المفروض ان حركة الاصلاح لا تستهدف استبدال شخص مكان شخص انما تسعى الى استبدال نهج سياسي فاسد باخر صالح. وقد اتفق الناس على ان المحاصصة واحتكار السلطة هي النهج الفاسد، وان النهج الصالح هو العودة الى الشعب واستعادة سيادته وحقه في تقرير مصيره بالتطبيق السليم للديمقراطية وبالانتخاب الفردي...

المفروض ان حركة الاصلاح لا تستهدف استبدال شخص مكان شخص انما تسعى الى استبدال نهج سياسي فاسد باخر صالح. وقد اتفق الناس على ان المحاصصة واحتكار السلطة هي النهج الفاسد، وان النهج الصالح هو العودة الى الشعب واستعادة سيادته وحقه في تقرير مصيره بالتطبيق السليم للديمقراطية وبالانتخاب الفردي.

ولذا كانت المطالبة باستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والعودة الى البرلمان الحالي لاختيار رئيس وزراء جديد تشتيتا للجهد ومضيعة للوقت ومناورة او مطبا او طعما او اشغالا لاجهاض حركة الاصلاح وحرفها عن مسارها الطبيعي.

وكان المفروض ان يتم التركيز على تطبيق المادة ٦٤ من الدستور، اي حل البرلمان، وتحول الحكومة الى تصريف اعمال، واجراء انتخابات مبكرة بالانتخاب الفردي.

وحين وقعت الاستقالة، مع بقاء رئيس الوزراء "المستقيل" في منصبه الى امد غير منظور، اصبح موضوع اختيار رئيس وزراء جديد هو الشغل الشاغل، مع اثارة نقاش عقيم حول تشكيل حكومة مؤقتة ام بولاية كاملة.

وفي غمرة الانشغال العبثي بتداول اسماء اشخاص "مرشحين" لتولي المنصب، برز اتجاهان في من له احقية ترشيح الاسم:

الاتجاه الاول يقول بان ذلك من حق المتظاهرين، والاتجاه الثاني يقول بان ذلك من حق الطبقة السياسية الحاكمة. ولكن كلا الاتجاهين لا يحققان الهدف المطلوب.

فالاتجاه الاول لا يستقيم لا ديمقراطيا ولا دستوريا. فالمتظاهرون مهما كانوا ومهما كان عددهم لا يمكنهم ان ينوبوا ديمقراطيا عن اغلبية الشعب الذين لا نعرف موقفهم وخيارهم، كما انهم لم يكتسبوا صفة "الكتلة الاكثر عددا برلمانيا" دستوريا كي يكون من حقهم ترشيح رئيس الوزراء.

كما ان اعادة حق ترشيح رئيس الوزراء الى الطبقة السياسية مصادرة على المطلوب، تستبطن تناقضا خطيرا مع مقولات الحركة الاصلاحية. فالمفروض ان حركة الاصلاح جاءت ردا على فساد الطبقة السياسية الحاكمة وفشلها في ادارة الدولة وتحسين حياة الناس والاستجابة الى مطالبهم، فكيف يصح العودة اليها في ترشيح رئيس الوزراء البديل؟ وللاسف لم ينتبه الى هذا التناقض الا القلة القليلة من الناس.

وكان هذا، فضلا عن اسباب اخرى، من اسباب الجمود الذي سيطر على المشهد السياسي منذ استقالة عادل عبد المهدي.

وبقيت المهمة الاكثر الحاحا هي كيفية الخروج من مأزق الجمود. ولا سبيل الى ذلك الا بحدث او خطوة اكبر من الجمود نفسه، اكبر من مجرد اختيار رئيس وزراء جديد. وليس هناك امر اكبر من ذلك الا المناداة بحل مجلس النواب، بموجب المادة ٦٤، واستمرار الحكومة الحالية المستقيلة بوصفها حكومة تصريف اعمال، واجراء انتخابات مبكرة خلال ٦٠ يوما بموجب قانون الانتخاب الجديد (رغم نواقصه اذا لم يكن بالامكان تعديله خلال هذه الفترة). ومن ثم تشكيل الحكومة الجديدة بكامل الصلاحيات وبحسب الطريقة الدستورية المعتمدة.

واذا كان الفرض صحيحا من ان المتظاهرين يعبرون (وهذه تختلف عن كلمة يمثلون) عن رغبة اغلبية المواطنين، فان الانتخابات المبكرة لابد ان تسفر عن تشكيل برلمان سليم التمثيل عن رغبة وارادة اغلبية الناس وتوجد فيه كتلة تحقق اغلبية مطلقة. وسيكون هذا البرلمان قادرا على انتاج حكومة تلبي طموحات المواطنين وتحقق رغباتهم.

وسوف تتولى هذه الحكومة تنفيذ البرنامج الاصلاحي وفق جدول زمني ثلاثي الابعاد: عاجل ومتوسط وبعيد.

هذا هو المخرج من الجمود الراهن. وهو مخرج قد لا يعجب بعض الناس الذين يستعجلون المكاسب السطحية، او يخافون من انكشاف الحقيقة. لكن رفض هذا المخرج وعدم الاخذ به سوف يطيل امد معاناة الناس بدون مبرر معقول.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق