بقلم: جيمس م. دورسي-نقلا عن موقع (Mideastsoccer)

الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

ترجمة: وحدة الترجمة في مركز الفرات

 

اعتبر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز تعيين ولده محمد كولي للعهد بدلاً من ابن اخيه محمد بن نايف كنعمة للمملكة في مرحلتها الانتقالية التي تواجه تحديات دولية مهمة تؤثر على وجودها.

لم يكن هناك شك من صعود نجم الامير محمد، وانما كانت المسألة مسألة وقت وليس تساؤلات خاصة، فمن الواضح ان الملك الكبير المريض والذي قلل من ظهوره الرسمي كان يريد ان يكون ابنه البالغ من العمر 31 عاماً ولياً للعهد وخليفة له.

وفي ضوء ما قام به الملك سلمان، يبدو الأمر انه كان يقوم بمغامرة، فالأمير محمد حقق شعبية بين الشباب السعودي، وبالتالي فإن وجوده ضمن العائلة المالكة السعودية في هذا العمر مناسباً لطموحات العائلة.

كما ان الأمير قام –رغم عدم رضا المحافظين الدينيين– بتوفير مجالات المتعة، بضمنها الحفلات الموسيقية، والانتاج المسرحي، وعرض الافلام، والتمثيليات الكوميدية في دولة كانت الثقافة تتركز على التعابير التقليدية والدينية والقبلية. كما عبر عن اسناده لمسألة قيادة السيارات بالنسبة للمرأة السعودية وبقية التقاليد المتزمتة القديمة.

سيكون لتصورات الأمير الليبرالية، التي هي من اجراءات التغيير الواسعة، ثمنها الباهظ مستقبلاً، كما ان محاولات اعادة صياغة هيكلة الاقتصاد الريعي في وقت هبوط اسعار الطاقة وتزايد الاوتوقراطية السعودية اثارت انتقادات المؤسسة السنية المحافظة، التي تعتبر عماد الحكم لعائلة آل سعود، اضافة الى تأثر جيوب المواطنين السعوديين من هذه الاجراءات.

ويشمل التجديد المهم في خطة تصور الأمير محمد حتى عام 2030 مسألة اعادة كتابة العقد الاجتماعي للمملكة الذي وفر الرعاية من المولد حتى الوفاة مقابل القبول بالتقاليد الاجتماعية المحافظة المتزمتة.

منذ بداية اجراءات التقشف ومحاولة حصول الدولة على مزيد من الموارد، بدأ السعوديون يشعرون بالقلق على وضعهم الاقتصادي والحصول على الوظائف في وقت تحاول فيه الحكومة تقليل البيروقراطية وتشجيع العمل في القطاع الخاص. وقد حاولت الحكومة تقليل الخدمات بالنسبة للإسكان، ومنافع الاجازات والمرض وتقليل الرواتب في القطاع الخاص بمعدل الثلث.

وأجبرت الاحتجاجات عبر الانترنت ضد قيام الأمير محمد بشراء يخت بقيمة 500 مليون دولار بعد ان تسنم منصبه كولي لولي العهد الحكومة السعودية على تقليل اجراءاتها التقشفية واعادة معظم امتيازات الموظفين الحكوميين.

كما ان تقليل المصروفات العامة وتأخير المدفوعات لأبرز شركتين في المملكة (وهما بن لادن وأوجيه السعودية) جعلهما في ضائقة مالية ادت الى عدم دفع رواتب العاملين لعدد من الأشهر. وقد قام عمال شركة بن لادن في العام الماضي بحرق حافلة في مدينة مكة احتجاجاً، كما وردت انباء ان شركة أوجيه قد تعلن افلاسها وتصفيتها لاحقاً.

أما على جبهة السياسة الخارجية، قام الامير محمد، منذ تسنمه منصبه في عام 2015، بتوريط المملكة العربية السعودية بقضيتين لا توجد لديه استراتيجية للتخلص منهما، مما استوجب على المملكة المحاولة للوصول الى مرحلة حفظ ماء الوجه في التخلص منهما.

