q
تعرّف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 الإبادة الجماعية بأنها الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية. ومنذ شن القوات الإسرائيلية هجومها، نزح جميع سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ولو لمرة واحدة مما تسبب في كارثة...

بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي يوم الخميس جلسات استماع تتعلق بقضية طالبت فيها جنوب أفريقيا بتعليق عاجل للحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وتتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.

وخلال جلسات على مدى يومين ستستمع المحكمة لمبررات جنوب أفريقيا لرفع القضية يوم الخميس ورد إسرائيل على ذلك يوم الجمعة.

ومن المتوقع أن يصدر حكم في وقت لاحق من هذا الشهر بشأن الإجراءات العاجلة لكن المحكمة لن تصدر حكمها فيما يتعلق باتهامات الإبادة الجماعية في نفس الوقت.

وقرارات المحكمة نهائية وغير قابلة للاستئناف، لكن المحكمة لا تملك تنفيذها.

وفي اليوم الأول من جلسات الاستماع التي تُعقد على مدى يومين في قضية مقامة أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، قالت جنوب أفريقيا إن الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي يهدف إلى "القضاء على السكان" في قطاع غزة. وحوّل الهجوم مناطق كبيرة من القطاع الساحلي إلى أنقاض وأسفر عن مقتل 23 ألف شخص، بحسب السلطات الصحية في غزة.

وقال تمبيكا نجكوكايتوبي المحامي لدى المحكمة العليا في جنوب أفريقيا "نية تدمير غزة تمت رعايتها على أعلى مستوى في الدولة". وذكر أن زعماء إسرائيل السياسيين والعسكريين، ومنهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من بين "المحرضين على الإبادة الجماعية".

وأضاف "هذا واضح من الطريقة التي يتم بها تنفيذ هذا الهجوم العسكري".

وترفض إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية بوصفها "زائفة ولا أساس لها"، وتتهم جنوب أفريقيا بالتحدث نيابة عن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، وهو ما تقول بريتوريا إنه غير صحيح.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن ما قُدم للمحكمة هو نفاق وأكاذيب.

واضاف في بيان "رأينا اليوم عالما مقلوبا رأسا على عقب. فإسرائيل متهمة بارتكاب إبادة جماعية بينما تحارب الإبادة الجماعية".

وجاء في البيان "إسرائيل تقاتل إرهابيين قتلة ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية.. ذبحوا واغتصبوا وأحرقوا وقطعوا أوصال ورؤوس الأطفال والنساء والشيوخ والشبان والنساء".

وتقول إسرائيل إنها تشن حربا على مسلحين فلسطينيين، لا على الشعب الفلسطيني.

ولتدافع جنوب أفريقيا عن اتهامها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، أشارت إلى حملة القصف الإسرائيلية المتواصلة وإلى تعليقات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت الذي قال في بداية الحرب إن إسرائيل ستفرض حصارا تاما في إطار معركتها أمام "حيوانات بشرية".

وقال نجكوكايتوبي "الأدلة على نية ارتكاب الإبادة الجماعية ليست مروعة فحسب، بل إنها أيضا هائلة ولا تقبل الجدال".

وتعرّف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 الإبادة الجماعية بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية".

ومنذ شن القوات الإسرائيلية هجومها، نزح تقريبا جميع سكان القطاع، وهو من أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ولو لمرة واحدة على الأقل، مما تسبب في كارثة إنسانية.

وقالت عادلة هاشم، المحامية بالمحكمة العليا في جنوب أفريقيا "يوميا، هناك خسائر متزايدة وغير قابلة للتعويض في الأرواح والممتلكات والكرامة والإنسانية للشعب الفلسطيني".

وأضافت "لا شيء سيوقف المعاناة إلا بأمر من هذه المحكمة."

اتفاقية منع الإبادة الجماعية

ولطالما دافعت جنوب أفريقيا بعد حقبة الفصل العنصري عن القضية الفلسطينية، وهي العلاقة التي تشكلت عندما رحبت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات بنضال المؤتمر الوطني الأفريقي ضد حكم الأقلية البيضاء.

واختتمت جنوب أفريقيا مرافعتها بالمطالبة بفرض تدابير طارئة لوقف الحرب، وتستمع المحكمة يوم الجمعة إلى رد إسرائيل.

تشير جنوب أفريقيا في أوراق القضية إلى عدم قيام إسرائيل بتوفير الغذاء والماء والدواء وغيرها من المساعدات الإنسانية الأساسية لقطاع غزة الذي تديره حماس منذ عام 2007 بعد عامين من إنهاء إسرائيل لاحتلال دام 38 عاما.

وقالت جنوب أفريقيا يوم الخميس إن إسرائيل تعرض الشعب الفلسطيني لأعمال الفصل العنصري والإبادة الجماعية، وقالت عادلة هاشم المحامية بالمحكمة العليا لجنوب أفريقيا "تؤكد جنوب أفريقيا أن إسرائيل انتهكت المادة الثانية من اتفاقية (الإبادة الجماعية)، بارتكاب أفعال تندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية. وتظهر الأفعال نمطا منظما من السلوك يمكن من خلاله استنتاج الإبادة الجماعية".

وقال تمبيكا نجكوكايتوبي المحامي لدى المحكمة العليا في جنوب أفريقيا "إسرائيل لديها نية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة... وهذا واضح من الطريقة التي يتم بها تنفيذ هذا الهجوم العسكري".

وأضاف "متجذر في الاعتقاد بأن العدو ليس حماس فقط، بل هو جزء لا يتجزأ من نسيج الحياة الفلسطينية في غزة".

وأدت ثلاثة أشهر من القصف الإسرائيلي إلى تدمير جزء كبير من القطاع الساحلي الضيق، مما أسفر عن مقتل أكثر من 23 ألف شخص ونزوح جميع السكان تقريبا البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطيني. وأدى الحصار الإسرائيلي إلى تقييد إمدادات الغذاء والوقود والأدوية بشكل حاد، مما تسبب في ما تصفها الأمم المتحدة بكارثة إنسانية.

وتتهم القضية، التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، التي صدرت في أعقاب القتل الجماعي لليهود في المحرقة، وتلزم جميع الدول بضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم أبدا.

وشبه إيلون ليفي المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية الدعوى القضائية بنظرية مؤامرة معادية للسامية عمرها قرون تتهم اليهود دون أساس بقتل الرضع من أجل ممارسة طقوسهم. وقال "ستمثل دولة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لدحض فرية (سفك) الدماء العبثية التي أطلقتها جنوب أفريقيا، إذ تمنح بريتوريا غطاء سياسيا وقانونيا لنظام حماس المغتصب".

وقال عامر صلاح (23 عاما) الذي لجأ إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة في جنوب قطاع غزة بعد فراره من منزله لرويترز إن سكان غزة يأملون في أن تؤدي هذه القضية في نهاية المطاف إلى الضغط الدولي لإجبار إسرائيل على وقف الحرب.

وأضاف "لقد كانت إسرائيل دائما دولة فوق القانون. لقد فعلوا ما فعلوه في غزة لأنهم يعلمون أنه لا يمكن معاقبتهم طالما كانت أمريكا تقف إلى جانبهم. لقد حان الوقت لتغيير ذلك".

ومضى قائلا "نحيي جنوب أفريقيا، ونريد أن تتوقف الحرب وأن تتمكن المحكمة من القيام بذلك".

وقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا إن بلاده اضطرت لإقامة هذه الدعوى بسبب "القتل المستمر لسكان غزة" وبدافع من تاريخ الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وتكشف القضية عن استقطاب دولي صارخ. وانضمت العديد من الدول الغربية إلى واشنطن في وصف اتهامات الإبادة الجماعية ضد إسرائيل بأنها غير مبررة، مسلطة الضوء على وحشية هجمات حماس التي عجلت بالحرب.

وقال مات ميلر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية في بيان "مزاعم أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية لا أساس لها... في الحقيقة إن من يهاجمون إسرائيل بعنف هم الذين يواصلون الدعوة صراحة للقضاء عليها والقتل الجماعي لليهود".

وأيدت بعض الدول النامية، ومن بينها البرازيل ذات الثقل الدولي، جنوب أفريقيا.

وقال سامي أبو زهري المسؤول في حماس لرويترز "نحث المحكمة على رفض كل الضغوط واتخاذ قرار بتجريم الاحتلال الإسرائيلي ووقف العدوان على غزة".

وأضاف أن "الفشل في تحقيق العدالة، والفشل في دور المحكمة، معناه أن الاحتلال سيواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة".

وقالت منظمة العفو الدولية إنها لم تحدد ما إذا كان "الوضع في غزة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية" لكن "هناك علامات تحذيرية مثيرة للقلق، بالنظر إلى الحجم المذهل للموت والدمار" في الحرب المستمرة منذ ثلاثة أشهر.

وأشارت إلى "زيادة مروع في الخطاب المتسم بالعنصرية والتجريد من الإنسانية ضد الفلسطينيين من قبل بعض المسؤولين الحكوميين والعسكريين بإسرائيل".

وأضافت المنظمة في بيان أن الحرب و"الحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على غزة.. يتسببان في مستويات لا يمكن تصورها من المعاناة"، مما يعرض بقاء سكان غزة على قيد الحياة للخطر.

جريمة التهجير القسري

وسمح الهدوء النسبي في الشمال لعدد صغير من السكان بالبدء في العودة إلى المدن المدمرة، ليجدوا أرضا خرابا لا أثر فيها من الغالب للمنازل التي كانت قائمة في السابق.

وصور يوسف فارس، وهو صحفي مستقل، نفسه وهو يسير في أرض خراب محاطة بالأنقاض المحترقة التي كانت ذات يوم جزءا من مدينة غزة، التي كان يبلغ عدد سكانها قرابة مليون نسمة.

وكان عدد قليل من المدنيين يشقون طريقهم عائدين بعضهم على دراجات هوائية في طرق موحلة.

وقال "جميع المنازل التي ترونها مدمرة كليا أو جزئيا".

وأضاف "نحن الآن في مقبرة التفاح القديمة التي يزيد عمرها عن 100 عام. تم نبش كل هذه تلك القبور.. دهستها الجرافات والدبابات الإسرائيلية. يأتي الناس من مختلف مناطق مدينة غزة للبحث عن جثث أبنائهم".

وقال أبو عايش الذي عاد إلى منطقة قريبة من مدينة غزة لرويترز عبر الهاتف إن ما خلفه التدمير "يشبه الزلزال".

وكان موقف إسرائيل غامضا بشأن نواياها النهائية لكنها تقول إنها تريد السيطرة الأمنية على غزة إلى أجل غير مسمى ولن تسلمها إلى السلطة الفلسطينية، التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. وأبعدت حماس السلطة عن غزة في عام 2007.

ودعا بعض الأعضاء اليمينيين المتطرفين في حكومة نتنياهو الائتلافية علنا الفلسطينيين إلى مغادرة غزة، والإسرائيليين للاستقرار هناك بشكل دائم. وفي منشور على موقع إكس للتواصل الاجتماعي، أصر نتنياهو على أن هذا ليس هدف إسرائيل.

وقال "إسرائيل ليس لديها نية لاحتلال غزة بشكل دائم أو تهجير سكانها المدنيين"، مضيفا أن "إسرائيل تقاتل إرهابيي حماس، وليس السكان الفلسطينيين، ونحن نفعل ذلك مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي".

وعشية الجلسات، عبر نتنياهو للمرة الأولى علنا عن معارضته لدعوات وزراء ينتمون لتيار اليمين في حكومته ومن بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن الوطني إيتمار بن جفير للفلسطينيين لمغادرة قطاع غزة طوعا بما يفسح المجال للإسرائيليين لتوسع استيطاني في القطاع.

ورغم أن هذا الموقف هو السياسة الرسمية لإسرائيل، فإن تصريحات سابقة لنتنياهو بشأن مسألة الاحتلال الدائم لغزة كانت غير متسقة وغامضة في بعض الأحيان.

وقال نتنياهو عبر منصة إكس للتواصل الاجتماعي "أريد أن أوضح بعض النقاط بصورة قاطعة: إسرائيل ليس لديها أي نية لاحتلال غزة بشكل دائم أو تهجير سكانها المدنيين".

وأضاف، في التعليق الذي ربما تعمد أن يأتي قبل جلسات استماع محكمة العدل أن "إسرائيل تقاتل إرهابيي حماس، وليس السكان الفلسطينيين، ونقوم بهذا مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي".

وحذر الأردن ومصر من إعادة إسرائيل احتلال قطاع غزة ودعا البلدان خلال لقاء بين العاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى السماح للسكان المهجرين بالعودة إلى ديارهم.

وقالت وزارة الخارجية إن بلينكن عبر عن دعمه لقيام دولة فلسطينية وناقش الجهود المبذولة لحماية ومساعدة المدنيين في قطاع غزة. وقالت السلطة الفلسطينية إن عباس شدد لبلينكن على عدم السماح بتهجير أي فلسطيني من قطاع غزة أو الضفة الغربية.

ضمان امتثال إسرائيل لأي قرار

بدورها أشادت تيرانا حسن المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش بدور جنوب أفريقيا لإحالة الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة إلى محكمة العدل التابعة للأمم المتحدة وقالت إن المجتمع الدولي سيكون مسؤولا عن ضمان امتثال إسرائيل لأي قرار قضائي.

