِم وقطِع أَلسِنةِ وُعَّاظ السَّلاطين والخِيانةِ والعَمالةِ هيَ التي غيَّرت المَوقف وقلبَت الأُمور رأساً على عقبٍ وإِلَّا فالأُمَّة تعرِفُ جيِّداً بأَنَّ طاغيةَ الشَّامِ طليقٌ لا يحِقُّ لهُ الخلافةَ بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكالِ كما ذكَّرهُ بذلكَ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع).

 كتبَ (ع) لهُ {وإِنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلَّه رِضًى فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوه إِلَى مَا خَرَجَ مِنْه فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوه عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ووَلَّاه اللَّه مَا تَوَلَّى} وفي رسالةٍ أُخرى {ومَتَى كُنْتُمْ يَا مُعَاوِيَةُ سَاسَةَ الرَّعِيَّةِ ووُلَاةَ أَمْرِ الأُمَّةِ بِغَيْرِ قَدَمٍ سَابِقٍ ولَا شَرَفٍ بَاسِقٍ}.

اضف تعليق