وكذلك، عمل الأمير محمد كوزير للدفاع والعنصر القائد والمسؤول في حرب اليمن. والآن، بعد ثلاث سنوات من هذه الحرب، اصبحت مسألة القوة العسكرية السعودية موضع تساؤلات، فقد أدت الحرب الى ازمة انسانية واعداد كبيرة وصلت الى حافة الجوع ومخاطر الاوبئة كما اندلع وباء الكوليرا هناك. وبعبارة اخرى، أدت هذه الازمة الى الاضرار بالسمعة السعودية وايجاد جيل من اليمنيين الذين يحنقون على المملكة في موضوعات معاناتهم وتدمير بلادهم من خلال الغزو المنحوس.

وبالمثل، ادت المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية لقطر التي ابتدأها الامير محمد مع مثيله الاماراتي محمد بن زايد الى نتائج عكسية. فقد حققت قطر، هذه الدولة الصغيرة بتعداد سكاني يصل الى ثلاثمائة الف، امكانية مقاومة الحصار والحصول على الاسناد الدولي الذي وضع السعودية والامارات العربية المتحدة في موقع لا تحسدان عليه.

أما وزارة الخارجية الامريكية فقد اتخذت موقفا من القوى الخليجية، فقد تحدثت الناطقة بإسم الوزارة قائلة "حتى الآن مضى اسبوعان منذ بدء المقاطعة، نشعر بالدهشة ان دول الخليج لم تعلن رسميا للشعب، او حتى للقطريين، تفاصيل ادعاءاتهم ضد قطر. وكلما يمضي الوقت، كلما زادت الشكوك حول تصرف المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة".

وتبعت تعليقات الانسة نوريت سلسلة من الخطوات الامريكية التي بدت انها تعزز موقف قطر في الخلاف مع السعودية والامارات العربية. وشملت هذه الخطوات تمرينا بحرياً للقوات الامريكية والقطرية، وصفقة طائرات مقاتلة بقيمة 12 مليار دولار، وتصريحاً من وزير الخارجية الامريكي ركس تيلرسون باعتبار حركة الاخوان المسلمين كمنظمة ارهابية.

إضافة الى ذلك، فشل الأمير محمد في الحصول على الاسناد الكافي للحملة السعودية والاماراتية في صفوف العالم الاسلامي. فقد آثرت الدول الاسلامية الرئيسة، بضمنها باكستان وبانغلادش واندونيسيا وماليزيا، البقاء على الحياد، كما ان تركيا قد جهزت قطر بالمواد الغذائية وارسلت قواتها الى هذه الدولة الخليجية.

وعلى صعيد الجبهة الثالثة، تزايد التوتر مع ايران منذ صعود الامير محمد الى منصبه الجديد. فقد صب الأمير الوقود على النار بتصوير الصراع بين الدولتين المتنافستين في الشرق الاوسط من النواحي الطائفية اكثر من النواحي القومية او الايديولوجية، وهدد بنقل القتال الى ايران ذاتها.

وبالنسبة الى ايران، يحصل الأمير محمد –على الأقل- على اسناد الولايات المتحدة، على عكس العالم الاسلامي الذي يرفض الانجرار الى الصراع.

وتشابكت المهام بالنسبة للأمير محمد، وخصوصاً في تحويل الاقتصاد السعودي ومقاومة التطرف السني المحافظ، وادخال الاوتوقراطية (حكم الفرد الواحد) الى القرن الواحد والعشرين، وبالتالي عليه تبيان نوع من القدرة لبناء الجسور للأمور التي وضعها.

ورغم جسارته في طموحاته ورغبته في المغامرة، يحتاج الامير محمد الى الاعتراف بضرورة ايجاد استراتيجيات الخروج من المآزق.

قد يستطيع الامير محمد اثبات كونه شخصية قادرة على التغيير الذي سيمكن المملكة العربية السعودية التنافس في القرن الواحد والعشرين. كما سيستطيع من ربط حلقات المملكة السعودية بعضها مع البعض الآخر.

...................................
رابط الموضوع:
https://mideastsoccer.blogspot.com/2017/06/the-rise-of-mohammed-bin-salman-mixed.html?m

اضف تعليق