وطالبت جنوب أفريقيا بوقف طارئ للهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني قائلة لمحكمة العدل في لاهاي إن إسرائيل ترتكب أعمال إبادة جماعية.

وقالت حسن لرويترز "جنوب أفريقيا تقدم قيادة مهمة هنا. إنها تستغل هذه الفرصة المهمة حقا".

ومضت تقول "إذا لم تمتثل إسرائيل لإجراءات أو أوامر المحكمة، فحينها سيتعين على لمجتمع الدولي أن يضمن ممارسة أي ضغط ممكن لدفع إسرائيل نحو تنفيذ الإجراءات فعليا".

وأصدرت هيومن رايتس ووتش يوم الخميس تقريرها العالمي الذي يرصد الانتهاكات في جميع أنحاء العالم. واتهمت المنظمة إسرائيل يوم الأربعاء باستخدام تجويع المدنيين وسيلة للحرب في قطاع غزة وهو ما يشكل جريمة حرب. ونفت إسرائيل بشدة هذا الاتهام.

وقالت حسن "في خضم هذه الحرب، ما شهدناه هو انتهاكات منتظمة وصارخة للقانون الإنساني الدولي... استطعنا توثيق عناصر هذه الجريمة... جريمة التجويع".

وقالت حسن إنه منذ توثيق المنظمة التجويع في غزة، لم يظهر أي تحول في السياسة يوحي بتخلي السلطات الإسرائيلية عن هذا النهج.

وفي مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة، رفعت إسرائيل حصارها الكامل للسماح بدخول مزيد من الغذاء والعقاقير إلى القطاع، لكن وكالات إغاثة تشكو من عدم كفاية هذا.

وأضافت حسن "لكن يتعين علينا الحديث عن وصول كامل وبلا قيود للمساعدات الإنسانية" التي تتضمن الغذاء والوقود والمأوى.

ومضت تقول "لم نشهد هذا الوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانية. وهذا ما دعت إليه هيومن رايتس ووتش".

وتجمعت حشود كبيرة نظمتها جماعات مؤيدة لإسرائيل وأخرى للفلسطينيين خارج محكمة العدل الدولية يوم الخميس مع بدء المحكمة جلسات الاستماع في قضية الإبادة الجماعية في غزة المرفوعة ضد إسرائيل.

وسار آلاف المحتجين المؤيدين لإسرائيل وهم يرددون الأغاني ويلوحون بالأعلام الهولندية والإسرائيلية إلى أبواب قصر السلام في لاهاي حيث تستمع المحكمة التابعة للأمم المتحدة إلى دعوى رفعتها جنوب أفريقيا تطالب بالتعليق الطارئ للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وشاهدت الجماعات المؤيدة للفلسطينيين جلسات المحكمة على شاشة كبيرة على بعد أقل من مئة متر من المجموعة المؤيدة لإسرائيل.

وفصلت شرطة مكافحة الشغب الهولندية بين المجموعتين طوال فترة الصباح، مما أرجأ مسيرة مؤيدة لإسرائيل عبر المدينة. ولم تذكر تقارير أي حوادث خطيرة.

وقالت امرأة تدعى نهال الميس إنها جاءت لدعم الشعب الفلسطيني أملا في أن "يحصلوا على العدالة في نهاية المطاف وأن هناك إبادة جماعية تُرتكب وأن تتصرف الأمم المتحدة والعالم وفقا لذلك".

وقالت المحتجة الهولندية المؤيدة للفلسطينيين سارة جالي "يحدوني أمل أن يحدث ما لم يتحقق حتى الآن وهو وقف دائم لإطلاق النار".

ومضت تقول متحدثة بالإنجليزية إن هناك حاجة "إلى ممر آمن لمرور المساعدات الإنسانية حتى لا تتفاقم (أزمة غزة) بسبب خطر انتشار العدوى والأوبئة والافتقار إلى الكهرباء والغذاء".

ما هي محكمة العدل الدولية؟

محكمة العدل الدولية والتي يطلق عليها أيضا اسم المحكمة العالمية هي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، تأسست عام 1945 للتعامل مع النزاعات بين الدول. ولا ينبغي الخلط بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية والتي تتخذ أيضا من لاهاي مقرا لها وتتعامل مع تهم جرائم الحرب الموجهة ضد الأفراد.

