q
المملكة تحتاج إلى سعر خام لا يقل عن 80 دولاراً للبرميل الواحد من أجل تمويل رؤية السعودية 2030، تحتاج حالياً إلى سعر أعلى من ذلك بعد أن خفضت الإنتاج في محاولة للحفاظ على ارتفاع الأسعار. وقدر صندوق النقد الدولي أن الرياض ستحتاج إلى سعر 86 دولاراً للبرميل الواحد...
بقلم: سايمون هندرسون

بسبب انخفاض أسعار النفط، تقر الرياض بأن بعض خططها الاقتصادية مفرطة في الطموح.

كلما تنخفض أسعار النفط، تتزايد التكهنات بشأن التقدم المحرز في "رؤية السعودية 2030"، وهي الخطة الطموحة للمملكة لتحديث اقتصادها وتنويعه بعيداً عن النفط - ولكن في غضون ذلك ومن المفارقات تحتاج السعودية إلى عائدات النفط أكثر من ذي قبل.

وفي مقال نشرته "بلومبرغ" بتاريخ 7 كانون الأول/ديسمبر بعنوان "السعودية تعلن للمرة الأولى أن بعض مشاريع عام 2030 قد تأخرت"، قال وزير المالية محمد الجدعان للصحفيين إن "التأخير أو بالأحرى تمديد مهلة بعض المشاريع سيخدم الاقتصاد". وفي وصفه لكيفية مراجعة جميع الخطط بناءً على "العوائد الاقتصادية والاجتماعية وتلك المتعلقة بالتوظيف ونوعية الحياة من بين عوامل أخرى"، أشار إلى أن بعض المشاريع "يتم تسريعها والبعض الآخر - التي هي إلى حد كبير مشاريع قيد التنفيذ لم يتم الإعلان عنها بعد - يتم منحها إطاراً زمنياً أطول للتنفيذ".

وعلى الرغم من أن الجدعان لم يذكر أسعار النفط، إلا أن هذه الأرقام تشكّل عاملاً حاسماً في جميع المواضيع التي ناقشها. ويُعتقد أن المملكة تحتاج إلى سعر خام لا يقل عن 80 دولاراً للبرميل الواحد من أجل تمويل "رؤية السعودية 2030"، ويمكن القول إنها تحتاج حالياً إلى سعر أعلى من ذلك بعد أن خفضت الإنتاج في محاولة للحفاظ على ارتفاع الأسعار. وفي تشرين الأول/أكتوبر، قدر "صندوق النقد الدولي" أن الرياض ستحتاج إلى سعر 86 دولاراً للبرميل الواحد لتحقيق التوازن في ميزانيتها. وفي 13 كانون الأول/ديسمبر، أغلق السعر الفوري لخام "برنت" المتداول على نطاق واسع ما دون 75 دولاراً للبرميل، في حين كان تداول خام "غرب تكساس" المنتج في الولايات المتحدة أقل من السعر المهم من الناحية المعنوية البالغ 70 دولاراً. وفي اليوم التالي انتعشت الأسعار مع استيعاب السوق للأخبار المتعلقة بأسعار الفائدة.

ويتعزز اعتماد السعودية على الأسعار من خلال الندرة النسبية للاستثمار الأجنبي المباشر فيها - حيث يبدو أن العديد من الشركاء الاقتصاديين المحتملين ينتظرون تحسين مقومات "رؤية السعودية 2030" قبل تخصيص الأموال لمشاريع جديدة في المملكة. وكما قال الجدعان: "هناك استراتيجيات تم تأجيلها واستراتيجيات سيتم تمويلها بعد عام 2030"، مشيراً إلى واقع أكّده بالفعل المستثمرون الأجانب على نطاق واسع. وكان محمد بن سلمان، نجل العاهل السعودي، قد أعلن هدف 2030 في عام 2016، واعتُبر ذلك هدفاً طموحاً بشكل مفرط منذ البداية، إذ توقع الكثير من المراقبين أن الرياض ستحتاج حتى عام 2035 أو 2040 قبل أن تتمكن بالفعل من تنويع اقتصادها الذي يعتمد على النفط.

ولم يعلّق محمد بن سلمان علناً بعد على إعادة الجدولة، على الرغم من أن الجدعان أخبر "بلومبرغ" أن ولي العهد يرأس اللجنة المسؤولة عن مراجعة الجداول الزمنية للمشروع. ويبدو أن نجل العاهل السعودي وضع هذه المسألة على رأس جدول الأعمال خلال اجتماعه في 6 كانون الأول/ديسمبر مع فلاديمير بوتين في الرياض، في إطار تركيزه العام على إبقاء أسعار النفط مرتفعة - وهذا ليس مفاجئاً بالنظر إلى أن روسيا والسعودية هما أكبر منتجين في كارتل "أوبك+".

وعلى الرغم من التأخير، يبدو أن الرياض متمسكة بمطلبها بأن تقوم الشركات الأجنبية بنقل مقارها الإقليمية إلى السعودية بحلول الأول من كانون الثاني/يناير إذا أرادت تقديم عطاءات على العقود الحكومية. فالكثير من الشركات العاملة في المملكة تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها منذ فترة طويلة، حيث أصبحت دبي وجهة مفضلة للمدراء التنفيذيين المغتربين الذين يتنقلون من الوجهات السعودية وإليها أسبوعياً.

وبرز مؤشر آخر حول الذهنية الاقتصادية للرياض من خلال الميزانية التي أعلنتها في وقت سابق من هذا الشهر، والتي توقعت عجزاً متواضعاً نسبياً قدره 21 مليار دولار. وأظهر الرقم المتوقع للإيرادات الحكومية انخفاضاً طفيفاً فقط على الرغم من تخفيضات إنتاج النفط وانخفاض الأسعار، مما يشير إلى أن الثقة البيروقراطية السعودية تواجه تحدياً بالفعل.

* سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.

اضف تعليق