تدور في ظلمات ثلاث، وتتقلب كتقلب الليل والنهار بحركاته الدقيقة، فتجعلني أحس كمن يمتلك الكون باحتوائي لها بين احشائي، اعتدت على وجودها بقربي وانا لم أتعدى الشهور الأولى من الحمل لكن حبي لها فاق عمرا من الحب، اسميتها فاطمة منذ ان علمت انها انثى تيمنا بمولاتي الزهراء عليها السلام، فازداد حبي لها اكثر، أحدثها في كل يوم الف مرة فاشعر حينها بحركاتها التي تأخذ بالازدياد وكأنها تخبرني بأنها تسمع وتعي ما أقول ولكنها لا تستطيع ان تجيبني بلسانها فترد علي بحركاتها اللطيفة.

يكبر حجمها في داخلي فتزداد بهجتي واشعر ان اللقاء قريب، اسليها فأقرأ لها القصص والأحاديث فانتخب منها ما يريح الحواس ويسر القلب، أكلمها عن الزهراء وكيف انها كانت تحدث أمها وهي جنين في بطنها حتى ان السيدة خديجة عليها السلام قالت: (لما حملت بفاطمة كانت حملا خفيفا تكلمني من باطني)، واطمئنها انها سالمة من أي مكروه لكنها عاجزة عن التكلم معي لأنها ليست بمعصوم.

أخبرها كيف ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم دخل على السيدة خديجة في احد الأيام فوجدها تتكلم وليس معها غيرها، فسألها عمن كانت تخاطب فقالت: ما في بطني، فانه يتكلم معي. فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم "ابشري يا خديجة، هذه بنت جعلها الله ام لاحد عشر من خلفائي يخرجون بعدي وبعد ابيهم".

هكذا كانت الزهراء تكلم أمها وهي جنين فهي عالمة غير معلمة، فأبوها سيد الكونين، وامها ام المؤمنين، غذتها بنور الايمان وزينتها بأخلاق القرآن، فاختلطت بالعلوم والمعارف الدينية كما يختلط الماء بالسكر.

وها انا اليوم أحاول ان اسير بخطاها، فالقرآن يتلى بين مسامعي على طول اليوم، فقد علمت ان سماعه يزيد من طمأنينة الطفل وهدوئه وذكائه وتزداد قدرته الحافظة بعد الولادة، ودعائي وصلاتي واستغفاري لله في تدبر وخشية منه روحا وفكرا، اناجي ربي واسأله ان يجعل الصلاح فيك، أمد يدي استطرق الهداية لدين الحق والسير بنهج الزهراء اليك، ففي داخل كل ام حبلى بجنين امانة منذ ان تحل ضيفة في داخلها الى حين وضعها.

أولها الحفاظ على جسدها الصغير، وثانيها المحافظة عليها روحيا من التلوث بما يحيط الام من أصوات غير مرغوبة او انفعالات وشجارات داخل الاسرة او ضوضاء وصخب، وتغذيتها روحيا بعلوم ال البيت عليهم السلام، فحواسها السمعية التي تبتدئ بالعمل من الأسبوع الخامس عشر امانة في عنق الام يجب توجيهها توجيها صحيحا، وتدريبها لاستقبال النافع والمفيد لما فيه الخير والصلاح، لتبصر النور مشرقة بنور الرسول محمد، سائرة بخطى الزهراء عليها السلام.

اضف تعليق


التعليقات

عطر الياسمين
العراق
احسنتم و انشاء الله الجميع يسيرون على نهج اهل البيت اللهم صلي على محمد وال محمد2016-04-01