وتتعامل هيئة محكمة العدل الدولية المؤلفة من 15 قاضيا -والتي سيضاف إليها قاض واحد من كل طرف في قضية إسرائيل- مع النزاعات الحدودية والقضايا المتزايدة التي ترفعها الدول لاتهام أخرى بانتهاك التزامات معاهدة الأمم المتحدة.

ووقعت كل من جنوب أفريقيا وإسرائيل على اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 التي تمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص القضائي للفصل في النزاعات على أساس المعاهدة. وبينما تدور القضية حول الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليس للفلسطينيين أي دور رسمي في الإجراءات لأنهم ليسوا دولة عضوا في الأمم المتحدة.

وتلزم اتفاقية الإبادة الجماعية جميع الدول الموقعة ليس فقط بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية، بل وبمنعها والمعاقبة عليها. وتعرّف المعاهدة الإبادة الجماعية بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".

ما هي قضية جنوب أفريقيا؟

في الملف الذي يتكون من 48 صفحة، تقول جنوب أفريقيا إن قتل إسرائيل للفلسطينيين في غزة والتسبب في أذى نفسي وجسدي جسيم لهم وتهيئة ظروف معيشية تهدف إلى "تدميرهم جسديا" يعد إبادة جماعية لهم.

وتقول الدعوى إن إسرائيل تتقاعس عن توفير الغذاء والماء والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة خلال الحرب الدائرة مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ ثلاثة أشهر. وتشير أيضا إلى حملة القصف المستمرة التي دمرت جزءا كبيرا من القطاع وأجبرت حوالي 1.9 مليون فلسطيني على النزوح وأسفرت عن مقتل 23 ألف شخص وفقا لمسؤولي قطاع الصحة في غزة.

وجاء في الدعوي أن "جميع هذه الأعمال تُنسب إلى إسرائيل التي فشلت في منع الإبادة الجماعية وترتكبها في انتهاك لاتفاقية الإبادة الجماعية"، مضيفة أن إسرائيل تقاعست عن منع مسؤولين فيها من التحريض على الإبادة الجماعية مما يخالف ما تنص عليه الاتفاقية. وتطلب الدعوى من محكمة العدل الدولية فرض تدابير طوارئ لوقف الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل.

وفي جلسات هذا الأسبوع، سيتم التداول فقط بشأن ما إذا كان يمكن منح موافقة على اتخاذ التدابير الطارئة وغالبا يعلن قضاة محكمة العدل الدولية مثل هذه التدابير، والتي تتكون عموما من مطالبة دولة بالامتناع عن أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع القانوني.

ووفقا للإجراءات الاحترازية، يجب على المحكمة في البداية أن تقرر ما إذا كان لديها الاختصاص القضائي للنظر في الدعوى وما إذا كانت الأفعال التي تُتهم إسرائيل بارتكابها تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية. وقد تتخذ المحكمة قرارات مختلفة عن تلك التي طلبها مقدم الشكوى.

وطلبت جنوب أفريقيا من المحكمة أن تأمر إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في غزة، ووقف أي أعمال إبادة جماعية أو اتخاذ إجراءات معقولة لمنع الإبادة الجماعية، وتقديم تقارير منتظمة إلى محكمة العدل الدولية حول مثل هذه الإجراءات.

ومن المتوقع اتخاذ قرار بشأن الإجراءات في الأسابيع التالية لجلسات الاستماع.

ومع أن أحكام محكمة العدل الدولية نهائية وغير قابلة للطعن عليها، ليس هناك أي وسيلة لتنفيذها. ومن شأن صدور حكم بحق إسرائيل أن يضر بسمعتها دوليا ويشكل سابقة قانونية.

إذا خلصت المحكمة إلى أنها تتمتع بالسلطة القضائية مبدئيا فسوف تتخذ القضية مسارها في قصر السلام حيث تقع المحكمة في لاهاي، حتى لو قرر القضاة عدم الأمر بتدابير الطوارئ.

وستتاح لإسرائيل بعد ذلك فرصة أخرى للدفع بأن المحكمة ليس لديها أسس قانونية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا وتقديم ما يسمى بالاعتراض المبدئي -وهو ما يمكنه فقط الاعتراض على نواحي الاختصاص القضائي. وإذا رفضت المحكمة هذا الاعتراض، فيمكن للقضاة في نهاية المطاف النظر في القضية خلال المزيد من الجلسات العلنية.

وليس من غير المألوف أن تمر عدة سنوات بين الدعوى الأولية والجلسة الفعلية للنظر في موضوع القضية.

* المصدر: وكالات+رويترز

اضف تعليق