العقل البشري يعمل تحت سياقات معينة التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات عقلانية وأخرى غير عقلانية. اللاعقلانية تنتج أحيانا بسبب تشوش الأدراك مما يؤثر على اصدار حكم أو اتخاذ قرار سليم نتيجة عدم التثبت من الحقائق والمعلومات.

من اهم العوامل التي تؤدي إلى تشوش الإدراك هو ما يعرف بالتحيز المعرفي. يعرف التحيز المعرفي بانة الخطأ في اصدار احكام وقرارات غير صائبة نتيجة تشوش العمليات الادراكية في عقل الإنسان. بمعنى أخر يظهر التحيز المعرفي نتيجة محدودية العمليات العقلية او محدودية قدرة العقل علي تفسير المعلومات بسبب التشوش الذهني. هناك انواع عديده من التحيزات المعرفية التي تؤثر على عقلانية القرار منها:

الانحياز الذاتي

هو أخطر أنواع الانحياز الذي يؤثر بشكل كبير على اصدار احكام عقلانية. حيث يميل الأفراد للبحث وتفسير وتذكر المعلومات بطريقة تتناسب مع معتقداتهم وافتراضاتهم وقيمهم، بينما لا يولّون انتباهًا مماثلًا للمعلومات المعاكسة لها. يظهر هذا الانحياز عند جمع المعلومات وتفسيرها بشكل انتقائي ويكون الانحياز ذو تأثير أكبر في المسائل العاطفيّة والمعتقدات الراسخة.

إثبات الذات والرغبة في تحسينها والسعي لردود الفعل الايجابية هو العامل الاكبر المساعد على ظهور هذا التحيز. ويتحقق الانحياز في هذه المجال من خلال عدم تذكر الافراد لردود الأفعال والمعلومات التي تتعارض مع ذواتهم ويفسرون هذه المعلومات على أنها غير وثيقة لأنها لا تتلائم مع أفكارهم ومع ذواتهم.

الحدس المهني

هو القدرة على اتخاذ أحكام منطقية نتيجة التجارب والخبرات المتراكمة. كلما زادت خبرة وتجارب الأفراد، كلما زاد الحدس المهني. بلغة علم الإحصاء يمكن أن نقول إن هناك علاقة طردية إيجابية بين خبرة الإنسان وبين الحدس المهني. تكرار التجربة في موقف ما، يقود الأفراد إلى إصدار حكم منطقي وعقلاني مبني على معلومات صحيحه وموثوقة والعكس ينتج عنه إصدار قرار غي صائب.

وهم التركيز

يظهر هذا الانحياز عندما يتم الاعتماد على معلومة واحده من اجل اتخاذ القرارات. تركيز الافراد على معلومة واحدة أو على جانب واحد من الحدث بدلاً من جوانب متعددة في الحدث يحفز الأفراد على ربط المعلومة الحالية بمعلومات سابقة قد تم جمعها سابقا ومن ثم تحليلها وصياغتها من اجل اتخاذ القرار. غالبا ما يؤدي هذا الانحياز إلى ضعف التنبؤ بالنتائج المستقبلية المتوقعة من اتخاذ قرار بني على معلومة واحدة أو على معلومة راسخة في الذهن منذ القدم.

التنافر المعرفي

عندما يصاب الإنسان بالتوتر أو الإجهاد العقلي أو عدم الراحة نتيجة التعامل مع اثنين أو أكثر من المعتقدات أو الأفكار أو القيم المتناقضة في نفس الوقت، يمكن أن يتخذ قرار غير منطقي. وكذلك وعندما يقوم الفرد بسلوك يتعارض مع معتقداته وأفكاره وقيمه، أو يواجَه بمعلومات جديدة تتعارض مع المعتقدات والأفكار والقيم الموجودة لديه فانه أيضا يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير سليمة.

الإدراك الساخن

في الإدراك الساخن يعمل العقل تحت تأثير الأثارة والعاطفة حيث يكون التفكير مصحوباً بعمليات غير منطقية ينتج عنها اتخاذ قرارات غير منطقية. التوتر والغضب والهواجس هي من أنواع الأدراك الساخن والتي تساهم في اتخاذ قرارات غير منطقية.

الإدراك البارد

في الأدراك البارد يعمل العقل على تجاهل المعلومات مهما كانت أهميتها أو أن العقل يتأثر بمعلومات أخرى غير ذات العلاقة. يظهر هذا الإدراك عندما يكون هناك حدث وتظهر معه ردود فعل كثيرة ومختلفة مما تشوش العقل وبالتالي التأثير على عقلانية القرار.

* باحث وأكاديمي-جامعة بافلوا/أميركا

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق